لماذا يجب التركيز على التعددية قبل فوات الأوان؟

قد يؤدي عدم إيلاء الأهمية للتعددية إلى نتائج كارثية، وإليك الاحتجاجات على التمييز والتحيز على أساس الجنس في شركة "أوبر" (Uber) كمثال على ذلك.



فبعد أن ادَّعى العديد من الموظفين السابقين في الشركة أنَّ قسم الموارد البشرية لم يتعامل مع المضايقات التي تعرَّضوا لها بالجدِّية المطلوبة، وأدى ذلك إلى تنحِّي العديد من أفضل مديريها، والذي كان آخرهم رئيس الشركة "جيف جونز" (Jeff Jones)، ولعلَّ السبب الرئيس لردود الفعل العنيفة هذه هو غياب التعددية التي تُعَدُّ عاملاً أساسياً في الثقافة التنظيمية، لكنَّ تسليط الضوء على شركة "أوبر" الآن لا يعني عدم وجود مشكلة من النوع ذاته في العديد من المنظَّمات الأخرى، وخاصة في قطاع التكنولوجيا.

أفاد "راج موخرجي" (Raj Mukherjee)، نائب رئيس الإنتاج لدى موقع "إنديد" (indeed.com) في ولاية "سان فرانسيسكو" (San Francisco)، أنَّ السلوك العنصري منتشرٌ بكثرة رغم اتِّخاذ شركات التكنولوجيا الكثير من إجراءات تحسين التعددية لديها؛ ففي إحصائية أجرتها شركة "إنديد" في شهر كانون الأول من عام 2016، لأكثر من 1000 شخص ممَّن يعملون في المجال التقني، تبيَّن أنَّ أكثر من 24% من هؤلاء شعروا بأنَّهم يُعامَلون بطريقة عنصرية في شركتهم.

وقد أضاف "موخرجي" أنَّ لهذه الإشكالات تأثيرٌ قد يخرج عن سيطرة أصحاب المصلحة في مكان العمل، وقد يمتد إلى أبعد من ذلك، وبالمقابل فإنَّ للشركات التي تتبنَّى التعددية حقاً فرصة أكبر للوصول إلى شريحةٍ أكبر وأكثر تنوعاً من الزبائن، وحسب قول "موخرجي": لا يمكِن الإتيان بمنتجات مبتكرة تُسعد المستهلك وتُحدث تغييراً في العالم دون الاعتماد على وجهات نظرٍ وتجارب وخلفياتٍ متنوعة.

إليك 5 نصائح لتعزيز التعددية مستقاة من مقابلات مع قادة من مختلف المجالات، إن أردتَ لشركتك أن تكون ضمن هذه الفئة.

1. تبنَّ التعددية في القيادة:

يعني تعدُّد الأشخاص والخلفيات في دفة القيادة في شركتك وجود أطياف متنوعة من الأفكار ووجهات النظر التي تنعكس على الشركة؛ فحسب قول المدير التنفيذي وأحد مؤسسي شركة "جي دي آي آي" (g-dii) في ولاية "نيويورك" (New York) "غريغ رينولد" (Greg Reynolds): "إذا كان موظفوك والعملاء المستهدفون يعكسون التغيرات الديموغرافية في المجتمع، فيجب أن تكون القيادة كذلك أيضاً".

أوضحَ "رينولد" أنَّه يُولِي التعددية والتشاركية أهميةً عالية في شركته، ويضيف مؤكِّداً أنَّ "الفريق المؤسس يحوي أمريكيين من أصل إفريقي ولاتيني، وقوقازيين والرجال والنساء وموظفين من مختلف الأجيال"، وأشار أنَّ فريقه بأكمله خضع لتقييم تشاركي للكشف عن أي تحيزات شخصية بهدف الوصول لثقافة تنظيمية أكثر انفتاحاً.

عليك إذاً بفريقٍ متنوع واستقدام المرشحين من خلفيات متنوعة؛ فكُن قدوةً في تبنِّي التعددية، بدءاً من فريق العمل وانتهاءً بالشركة بأكملها، وشجِّع فرص النمو على الأصعدة كافةً لخلقِ بيئة يشعر فيها موظفوك جميعهم بالتقدير وإمكانية استثمار مواهبهم القيادية.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح ذهبية لبناء فريق عمل ناجح

2. أبرِز التعددية في الشركة للمتقدمين الجدد:

يجب أن يلحظَ المتقدمون إلى العمل في الشركة التعددية بأمِّ عينهم في أثناء سير عملية التوظيف كي يُصدِّقوا وجودها.

لدى سؤال "ديان دانيلسون" (Diane Danielson)، وهي مانحة امتيازات تجارية عقارية ومديرة عمليات تنفيذية في شركة "إس في إن إنترناشونال كوربورايشن" (SVN International Corp) في مدينة "بوسطن" (Boston)، صرَّحت أنَّها نادراً ما تلاحظ وجود التعددية في مجال عملها، وأشارَت أنَّ معظم المقاطع الترويجية والعروض والإعلانات تُظهِر رجالاً من ذوي البشرة البيضاء في مراكز القيادة.

