ما يجب أن يعرفه الزملاء والمديرون عن مرضى كوفيد19 طويل الأمد

لقد مرت قرابة عام منذ أن أُصِيبَت "ماي سميث" (Mae Smith) بفيروس كوفيد-19، ولا زالت تعاني من أعراضٍ مثل الإرهاق الشديد، وصعوبة التركيز؛ مما يجعل التفكير صعباً.



كانت "سميث" مديرة في وكالة خدمات اجتماعية في "مدينة نيويورك" (New York City) عندما أُصِيبَت لأول مرة بفيروس كوفيد-19، واستمرت في العمل على الرغم من استمرار الأعراض الشبيهة بالإنفلونزا في الصيف الماضي، ثم ساءت حالتها بسرعة في الخريف.

قالت: "أُصبتُ بالصداع النصفي كل يوم، وهنا بدأت ضبابية الوعي تزداد، ثم ازداد الأمر صعوبة"، ثمَّ أخذَت إجازة من وظيفتها، معتقدةً أنَّها ستنتهي بعد شهر، ولكنَّها امتدت لثلاثة أشهر.

"سميث" واحدة من العديد من الأشخاص المصابين بكوفيد-19 طويل الأمد، والذين نجوا من المرض الأولي الحاد، ولكن أصبحت لديهم أعراض دائمة ومستمرة مثل التعب وضيق التنفس وتشوُّش الدماغ وخفقان القلب، وقد أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أنَّ هؤلاء المرضى يشعرون "بأنَّهم منبوذون وممنوعون من الحصول على الخدمات، وحتى إنَّهم أبلغوا عن صعوبة في أخذ حالاتهم على محمل الجد أو حصولهم على التشخيص"، ويمكن أن يكون هذا المرض منهِكاً للغاية خلال العمل.

لا يزال عدد المرضى المصابين بكوفيد الطويل (long COVID) أو ما يُعرَف أيضاً بكوفيد طويل الأمد (long-haul COVID) غير معروفٍ بالضبط؛ حيث يواجه واحد من كل خمسة أشخاص أعراضاً مستمرة بعد أن يمر بمرحلة حادة من العدوى؛ وذلك طبقاً لما قدَّره "مكتب الإحصاءات القومي في المملكة المتحدة" (U.K.’s Office of National Statistics).

نُشِرَت دراسة في صحيفة "لانسيت" (Lancet) في يناير تقول إنَّ غالبية مرضى كوفيد-19 البالغ عددهم 1.733 الذين عُولجوا في المستشفيات بشكل مؤقت في الصين ظلوا يعانون من الإرهاق الشديد بعد مضي ستة أشهر، وما يتمناه مرضى كوفيد طويل الأمد من رؤسائهم وزملائهم وعملائهم أن يعلموه عن حالتهم:

1. الأعراض حقيقية حتى لو لم تظهر دائماً:

تقول "كايلي" (Kyli)، مديرة منحٍ في "مدينة نيويورك"، والتي شهدت حالة متوسطة من كوفيد في فبراير الماضي، وطلبت ألا يُذكَر اسمها كاملاً مخافة أن تخاطر بإجازتها الصحية: "يُساء فهم حدة كوفيد الطويل؛ حيث إنَّني استطعت العمل لفترة بعد خروجي من المشفى، وعندها بدأت تظهر عليَّ أعراض كوفيد الطويل، ثم أُصبت بانتكاسة في يناير وازدادت الأعراض سوءاً مع أعراض عصبية وقلبية جديدة".

كانت "كايلي" تجد صعوبة في القراءة والكتابة كنتيجة لكوفيد الطويل؛ حيث كان التكلُّم لمدة تزيد عن 30 دقيقة يصيبها بالتشويش، والتعب، وضيق التنفس، تقول: "عندما تقرأ عنه، يبدو الأمر كما لو كنت تتعامل مع صداع أو تعب بسيط، ولكن في بعض الأحيان، أشعر وكأنَّني أعمل في الظلام داخل سفينة قديمة تموج وسط عاصفة".

