ماذا تعرف عن إدارة المواهب؟

يعيش العالَم في مجتمع المعرفة الذي يفرض على المنظمات مجموعة لا يُستهان بها من التحديات التي تتطلب مواجهتها امتلاك المنظمة لجميع مقومات المنافسة، ولعلَّ من أبرز هذه المقومات هو العنصر البشري الموهوب الذي يحتل أهمية كبيرة غير ملموسة في المنظمة تؤدي الدور الأساسي في تعظيم القيمة المضافة لها.



ومع اتجاه المنظمات عامة نحو اقتصاد المعرفة، ازداد الاهتمام والتركيز على هذه المواهب وعلى كيفية البحث عنها وإيجادها وإدارتها بالطريقة الصحيحة؛ من أجل تحقيق الاستفادة منها والحفاظ عليها.

الموارد البشرية هي الأساس في إبداع المنظمات ومصدرها التنافسي والسبيل لتحقيق النتائج المتميزة وتخطِّي جميع العقبات؛ من خلال الاعتماد على كفاءتهم وتميزهم في تحقيق أهداف المنظمة.

لقد ظهر مفهوم إدارة المواهب لاكتشاف ورعاية المواهب داخل المنظمة والبحث عنها خارج المنظمة واستقطابها أيضاً بوصفها العنصر الحيوي الذي يسهم في تحقيق الأداء العالي، ونظام إدارة المواهب، نظام حديث نسبياً استُخدِم لأول مرة في التسعينيات عندما انتشرت عبارة (الحرب من أجل المواهب)، التي اشتعلت بين المنظمات والشركات المختلفة من أجل اجتذاب الموهوبين وأصحاب الكفاءات وتوفير كافة الظروف سواء المادية أم التنظيمية للحفاظ عليهم، وأصبح نظام إدارة المواهب مع مرور الوقت من استراتيجيات المنظمات في التغيير والتطوير، فهو من الاستراتيجيات الحديثة في إدارة الأعمال التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من برامج التطوير القيادي.

أولاً: الموهبة في عالم الأعمال

يُطلَق لفظ الموهبة عادة في اللغة العربية على الأفراد الذين يمتازون بدرجة من الذكاء العالي، لكن في الحقيقة الموهبة في عالم الأعمال تعني القدرة العالية في مجال معين أو المقدرة الكبيرة التي تنتج عن التدريب، فليس من الضرورة أن ترتبط الموهبة بالذكاء فقط، فالموهبة هي مجموعة خصائص تميِّز فرداً عن غيره من الأفراد، وتنتج عن خبرته ومعرفته ومهاراته وعاداته التي يمكن أن تتطور من خلال التجارب العملية.

المواهب هنا تشير إلى الأفراد الذين يمتلكون المهارات والقدرات التي تمكِّنهم من قيادة المنظمات بنجاح وإدارة رحلة التغيير فيها، كما تشير إلى المعرفة الجماعية والخبرات والقيم والسلوكات التي يتم إحضارها للتأثير في عمل المنظمة إيجاباً، فالمواهب هم الأفراد القادرون على إحداث الفرق في أداء المنظمة.

توجد مجموعة من السلوكات الدالة على الأفراد الموهوبين منها:

1. الحماسة والدافعية:

يعمل الفرد الموهوب بكثير من الحماسة، فلا يستسلم للعوائق الموجودة بل دائماً ما يلجأ إلى البحث عن حلول لها سواء داخل المنظمة أم في البيئة الخارجية.

2. الاستقلالية:

يستطيع الفرد الموهوب تنظيم معلوماته واستخدامها استخداماً صحيحاً وفعالاً عبر أدنى قدر من التوجيه.

3. الأصالة:

يعطي الفرد الموهوب أفكاراً جديدة غير مطروقة سابقاً.

4. المرونة:

لا يتشبث الموهوب برأي أو يصر على نمط محدد من التفكير؛ بل يغير من طريقة تفكيره بحسب المعطيات الراهنة.

5. الطلاقة:

يقترح عدد كبير من الأسئلة أو الحلول.

6. حب الاستكشاف والاستطلاع:

يهوى الفرد الموهوب البحث عن كل ما هو جديد.

7. الملاحظة:

يبدي اهتماماً واضحاً فيما يدور حوله من أحداث فينتبه لأدق التفاصيل.

8. النقد:

يمارس الفرد الموهوب النقد البناء ويبتعد كل البعد عن الانتقاد اللاذع غير المبني على أسس صحيحة.

9. مهارات الاتصال والتواصل:

يستطيع الفرد الموهوب التعبير عن نفسه تعبيراً صحيحاً، ويحسن الاستماع إلى الآخرين بحب وشغف واهتمام بالغ.

