ما هو التفكير الاستراتيجي؟ ولماذا يحتاجه القادة؟

تُعدُّ القدرة على التفكير استراتيجياً واحدةً من أهمّ سمات القيادة التي يجب على القادة امتلاكها، وهي السمة التي تجعل القائد فعّالاً، والتي أثبتت الدراسات أنَّها تؤثر على مدى جودة التنظيم المؤسسي في المنظمة، إضافةً إلى كونها واحدةً من أبرز المهارات للأدء القيادي المتميّز؛ فقد وجدت دراسةٌ أجرتها مجموعة أبحاث الإدارة لعام 2013 (MRG) أنَّ التفكير الاستراتيجي كان أهمّ سمةٍ قياديةٍ لبناء تصورات "النجاح" و"الفعالية" في مكان العمل. وقد تجاوزت أهميته كمهارةٍ أهميّة مهارة التواصل -التي تحدثنا عنها في مقال سابق نُشرا على موقع النجاح نت بعنوان "كيف تنجح في التواصل المثمر مع الآخرين؟"- بمقدار الضعف. بمعنى آخر، يقّدر الموظفون عالياً القادة الذين يتطلّعون إلى المستقبل ولا يركزون فقط على حلّ مشكلات اليوم وينشغلون بها. إنهم يبحثون عن القادة الذين يخططون قدماً، ويستكشفون ما يجب عليهم فعله اليوم وغداً وعلى مدار السنوات القادمة للوصول إلى رؤية المؤسسة.



يتضح من خلال برنامج التوجيه الشخصي المسمى (Everwise) أنَّ التفكير الاستراتيجي مهارةٌ مطلوبةٌ بشكلٍ كبيرٍ جداً من قبل الموظفين؛ فهي ثالث أكثر مجالات التركيز المطلوبة بين حوالي 10,000 مشارك في البرنامج المذكور.

كما تؤكد الأبحاث الحديثة للمؤلفين "كارول" و"موي" على أهميّة التفكير الاستراتيجي ليس فقط على المستوى الشخصي، بل على المستوى المؤسسي أيضاً. حيث درس المؤلفان 750 حالة إفلاس شركات بأصول لا تقل عن 500 مليون دولار بدءاً من عام 1981، ووصولاً إلى عام 2005، مع التركيز على الربع الأخير للسنة الماليّة قُبيل الإفلاس.

كشفت الدراسة والتحليل الذي صاحبَ ذلك؛ أنَّ السبب الأول لإفلاس الشركات فيما يقرب من 50٪ من الحالات كان بسبب انتهاج استراتيجية سيئة. والذي يدعو إلى الاستغراب ويحتاج إلى التأمل أنَّ معظم حالات الإفلاس –التي كان بالإمكان تجنبها– سببها سوء الاستراتيجيات بداية وليس التنفيذ السيء، إذ ستتعرض المؤسسات التي لا يقدر قادتها على التفكير استراتيجياً اليوم، إلى الاختفاء من السوق غداً.

ما هو التفكير الاستراتيجي؟

يعّرف التفكير الاستراتيجي على أنَّه إنشاء وتطبيق رؤية متجددة لتحقيق ميزة تنافسية.

فيما تعرفه الباحثة ليديكا (Lihedtka) بأنَّه: التفكير ذات السمة الشمولية بمحتوى وخصائص استراتيجية.

بينما يرى آخرون بأنَّ التفكير الاستراتيجي كمصطلح لم يُحسم بعد، وأنَّه منهجٌ وصفيٌّ وليس نماذج علميّة رياضية قابلة للتطبيق في المؤسسات مثل نماذج التخطيط الاستراتيجي.

إضافة إلى ذلك، يسعى التفكير الاستراتيجي إلى إيجاد مستقبلٍ جديدٍ ومبدعٍ ومختلفٍ للمؤسسة تعيد بها النظر في صلب استراتيجيتها، بينما يركّز التخطيط الاستراتيجي على تحويل الرؤية المؤسسية إلى خطة عملٍ لتحقيق الأهداف والغايات. فارِق رئيس آخر هام بين التفكير الاستراتيجي والتخطيط الاستراتيجي هو أنَّ الأول يحدث بشكلٍ منتظم، كجزءٍ من أنشطتنا اليوميّة بوعيٍ وبغير وعي أحياناً، بينما يحدث الثاني بشكلٍ دوريٍّ في إطارٍ من الرسميّة والبيروقراطية.

