ما هي خطوات العودة إلى مكتب العمل بعد أزمة كورونا؟

أخذ معظم أرباب الأعمال خطوة الرجوع إلى العمل المكتبي بعد العديد من التوصيات بزوال جائحة كورونا، وعودة الحياة إلى سابق عهدها؛ إذ يصبُّ أغلب الناس تركيزهم على العودة إلى نمط الحياة قبل الجائحة، خاصةً بعد ظهور اللقاح، وتغيُّر الأمور نحو الأفضل، ووفقاً لإحدى الدراسات، فإنَّ ثلاثة من كل أربعة عمال يرغبون في العودة إلى مكتب العمل في المستقبل، ومع ذلك، وكما قال الطيار والكاتب الفرنسي "أنطوان دي سانت إكسوبيري" (Antoine de Saint-Exupéry) ذات مرة: "الهدف دون خطة هو مجرد أمنية"؛ وبعبارةٍ أخرى، لا يجب التسرع بالعودة إلى مقرات العمل بشكلٍ عشوائي، وبدلاً من ذلك، يمكن البدء بوضع خطة تضمن عودة آمنة.



خطوات إعادة فتح مكاتب العمل:

1. التمسك بتعليمات الصحة العامة:

ابتداءً وقبل كل شيء لا بُدَّ من التأكد من شرعية العودة إلى مقر العمل، على سبيل المثال: يجب التحقق من الإرشادات المحلية لمعرفة إمكانية استئناف عمليات العمل، وفي حال تمت الموافقة، فلا بُدَّ من وضع قيودٍ على عدد الأشخاص الموجودين ضمن المبنى الواحد في الوقت نفسه، كما سيساعد أخذ اللقاح على الحصول على إذنٍ بالعودة إلى العمل؛ إذ يجب الاعتماد على النفس في هذه الخطوة؛ نظراً إلى اختلاف الإرشادات حسب الولايات، ويتم ذلك ببساطة عن طريق البحث على "جوجل" (Google) عن اسم الدولة والخطوط الإرشادية لإعادة فتح واستئناف الأعمال التجارية؛ إذ ينبغي أن تبيِّن التعليمات الاتجاه الصحيح.

في حال تمَّ استئجار مكتب للعمل، فيمكن سؤال المالك مباشرةً، أو يمكن جدولة اجتماع افتراضي مع الجهات المعنية لمناقشة إعادة العمل، كما يمكن الاستعانة بالدخول إلى موقع "يو إس إيه توداي" (USA Today) والبحث عن متتبع الوقت الفعلي - لمعرفة الأخبار وفقاً لمكان الحضور - أو البحث فيما يتم تداوله في الوقت الراهن عن الإرشادات المنتشرة في ظلِّ جائحة فيروس كورونا والقيود المفروضة؛ مما سيعطي فكرة عامة على الأقل عما إذا كانت الدولة شديدة الرقابة أو متساهلة في تطبيق الأنظمة.

إذا تمَّ الحصول على الموافقة لمباشرة العمل، فسوف تبقى مسألة قانونية أخرى للبحث عنها، وهي إمكانية إجبار الموظفين على العودة إلى العمل، ويعتمد هذا غالباً على الدولة، ومع ذلك، إذا رأى أرباب العمل ضرورة الحضور، أو إذا كان الموظف ملتزماً بعقد عملٍ خاص، فيجب حينها الحضور إلى العمل.

من ناحية أخرى، ظهر قانون "استجابة الأُسر الأولى لفيروس كورونا" (Families First Coronavirus Response Act) بالتعاون مع قانون "الإجازة العائلي الطبي" (Family and Medical Leave Act)، والذي أعطى أحقية الحصول على الإجازة الأسرية والطبية مدفوعة الأجر إذا تأثَّر موظف أو شخص من عائلته بفيروس كورونا، فضلاً عن ذلك، قد يُجبَر أرباب الأعمال عبر القانون الأمريكي لذوي الإعاقة (ADA)، على السماح لكل موظف يعاني من إعاقة خطرة بالعمل عن بعد.

