لماذا يعد الذكاء العاطفي مفتاح استمرارية الزواج؟

هل تعلم ما الذي يعنيه التأثُّر بالشريك؟ وكيف يحدث؟ ثمَّة مبدأ أساسي في فن القتال الياباني أيكيدو يسمَّى "التنازل من أجل الفوز"، وهو طريقة لاستخدام طاقة خصمك وأفعاله ضده للفوز بالنزال، بدلاً التغلب عليه بالقوة.



إذ يسمح لك هذا المبدأ بالحفاظ على الطاقة واختيار أكثر التكتيكات فاعلية وكفاءة، ولكنَّنا بالتأكيد لا نريدك أن تستخدم حركات أيكيدو مع شريك حياتك.

يعني التنازل من أجل الفوز أخذ وجهة نظر الشريك ومشاعره واحتياجاته في الحسبان عند اتخاذ الزوجين قرارٍ ما، والإنصات إنصاتاً حقيقيَّاً إليه، وتقديم التنازلات بحيث تشعران كلاكما بالرضى، ويشبه هذا في الواقع مبدأ "التنازل من أجل الفوز"، وهذا هو الهدف.

عندما يتعلَّم الأشخاص كيفية قبول تأثير شركائهم، والتوصُّل إلى حلٍّ يرضي الطرفين، تكون النتائج رائعة؛ ففي دراسة طويلة الأمد أُجريَت على 130 ثنائياً من المتزوجين حديثاً، تبيَّن أنَّ الرجال الذين يسمحون لزوجاتهم بالتأثير فيهم تكون حياتهم الزوجية أكثر سعادة وأقل عُرضة للطلاق.

رفض التأثير خطوة خطيرة:

في إمكان العلاقة الزوجية أن تنجو من لحظات الغضب والتذمُّر والنقد وحتى المشاعر السلبية التي تستمر فتراتٍ طويلة إذا تعامل الزوجان مع الخلافات تعاملاً صحيحاً ومحترماً، ومن الممكن أيضاً أن تزدهر العلاقة؛ وذلك لأنَّ الخلاف يوفر للزوجين فرصةً للنمو، لكنَّ الأزواج يواجهون المتاعب عندما يقابلون السلبية بالسلبية بدلاً من ترميم العلاقة للتخفيف من حدة الخلاف.

وكما قال "المهاتما غاندي" (Mahatma Gandhi): "سيجعل مبدأ "العين بالعين" العالم كله أعمى".

من الواضح أنَّ تبادل الاتهامات في أثناء الجدال لا يحل مشكلة، ولا يساعد على التوصل إلى حل وسط؛ وذلك لأنَّه لا يسمح للطرف الآخر بالمشاركة في عملية اتِّخاذ القرار، وتظهِر الأبحاث أنَّ 65% من الرجال يزيدون السلبية في أثناء الجدال؛ ممَّا يزيد الأمر سوءاً، وفي الواقع ثمَّة أربعة عناصر تشير إلى أنَّ الرجل يقاوم تأثير زوجته، وهي النقد، والدفاع، والازدراء، ورفض التعاون.

الهدف من هذا الكلام ليس إهانة الرجال أو التقليل من شأنهم، وعادةً لا يكون ذلك خطأً في الشخصية أو قصوراً إدراكياً، ولكنَّ معرفة ذلك تلفت انتباه الرجال إلى أنَّ ثمَّة بعض الغرائز والميول التي قد يُظهرونها دون أن يدركوا ذلك؛ لأنَّه ثمَّة بعض الاختلاف في تعامل الرجال والنساء مع النزاع، على سبيل المثال: الرجال أكثر عرضة لرفض التعاون، وكان حوالي 85% من رافضي التعاون في البحث رجالاً.

يتطلَّب نجاح الزواج بذل الجهود من كلا الطرفين، كما أنَّه من الضروري أن يحترم جميع الأزواج المبادئ الأساسية لعلاقاتهم، وتشير الأبحاث إلى أنَّ غالبية الزوجات - حتى في الزيجات غير السعيدة - يقمن بذلك بالفعل.

ولا يعني هذا أنَّ النساء لا يغضبن ويزعجن أزواجهن أبداً؛ ولكنَّه يعني أنَّ المرأة تميل إلى السماح لزوجها بالمشاركة في اتخاذ القرار من خلال أخذ رأيه ووضع مشاعره في الحسبان، ولكن تشير الأبحاث إلى أنَّ الرجال – للأسف – لا يردُّون الجميل.

يزيد رفض الرجال مشاركة أزواجهم احتمال انهيار الزواج بنسبة 81%؛ لذا أيها الرجال، حان الوقت للقبول بحلٍّ يرضي جميع الأطراف.

شاهد بالفيديو: أسس الذكاء العاطفي بين الزوجين

ما يمكن أن يتعلَّمه الرجال من النساء:

يقول بعض الأشخاص إنَّ الرجال من كوكب المريخ والنساء من كوكب الزهرة، وعلى الرغم من شيوع هذه المقولة، إلَّا أنَّها غير صحيحة؛ وذلك لأنَّنا جميعاً من الأرض ونمتلك الكثير من القواسم المشتركة أكثر مما نعتقد، ولكن يشعر الرجال والنساء عادةً بأنَّهم مختلفون عن بعضهم بعضاً.