على عكس المهام الإضافية التي تتبع عمليّة التخطيط الاستراتيجي، يمكننا أن ننظر إلى التفكير الاستراتيجي بكونه استخدام عدسة جديدة لعرض ومراجعة الأعمال. الأمر لا يتعلّق بإضافة المزيد من المهام، وإنَّما بتعزيز رؤية العمل وتحسين قدرة الفرد على أدائه.

إقرأ أيضاً: المسميات الوظيفية الخاصة بالمناصب القيادية ومسؤولياتهم

هل كافة القادة على مستوى واحد من التفكير الاستراتيجي؟

لنأخذ البحث الذي أجراه "ريتش هورواث" (Rich Horwath) بين كبار المديرين من 154 شركة وحدّد بناءً عليه أربعة أنواع من المفكرين الاستراتيجيين. أُجرِيَ البحث بناء على معيارَين لتوفير رؤية استراتيجية هما: "تأثير الرؤية الثاقبة" و"تكرار الرؤية الثاقبة". استخدم الباحث تشبيه الغوص تحت الماء لتقريب المعنى. حيث صنف القادة بناء على ذلك إلى أربعة أنواع من المفكرين الاستراتيجيين:

  • النوع الأول: متسكعو الشواطئ (Beach Bums)، عقل هذا القائد مستريحٌ تماماً ولا يساهم بأيّ أفكارٍ استراتيجيّةٍ تؤدي إلى نتائج على المدى البعيد؛ مثل بعض رواد الشاطئ الذين يستمتعون بمنظر البحر دون النزول فيه.
  • النوع الثاني: الغواصون الهواة (Snorkelers)، يرى هذا النوع من القادة الجزء الظاهري من التحديات ويناقشها بسطحيّة ولا يستطيع التعمّق فيها. فهو أوّل من يلوح بيده في الهواء ويقول "لدينا مشكلة" لكن لا يُقَدّم أيّ حلولٍ مناسبة.
  • النوع الثالث: الغواصون المدرَّبون (Scubas)، عندما يتمّ تزويد هؤلاء القادة بالأدوات والتعليمات الصحيحة، يمكنهم التوصل إلى نظرةٍ استراتيجيّةٍ لعمل المؤسسة. هذا النوع من القادة يحتاجون أن يستكملوا المعارف والمهارات ويمتلكوا الأدوات التي تمكّنهم من التعمق في التحديات والأعمال وتقديم حلول استراتيجية وفعّالة.
  • النوع الرابع: الغواصون المتمرسون (Free Divers)، والذين يمكنهم الغوص تحت الماء حتى عمق 800 قدم في نَفَسٍ واحد. يقوم هؤلاء القادة بتوليد أفكار جديدة وفعّالة للأعمال بشكلٍ منتظم. يظهر البحث أنَّ ثلاثةً فقط من بين كلّ عشرة مدراء يتمتّعون باستراتيجية الغواصين المتمرسين القادرين على التفكير بشكلٍ استراتيجيٍّ وفعّال.

قد يبدو من البديهي للقارىء أنَّ الذي يقف في طريق القائد ليصبح غواصاً متمرّساً هو امتلاك المعرفة والأدوات الكافية والتقنيات المناسبة للتفكير بشكلٍ استراتيجي. رغم أنَّ هذه التحديات تمثل جزءاً هاماً، إلا أنَّ هنالك سببٌ خفيٌّ وحيوي؛ فالتفكير الاستراتيجي والاستراتيجية بطبيعتها محفوفةٌ بالمخاطر وتتطلّب شيئاً من الشجاعة لخوضها. لذا يقرّر العديد من القادة البقاء في منطقة الأمان والابتعاد عن المجازفة في الحياة العملية. ففي معظم المؤسسات التقليدية، يُعاقَبُ من يجروء على المجازفة ويفشل عقاباً أقسى بكثير ممن يتغافل عن ذلك. ونقصد بالتغافل هو عدم المجازفة وتفويت فرصة عظيمة على المؤسسة. فعادةً ما يكون لهذه المجازفات تداعيات وخيمة على سمعة القائد وترقيته الوظيفية داخل الشركة، وغيرها من التبعات. لذا يختار العديد من القادة تجنّب تبعات التفكير الاستراتيجي عمداً.

وهذا ما أشار إليه "روبرتو غويزيتا" (Roberto Goizueta)، الرئيس التنفيذي السابق لشركة كوكا كولا بقوله: "إن أقبلت على المجازفة، فقد تفشل. وإن لم تجازف، فستفشل بكلّ تأكيد. إن أكبر خطرٍ على الإطلاق هو عدم القيام بأيّ شيء".

إذاً، التفكير الاستراتيجي له تبعاته ومخاطره أيضاً.