2. إنشاء خطة عمل مكتوبة للعودة إلى العمل:

تكتب الاستشارية "داون روز" (Dawn Ross) إحدى المساهِمات في شركة "كارل، ماكي، باور وروس" (Carle, Mackie, Power & Ross LLP)، التي تقدم خدمات قانونية لمجموعة متنوعة من الشركات والأفراد والمؤسسات غير الربحية والوكالات العامة في منطقة خليج كاليفورنيا وخارجها، "سيعود معظم الموظفين إلى المكتب على مراحل، مع استمرار بعضهم في العمل من المنزل فترةً طويلة من الزمن، ويُتوقَّع أن يكون نموذج العمل الهجين هو النموذج السائد خلال السنوات القليلة القادمة؛ إذ بدلاً من السماح بالعودة بشكل عشوائي، يمكن تنظيمها بخطة مكتوبة بالتفصيل للعمل على تحديد من الذي سيعود إلى المكتب".

يجب أن تتضمن خطة العودة إلى العمل معلومات مثل: موعد عودة الموظفين إلى العمل المكتبي، وتحديد الاحتياطات التي سيتم اتخاذها للحفاظ على سلامة الموظفين والناس عامةً؛ حيث سيستغرق تجهيز العديد من الخطوات شهراً أو أكثر، ولهذا يجب التخطيط في وقتٍ سابق.

ماذا ستتضمن هذه الخطة؟

توصي الاستشارية "روز" أيضاً كجزء من خطة العودة، بالقيام بما يأتي:

  • إجراء استطلاع للموظفين لمعرفة مدى رغبتهم في العودة، ففي حين وجدت شركة "جي إل إل" (JLL) عبر استطلاع أجرته أنَّ غالبية الموظفين يرغبون في العودة، أظهر استطلاع آخر عبر الإنترنت أنَّ ما يقرب 30% من الموظفين سيستقيلون إذا أُجبَروا على العودة إلى المكتب.
  • طلب معدات الوقاية الشخصية، من مستلزمات التنظيف، ومطهر اليد، والكمامات، والقفازات.
  • إجراء فحوصات صحية يومية؛ حيث يوصي كل من مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) وإدارة السلامة والصحة المهنية (OSHA) بأن يفكر جميع أرباب العمل في إجراء نوع من الفحص الصحي للموظفين القادمين إلى مكان العمل، وبالإضافة إلى ذلك، فقد أصدرت دول عدَّة أوامر صحية تأمر جميع أرباب العمل بوضع سياسات تتطلب من الموظفين إكمال فحص صحي قبل القدوم إلى المكتب، وقد أنشأت العديد من الدول تطبيق فحص صحي يومي لهذا الغرض.
  • تحمُّل كلفة فحوصات درجة الحرارة واختبارات فايروس كورونا؛ إذ يجب أن يكون فحص الموظفين ومطالبتهم بإجراء فحوصات درجة الحرارة واختبارات فايروس كورونا على نفقة رب العمل.
  • وضع خطط طوارئ لمن يحصل على نتيجة فحص فيروس كورونا إيجابية، فإذا كان الموظف مصاباً بالفيروس، فيجب الانتقال مباشرةً إلى الخطة الاحترازية؛ إذ يجب تتبُّع المخالطين، وإخطار مسؤولي الصحة المحليين، وتنظيف المنطقة المتضررة، كما يجب أن تتضمن الخطة الاحترازية إشعاراً خطياً لإعلام الموظفين الذين يعملون على مقربة من الموظف المصاب دون الكشف عن هوية الموظف، ويجب أن يكون لدى رب العمل أيضاً إجراءات سريعة في إيقاف وإغلاق مكان العمل في حال وجود ارتفاع في أرقام المصابين أو نسبة انتشار الفيروس الذي قد يتطور أسرع مما نعتقد.
  • تحديث خطة الوقاية من الإصابات والمرض، والطلب من أصحاب العمل تضمين تدابير الوقاية من فيروس كورونا في برامج الوقاية من الإصابات والأمراض الخاص بالعمل (IIPPs).
  • تعويض العامل؛ حيث يحق للموظفين الحصول على تعويض إذا كانت نتيجة الفحص إيجابية.

يجب التفكير أيضاً في عدد الأشخاص الذين سيُسمح لهم بالدخول إلى المكتب، وكيفية تقسيم فترة العمل بين المنزل والمكتب.

