مخاطر عدم علاج التهاب القولون التقرحي

إنَّ ضبط التهاب القولون التقرحي (Ulcerative colitis) هو أمرٌ بالغ الأهمية لكل من صحتك وجودة حياتك، فمعظم المشكلات قد تحدث إذا لم يُعالج التهاب القولون التقرحي أو ظلَّ دون علاج لفترة طويلة.



إذا كنت مصاباً بهذه الحالة، فمن الضروري أن تتلقى العلاج فوراً، فتأجيل العلاج أو حتى عدم الإفصاح لطبيبك عن شدَّة الأعراض قد يؤدي إلى تفاقم الحالة الخفيفة إلى حالة خطرة جداً.

كلما طالت مدة التهاب القولون التقرحي، زادت صعوبة علاجه مرةً أخرى، وإحدى المشكلات التي يواجهها الأطباء مراراً وتكراراً هي المرضى الذين لا يتلقون العلاج الكامل، ثمَّ يتطور مرضهم إلى حالة خطرة، الأمر الذي كان من الممكن إيقافه أو السيطرة عليه منذ وقت طويل.

في المراحل المبكرة لالتهاب القولون التقرحي، قد يكون المريض قادراً على علاج مرضه بأدوية فعالة جداً، ولكنَّها ذات آثار جانبية أقل، مثل: الأمينوساليسيلات (Aminosalicylates)، لكنَّ هذه الأدوية قد لا تنفع الأشخاص الذين بقوا لفترة طويلة دون علاج؛ وذلك لأنَّ الالتهاب قد استفحل جداً.

مع تقدُّم المرض، قد تحتاج إلى أدوية أقوى مما كنت بحاجة إليها في البداية؛ وبعد ذلك حتى لو جربت دواءً قوياً، فلا يوجد ما يضمن نجاحه، مما قد يستدعي التدخل الجراحي.

مخاطر التهاب القولون التقرحي غير المعالج:

فيما يأتي بعض مخاطر التهاب القولون التقرحي غير المعالج أو الذي لم يُستكمل علاجه، والتي قد تُسبب للمريض مشكلات صحية طويلة الأمد:

Ulcerative colitis

1. المعاناة من تعب مزمن:

عندما يكون الالتهاب شديداً يستهلك جسمك كمَّاً هائلاً من الطاقة، وتدعم الأبحاث هذه الفكرة؛ إذ وجدت دراسة نُشرت في الفترة الأخيرة في مجلة كرونز أند كولايتيس ( Journal Crohn’s and Colitis) أنَّ الأشخاص الذين كانوا في مرحلة الاستشفاء أبلغوا عن تعب أقل من الأشخاص المصابين بالتهاب القولون التقرحي الفعَّال أو داء كرون، وهو نوع آخر من أمراض الأمعاء الالتهابية.

2. إلحاق الضرر بالجهاز المناعي:

قد تُسبب الالتهابات ضغطاً وإجهاداً مستمراً على جسمك، مما يجعلك عرضة للعدوى والأمراض الأخرى، فقد يستهلك جسمك قدراً كبيراً من الطاقة لمحاولة السيطرة على الالتهاب لدرجة أنَّه لا يستطيع إنجاز العمليات الاعتيادية التي من المفترض أن يقوم بها؛ لذا فإنَّ المرضى يجدون صعوبة في مقاومة الأمراض ويكونون أكثر عرضةً للإصابة بالعدوى.

إقرأ أيضاً: أطعمة يجب أن يتجنّبها من يعاني من القولون العصبي

3. زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم:

إنَّ وجود التهاب في القولون يُسبب تضاعف الخلايا الموجودة في بطانة القولون باستمرار لمحاولة إصلاح الضرر، وقد يؤدي هذا التكاثر المستمر إلى زيادة احتمالية حدوث طفرةٍ ما، الذي بدوره قد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان.

إذا كان لديك أي سلائل (بوليبات) أو كتلة مشتبهة في القولون؛ فإنَّ الالتهاب غير المضبوط قد يُصعِّب على طبيبك اكتشافها في أثناء تنظير القولون، ويجب أن تحرص على تخفيف الالتهاب قدر الإمكان، لكي يتمكن طبيبك من التأكد من أنَّ كل شيء يبدو جيداً في أثناء التنظير.

4. زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام:

إنَّ التهاب القولون التقرحي غير المعالج قد يؤدي إلى هشاشة العظام بطريقتين:

  1. إنَّ الالتهاب الفعال يسرق العناصر من العظام؛ إذ يكون المرضى في مرحلة بناء العظام حتى منتصف الثلاثينيات من العمر، فإذا كنت تعاني من التهاب فعَّال؛ فإنَّك تستنفد العناصر الغذائية من عظامك، ولا يمتصُّ جسمك ما يكفي من العناصر الغذائية من الغذاء، التي تحتاج إليها عظامك.
  2. غالباً ما تُعالج النوبات التي تحدث نتيجة الضبط السيئ للالتهاب باستخدام الستيرويدات، والتي تؤدي بحد ذاتها إلى هشاشة العظام، فكثير من الناس الذين يحتاجون إلى إجراء اختبارات كثافة العظام أوائل العشرينات من العمر هم من مرضى التهاب الكولون.

