مرض الشيزوفرينيا: أسبابه وأهم المعلومات عنه

لا أحد في هذه الأرض يستطيع أن يعيش حياته وهو يتمتع بصحة تامة، فالجسد بطبيعته يعمل جيداً أحياناً وينتكس أحياناً أخرى، والنفس كما الجسد أيضاً فإنَّها تتعب وتمرض في بعض الأحيان، وبالطبع يوجد دواء لها كما يوجد للجسد دواء، لكن علينا أن نعي أنَّ الأمراض النفسية قد تكون غير واضحة بشكل جليٍّ وقد يغطيها الكثير من الغموض، لذلك سنستعرض في هذا المقال أحد أشد الأمراض النفسية وأكثرها خطراً على الإنسان ألا وهو مرض انفصام الشخصية أو الشيزوفرينيا؛ إذ سنفصل في مفهومه وأعراضه وطرائق الوقاية وكيفية التعامل معه، فإذا كنت من المهتمين فتابع معنا.



ما هو مرض الشيزوفرينيا؟

الشيزوفرينيا هو اضطراب عقلي خطير يفسر فيه الناس الواقع تفسيراً غير طبيعي، فقد يؤدي الفصام إلى مزيج من الهلوسة والأوهام والتفكير المضطرب للغاية والسلوك الذي يعوق الأداء اليومي، ويمكن أن يكون المريض معوقاً، وقد يكون المرضى بالشيزوفرينيا بحاجة إلى تلقِّي العلاج طوال حياتهم، لكن لا بد من الإشارة إلى أنَّ العلاج المبكر يسهم في السيطرة على الأعراض قبل حدوث مضاعفات وخيمة، وقد يسهم في تحسُّن حال المريض على الأمد البعيد.

ما هي أعراض مرض الشيزوفرينيا؟

ينطوي الفصام على مجموعة من المشكلات المتعلقة بالتفكير (الإدراك) والسلوك والعواطف، وقد تختلف العلامات والأعراض ولكنَّها عادةً ما تتضمن الأوهام أو الهلوسة أو الكلام غير المنظم وتعكس ضعف القدرة على العمل، فقد تشمل الأعراض:

1. الهلوسة بالأوهام:

الأوهام معتقدات خاطئة لا تستند إلى الواقع، على سبيل المثال، إذا كنت تعتقد أنَّك تتعرض للأذى أو المضايقة، أو تعتقد أنَّ بعض التعليقات وُجِّهَت إليك، أو لديك شهرة أو قدرة استثنائية، أو شخص آخر قد وقع في حبك، أو كارثة كبرى على وشك الحدوث؛ إذ تحدث هذه الأوهام وغيرها عند معظم المصابين بالفصام.

2. الهلوسة:

تتضمن هذه عادةً رؤية أو سماع أشياء غير موجودة، ومع ذلك بالنسبة إلى الشخص المصاب بالفصام الذي يتمتع بالقوة والتأثير الكاملين للتجربة الطبيعية، يمكن أن تصيب الهلوسة أياً من الحواس ولكنَّ سماع الأصوات هو أكثر أنواع الهلوسة شيوعاً.

3. التفكير المشوش:

يتم الاستدلال على التفكير غير المنظم من الكلام غير المنظم، فيمكن أن يضعف التواصل الفعال، وقد تكون الإجابات عن الأسئلة غير مترابطة جزئياً أو كلياً، وعادةً ما يتضمن الكلام تجميع كلمات لا معنى لها لا يمكن فهمها إطلاقاً.

4. سلوك حركي غير منظم للغاية أو غير طبيعي:

قد يظهر هذا بطرائق عدة، من سخافة طفولية إلى إثارة غير متوقعة، فالسلوك لا يركز على الهدف؛ لذلك من الصعب القيام بالمهام، كما يمكن أن يشمل السلوك معاندة التعليمات أو إثارة المواقف غير المناسبة أو الغريبة أو الافتقار التام إلى الاستجابة أو الحركة المفرطة وغير المجدية.

إقرأ أيضاً: مرض الفصام: أعراضه وطرق علاجه

أعراض سلبية أخرى:

يشير هذا إلى انخفاض أو نقص القدرة على العمل بشكل طبيعي، على سبيل المثال، قد يتجاهل الشخص النظافة الشخصية أو يبدو أنَّه يفتقر إلى العاطفة (لا يقوم بالاتصال بالعين، ولا يغير تعابير الوجه أو يتحدث بنبرة رتيبة)، وأيضاً قد يفقد الشخص الاهتمام بالنشاطات اليومية أو ينسحب اجتماعياً أو يفتقر إلى القدرة على الشعور بالمتعة، ويمكن أن تختلف الأعراض من حيث النوع والشدة مع مرور الوقت مع فترات من تفاقم الأعراض وتراجعها، وقد تكون بعض الأعراض موجودة دائماً.