إقرأ أيضاً: نصائح مهمة لخلق بيئة عمل آمنة وخالية من الحوادث

خطوات أخرى لإعادة فتح مكاتب العمل:

تتابع المختصة "روز"، "إذا رغب الموظفون في العمل من المنزل لأنَّهم لا يريدون العودة، أو وجب على رب العمل إعادة إغلاق مكان العمل لسببٍ أو لآخر، فيجب توفير بعض الأمور في مكان العمل"، مثل:

  • سياسة عمل مكتوبة بشكل واضح، تتضمن توقعات رب العمل ومطالبة الموظفين بالالتزام بتلك التوقعات.
  • قد يُطلَب تعويض الموظفين عن النفقات المتعلقة بالعمل، اعتماداً على مكان السكن والعمل.
  • تطبيق إجراءات السلامة للموظفين الذين يعملون من المنزل أمر هام؛ إذ يجب توفير مكاتب صحيحة هندسياً، وكراسٍ، ولوحات مفاتيح.
  • دفع الرواتب لجميع الموظفين.
  • اتباع نهج مدروس للذين لا يرغبون في العودة إلى المكتب.

إذا كانت الشركة تمتلك نشاطاً تجارياً مع الجمهور عامةً، فيجب نشر منشوراتٍ محلية يمكن رؤيتها وتوضيح السياسة والتوقعات، كما يمكن رفض خدمة العملاء الذين لا يمتثلون لإجراءات السلامة الوقائية، ويمكن فرض سياسة إدارة المخاطر للعملاء أيضاً.

3. إعادة تصميم المكتب باتخاذ إجراءات السلامة الموصى بها:

حتى مع وجود سياسات مكتوبة، لا يزال على رب العمل إعادة تصميم مكان العمل قبل إعادة فتحه إذا رغب في التأكد من أنَّ الفريق بحالة آمنة وصحية، وعلاوةً على ذلك، يجب اتباع التعليمات المحلية أو قوانين المحافظات، فقد يبدو الأمر منهِكاً؛ حيث إنَّ مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) كان قد وضع قائمة واسعة من المبادئ التوجيهية التي ينبغي أن يعتمد عليها مكتب العمل، فبدايةً، إذا لم يُستخدَم المبنى فترةً طويلة من الزمن، فيجب التحقق من وجود مشكلات في العفن أو القوارض والحشرات أو المشكلات الميكانيكية، ولا ننسى البحث عن المياه الراكدة، وضمان أنَّ أنظمة التهوية تعمل بشكل صحيح.

لتخفيض انتشار فيروس كورونا، يجب التركيز على:

  • تشجيع ممارسات الصحة والنظافة الشخصية من خلال تزويد كل موظف بالمطهرات والمناديل المعطَّرة، فضلاً عن وضع لافتات تذكيرية لغسل الأيدي مدة 20 ثانية على الأقل، وتغطية الفم بمرفق اليد عند السعال.
  • ممارسة التباعد الاجتماعي عن طريق وضع الكراسي على بُعد ستة أقدام عن بعضها بعضاً، كما يمكن تثبيت حواجز مادية، وتنظيم أوقات الوصول والمغادرة بحيث لا يدخل أو يخرج الموظفون معاً.
  • إعادة تصميم مناطق المشي بحيث يسير الجميع في اتجاه واحد.
  • عدم استخدام الأغراض التي نلمسها كثيراً، مثل أواني القهوة، واستبدالها بأدوات مغلفة أو أوانٍ بلاستيكية ذات استعمال لمرة واحدة.
  • إلغاء التجمعات الكبيرة والسفر غير الضروري.
  • تكثيف عمليات التنظيف والتطهير، ومطالبة الجميع بتنظيف أماكن عملهم في نهاية اليوم.

يقترح مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إشراك جميع الموظفين بتطبيق إجراءات السلامة، وذلك لضمان أن يكون الجميع على وفاق، كما يجب أن تُعقَد الجلسات التوعوية وورش العمل والتدريبات، بحيث يكون الجميع على بيِّنة من ممارسات السلامة في مكان العمل الجديد، ونصيحة إضافية: إذا لم تتوفر الأموال اللازمة للقيام بالكثير مما سبق، فيمكن إنشاء رأس مال جديد، على سبيل المثال: يمكن بيع المستلزمات المكتبية التي لا حاجة إليها، كما يمكن تلقِّي المساعدة من منظمات عدَّة مثل: إدارة الأعمال الصغيرة (Small Business Administration).