ما هي عناصر التفكير الاستراتيجي؟ وهل يمكن نظمه في نموذج؟

أشارت الباحثة ليديكا (Lihedtka) في مقالتها حول التفكير الاستراتيجي إلى 5 عناصر أساسية في هذا السياق:

1- منظور الأنظمة (Systems Perspective): وهو جعل التفكير الاستراتيجي جزءاً أساسياً من الأنظمة الداخلية والخارجية؛ فالمفكر الاستراتيجي لديه تصورات للنماذج العقليّة لعمل النظم لخلق القيمة المتوخاة ويفهم الترابط الداخلي بينها. والأهمّ من ذلك أنَّه يتصرّف بناءً على هذه الأنظمة، دون أن يصبح أسيراً لها. لقد وصف بيتر سينج (Peter Senge) قوّة النماذج الذهنيّة في التأثير على سلوكاتنا قائلاً: "تفشل الأفكار الجديدة في التطبيق لكونها تتعارض والصور الذهنية الراسخة في عقولنا حول كيفية عمل العالم. إذ تحصر هذه الصور قدراتنا في طرائق التفكير المألوفة، وتدفعنا إلى التصرف بناء عليها". لذا لا ينبغي للقائد الاستراتيجي أن يمسي أسيراً للصور الذهنية الراسخة في عقله حول العالم والأنظمة التي يعمل العالم من خلالها.

2- التركيز على الغاية (Intent Focus): التفكير الاستراتيجي هو الدافع وراء الغاية. أحدث كُلاً من "هامل" و"براولاد" ثورةً في تفكيرنا حول الاستراتيجية: "القصد الاستراتيجي هو مصطلحنا لمثل هذا الحلم المفعم بالحيوية. فهو يتضمّن وجهة نظرٍ محدّدة حول أداء السوق على المدى الطويل أو المركز التنافسي الذي تأمل الشركة في بنائه على مدار العقد القادم أو نحو ذلك. وإنَّه بالتالي، يبني شعوراً بالتوجه المطلوب الذي يجب أن تتخده المؤسسة، كما ينطوي على وجهة نظر فريدة من نوعها حول المستقبل، ويَعِدُ الموظفين باستكشاف مناطق تنافسية جديدة، ويبعث فيهم الأمل حول قادم الأمور".

يشير عالم النفس الاجتماعي (Csikszentmihalyi) على قوّة التركيز على الغاية والذي يحقق للأفراد حالة من الأداء المتميز الذي يسميه "التدفق" أو"الطاقة النفسية" حيث يشرح ذلك قائلاً: "يمكننا تركيز الانتباه مثل حزمة الضوء، أو نشرها في حركات عشوائية متناثرة. يسمح التركيز على الغاية للأفراد داخل المؤسسة بتنظيم طاقاتهم وتفعيلها وتركيز الانتباه ومقاومة الإلهاء. قد تكون هذه الطاقة النفسية هي المورد الأكثر ندرةً في المنظمة، ولن ينجح إلا أولئك الذين يستخدمونها بأكبر قدرٍ من الكفاءة. وبالتالي، فإنَّ التفكير الاستراتيجي يهتمّ بشكلٍ جوهريٍّ بتشكيل التركيز على الغاية"، (منقول بتصرف).

إقرأ أيضاً: ملخص كتاب "قوة التركيز" للمؤلف جاك كانفيلد – الجزء الأول

3- التفكير في الوقت المناسب (Thinking in time): إنَّ السؤال الاستراتيجي ليس فقط: "كيف يبدو المستقبل الذي نريد بناءه؟"، إنَّه أيضاً "بُعدُ رؤية المستقبل الذي نريد تحقيقه، وما الذي يجب أن نحافظ عليه من ماضينا، ونستغني عنه من ذلك الماضي ونخلقه في حاضرنا للوصول إلى هناك؟ يوضح "نيوستادت" و"مايو" (Neustadt and May): "التفكير في الوقت (لديه) ثلاثة مكونات:

  • أولاً: الاعتراف بأنَّ المستقبل ليس له مكانٌ يمكن أن يأتي منه إلا الماضي، وبالتالي فإنَّ الماضي له قيمة تنبؤية عالية.
  • ثانياً: الاعتراف بأنَّ ما يهمّ في بناء المستقبل في الحاضر هو الخروج من عباءة الماضي وإجراء التغييرات المناسبة للانطلاق إلى المستقبل.
  • ثالثاً: المقارنة المستمرّة ومراقبة التغييرات بين الماضي والحاضر إلى المستقبل، مع مراعاة التغييرات المرتقبة".