قد يبدأ هذا الاختلاف من مرحلة الطفولة، فعندما يلعب الأولاد الألعاب، ينصب تركيزهم على الفوز وليس على عواطفهم أو على الذين يلعبون، وإذا أصيب أحد الأولاد، فقد يُتجاهَل ويُستبعَد من اللعبة، وقد ترى هذا في الرياضات الجماعية طوال الوقت؛ فعندما يُصاب أحد اللاعبين، ربما يأتي شخص ما للمساعدة على حمل اللاعب المصاب خارج الملعب، ولكنَّ اللعبة يجب أن تستمر.

وهذا هو الاختلاف؛ إذ يوضِّح الدكتور "جون غوتمان" (John Gottman) في كتابه "المبادئ السبعة للزواج الناجح" (The Seven Principles for Making Marriage Work) أنَّ ألعاب البنات تقدم إعداداً أفضل بكثير للزواج والحياة الأسرية؛ وذلك لأنَّها تركز على العلاقات، ولا يتعلَّق هذا بالضرورة بالدور الذي يؤديه جنس الشخص، ولكنَّه يتعلق بتعلُّم الذكاء العاطفي.

إقرأ أيضاً: 3 نقاط أساسيّة لتأسيس علاقة زوجيّة ناجحة

تنمية الذكاء العاطفي هي الخطوة الأولى:

يرفض الزوج الذي يفتقر إلى الذكاء العاطفي تأثير زوجته؛ وذلك لأنَّه يخشى غالباً فقدان القوة، وما دام يرفض قبول التأثير، فلن يكون مؤثِّراً أيضاً، وسوف تؤدي هذه الديناميكية إلى الجمود.

من ناحية أخرى، يهتم الزوج الذكي عاطفياً بمشاعر زوجته؛ وذلك لأنَّه يقدِّرها ويحترمها، وحتى إن كان هذا الزوج لا يعبر عن مشاعره بالطريقة نفسها التي تعبِّر بها زوجته، فإنَّه سيتعلم كيفية التواصل معها تواصلاً أفضل من خلال الإصغاء إلى وجهة نظرها، وفهم احتياجاتها، والتعاطف معها.

عندما تحتاج الزوجة إلى التحدُّث عن شيء ما، يتجاهل الزوج الذكي عاطفياً ما يفعله ليتحدث معها، كما سيختار كلماته بعناية، فيبدِّل كلمة "أنا"، على سبيل المثال، بكلمة "نحن" ليُظهِر تضامنه مع زوجته، وسوف يتفهَّم مكنوناتها ويظل معجباً بها، وسوف ينقل هذا الاحترام لها؛ ممَّا سيجعل علاقته وحياته وسعادته الإجمالية أكبر بكثير ممَّن يفتقر إلى الذكاء العاطفي.

بالإضافة إلى ذلك، قد يكون الزوج الذكي عاطفياً أباً أكثر دعماً لأطفاله وتعاطفاً معهم؛ وذلك لأنَّه لا يخشى التعبير عن مشاعره، ومن ثم يستطيع هو وزوجته تعليم أطفالهم فهم واحترام عواطفهم، وسيهتمون بمشاعرهم دائماً.

إقرأ أيضاً: الذكاء العاطفي تنمية للمشاعر

كيف تقبل التأثير؟

من المرجح أنَّ الرجال الذين يقاومون تأثير زوجاتهم يفعلون ذلك من دون واعي، ولكن حان الوقت لتعلُّم كيفية قبول التأثير، فعندما تهتم بزوجتك وتدعمها يومياً، تتعزَّز هذه العقلية والمهارة بداخلك، ويمكنك القيام بذلك من خلال العمل على ثلاثة عناصر أساسية للعلاقة: إظهار حبك لشريكتك، والتعبير عن إعجابك بها، والتواصل معها.

عندما يحدث الخلاف، فإنَّ مفتاح الحل هو الإصغاء باهتمام إلى وجهة نظر شريكك، وإخباره أنَّك تفهمه، وأن تسأله عمَّا يريد، وأن تكون على استعداد لتقديم تنازلات، وإحدى الطرائق للقيام بذلك، هي أن يحدِّد كل منكما احتياجاته الأساسية، ثم تبحثا معاً عن المناطق التي تلتقي فيها تلك الاحتياجات، وبعد ذلك يمكنكما العثور على أرضية مشتركة لاتخاذ القرارات معاً؛ هذه هي الطريقة التي تقبل بها التأثير، وتحصل على زواج سعيد ومستقر من خلال جعل التزامك تجاه شريكك أقوى من التزامك بالفوز.

إذا فعلت ذلك، سيفوز كلاكما، والأهم من ذلك، سوف يزدهر زواجكما.

المصدر




مقالات مرتبطة