ما هي القوة الخارقة التي تميز رواد الأعمال الناجحين؟

إنَّ إطلاق شركة وتنميتها وتشغيلها عبارة عن تحدٍ تواجه فيه يومياً عقبات جديدة لم تتدرب على تخطيها من قبل، وتحتاج إلى معالجة مشكلات قد لا تمتلك المهارات اللازمة للتعامل معها بعد؛ حيث تَسلُب الضغوطات والشكوك العديد من أصحاب الإمكانات من الثقة للسعي نحو أهداف عظيمة، ولكنَّ حصول ذلك ليس حتمياً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدير التنفيذي "تود هيرمان" (Todd Herman) والذي يُحدِّثنا فيه كيف يستطيع روَّاد الأعمال استثمار مهارة فطرية يملكونها جميعاً ليتسموا بالثقة ويتخطوا مخاوفهم.

أنت تملك مهارةً فطرية تسمح لك التنقل في عالمك كرائد أعمال بجرأة ومهارة، وهي ممارسة يطبقها الناجحون منذ آلاف السنين، فتلك الممارسة هي تغيير هويتك لتتوافق مع صفات شخص أو شيء آخر يمكن له تحقيق النتائج التي ترغب فيها بسهولة أكبر، وتدعى "الأنا الأُخرى" (alter ego).

تستخدم المطربة الشهيرة "بيونسيه" (Beyonce) شخصية "ساشا فيرس" (Sasha Fierce) كـ "أنا أخرى"، واستخدم لاعب كرة السلة "كوبه" (Kobe) شخصية "بلاك مامبا" (Black Mamba)، حتى الزعيم الأمريكي "مارتن لوثر كينغ الابن" (Martin Luther King Jr) استخدم "الشخصية المميزة" (Distinguished Self) التي اختلقها حين يرتدي نظارات لكتابة خطاباته؛ أي كان التواصل مع الأنا الأخرى أداةً يستخدمها الناجحون لسنوات لتخطي العوائق الطبيعية التي تحاول منعهم من التقدم، وهي أداة أستخدمُها منذ أكثر من عقد.

إقرأ أيضاً: 5 خرافات متداولة حول ريادة الأعمال

خلال الأعوام الستة عشر الماضية ساعدتُ آلاف الرياضيين والقادة والشخصيات العامة على تطوير الأنا الأخرى لمتابعة سعيهم متحلين بالقوة الذهنية، حتى أنَّني ألَّفتُ كتاباً عن الموضوع باسم "تأثير الأنا الأُخرى" (The Alter Ego Effect)، وكانت أعظم مكافأة على جهودي هي مراقبة الناس يكشفون عن شخصيتهم الحقيقة التي أخفَتها سنوات من الشك بالذات والافتقار إلى الثقة أو الخوف؛ ولهذا سأشارك هنا 3 خطوات أساسية لمساعدتك على تفعيل الأنا الأخرى في عالم الأعمال والتغلب على قلقك وشكوكك وخوفك:

1. تطوير أنا أخرى للدور أو المجال المحدد في حياتك:

لأنَّنا نتحدث عن عالم الأعمال فهذه الخطوة مفروغ منها، لكنَّها هامة لأنَّك تملك أكثر من شخصية واحدة تظهر كل منها في أدوار مختلفة، سواء كرائد أعمال أم مندوب مبيعات أم والد أم صديق أم أي دور آخر هام بالنسبة إليك، ومن الهام فهم هذا النموذج لأنَّك حين تبدأ بالنظر إلى نفسك كشخص له جوانب عدَّة لتقدِّمها في الحياة، فأنت تمهد الطريق لاستثمار الطاقة الكامنة لهذا المفهوم الطبيعي.

كما أنَّ تعريف نفسك على أنَّك تملك جانباً واحداً خاطئاً لأنَّه يكبح إمكاناتك، فإنَّ تطوير أنا أُخرى لحياتك بأكملها هو قيد أيضاً يصعب الإفلات منه، لكن حين تطوِّر شخصيةً لتساعدك على إطلاق العنان لصفاتك وإمكاناتك مصممة لتساعدك في دور محدد أو مجال معيَّن، فأنت تُعِدُّ نفسك للنجاح.

