ماذا تفعل إذا كانت زوجتك لا تحترمك؟

يقول المؤلف إيمرسون إيجريتشس (Emerson Eggerichs) في كتابه الذي يحمل عنوان "الحب والاحترام: أكثر حبٍّ تريده، والاحترام الذي هو في أمسِّ الحاجة إليه" (Love & Respect: The Love She Most Desires; The Respect He Desperately Needs): إنَّ النساء يسعين في علاقاتهن إلى الحب بينما يسعى الرجال إلى نَيل الاحترام.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن تجربة شخصية لخبير العلاقات الزوجية الدكتور "راي كادخودايان" (Ray Kadkhodaian) والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته في كسب احترام الزوجات.

صحيحٌ أنَّني أختلف مع الكاتب وأعتقد بأنَّ كِلا الزوجين يرغبان في أن يُعامَلا باحترام وبأنَّ المسألة لا تقتصر على جنسٍ دون آخر، إلَّا أنَّ ثمَّة ما يُقال حول تأثير الاحترام في الرجال تحديداً، فحينما يشعر الزوج أنَّ الزوجة لا تحترمه، يحتار ماذا يفعل، ويواجه صعوبةً في التعامل مع الموقف.

اختلاف تأثُّر الزوج في الازدراء:

سنناقش في هذه المقالة كيف يؤثِّر الاحترام -أو الازدراء- في علاقة الزوج بزوجته، صحيحٌ -كما أشرنا في الأعلى- أنَّ الاحترام يؤثِّر في كلٍّ من الزوج والزوجة، إلَّا أنَّ تأثيره في الأزواج مختلفٌ بلا شك.

دعنا في البداية نُعرِّف الاحترام؛ وفقاً لقاموس كامبريدج (Cambridge)، الاحترام هو "تقديرٌ تُكنُّه لشخصٍ أو شيءٍ ما تعتقد بأنَّه يمتلك أفكاراً أو صفاتٍ رائعة"، ومن الهام جدَّاً أن تشعر بأنَّ شريكك يُكِنُّ لك هذا الإحساس، ومثلما قلنا، يرغب الرجال والنساء على حدٍّ سواء أن يبادلهم الشريك هذا الشعور، ولكن حينما يشعر الرجال أنَّ نساءهم تزدريهم، يتصرفون بطريقةٍ مختلفةٍ عن النساء، ويشعرون بأنَّهم منبوذون.

حينما يُعامَل الرجال بازدراء يشعرون بأنَّهم مرفوضون:

من أشدِّ المخاوف التي تراود الرجال في علاقاتهم أن يشعروا بأنَّهم منبوذون، ومِن أجل تجنُّب هذا الشعور، يبحث الرجال عن "انتصاراتٍ" جنسيَّةٍ سهلة، ويحافظون على اختلال العلاقات، ويحتفظون بأفكارهم ومشاعرهم، ويتهربون تماماً من العلاقات.

وعلى الرغم من أنَّ بقاء الشخص عازباً يقلل بحسب ما يبدو خطر تعرُّضه للرفض، إلَّا أنَّ دراسةً أجرَتها جامعة مانشستر (University of Manchester) وجدَت أنَّ بقاء المرء عازباً يؤدي إلى الإحساس بمزيدٍ من الوحدة والتحسس من الرفض.

شاهد بالفيديو: 6 سلوكيات خاطئة تجنبها حتى تحافظ على زواجك

هل هو الازدراء أم انخفاض تقدير الذات؟

إنَّ مواجهة الرجال الازدراء بمشاعر الرفض، لا يعني أنَّ المرأة تتحمل مسؤولية إظهار الاحترام لزوجها؛ فالاحترام يجب أن يُكتسَب اكتساباً في النهاية، وشعور الرجل أنَّ زوجته تزدريه يعني على الأرجح في المقام الأول أنَّه يفتقر إلى الاحترام.

في أغلب الحالات التي قدَّمتُ فيها الكوتشينغ لرجالٍ يُعامَلون بازدراء، كان أولئك يفتقرون إلى احترام النفس ويعانون انخفاض تقدير الذات، حيث يُعَدُّ كلٌّ من الافتقار إلى احترام النفس وانخفاض تقدير الذات أسرع طريقتَين لجلب الازدراء والرفض إلى الحياة؛ إذ لا يمكِننا أن نتوقع أن يحترمنا الآخرون ويتقبلوننا إذا لم يكن في مقدورنا أن نحترم أنفسنا ونتقبلها.

