ما وراء التمويل: ما على قادة الشركات معرفته بشأن الاستفادة من المواهب

إنَّ أول ما يتبادر إلى الذهن عند التفكير في الضغوطات التي يواجهها روَّاد الأعمال عند بدء مشروع جديد هو مسألة جمع التبرعات لتمويل مشاريعهم، ومع ذلك، ربما تكون المواهب التقنية أكثر ندرة من رأس المال، وقد تكون في الواقع أكبر مشكلة تواجهها الشركات.



إنَّ تأمين التمويل هو بطبيعة الحال العقبة الأولى، لكنَّ بناء قوة عاملة متماسكة وذات معرفة واسعة هو حجر الزاوية لتحقيق نمو مستقر، وهذا ما قد يصعب تحقيقه.

ما يزال جذب الاستثمار في متناول اليد رغم صعوبة تحقيقه بسبب الفوضى التي أحدثتها جائحة فيروس كورونا، فإنَّ عام 2020 على وشك أن يصبح عاماً قياسياً من ناحية الاستثمار في التكنولوجيا على مستوى أوروبا على وجه الخصوص؛ حيث استثمرت قطاعات الأعمال 12 مليار دولار، فقط في الشركات التي تقدِّم خدمات برمجية.

على أي حال، رغم ادعاء ما يقرب من ثلثي قادة قطاع التكنولوجيا أنَّ التحديات المتعلقة بتوظيف المواهب تضر بصناعة التكنولوجيا، إلا أنَّ المشكلات المتعلقة بنقص المهارات ما تزال قائمة، والطلب على توظيف المواهب التقنية يزداد بوتيرة لا مثيل لها في أي مجال عمل آخر، وهي مشكلة تتفاقم بسبب فجوة المهارات الحالية.

ومع أنَّه من المتوقع سد هذه الفجوة عند إعادة تدريب الموظفين في مرحلة ما بعد الوباء، إلا أنَّها تُمثِّل مشكلة كبيرة في الوقت الحالي، فقد رأيت بنفسي ما كان يُفترض أن يكون مشاريع جديدة وشركات ناشئة واعدة تواجه صعوبات بسبب النقص في المهارات. 

علاوةً على ذلك، مع استمرار أمريكا وبريطانيا في اتباع شعار وادي السيليكون "اعمل بوتيرة سريعة حتى لو تعثَّرت"، أصبح من الهام أن تستلهم الشركات أفكارها حتى من الملاحظات المكتوبة على منديل وتُطبِّقها على وجه السرعة؛ لذلك من الضروري أن تجد الشركات موظفين متميزين يُقدِّمون أداءً جيداً وبوتيرة سريعة لمساعدتهم على التميز في سوق العمل التنافسي.

نحن نعيش في عصر رقمي أصبحت فيه السرعة أولوية لنجاح الشركات في كافة القطاعات؛ إذ يجب أن تتكيف العمليات التقليدية مع نموذج رقمي افتراضي إن أرادت الاستمرار، فضلاً عن الازدهار، إذاً من الواضح أنَّ روَّاد الأعمال بحاجة إلى النظر إلى ما هو أبعد من التمويل عند بناء شركاتهم، فبالإضافة إلى جمع التبرعات، يجب أن يحيطوا أنفسهم بأولئك الذين يستطيعون مساعدتهم على تحقيق أفكارهم بذكاء، وبأسرع وقت ممكن.

إقرأ أيضاً: 7 صفات يبحث عنها رواد الأعمال في موظفيهم

الخبرة والتجربة:

لا يتعلق الأمر بالضرورة بتعيين موظفين جدد؛ إذ يمكن لروَّاد الأعمال الاستفادة من مجموعة من المجتمعات المستهدفة ضمن شبكات الأعمال والشبكات الشخصية، والتي يمكنهم تسخيرها للوصول إلى أنظمة بيئية كاملة من الخبرة والتجربة.

وهنا قد تُضيف مُسرِّعات المشاريع في مراحلها المبكرة مثل كراودكيوب (Crowdcube)، وفاوندر فاكتوري (Founder Factory)، وواي كومبنيتور (Y Combinator)، قيمة إلى المشروع، وتربط روَّاد الأعمال بالخبراء، وبزملائهم المؤسسين، وتُتيح مشاركة الدروس الجماعية، ولكن ينبغي أيضاً الاستفادة من مجتمعات الإنترنت الموجودة على لينكد إن (LinkedIn) و تويتر (Twitter): التكنولوجيا سلاح قوي، لكن لا فائدة منها من دون أشخاص يعرفون كيفية الاستفادة منها.

قد تبيَّن أنَّ الإرشادات والمشورة التي تقدِّمها هذه المجتمعات لا تُقدَّر بثمن من ناحية تمكين روَّاد الأعمال من بناء وإنتاج منتجات رقمية عالية الجودة بوقت قصير، إضافةً إلى تطوير مهارات موظفيهم الحاليين في الوقت نفسه.