شاهد بالفديو: كيف تصبح رائد أعمال؟

2. العثور على أنا أُخرى مناسبة لك:

اسأل نفسك مَن هو الشخص أو ما هو الشيء الذي يُمثِّل الصفات التي تُثير إعجابك؟ وما هي الشخصية التي تود أن تُجسِّدها في دورك كقائد لشركتك؟ أو إذا كنتَ تشعر بالتوتر في ظروف محددة، فأي شخصية أُخرى ستُفيدك في ذلك الوضع؟ يمكن أن تكون الأنا الأخرى لديك أي أحد أو شيء يُبرز فيك عزيمة ومهارة وإبداعاً لم تعلم بوجودها، على سبيل المثال: أحد عملائي يدير شركةً استثمارية كبيرة في "نيويورك" ويُجسِّد خصائص وسمات شخص يلهمه ليكون قائداً أفضل، وذلك الشخص هو جدَّتُه.

ربَّت جدَّتُه أربع أولاد بمفردها وكبروا ليقودوا حياة مهنية ناجحة، بينما عانى عميلي من كونه رب عمل صعب المراس يتنمر على من حوله، وكان معدل دوران العمالة تحت قيادته مرتفعاً لدرجة أنَّه تسبَّب في مشكلات تنظيمية كبيرة؛ لكن حين عثر على مصدر إلهامه الجديد للجانب الذي سيُقدِّمه كقائد، تغيَّر سلوكه بالكامل، فأصبح صبوراً وعادلاً وحازماً، كما كانت جدته تماماً.

إقرأ أيضاً: فكرتان تساعدانك على تحمل المسؤولية وإحراز النجاح

3. العثور على طريقة لتفعيل الأنا الأخرى الجديدة وتجسيدها:

يتطلب هذا الاستفادة من ظاهرة نفسية تدعى "الإدراك الكسائي" (enclothed cognition)، وهي ظاهرة طبيعية في الذهن البشري؛ حيث تعطيك الملابس التي ترتديها الأهمية، على سبيل المثال: حين ترى شخصاً مرتدياً معطف الطبيب، فإنَّك تنسب إليه تلقائياً سمات وصفات معيَّنة، وإذا ارتديتَ المعطف أنت، فسوف تغيِّر سلوكك حيث "تكتسي" السمات المعرفية التي تعتقد أنَّها مرتبطة بمعطف الطبيب، ويستخدم معظم الأشخاص هذه الحيلة ليصبحوا تلقائياً أكثر تفصيلاً ومنهجية وحذراً في تصرفاتهم، تماماً كما فعل "مارتن لوثر كينج" حين كان يرتدي النظارات كوسيلة لتنشيط شخصيته المتميزة وتجاوز المخاوف التي تمنع تقدُّمه.

في حين لا يمكنك التجول مرتدياً زي شخصية "باتمان" (Batman) في العمل لتتصرف كبطل مثله، لكن يمكنك العثور على قطعة ملابس أخرى لمساعدتك على تمثيل وتجسيد الأنا الأخرى، على سبيل المثال: ترتدي إحدى عميلاتي سواراً تستخدمه لتنشيط شخصية "المرأة الخارقة" (Wonder Woman) في داخلها حين تحتاج إلى تقديم أداء مرتفع المستوى، بينما استلهمَت عميلة أخرى من شخصية "زيفا ديفيد" (Ziva David) في البرنامج التلفزيوني "إن سي آي إس" (NCIS) واشترت سترةً جلدية ترتديها في أثناء مكالمات المبيعات لتنشيط الصفات الجريئة داخلها، وعلى نحوٍ مماثل يمكن أن يكون رداء الحظ بالنسبة إليك أي شيء، لكن عندما ترتديه يجب أن تحترم الشخص أو الشيء الذي يلهمك لتجسده.

يقف روَّاد الأعمال على حدود منطقة راحتهم دائماً، فيأخذون طوال الوقت قرارات صعبة أو يضعون أنفسهم في مواقف تنطوي على مخاطر؛ مما قد يدفع الكثيرين للانسحاب، لكنَّك تملك بالفعل طريقةً فعالة للاستفادة من خيالك الإبداعي وتقديم نفسك بثقة وهدوء وثبات.

المصدر




مقالات مرتبطة