يضع الرجال الذي يعانون من تدني تقدير الذات ويفتقرون إلى احترام النفس توقعاتٍ لا تنتهي وبعيدةً عن الواقع، ونتيجةً لذلك، يعتمدون على زوجاتهم لتلبية تلك التوقعات، ويفرض هذا كثيراً من الضغط على الزوجات المُطالَبات بدعم أزواجهم أو جعلهم يشعرون بالرضا عن أنفسهم من خلال كلمات المديح والتشجيع.

يؤسس هذا لاحقاً حالةً من انعدام التوازن بين طرفي العلاقة الزوجية، ويؤدي في النهاية إلى تراكم مشاعر استياء الزوجة من زوجها، وفقدان الاحترام له في نهاية المطاف.

ضعف تقدير الذات واختلال العلاقة والاستياء والازدراء:

عند تقديم الكوتشينغ للأزواج، نرى هذا الاختلال لدى الأزواج الذين يطالب أحدهما الآخر بالاهتمام، والتأييد، والدعم، والتقدير، والقبول، والاحترام. على الرغم من أنَّ هذه تُعَدُّ احتياجاتٍ مقبولةً في علاقةٍ يُقدِّم فيها الطرفان هذه الأمور للطرف الآخر دون مقابل، ولكن حينما يتوقع شخصٌ من شريكه أن يُلبِّي هذه الاحتياجات، تتحول المسألة من هبةٍ إلى مطلب.

يُطلق "جون جوتمان" (John Gottman) أحد أبرز الباحثين في مجال علاقات الأزواج على هذا النمط من العلاقة اسم "نموذج المُقبل والمدبر" (Pursuer-Distancer)، فقد وُصِفت هذه العلاقة، التي يُقبل أحد الطرفين فيها ويُدبر الآخر، أنَّها سببٌ رئيسٌ من أسباب الطلاق، حينما نطبق الفكرة نفسها على الأزواج الذين يطالبون زوجاتهم بالاحترام، يستطيع المرء أن يرى تأثيراً مشابهاً.

حينما يسعى الرجال سعياً محموماً إلى نَيل احترام زوجاتهم، يثير هذا نفور الزوجات، فقد تشعر بأنَّك "مخنوقٌ" أو "مُحاصَر" حينما يفرض عليك أحدهم توقعاتٍ كهذه، فتكون ردة فعلك الطبيعية هي النفور، ولكن عوضاً عن إفساح المجال لالتقاط الأنفاس، يمكِن أن يؤثر هذا تأثيراً عكسيَّاً، وأن يدفع "المُقبل" إلى الاقتراب أكثر.

يشعر الرجال في كثيرٍ من الأحيان أنَّ نفور الزوجة تعبيرٌ عن الرفض، وهذ -مثلما تحدثنا سابقاً- يُعَدُّ من أكبر المخاوف التي تراود الرجال، ثمَّ تزداد الأمور تعقيداً بعد ذلك حينما يسعى الرجل إلى تجنُّب مخاوفه ويحاول الحصول على تشجيعٍ من زوجته، وهذا يدفعها بدوره إلى النفور أكثر منه.

إقرأ أيضاً: الحب من طرف واحد: ما علاماته؟ وكيف تتعامل معه؟

تحترم الزوجات الأزواج الذين يحترمون أنفسهم:

في كتابه "طريق الرجل المهيمن: دليلٌ روحي لإتقان تحديات المرأة، والعمل، والرغبة الجنسية" (The Way of the Superior Man: A Spiritual Guide to Mastering the Challenges of Women, Work, and Sexual Desire)، يؤكِّد الكاتب "ديفيد ديدا" (David Deida) أنَّ النساء يحتقرن الرجال الذين يعتمدون عليهم للإحساس بالسعادة، وينظرن إليهم نظرةً ملؤها الريبة، ويتابع قائلاً: إنَّ وضع الرجال العلاقة على رأس قوائم أولوياتهم يجعلهم يفقدون احترام النساء.

الدرس الذي يمكِن أن نتعلمه من هذا هو أنَّه إذا أراد الرجل كسب احترام زوجته، يجب عليه أن يحترم نفسه أولاً، والرجال الذين يسعون إلى فرض الاحترام على زوجاتهم لن يُقابَلوا إلَّا بالشك والازدراء، وهو ما يُقوِّض الغاية التي يسعون إلى نَيلها في المقام الأول.

ثمَّة اقتباسٌ يُعبِّر فيه المهاتما غاندي تعبيراً صادقاً عن هذه الفكرة، حيث يقول: "لو كان في الإمكان أن نغير أنفسنا، لتغيَّرَت الميول في هذا العالم أيضاً، ومع تغير طبيعة المرء، يتغيَّر أيضاً سلوك العالم في التعامل معه".