إن التفكير في الوقت المناسب، يستخدم كلاً من ذاكرة المؤسسة وسياقها التاريخي الواسع للتفكير ملياً في خلق مستقبلها. وهذا يتطلّب قدرةً على اختيار واستخدام القياس المناسب من تاريخه وتاريخ الآخرين، وكذلك التعرّف على الأنماط في هذه الأحداث، هذا التذبذب بين الماضي والحاضر والمستقبل ضروري لصياغة الإستراتيجية وتنفيذها.

4- اقتناص الفرص بذكاء (Intelligent Opportunism): يجب أن يوجد مجالٌ دائمٌ للاقتناص الذكي للفرص التي لا تؤدي إلى الريادة في الاستراتيجية المقصودة فحسب، بل وتفسح أيضاً مجالاً لظهور استراتيجيات جديدة ناشئة.

في كتابه عن دور "التنافر الاستراتيجي" في عملية وضع الاستراتيجية في شركة إنتل، سلط "روبرت بورجلمان" (Robert Burgelman) الضوء على المعضلة التي ينطوي عليها استخدام استراتيجية واضحة لتوجيه الجهود التنظيمية بفعالية وكفاءة، ضد مخاطر فقدان الاستراتيجيات البديلة. فعنصر الاقتناص الذكي أكثر ملاءمةً للبيئة المتغيرة؛ وهذا يتطلّب أن تكون المنظمة قادرةً على ممارسة "الاقتناص الذكي" في المستويات الأدنى، مثلها مثل المستويات العليا. لذا نجده يقول: "أحد المظاهر الهامّة لمقدرة الشركات هو مقدرة كلٍّ منها على التكيف دون الاضطرار إلى الاعتماد على البصيرة الاستثنائية للإدارة العليا".

5- العمل بناءً على الفرضيات (Hypothesis-Driven): يُعرَّفُ التفكير الاستراتيجي بكونه عمليّةً تعتمد على الفرضيات. إنَّه إنعكاسٌ للطريقة العلميّة في التفكير، والتي تتعامل مع توليد الفرضيات واختبارها. قد يبدو هذا العنصر أكثر غرابةً بالنسبة إلى مديري الأعمال من العناصر الأخرى في التفكير الاستراتيجي التي جرت مناقشتها. ومع ذلك، في بيئةٍ تزدادُ المعلومات فيها باستمرار ويتناقص فيها وقت التفكير، فإنَّ القدرة على تطوير فرضيات جيدة واختبارها بكفاءة أمرٌ بالغ الأهمية. إنَّ العمل بشكلٍ جيّدٍ مع الفرضيّات كفاءةٌ أساسيّةٌ لأفضل شركات الاستشارات الاستراتيجية.

معرفتنا لعناصر التفكير الاستراتيجي هامة، ولكن لتحقيق أقصى قدر من الاستفادة من موارد المؤسسة ونموّ أعمالها بشكلٍ مربح، يوجد ثلاثة تخصصات للتفكير الاستراتيجي يمكنك تطويرها لتأسيس الأعمال بناءً على استراتيجية قوية.

تخصّصات التفكير الاستراتيجي:

  1. الفطنة الاستراتيجية: الفطنة بالأفكار الرئيسية التي تقود الأعمال.
  2. تخصيص الموارد: تركيز الموارد المحدودة بذكاءٍ وفاعلية.
  3. التنفيذ الدقيق للاستراتيجية: تنفيذ استراتيجية تحقيق الأهداف.

1. الفطنة الاستراتيجية:

واحدةٌ من مفارقات الاستراتيجية المثيرة للاهتمام هي أنَّه من أجل رفع مستوى تفكير القائد ليصل إلى القدرة على رؤية "الصورة الكبيرة"، يجب على المرء أولاً الغوص في عمق القضايا للكشف عن الفطنة. تُعرَّف الفطنة الاستراتيجية بأنَّها: "فكرةٌ جديدةٌ تجمع بين عنصرين أو أكثر من المعلومات للتأثير على النجاح الكلّي للشركة، وتؤدّي إلى ميزةٍ تنافسيّةٍ تسبق بها غيرها من المؤسسات".