قالت "سميث" بأنَّه كانت هناك حالة من قلة الوعي بوجود كوفيد الطويل ضمن محيط عملها في الصيف والخريف الماضيين، إلا أنَّ ذلك قد تغير منذ ذلك الحين، وتقول: "كان عليَّ أن أرسل العديد من المقالات لمشرفي".

أصبح عملها عن بُعد، وكانت تستطيع الظهور بأنَّها على ما يرام في لقاءات الفيديو، حتى لو تكن على ما يرام؛ حيث مرَّت "سميث" بما يسمى "التهاب الدماغ والنخاع المؤلم للعضلات" (myalgic encephalomyelitis (ME/CFS) أو ما يُعرَف أيضاً بمتلازمة التعب المزمن chronic fatigue syndrome، وبمتلازمة تسارع معدل ضربات القلب الموضعي الانتصابي (postural orthostatic tachycardia syndrome (POTS) والذي يتسبب في تسارع ضربات القلب بشدة عندما تقف.

تقول "سميث": "قال زملائي إنَّهم لم يلاحظوا ما كنت أمرُّ به؛ وذلك لأنَّني كنت أبدو قادرة على التحدث من خلال شاشات حواسيبهم، ولأنَّني كنت أتحدَّث كالمعتاد، وأشعر بالحيوية لوقت قصير، ولكن مع (ME/CFS) و(POTS) فسوف أنهار؛ وذلك لأنَّ العمل بسرعة مرهقٌ"، وبعد المكالمات الطويلة، كانت تحتاج إلى الاستلقاء لمدة نصف ساعة كي ترتاح.

قالت "سميث" بأنَّها تأمل أن تتحسن صحتها كي تعود إلى العمل، ولكنَّها ليست على يقين بمقدار تحسُّنها؛ حيث أوصى طبيبها ألَّا تعود إلى العمل بدوام كامل في الوقت الحالي، وتقول: "أصبح الأمر أكثر غموضاً، حتى بالنسبة إلى الأطباء".

شاهد بالفديو: 7 نصائح لأصحاب العمل للتعامل مع فيروس كورونا

2. وجود الحاجة الماسة إلى استراتيجيات للتأقلم لمتابعة العمل:

ظنَّت "تارا آن" (Tara Anne)، منظِّمة رحلات سابقة تستخدم اسميها الأول والأوسط مهنياً، أنَّها تعاني من التحسس عندما بدأت تشعر بالمرض في مارس الماضي في "لوس أنجلوس"، وقالت إنَّها بعد ثلاثة أيام: "كنت في مستشفى "سيدار-سايناي" (Cedars-Sinai) مصابة بالتهاب رئوي في خيمة عسكرية في موقف للسيارات".

وبعد مرور عام على تشخيص "تارا آن"، لا زالت تمرُّ بأعراض عصبية في أثناء إدارتها لعملها الجديد في تنسيق الالتزام بالتعليمات الخاصة بكوفيد من أجل الأفلام والتلفاز.

تقول: "كانت الأفكار تختفي فجأة من ذهني، وكنتُ أنسى حوارات بأكملها، وألقى صعوبة في إيجاد الكلمة المناسبة الآن، فلم تكن لدي هذه المشكلات قبل أن أصاب بكوفيد، حتى عندما كنت أعمل في ظروف متوترة، أو أعاني من قلة النوم"، وكانت "تارا" تستخدم أنظمة عدة لتعزيز التذكر لديها عندما تتعامل مع كميات كبيرة من المعلومات.