10. قائد:

الفرد الموهوب يتمتع بالصفات القيادية، فيفرض احترامه على الآخرين ويتمتع بدرجة كبيرة من الاتزان الانفعالي.

11. سريع البديهة:

الموهوب يستطيع فهم التفاصيل بسرعة كما لا يتردد في اتخاذ خطوات المبادرة.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح لتوظيف أفضل موظف ممكن

ثانياً: مفهوم إدارة المواهب

استُخدِم مصطلح (إدارة المواهب) لأول مرة في عام 1997 من قبل شركة ماكينزي Mckinsey؛ وذلك عندما صاغوا التعبير (الحرب من أجل المواهب)، فوصف مستشارو ماكنزي الوضع آنذاك بشديد الخطورة ووجود النقص الكبير بالأفراد المؤهلين القادرين على شغل إدارة الأقسام.

لقد انطلقت فكرة شركة ماكنزي في إدارة المواهب من أنَّ كل العمليات التي تتطلب تحسين أداء الأفراد والتي من شأنها تحقيق النجاح للمنظمة تحتاج إلى وجود المواهب، وإنَّ إدارة هذه المواهب ورعايتها تمثِّل جزءاً أساسياً من عمل المنظمة بشكل يومي، فاعتماد المنظمة من أجل تحقيق النجاح يجب أن يتركز على هذه المواهب وتطويرها.

مفهوم إدارة المواهب يعني:

  • القدرات الممتازة أو الأفراد ذوي الإمكانات العالية وذات القيمة الخاصة للمنظمة.
  • مزيجاً من الفكر الاستراتيجي والاتزان الانفعالي والقدرة على القيادة ومهارات الاتصال.
  • توافر المواهب الوظيفية والقدرة على جذب الموهوبين.
  • التركيز على القدرات الحالية والمستقبلية للعاملين وربطها بالاستراتيجيات المستقبلية للمنظمة.
  • تقوم على تعيين وجذب الموارد البشرية المناسبة وتنمية العاملين والتدريب المستمر والعمل على الاحتفاظ بالعمالة الموجودة الخبيرة؛ وذلك عن طريق اتباع عدة أساليب منها: بناء فرق العمل المتكاملة، تقديم التحفيز المناسب، إدارة الأداء، تخطيط القوى العاملة.
  • عملية نظامية دينامية تضم مجموعة من السياسات والنشاطات والإجراءات والعمليات التي تهدف إلى استكشاف وتطوير الأفراد الموهوبين.
  • عملية منظمة لجذب الأفراد المميزين والموهوبين.
  • عملية الإدارة التي ترتكز على الموارد البشرية في التغلب على الصعوبات التي تصادف المنظمة، وسد الفجوة بين المواهب المطلوبة والمواهب الموجودة وبالشكل الذي يتناسب مع أهدافها.
  • إدارة المواهب عملية تتضمن: الاختيار، التوظيف، التدريب، التنمية، التخطيط للقوى العاملة، وغيرها من عمليات إدارة الموارد البشرية.
  • التركيز على المناصب الأكثر أهمية في المنظمة (المناصب الحرجة، المناصب الاستراتيجية).
  • البحث واستكشاف الطاقات البشرية الكامنة في المنظمة.
  • تجنُّب الأحداث المفاجئة في المنظمة والتي تنتج عن ترك الموظفين للمناصب الحرجة والتي تمثِّل عصب المنظمة المحرك.
  • ضمان مساهمة الموارد البشرية الموهوبة في خدمة أهداف المنظمة.
  • إدارة المواهب تضمن نجاح المنظمة في المحافظة على المواهب البشرية وتحقيق الاستفادة القصوى منها في مجالات العمل.

إقرأ أيضاً: دور الرقابة الإدارية في نجاح المنظمات

ثالثاً: أهمية إدارة المواهب

  • التركيز على المناصب الأكثر أهمية في المنظمة (المناصب الحرجة، المناصب الاستراتيجية).
  • البحث واستكشاف الطاقات البشرية الكامنة في المنظمة.
  • تجنُّب الأحداث المفاجئة في المنظمة والتي تنتج عن ترك الموظفين للمناصب الحرجة والتي تمثِّل عصب المنظمة المحرك.
  • ضمان مساهمة الموارد البشرية الموهوبة في خدمة أهداف المنظمة.
  • إدارة المواهب تضمن نجاح المنظمة في المحافظة على المواهب البشرية وتحقيق الاستفادة القصوى منها في مجالات العمل.
  • تجعل مهمة تخطيط التعاقب في المناصب الإدارية أكثر سهولة، وتسير وفق خطط واضحة المعالم.
  • وضع كل من الأفراد الموهوبين في المكان المناسب لهم والتقليل من حالات الفشل التي ترتبط بالوظائف الشاغرة.
إقرأ أيضاً: 5 طرق تمكن قادة الموارد البشرية من إشراك وتمكين العاملين بالساعة