متى تبدأ أعراض الشيزوفرينيا؟

تبدأ أعراض الفصام عند الرجال عادةً في أوائل العشرينيات من العمر، أما عند النساء تبدأ الأعراض عادةً في أواخر العشرينيات، ومن غير المألوف أن يتم تشخيص مرض انفصام الشخصية لدى الأطفال ونادراً بالنسبة إلى من هم أكبر من 45 عاماً.

ما هي أعراض الشيزوفرينيا عند المراهقين؟

تتشابه أعراض الفصام عند المراهقين مع أعراض الفصام لدى البالغين، لكن قد يكون التعرف إلى الحالة أكثر صعوبةً، وقد يكون هذا جزئياً؛ وذلك لأنَّ بعض الأعراض المبكرة لمرض انفصام الشخصية لدى المراهقين شائعة في التطور النموذجي خلال سنوات المراهقة، مثل:

  1. الانسحاب من الأصدقاء والعائلة.
  2. انخفاض في الأداء في المدرسة.
  3. مشكلات في النوم.
  4. التهيج أو المزاج المكتئب.
  5. عدم وجود الحافز.

أيضاً يمكن أن يتسبب استخدام المواد المخدرة مثل الماريجوانا أو الميثامفيتامين أو (LSD) في ظهور علامات وأعراض مماثلة في بعض الأحيان.

بالمقارنة مع أعراض الفصام لدى البالغين، قد يكون المراهقون:

  1. أقل عرضة للإصابة بالأوهام.
  2. أكثر عرضة للإصابة بالهلوسة البصرية.

متى يجب زيارة الطبيب؟

غالباً ما يفتقر الأشخاص المصابون بالفصام إلى الوعي بأنَّ الصعوبات التي يواجهونها تنبع من اضطراب عقلي يتطلب عناية طبية؛ لذلك غالباً ما يقع على عاتق العائلة أو الأصدقاء الحصول على المساعدة من الطبيب؛ وذلك لأنَّ الحالات المتقدمة من الشيزوفرينيا قد تكون خطيرة ومؤدية إلى الانتحار.

شاهد بالفديو: 7 خطوات ترفع روحك المعنوية

كيف يمكن مساعدة شخص مصاب بالفصام؟

إذا كان لديك إنسان ما تعرفه يعاني من أعراض الشيزوفرينيا، فأخبره بشأن مخاوفك تجاه المرض، على الرغم من أنَّك لا تستطيع إجبار أي إنسان على الذهاب إلى طلب المساعدة الطبية، إلا أنَّك تستطيع منحه التشجيع والدعم على إيجاد طبيب كفء أو متخصص في الصحة النفسية.

إذا كان أحد أفراد أسرتك وصل به المرض إلى أن يشكل خطراً على نفسه أو على الآخرين أو لا يستطيع توفير طعامه أو ملابسه، فقد تكون بحاجة إلى الاتصال بأحد المستجيبين للطوارئ للحصول على المساعدة المناسبة.

في بعض الحالات قد يتطلب الوضع دخول المستشفى في حالات الطوارئ، وتختلف القوانين المتعلقة بالالتزام الإجباري بعلاج الصحة العقلية حسب البلد الذي تسكنه، ويمكنك كذلك الاتصال بوكالات الصحة النفسية المجتمعية أو أقسام الشرطة في منطقتك للحصول على التفاصيل.

الأفكار والسلوك الانتحاري:

الأفكار والسلوك الانتحاري أمر شائع بين المصابين بالفصام، فإذا كان لديك أحد أفراد أسرتك معرضاً لخطر محاولة الانتحار أو قام بمحاولة انتحار، فتأكد من بقاء شخص ما مع ذلك المريض، أو اتصل برقم الطوارئ المحلي على الفور، أو إذا كنت تعتقد أنَّك تستطيع القيام بذلك بأمان فاصطحب الشخص إلى أقرب غرفة طوارئ في المستشفى.