قالت: "أدوِّن ملاحظات عندما أتكلم على الهاتف، ودائماً أستخدم برنامجاً مساعداً شخصيَّاً على هاتفي الشخصي كي يذكِّرني بالمعلومات التي نسيتُها، ولدي قطعتان من اللوح الأبيض أستخدمهما طوال الوقت"، وتضيف: "لا أريد لأي شخص أن يكون في وضع خطر؛ حيث قضيتُ أياماً وأنا أظن بأنَّني أحتضر، ولا أريد لأحد أن يمرَّ بما مررتُ به".

قالت "تارا آن" بأنَّها تشرح حالتها في بعض الأحيان لعملائها كوسيلة لإثبات خطورة الوضع: "أريد أن أذكِّر الناس بأنَّه توجد عواقب لما نقوم به، وسيعاني الناس إن لم نقم بالأشياء التي تصب في مصلحة الصحة العامة".

وعلى الرغم من إصابتها بكوفيد، فقد قالت: "لقد كنت أحد الذين حالفهم الحظ، لدي بضعة مشكلات ولكنَّني لا زلت قادرة على القيام بعملي".

إقرأ أيضاً: كيف تتفاوض مع رب عملك على مواصلة العمل من المنزل؟

3. التعامل مع السياسة البيروقراطية لأرباب الأعمال ومزايا ذوي الاحتياجات الخاصة يُعَدُّ عملاً بحد ذاته:

"نحن بأمسِّ الحاجة إلى استجابة على امتداد الوطن، مثل تلك التغطية التي حصلنا عليها عندما طلبنا إجازات مدفوعة عند الإصابة الحادة بكوفيد" - ماي سميث.

تقول "سميث" إنَّه لم يواكب أرباب الأعمال ولا السياسات الفدرالية الواقع بخصوص كوفيد الطويل، فلم تستفد من الإجازة المدفوعة لأسبوعين الممنوحة لها فدرالياً المخصصة لكوفيد-19، وعندما سألت قسم الموارد البشرية إن كان في إمكانها الاستفادة من تلك الإجازة، أجابوها بأنَّها مخصصة فقط للحالات الخطرة.

فانتهى بها الأمر بأخذ العطلات المخصصة لها والإحالات الصحية قبل أن تأخذ إجازة غير مدفوعة مع الحفاظ على مهنتها ضمن ما يسمح به قانون الإجازات الصحية والعائلية، ولكنَّها لم تجد راحة في هذه الإجازة بسبب قلقها من تراكم الفواتير الطبية بينما هي لا تأخذ راتبها.

قالت "سميث": "كنت أنهار بسبب ذلك من حينٍ لآخر، ومن الجيد أنَّه كان لدي بعض المدخرات، ولكن عندما يكون الوضع غير محدد، فلا يمكنني الاستمرار للأبد"، واعترفَت دول عدة بكوفيد الطويل "كمرض مهني" بما فيها إسبانيا، وفرنسا، وألمانيا، وبلجيكا، والدنمارك؛ حيث منحَت الحماية والتعويض المادي لبعض العمال الذين أُصيبوا بالمرض خلال العمل، لكنَّ الولايات المتحدة لم تفعل ذلك.

لا تزال "سميث" تفكر فيما يجب فعله عندما تنفد إجازاتها، فهي غير مؤهلة للإعاقة الجزئية من رب عملها، ولن يكون خيار الإعاقة الدائمة متاحاً حتى تكون عاطلة عن العمل لمدة ستة أشهر؛ إنَّها تأمل أن تعود إلى عملها بدوام جزئي مع بعض التسهيلات، ولكنَّها تدرك بأنَّ الاعتراف بمرضها طويل الأمد من رب عملها ومن السلطات الفدرالية ربما يكون أفضل خيار.

كي تكون مؤهلاً للحصول على مزايا الإعاقة التي تديرها إدارة الضمان الاجتماعي، يجب أن تكون لديك حالة طبية من المتوقع أن تستمر لمدة سنة واحدة على الأقل أو تؤدي إلى الوفاة، كما يمكن أن يكون تقديم الطلب عملية تستغرق وقتاً طويلاً، وعلى الأرجح ستُرفَض مطالبتهم بمزايا الإعاقة الأولية.