إنَّ تشكيل مجتمع من الخبراء ممن لديهم تجارب سابقة لخدمة المؤسسة بأكملها يُمكِّن الشركات من تبنِّي المهارات الرقمية إلى جانب النماذج التقليدية، وتنمية أعمالهم، والتكيف مع المهارات والعمليات التي يحتاجونها للنجاح في سوق اليوم.

ومن المثير للاهتمام أنَّ تأثير جائحة فيروس كورونا أدَّى إلى توسيع حجم ونطاق هذه النظم البيئية، فمع إجراءات الإغلاق التي دفعت معظم الناس إلى العمل عن بعد، أصبحوا غير مقيَّدين بأيام العمل الاعتيادية التي تمتد من الساعة التاسعة إلى الساعة الخامسة في مكان واحد، مما يجعل المزيد من الأشخاص متاحين.

وأهم ما في الأمر، أنَّ العديد من هؤلاء العمال الذين مُنحوا إجازة إجبارية، أو الذين كانت مصائرهم أسوأ وسُرِّحوا من العمل خلال الأشهر الماضية، انتهزوا الفرصة لإعادة التدرُّب على وظائف جديدة، وبذلك يستطيع هؤلاء الذين أصبحوا يمتلكون مزيجاً من الخبرة والقدرات تقديم أفكار جديدة لرؤية رائد الأعمال، واقتراح مشاريع جديدة.

إقرأ أيضاً: 8 موظفين يجب أن تعيِّنهم لتحقّق شركتك الناشئة نموَّاً أسرع

إجراء تعديلات على التكنولوجيا:

قد يُسهم إجراء تعديلات على الطريقة التي تستخدم بها الشركة التكنولوجيا إسهاماً كبيراً في تسريع عملية تسليم المنتجات وزيادة جودتها، ولكن في كثير من الأحيان، قد يكون معرفة التعديلات التي يجب إجراؤها، ثم تطبيقها في الواقع، غير متوفر ضمن مجموعة المهارات الحالية للشركة؛ فيعتقد بعضهم أنَّ التوظيف الداخلي هو الخطوة الصحيحة، ولكن يجب على المؤسسين أيضاً البحث عن أطراف ثالثة متخصصة ولديها خبرة تقنية في المجالات التي تحتاجها شركاتهم، مثل هندسة البرمجيات أو تصميم تجربة المستخدم (UX design) أو تحسين عملية تسليم المنتجات.

إذا كان الوقت جوهرياً (كما هو الحال دائماً)، فقد يكون هذا غالباً أسرع طريقة للوصول إلى أفضل النتائج؛ لذا احرص قدر الإمكان على اختيار شريك يساعدك في بناء مهارات فريقك في أثناء تسريع عملية تسليم منتجاتك.

في بعض الأحيان، يتعلق الأمر فقط بالكشف عن قيمة البيانات التي قد تكون لديك بالفعل؛ إذ لا يخفى على أحد أنَّ معظم الشركات الحديثة تنتج الآن كميات هائلة من البيانات، ولكن هناك فرق شاسع بين تسجيل البيانات الأولية وبين ترجمتها إلى إجراءات حاسمة أو تنبؤية، وإلى ميزة تنافسية.

يمكن للموظفين المناسبين أو الشريك المناسب تحديد أولويات البيانات القابلة للتنفيذ لإنشاء أجندة تحويل ناجحة؛ من الإعداد إلى القياس والتحليل المستمر.

ولا ينبغي أن تقتصر الفوائد هنا على الشركات الناشئة في مراحلها الأولى أو شركات التكنولوجيا فقط؛ فسواء كنا نتحدث عن أحد البنوك الرئيسة، أم أحد متاجر التجزئة الشهيرة، قد يؤدي توحيد الجهود مع شريك تقني ماهر إلى زيادة طموحات أي منظمة وتحسين خطوط إمداد إنتاجها.

تلعب التكنولوجيا الآن دوراً هاماً في كل شركة أكثر من أي وقت مضى خلال أزمة فيروس كورونا الحالية، ويكمن سر إنشاء شركة ناجحة في الطريقة التي تستخدم بها أعمالها التكنولوجية، وعلى الرغم من أهمية جمع الأموال للاستثمار في التكنولوجيا المناسبة، فلن يحالفك النجاح إذا لم يعرف أحد في الشركة كيفية استخدامها بطريقة تضمن الاستفادة من كل قدراتها وميزاتها.

لهذا السبب، من مصلحة روَّاد الأعمال الحرص على إحاطة أنفسهم بأفضل المواهب التقنية الممكنة، سواء كانوا موظفين، أم جزءاً من مجتمع من المستشارين الموثوقين، أم متخصصين من خارج ملاك الشركة.

ستواجه عند الشروع في مشروع جديد عدداً من التحديات، ورغم أنَّ التمويل هام بالتأكيد، سوف يساعدك الاهتمام بالعثور على المواهب التقنية المناسبة في التغلب على العديد من هذه التحديات.

 

المصدر




مقالات مرتبطة