4. تطبيق الإجراءات الاحترازية لمراقبة الموظفين باستمرار:

توجد خطوة حاسمة أخرى يتعيَّن اتخاذها قبل إعادة فتح مكان العمل، وهي تنفيذ الإجراءات الاحترازية التي تتضمن مراقبة الفريق؛ حيث تشمل هذه الخطوة أموراً عدَّة:

  • تشجيع الموظفين المرضى على البقاء في المنزل، حتى لو لم يكن الموظف مصاباً بفيروس كورونا.
  • إجراء فحوصات صحية شخصية أو افتراضية يومياً.
  • رصد الغياب عن العمل وتقديم سياسات (جداول زمنية) أكثر مرونة للعطلة.
  • وجود خطط طوارئ إذا حصل الموظف على نتيجة اختبار إيجابية لفيروس كورونا.
  • الحفاظ على خطوط الاتصال مفتوحة مع الموظفين، وإنشاء واختبار قنوات اتصال الطوارئ للموظفين والسلطات الصحية الحكومية والمحلية.

5. ما هي الإجراءات في حال كانت نتيجة إصابة الموظف إيجابية؟

لا بُدَّ بدايةً من تنظيف وتطهير المنطقة التي كان موجوداً فيها، كما يجب وضع الموظف في الحجر الصحي إلى أن يُسمَح له بالمغادرة من قِبل طبيب أو مسؤول في الصحة العامة، وينبغي أيضاً عزل أيِّ موظف آخر كان على مقربة منه مدة 14 يوماً، ومن الهام بقاء جميع الموظفين على علمٍ بما يحصل، وإذا أعرب الموظفون عن مخاوفهم، فيمكن إغلاق المكتب مرة أخرى، حتى تظهر نتيجة فحص جميع الموظفين سلبية.

إقرأ أيضاً: هل العمل عن بعد هو طريق النجاح في المستقبل؟

6. تشجيع اليقظة والقيادة بالقدوة:

بعد بذل الكثير من الوقت في إعادة فتح المكتب، فهذا لا يعني أنَّ الأمور ستعود إلى طبيعتها؛ إذ إنَّنا لا نزال بحاجة إلى الحفاظ على روتين التنظيف والتطهير المنتظم، كما يجب مراقبة عدد حالات مصابي فيروس كورونا في مكان العمل، وإذا كان هناك ارتفاع، فيمكن استباق الأحداث وإعادة إغلاق مكان العمل، ولكن يجب التنويه إلى أنَّها مسؤولية الجميع، وحتى مع وجود هذه البروتوكولات، سيحتاج الموظفون إلى محاسبة أنفسهم.

يكتب مدرب الشركات والمؤلف "جوزيف غريني" (Joseph Grenny) لشركة "إتش بي أر" (HBR)، "الطريقة الوحيدة لإحداث التغيير والحفاظ عليه هو اعتماد سياسة المحاسبة؛ إذ يجب أن يفهم الموظفون أنَّ مسؤولياتهم لا تقتصر على تطبيق الممارسات الآمنة بأنفسهم وحسب؛ بل عليهم ضمان تطبيق الجميع للتعليمات"، وبالإضافة إلى المحاسبة، فيجب تطبيق الإجراءات من خلال الاقتداء بالقادة، وإذا كان رب العمل لا يمارس الاحتياطات مثل التباعد الاجتماعي أو ارتداء الكمامة، فلن يقتدي به فريق العمل.

يوصي "غريني" أيضاً، باستخدام الرسائل التي تحتوي على عبرة لتوعية الموظفين بمخاطر عدم الامتثال للتعليمات، من خلال سرد قصص عن المتضررين"، وأخيراً، خلق ثقافة الشفافية بين الموظف ورب العمل، بحيث لا يُعاقَب الموظفون إذا تعرضوا لأعراض فيروس كورونا، أو إذا لم يرتاحوا للبقاء مع الآخرين، كما أنَّ من المقبول تذكير الآخرين بسياسات مكان العمل الجديدة إذا لاحظوا أنَّ شخصاً ما لا يتَّبعها.

المصدر




مقالات مرتبطة