"يُعَدُّ الضمان الاجتماعي ونظام الرعاية الاجتماعي هاماً خاصةً للأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية موجودة مسبقاً، والأشخاص ذوي البشرة الداكنة، والعديد من العمال الأكبر سناً الذين يُرجَّح أكثر من أي وقت مضى أن يفتقروا إلى المدخرات أو التأمين الخاص ليلجؤوا إليه إذا أصيبوا بإعاقة شديدة تغيِّر من أسلوب حياتهم.

كتب نائبان من الولايات المتحدة "جون لارسون" (John Larson) ديمقراطي من "كونيتيكت"، و"داني ديفيس" (Danny Davis) ديمقراطي من ولاية "إلينوي" في رسالة في يونيو إلى إدارة الضمان الاجتماعي: "نأمل أن توافقوا على أنَّ الوقت قد حان لكي تبدأ إدارة الضمان الاجتماعي بالاستعداد لتقييم الآثار طويلة الأمد لكوفيد-19 بشكل ملائم".

في تصريح لموقع "هاف بوست"، قالت إدارة الضمان الاجتماعي إنَّ "قواعد سياسة الإعاقة الحالية قادرة على تقييم حالات كوفيد-19"، ولكن "لا يزال الباحثون يكتشفون المرض وسنواصل النظر في سياساتنا مع تطوُّر البحث".

وفي غضون ذلك، يستخدم المهنيون المصابون بكوفيد الطويل طاقة محدودة للتعامل مع البيروقراطية المتمثلة في الحصول على المواعيد الطبية والتقدم للحصول على مزايا الإجازة والعجز.

وضَّحَت "سميث" أنَّها تشعر بالحاجة إلى البقاء على اطلاع بكل شيء، وأن تكون المدافِعة عن مرضها، لكنَّ بذل هذه الطاقة يأتي بتكلفة، قالت: "جزء مني يشعر بالقلق دائماً من أنَّني إذا قمت بالمزيد، فسوف أجعل الأمر مزمناً ولن أتعافى أبداً".

قالت "كايلي": "إنَّ أولئك الذين يقفون وراء سياسات رب العمل لا يفقهون المعاناة النفسية والجسدية التي تختلقها أنظمتهم، فكل رسالة بريد إلكتروني توضِّح سياسة ما، وكل مكالمة هاتفية أُجريها مع وكالة التأمين لفهم السياسة... أعدُّ من ذوي الإعاقات حقاً الآن؛ لذا فإنَّ الأمر له تأثير سلبي حقاً.

إقرأ أيضاً: ما هي خطوات العودة إلى مكتب العمل بعد أزمة كورونا؟

وهذا يعني أنَّني لن أتمكَّن من الاستحمام في تلك الليلة، ولن أمتلك الطاقة، أو لن أتمكن من الاتصال بأسرتي في ذلك الأسبوع؛ وذلك لأنَّني سأضطر إلى النوم، فكل ذلك يتراكم بطريقة أنا متأكدة من أنَّ معظم الناس لا يتوقعونها".

كما تنصح بالحصول على الدعم من الأصدقاء أو العائلة لإجراء المكالمات الهاتفية اللازمة للتعامل مع كل هذه البيروقراطية، وقالت إنَّه من الصعب إيجاد طريقة يمكنها القيام بذلك وحدها.

تقول "كايلي" بأنَّ الأمر يجري هكذا: "ترى طبيباً، ويطلب منك إجراء ثلاثة تحاليل، وتواجه مشكلة في التأمين في بعض تلك التحاليل، ويكتشف الطبيب شيئاً في التحاليل فيعطيك وصفة دواء، والتأمين يرفض تغطية الدواء، فتواجه شركة التأمين، وتجد قسيمة للدواء، كيف أسميها إجازة مع كل هذا!".

المصدر




مقالات مرتبطة