7 طرائق يستطيع المرء من خلالها تعزيز احترامه لذاته:

الآن بعد أن ناقشنا كم يُعَدُّ احترام الذات هامَّاً لنَيل احترام الزوجة، إليك 7 طرائق تستطيع من خلالها تعزيز احترامك لذاتك، وكَسب احترام زوجتك أيضاً:

1. البحث عن غايتك الحقيقية وهدفك الحقيقي:

لماذا لا نبدأ بأرفع الأهداف؟ إذا لم نعرف ما هدفنا الحقيقي وغايتنا الحقيقية في هذه الحياة، كيف نتوقع أن نحترم أنفسنا، وأن ننال احترام زوجاتنا؟

يبدأ البحث بوضوحٍ عن معنى الحياة الحقيقي وغايتها الحقيقية بالإكثار من تحليل الذات، وعلى الرغم من أنَّه قد لا يقودنا في النهاية إلى إجابةٍ شافية، إلَّا أنَّ طرح الأسئلة يضعنا على الطريق الصحيح.

2. العطاء دون انتظار مقابل:

حينما نعطي الآخرين، نشعر بالرضا عن أنفسنا طالما أنَّه لا يوجد وراء ذلك العطاء دوافع خفية، وفي المقابل، لا يجعل العطاء المشروط -الذي يُتوقَّع فيه الحصول على مقابل- المعطي أو المتلقي يشعران بالصدق، ويُخرِّب صدق النية.

3. تخصيص وقتٍ للهوايات والأنشطة التي تساعد الشخص على النمو:

يُعَدُّ قضاء الوقت مع الشريك هامَّاً للنمو والتعلم على مستوى العلاقة، بيد أنَّ نموَّ الفرد يُعَدُّ أيضاً من الأولويات الهامة، حيث يعزِّز تشجيع النفس على تعلُّم أشياء جديدة وتجريبها الثقة وتقدير الذات.

4. التخلُّص من الأشخاص السلبيين:

لا تُعَدُّ محاولة التحسُّن مهمَّةً يسيرة، ووجود أشخاصٍ ينتقدون التغييرات التي تجريها على حياتك أو ينظرون إليها نظرةً سلبية يُضِرُّ بتطوُّر الفرد، فتحاشَ قضاء الوقت مع الأشخاص الذين يَحُولون بينك وبين إحراز النجاح.

5. تعلُّم الرفض:

من أسرع طرائق تقويض تقدير الذات الموافقة على كل ما يطلبه منا الآخرون. سيُقابَل رفض القيام بالأشياء التي لا تريد القيام بها بمعارضة الآخرين، لكنَّه يعزِّز تقديرك لذاتك.

إقرأ أيضاً: كيف تقول لا بلباقة؟

6. الاحتفاء بالإنجازات:

يتردد الأشخاص الذين يعانون تدني تقدير الذات ويفتقرون إلى احترام النفس في الاحتفال بإنجازاتهم في كثيرٍ من الأحيان، ويخشى هؤلاء أن يظنَّهم الآخرون متكبرين ومتبجحين، لكنَّ الاحتفال بالإنجازات يحفزنا إلى تحقيق مزيدٍ منها والاستمرار في النمو.

7. مصاحبة الأشخاص المُحفِّزين والمثيرين للإلهام:

إضافةً إلى التخلُّص من الأشخاص السلبيين، من الهام أن تحيط نفسك بأشخاصٍ ناجحين، ومحفزين، ومثيرين للإلهام. ارفع سقف طموحاتك عالياً، ثمَّ حاوِل أن تصل إليها من خلال استقاء الإلهام من الإنجازات التي أحرزها الآخرون.

في الختام:

يجب على كل زوجٍ وزوجة أن يتحملا مسؤولياتهما تجاه العلاقة الزوجية، وعلى الرغم من أنَّ كل خبيرٍ في العلاقات ينصح بأن يتعاون الزوجان على بناء علاقة زوجية سعيدة وصحية، إلا أنَّه يظلُّ كل طرفٍ في العلاقة مسؤولاً عن السعي إلى تطوير نفسه.

يركز الرجال الذين يسعون إلى الحصول على احترام الزوجات طاقاتهم في الاتجاه الخطأ؛ ويجب عليهم أن يحاولوا تركيز الاهتمام على تعزيز احترامهم لذواتهم، وحينئذٍ فقط -حينما يثقون بأنفسهم ويفهمون توجهاتهم في الحياة بوضوح- سيتوقفون عن الاهتمام بآراء الآخرين، وسينالون الاحترام الذي يستحقونه من الأشخاص المحيطين بهم.

 

المصدر




مقالات مرتبطة