يعد المعدل المتزايد للتغيير في بيئة الأعمال عنصراً جوهرياً في هذا التركيز الجديد على الزعامة فما كان منتظراً من المدراء سابقاً كان يتمثل فى الحفاظ على الوضع الراهن من أجل ضمان الاستمرار، إلا أنّ قوى جديدة ظهرت في السوق فرضت ضرورة التوسع في هذه الرؤية الضيقة، فقادة الغد الجدد ذوو قدرة على الرؤية المستقبلية والتخيّل الصحيح وهم متعلمون ومعلمون في آن واحد، فهم لا يرون التغيرات الجوهرية في المجتمع فقط، ولكن لديهم حسّاً أخلاقياً عالياً كما يعملون على بناء مؤسساتهم على أساس من القوة والتماسك.
لقد وضع رايموند كاتل -الرائد في مجال تقويم الشخصية- معادلة "القدرات الكامنة للقيادة" في سنة 1945م. تُستخدم هذه المعادلة التي قامت على أساس دراسة القادة العسكريين في تحديد السمات التي تميّز القائد الناجح، وتشتمل تلك السمات على الآتي:
1- الاستقرار العاطفي:
لابدّ للقادة الناجحين من أن تكون لديهم القدرة على تحمّل الإحباط والضغط العصبي، وبشكل عام لابد أن يكونوا متّزنين ويتمتّعون بالنضج النفسي المطلوب للتعامل مع ما تفرض عليهم الظروف مواجهته.
2- التماسك والثبات:
عادةً ما يكون للقادة روح تنافسية وقادرين على اتخاذ القرار كما يتمتعون عادة بالمقدرة على تخطي العقبات، وهم بشكل عام أقوياء في طريقة تفكيرهم وفي أسلوبهم في التعامل مع الآخرين.
3- الحماس:
عادةً ما يكون القادة نشطين ولديهم القدرة الكافية للتعبير عن النفس بشكل جيد، ويتميّزون بالحيوية، كما أنهم عادة ما يكونون شديدي التفاؤل ومتفتحون للتغيير، وهم بشكل عام يتمتعون بالسرعة واليقظة ولا يميلون إلى الانزواء.
4- الضمير:
دائماً ما يسيطر على القادة حساً بالمسؤولية، كما تميل شخصيتهم إلى العدل، وعادةً ما يكون لهم معيار امتياز عال ورغبة داخلية في بذل أفضل الجهد، ومن ناحية أخرى فهم يحتاجون إلى النظام ويميلون إلى ضبط أنفسهم.
5- الجرأة الاجتماعية:
يميل القادة إلى المجازفة بشكل تلقائي، وعادة ما يكونون عنيفين ولا يخضعون للمؤثرات بسهولة. وهم بشكل عام يستجيبون للآخرين ولديهم عزيمة نفسية كبيرة.
6- رباطة الجأش:
القادة أشخاص عمليون ومنطقيون ومحددون ويميلون إلى انخفاض درجة ارتباطاتهم العاطفية، كما أنهم لايشعرون بالحرج من النقد، ولا تستخفهم ولا تستفزهم المصاعب، ويتميزون بالتماسك بشكل عام.
7- الثقة بالنفس:
تعد الثقة بالنفس والقدرة على الاستمرار من أكثر السمات شيوعاً بين القادة، فهم لا يشعرون بالذنب ولا يحتاجون إلى رضا الآخرين عنهم بتاتاً أو إلى القليل منه، وهم بشكل عام يشعرون بالأمان ولا يعانون من الشعور بالذنب كما أنهم لا يتأثرون بالأخطاء أو الزلات السابقة.
8- القدرة على الإلزام:
مما يميّز القادة تماسكهم ودقّتهم في تعاملاتهم الاجتماعية، وهم بشكل عام يعملون على حماية تماسك شخصيتهم وسمعتهم، لذا فهم يميلون لأن يكونوا متنبّهين على المستوى الاجتماعي ومتمتّعين بقدر كبير من البصيرة وشديدي الحرص عند اتخاذ القرارات أو تحديد أعمال بعينها.