يوضح "جبل الجليد" ظاهرةً عالميّةً عندما يتعلّق الأمر بالفطنة الاستراتيجية. ولتقريب الفكرة فإنَّنا نستخدم نموذج جبل الجليد؛ فإن كانت قمة جبل الجليد تمثل مجموعة الأفكار الخاصة بسوقٍ معين، فغالباً ما تقاتل الشركات بعضها بعضاً للوصول إلى الفطنة التي تمثلها قمة جبل الجليد. هذه المنافسة تحدث فوق سطح الماء وعلى مرأى من الجميع، ولا تتطلّب -هذه الفطنة- أيّ جهدٍ إضافيٍّ لاكتسابها، أو تستحق تفكيراً حقيقياً؛ نظراً لأنَّها متوفّرةٌ في السوق وعلى السطح. تفقد هذه الأفكار التي تمثل قمة جبل الجليد قيمتها بسرعةٍ عندما يتعلّق الأمر بتطوير استراتيجية مبتكرة وعميقة تحقق ميزة تنافسية. وتكون مُخَبّأة تحت السطح، وتشكل الجزء الأكبر من جبل الجليد الذي يتطلّب الفطنة. لا يشير الحجم الكبير للجزء تحت الماء إلى عددٍ كبيرٍ من الأفكار؛ وإنَّما إلى التأثير الأكبر لهذه الفطنة على النشاط التجاري إن جرى تبنّيها والعمل عليها.

2. تخصيص الموارد المناسبة:

بمجرد تحقيق الفطنة الاستراتيجية والتعرف على الأفكار الأكثر تأثيراً في مجال الأعمال، تكون الخطوة التالية اتخاذَ قراراتٍ دقيقة لتخصيص الموارد المناسبة. ويمكن وصفها: بـ "التخصيص الذكي للموارد المحدودة في المؤسسة". يدخل تخصيص الموارد في صميم الاستراتيجية، وفي حين أنَّه يوجد استراتيجية مكتوبة بدقة على الورق في كثيرٍ من المؤسسات، فإنَّ الحقيقة هي أنَّ الاستراتيجية الفعليّة للمنظمة تنتج عن القرارات الصارمة التي يتخذها القادة يومياً في تخصيص الموارد. لذا يكون من الضروري أن يمتلك القائد فهماً راسخاً للموارد المخصصة لتحقيق الاستراتيجية وتعظيمها بشكلٍ مستمر. وفي ظل إفلاس شركات بمليارات الدولارات مثل "الخطوط الجوية المتحدة" و"جنرال موتورز"، يكون من الواضح في سوق اليوم أنَّ العامل الحاسم يكمن في التخصيص الذكي للموارد وليس امتلاك معظمها.

إقرأ أيضاً: 3 أمور يجب على المدراء التنفيذيين التوقف عنها

3. التنفيذ الدقيق:

غالباً ما يُفترض أنَّه وبمجرد صياغة استراتيجية سليمة، فإنَّ تنفيذها يتطلّب قيام مسؤولٍ بتنفيذ الجزء المطلوب منه بدقة. بيد أنَّ الدراسات والأبحاث تشير إلى خلاف ذلك؛ فقد أظهرت دراسةٌ استقصائيّةٌ لأكثر من 400 شركة أنَّ 49% من قادة الأعمال يبلّغون عن وجود فجوةٍ بين قدرة مؤسستهم على صياغة رؤية استراتيجية، وفاعليتها في تنفيذ تلك الرؤية. والمدهش أنَّ 64% من المديرين التنفيذيين لا يعتقدون أنَّ منظمتهم لديها القدرة على سدّ هذه الفجوة. يتضمن الإجراء الفعال أو تنفيذ الاستراتيجية الانضباط والتركيز على القضايا الهامة، وليس القضايا الملحّة التي يطفحُ بها بريدنا الإلكتروني كلّ يوم.

بصراحةٍ كلّ هذه التقنيات هامة، ولكن الأهم هو أنت أيها القائد. ولسوء الحظ؛ تشير بعض الأبحاث أنَّ 90٪ من القادة والمديرين التنفيذين ونواب الرؤساء لم تُتَح إليهم قَطُّ أيّ فرصٍ لتعلّم التفكير الاستراتيجي. ونقول لهؤلاء وغيرهم ممن يُعدِّون العدة ليكونوا قادة المستقبل: "تتغير بيئة الأعمال بسرعة، ولابدَّ أن يتطلع القائد إلى المستقبل باستمرار، ويدرب نفسه على عناصر واستراتيجيات التفكير الاستراتيجي إن أراد أن يكون له موضعُ قَدَمٍ في صناعة المستقبل". يميز التفكير الاستراتيجي صاحبه بأنَّ لديه القدرة على بناء الغايات والفطنة الاستراتيجية لوزن الأمور وتحليل البينات وتفسيرها بما يخدم المؤسسة؛ وبذلك يصنع المستقبل عبر اتخاذ خيارات استراتيجية وتخصيص الموارد والامكانات بكفاءة؛ فهو أهمّ موارد المؤسسة وأثمنها.

 

المراجع:




مقالات مرتبطة