5. زيادة خطر الإجهاض ومضاعفات الحمل الأخرى:

العديد من المصابات بالتهاب الكولون التقرحي من الحوامل أو اللواتي يخططنَ للحمل يمتنعنَ عن تناول الأدوية، خوفاً من تأثير العلاج سلباً في الجنين؛ لذا من الهام الإشارة إلى أنَّ معظم الأدوية آمنة للحمل وللرضاعة الطبيعية، مع استثناءات قليلة فقط، في حين أنَّ الخطر الأكبر على الحمل يأتي من الالتهاب غير المعالج.

في الواقع، وجدت مراجعة نُشرت في الفترة الأخيرة في مجلة دايجستشن (Digestion) أنَّ التهاب الأمعاء الفعَّال مرتبط بزيادة خطر الإجهاض، وولادة جنين ميت، والولادة المبكرة، ونقص الوزن عند الولادة، ومضاعفات الحمل الأخرى.

وجد الباحثون أنَّ النساء المصابات بمرض غير فعَّال قبل الحمل كانت نتائج حملهن مشابهة للنساء غير المصابات بأمراض الأمعاء الالتهابية؛ لذا إذا كنتِ تخططين للحمل، يوصي الأطباء أولاً بضبط التهاب القولون التقرحي، وإذا كنتِ حاملاً وتعانين من نوبة شديدة، فتناولي العلاج في أسرع وقت ممكن.

6. قد تتطور الحالة إلى تضخم الكولون السمِّي:

إذا ظل التهاب القولون التقرحي دون علاج لفترة طويلة، فقد ينتشر الالتهاب إلى الطبقات العميقة من القولون، ويؤدي إلى اختلاط خطير جداً يُسمى تضخم الكولون السمِّي (Toxic megacolon)، وقد تُسبب هذه الحالة التهابات مهددة للحياة أو قصوراً كلوياً أو تمزقاً في القولون وتحتاج إلى العلاج على الفور.

في هذه المرحلة، لا يوجد علاج آخر سوى الجراحة، وعادةً ما تتضمن جراحة تضخم الكولون السمِّي إزالة القولون بالكامل أو جزء منه.

شاهد بالفيديو: 7 مهيّجات للقولون العصبي عليك أن تبتعد عنها

كيف تعرف أنَّك لا تتلقى العلاج المناسب؟

يجب على أي شخص يعاني من حالة مزمنة مثل: التهاب القولون التقرحي الاحتفاظ بسجل عن الأدوية التي يتناولها ومراقبة أعراضه عن كثب، ويوصي الأطباء على وجه الخصوص بمراقبة التبرز، بما في ذلك تواتره وما إذا كان رخواً أو يحتوي على دم أو مخاط، وما إذا عانيتَ من الإمساك فجأةً؛ فكلُّ ذلك قد يكون علامةً على أنَّك بحاجة إلى تغيير نظامك العلاجي.

إذا لاحظت فجأةً عدم تحمُّلك للأطعمة التي اعتدت على تناولها، فهذه علامة أخرى على عدم تلقِّيك العلاج الكافي، ويجب أن يراقب طبيبك مستويات الالتهاب لديك عن طريق قياس مستوى البروتين C الارتكاسي (CRP) في دمك، ويمكنه أيضاً فحص البراز بحثاً عن الكالبروتكتين البرازي (Fecal calprotectin)، وهي مادة ينتجها جسمك عندما تكون الأمعاء ملتهبة.

كيف تتصرف إذا كان علاجك غير كافٍ؟

يجب عليك قبل كل شيء أن تُعزز ثقافتك الطبية؛ فإنَّ التعامل مع المرض المزمن قد يكون أمراً شاقاً ومرهقاً للغاية، فيوجد الكثير من أسماء الأدوية والمصطلحات الطبية التي يجب أن تتعلمها؛ لذا عليك الاستفادة من المصادر المناسبة والمتخصصين الطبيين القريبين منك.

إقرأ أيضاً: 4 أعشاب فعّالة لتهدئة القولون المتهيج

في الختام:

إذا كنت تعتقد أنَّك لا تتلقى العلاج الصحيح لالتهاب القولون التقرحي وكنت قلقاً بشأن أعراضك، يجب أن تُبلغ طبيبك بذلك، فالطبيب قادر على تعديل العلاج اعتماداً على شدة مرضك وتطوره؛ لذلك لا تخف من التحدث والسؤال عن الخيارات الأخرى إذا شعرت أنَّ علاجك الحالي غير مُجدٍ.

لا يعني العلاج المناسب مجرد تناول حبة دواء أو أخذ حقنةٍ عضلية أو وريدية؛ وإنَّما يجب عليك أن تسعى إلى الوصول إلى مرحلة الاستشفاء التام، حينها يمكنك أن تعيش مثل أي شخص آخر وتمارس حياتك كما لو كنت لا تعاني من هذا المرض.

المصدر




مقالات مرتبطة