بالإضافة إلى هذه السمات لابدّ لقادة اليوم من امتلاك سمات تساعدهم على تحفيز الآخرين وقيادتهم نحو اتجاهات جديدة. يجب على قادة المستقبل أن يكونوا قادرين على تخيل المستقبل وإقناع الآخرين بأنّ رؤيتهم هى الأولى بالاتباع، ولكي يتمكنوا من تحقيق ذلك لابدّ أن بكون لهم السمات الشخصية الآتية:
-
طاقة عالية:
عادةً ما تكون ساعات العمل الطويلة وبعض السفر من شروط المناصب القيادية وعلى الأخص كلما أخذت شركتك في النمو، ويعد الحفاظ على اليقظة والتركيز العقبتان الأساسيتان اللتان تواجهان القائد.
-
الحدس:
تؤدي التغيّرات السريعة في عالمنا اليوم بالإضافة إلى الكمّ الهائل من المعلومات إلى عدم القدرة على "معرفة" كل شيء، بمعنى آخر لن يؤدي التفكير العقلاني والمنطقي بك إلى الحل في جميع الأحيان. في الواقع المزيد من القادة يتعلّمون قيمة الاعتماد على حدسهم والثقة في "شعورهم الداخلي" عند اتخاذهم القرارات.
-
النضج:
لكي تكون قائد جيد لابد أن تأتي السلطة الشخصية والاعتراف بقدراتك في درجة ثانوية لتطوير موظفيك. أي أن النضج يعتمد على الاعتراف بأن الكثير يمكن تحقيقه بتمكين الآخرين من العمل وليس بالتحكم فيهم.
-
العمل في فريق:
يولي قادة الأعمال اليوم الكثير من الاهتمام للعمل في فريق، فبدلاً من تأصيل علاقة تشبه العلاقة بين الشخص الكبير والطفل مع الموظفين يقوم القادة ببناء علاقة ندية مما يعزز من تماسك الفريق.
-
التعاطف:
تعدّ القدرة على "وضع نفسك في مكان الآخرين" من السمات الأساسية لقادة اليوم، فدون التعاطف لا يمكنك بناء الثقة، ودون الثقة لن تتمكن أبداً من الحصول على أفضل مجهود يمكن لموظفيك بذله.
-
جاذبية الشخصية:
تلعب الجاذبية الشخصية دوراً كبيراً في هذه الرؤية، فالقادة ذوو الشخصية الجذابة أقدر على إثارة المشاعر القوية في نفوس موظفيهم عن طريق تحديد رؤية توحدهم وتأسرهم في آن واحد، وباللجوء إلى هذه الرؤية يحفز القادة الموظفين على العمل حثيثاً للوصول إلى هدف مستقبلي وذلك بربط الهدف بمكافآت وقيم شخصية ملموسة.
وبشكل عام تلعب السمات الشخصية دوراً أساسياً في تحديد من سيتمكن من القيادة بشكل سلس ومن لن يقدر عليها، ولكن لابدّ لنا من أن نتذكر أنّ الناس دائمة التعلم والتغيّر.
نادراً ما يولد الأشخاص قادة (هذا إن كان هناك مثل ذلك الأمر) فالظروف والإصرار من المكونات الأساسية في عملية التطور لأي قائد، إذا كان هدفك أن تصبح قائد عليك العمل على تحسين جوانب شخصيتك التي تشعر أنها "ليست على المستوى." فعلى سبيل المثال إن كنت تعتقد أن لديك كل السمات الأساسية ولكنك لا تعتبر نفسك شخصية "اجتماعية" فلتحاول أخذ دورات أو قراءة كتب عن التعاطف، ومن ناحية أخرى إن كان التواصل مع الآخرين أمراً طبيعياً بالنسبة لك ولكنك تواجه مشاكل في اتخاذ قرارات منطقية حاول اكتساب بعض المعارف عن رباطة الجأش وكيفية اكتساب درجة أعلى من المقاومة النفسية، تذكّر فقط أنه يمكن لأي شخص القيام بأي عمل إن صمم عليه.
أضف تعليقاً