ما هي الأسباب الكامنة وراء مرض الشيزوفرينيا؟

من غير المعروف ما الذي يسبب مرض انفصام الشخصية، لكن يعتقد الباحثون أنَّ مزيجاً من الوراثة وكيمياء الدماغ والبيئة يساهمون في تطور هذا الاضطراب، وتُعَدُّ بعض المواد الكيميائية الموجودة في الدماغ بشكل طبيعي مثل الناقلات العصبية التي تسمى الدوبامين والغلوتامات أحد أهم العوامل في الإصابة بالشيزوفرينيا.

لقد بينت دراسات التصوير العصبي وجود اختلاف في بنية الدماغ والجهاز العصبي المركزي للناس المرضى، في حين أنَّ الكثير من العلماء ليسوا متأكدين 100% من أنَّ لهذه التغييرات أي دور، إلا أنَّهم يؤكدون أنَّ الشيزوفرينيا هو مرض دماغي.

ما هي مضاعفات الشيزوفرينيا؟

إذا تُرك مرض انفصام الشخصية دون علاج، فيمكن أن يؤدي إلى مشكلات خطيرة تؤثر في كل مجال من مجالات الحياة، وتشمل هذه المضاعفات التي قد يسببها مرض انفصام الشخصية أو ترتبط به ما يأتي:

  1. الانتحار ومحاولات الانتحار وأفكار الانتحار.
  2. اضطرابات القلق والوسواس القهري.
  3. كآبة.
  4. تعاطي الكحول أو المخدرات الأخرى، بما في ذلك النيكوتين.
  5. عدم القدرة على العمل أو الذهاب إلى المدرسة.
  6. المشكلات المالية والتشرد.
  7. العيش في عزلة اجتماعية.
  8. المشكلات الصحية والطبية.
  9. الوقوع ضحية أشياء كثيرة.
  10. سلوك عدواني على الرغم من أنَّه غير شائع كثيراً.

شاهد بالفديو: 12 نصيحة للحفاظ على الصحة النفسية

ما هي طرائق الوقاية من الشيزوفرينيا؟

لا توجد طريقة مؤكدة للوقاية من مرض انفصام الشخصية ولكنَّ الالتزام بخطة العلاج يمكن أن يساعد على منع الانتكاسات أو تفاقم الأعراض، إضافة إلى ذلك يأمل الباحثون أنَّ معرفة المزيد عن عوامل الخطر لمرض انفصام الشخصية قد يؤدي إلى التشخيص والعلاج في وقت مبكر.

إقرأ أيضاً: زيارة الطبيب النفسي: جنونٌ أم توازن؟

كيف يمكن التعايش مع مرض انفصام الشخصية؟

إذا تمت إدارة مرض انفصام الشخصية إدارةً جيدةً، فمن الممكن تقليل فرصة الانتكاسات الشديدة التي قد تصيب المريض بين الحين والآخر، لذلك يمكننا القيام بالعديد من الأمور التي من شأنها تعزيز التعايش مع مرض انفصام الشخصية، ومنها:

  1. التعرف إلى علامات النوبة الحادة وكيف يمكن التعامل معها.
  2. تناول الدواء على النحو المنصوص عليه بشكل دقيق دون إجراء أي تعديل من غير استشارة طبية.
  3. التحدث مع الآخرين عن الحالة للتمكن من التعامل معها بوصفها مجرد مرض كغيره من الأمراض.
  4. توجد العديد من الجمعيات الخيرية ومجموعات الدعم التي تقدم المساعدة والمشورة بشأن التعايش مع مرض انفصام الشخصية، وتقدم للأهل أهم التعليمات ليتعرفوا كيف يمكن أن يتصرفوا في حالة مواجهة مرض انفصام الشخصية.
  5. يجد معظم الناس أنَّه من المريح التحدث إلى الآخرين الذين يعانون من نفس الحالة.

في الختام:

بذلك نكون قد تعرفنا إلى أهم المعلومات عن مرض انفصام الشخصية أو الشيزوفرينيا، وأصبحنا على بينة من أمره ومدركين لأعراضه؛ لذلك يجب على كل من يلاحظ أحد هذه الأعراض على نفسه أو على أحد أفراد عائلته أن يسارع إلى الطبيب النفسي المتخصص بهذا النوع من الأمراض.

يجب علينا أن ندرك أنَّه كلما كان اكتشافنا للمرض أبكر كانت طرائق التعامل معه أفضل وأكثر فائدة؛ لذلك يجب على الجميع عدم الاستهتار بالأمراض وخاصةً النفسية وتقبلها وعدم عَدِّها كما هو شائع في مجتمعاتنا العربية وهماً وجنوناً؛ بل هي مرض مثله مثل المرض الجسدي وربما يكون أخطر بكثير.




مقالات مرتبطة