رابعاً: أهداف إدارة المواهب

  • تحديد المناصب الإدارية الحرجة.
  • الاحتفاظ بالعناصر الفنية الرئيسة.
  • تحديد وظائف التطوير وسد الفجوات في المنظمة.
  • تحديد احتياجات المنظمة من الموارد البشرية.
  • المراقبة المستمرة للقدرات الحالية والسير بها نحو القدرات المثلى وفقاً للمعايير العالمية.
  • التعرف إلى العاملين ذوي القدرات الكبيرة وممتلكي المهارات المميزة.

خامساً: مكونات إدارة المواهب

1. المدخلات:

تتألف إدارة المواهب من مجموعة كبيرة من المدخلات منها:

  • الرسالة: بيان مختصر يوضح الهدف الأساسي للمنظمة.
  • الفلسفة: تعكس التوجه العام للمنظمة.
  • الأهداف: تترجم رسالة المنظمة وقيمها إلى غايات توجِّه نشاطاتها.
  • البناء التنظيمي: أي الهيكل التنظيمي وما يتضمنه من توضيح للمسؤوليات والصلاحيات ومهام كل وظيفة من وظائف المنظمة وجهات المساءلة.
  • إجراءات العمل: توضح كيفية سير المعاملات بين الأقسام والإدارات المختلفة.
  • السياسات والتشريعات: هي قواعد تحكم عمل المنظمة وتحدد كيفية الاختيار والتعيين والتدريب وتقيِّم أداء الموارد البشرية.
  • القواعد: تنبثق عن السياسات وتطبق على الإجراءات وتفيد في معرفة كيفية التصرف.
  • التسهيلات البيئية: يُقصد بها إنشاء بيئة مناسبة للعمل واستيعاب كافة المواهب ورعايتها وتطويرها باستمرار.
  • الاتصالات: تسهم في معرفة المعلومات بدقة وسرعة.
إقرأ أيضاً: طرق هامة تساعد في إنجاز أعمالك في وقتها المحدّد

2. العمليات:

تعبر عن استراتيجيات إدارة المواهب وأهمها استراتيجية جذب المواهب، استراتيجية تنمية المواهب، استراتيجية الاحتفاظ بالمواهب.

3. المخرجات:

تتمثل في أداء الأفراد المتميز والذي ينعكس في الإنتاجية والجودة والكفاءة.

سادساً: استراتيجيات إدارة المواهب

تمثل هذه الاستراتيجية نقطة البداية في عمل إدارة المواهب، فتحدِّد خصائص الموهوبين المطلوبة من خبرة ودرجة المهارة التي تلائم الوظيفة ومتطلباتها، فتحقق ذلك من خلال وضع توصيف وظيفي يوضح واجبات الوظيفة ومتطلبات شاغلها.

تركز إدارة المواهب في جذب الموظفين على اسم المنظمة وسمعتها، وتوفير نظام عادل من الأجور والحوافز، وربط المكافأة بالأداء، وتوفير مختلف الحوافز المعنوية والمادية المرتبطة بالجوانب الاجتماعية والصحية وسواها.

إقرأ أيضاً: 6 أشياء يجب أن تتجنّبها لتحقيق يوم عمل ناجح

1.استراتيجية تنمية المواهب:

تتم تنمية المواهب من خلال التركيز على نقاط قوة الموهبة والتدريب عليها من أجل تقويتها، فتعتمد على وضع البرامج اللازمة من أجل إمداد تلك المواهب بالخبرات والمهارات اللازمة لعمل المنظمة.

2.استراتيجية الاحتفاظ بالمواهب:

هي الجهود التي تبذلها المنظمة للاحتفاظ بالموظفين الموهوبين وتقلل من معدل دورانهم، فتتخذ إدارة المواهب كافة الإجراءات اللازمة لمنع ترك المواهب للعمل.

في الختام:

تدرك إدارات المنظمات المختلفة أنَّ الموهبة المتفوقة والمتميزة هي الميزة الأساسية لكل منظمة، فهي القادرة على تحقيق وزيادة الميزة التنافسية والتركيز على نجاح المنظمة وجعلها في موقع متميز بين المنظمات الأخرى؛ لذا فقد تبنت معظم المنظمات في الوقت الحالي فكرة الموهبة وأصبحت إحدى استراتيجياتها التي لا غنى عنها والتي تعمل على تطويرها باستمرار بالشكل الذي يخدم تحقيق أهدافها ومصالحها.




مقالات مرتبطة