وبما أنَّ التسويق بمثابة مرآة لجوهر تلك الشركة، فإنَّ هذه الصور تبعث رسائل واضحة للمتقدمين الذين لا يتناسبون معها بأنَّ التعددية ليست من أولويات بيئة العمل هذه، وتشير "دانيلسون" أنَّها عندما بدأَت العمل مع الشركة عام 2012، كانت الصور الترويجية المتعلقة بالشركة كلها تعرِض رجالاً من ذوي البشرة البيضاء والشعر الرمادي، رغم أنَّ الشركة كانت تدَّعي "الاختلاف"، وعندما طرَحَت سؤالاً عن ذلك، أجابها بعض المديرين (والذين كانوا كلهم من الذكور) أنَّهم لم يلحظوا هذا التمييز الضمني وأثره السلبي في توظيف الكفاءات المتنوعة، وأضافَت: "أما بالنسبة إلى وقتنا الراهن، فلدينا فريق تنفيذي متنوع، ووظَّفنا اثنتين من النساء في قسم الإدارة، حتى أنَّنا أطلقنا برامج لتعزيز الشمولية في الشركة في السنوات الماضية".

لدعم الشمولية في شركتك، يجب أن تستخدم الصور التي تُمثِّل بيئة العمل بطريقة أخلاقية ومناسبة، وبذلك لن تدفع بعض المتقدِّمين للاعتقاد أنَّهم لن يكونوا موضع ترحيب لديك، واحرص أيضاً على مراعاة الكلمات المستخدمة في التوصيف الوظيفي لتجنُّب التحيز غير المقصود الذي قد يقود إلى إقصاء بعض الأنماط.

إقرأ أيضاً: 7 تقنيات لدمج الموظفين الجدُد في بيئة العمل

3. أفسِح مجالاً للأجيال الشابة:

يُعَدُّ غياب الأجيال الشابة في الشركات مخاطرةً كبيرة قد تضعفها وتعود بها للوراء، يقول "جوي برايس" (Joey Price) المدير التنفيذي في شركة "جامب ستارت: إتش آر" (Jumpstart:HR) في مدينة "بالتيمور" (Baltimore) إنَّ القادة في إحدى الشركات كانوا يجدون صعوبةً في التكيف مع فكرة العمل عن بُعْد، إلا أنَّ الاختصاصيين من الأعمار الشابة قد فضَّلوا ذلك، ويضيف "برايس": "لا يعكس تخلِّي الأجيال الشابة المبدعة في العمل عدم قدرتهم على الأداء؛ بل يدل على عدم إيمانهم بأنَّك ستعطيهم الفرصة لإظهار إبداعهم.

وفي سياق متصل، أشارَت دراسةٌ أُجرِيَت في شركة "أتلاسيان" (Atlassian) عام 2017، والتي شملَت 1400 عامل أمريكي في المجال التقني، أنَّ نسبة 19% منهم أفادوا أنَّ شركتهم لم تجرِ تعديلات على الفئات العمرية في السنوات الماضية، وينصح "برايس" بشدة بسد ثغرات من هذا النوع في الشركة، لخلق فرص للكفاءات الشابة المميَّزة، مؤكِّداً أنَّ ذلك سيعود بفوائده على قيادة الشركة، مما يزيد من إنتاجية وتنوُّع القوى العاملة.

إضافة إلى أنَّ غياب هذه الفئة العمرية عن طاقم العمل سيجعل الوصول لهذه الشريحة الواسعة أمراً صعباً، فاحرص ألا يحدث ذلك، حيث يمكِنك أن تجذب الفئات الشابة عبر الإعلان عن امتيازات تهمُّهم أو أعمال ذات فاعلية، وأيضاً الحديث عن فرص لتحقيق التوازن بين حياتهم الشخصية والمهنية وإجراء أعمال خيرية ضمن الشركة.

4. راقِب الاجتماعات:

تقول المؤسِّسة والمديرة التنفيذية في شركة "غروكر" (Grokker) "لورنا بورنستين" (Lorna Borenstein) إنَّ الحاجة إلى التنوع باتت واضحةً في قاعات الاجتماعات حول العالم، لكنَّ الحاجة إلى التعددية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية لا تحظى بالاهتمام الكافي.

وهي تشرح قولها عن طريق دراسة قاعات الاجتماعات في أثناء انعقاد اجتماع هام وملاحظة تنوُّع الأفراد، فإذا كانت الوجوه جميعها متشابهةً؛ فمعنى ذلك أنَّ الوقت قد حان لغرس بذور التعددية في عملية اتخاذ القرارات.

وأشارت إلى أنَّ هذه الطريقة أتت بثمارها حين كانت تعمل على حملة لصالح شركة كندية وتقول: "عندما حاولتُ إقناع فريق إدارة الموارد البشرية بتحويل اللغة إلى الإنجليزية الكندية، كان جميع مَن في الغرفة من أصل أمريكي، مما قادهم إلى الاستهزاء بجديَّة الأمر"، ولكن مَن يضحك أخيراً يضحك كثيراً؛ فكان لاقتراح "بورنستين" الفضل في تحقيق قفزة كبيرة في المبيعات.

إقرأ أيضاً: نصائح لإدارة الاجتماعات بنجاح

5. احرِص على الشمولية:

ليست التعددية كل ما يهم، فإذا افتقرَت شركتك للشمولية في العمل، فلن يطول الأمر قبل أن يغادرها الموظفون، يقول مؤسس ومدير شركة "بادجر مابس" (Badger Maps)، "ستيف بينسون" (Steve Benson) أنَّه عمِل مرة لدى شركة كان مديروها جميعاً عدا واحداً رجالاً من ذوي البشرة البيضاء.

وقد أسرَّت له المرأة الوحيدة في قسم المبيعات أنَّها غالباً ما كانت تشعر كدخيلةٍ على الفريق، ليس بسبب الثقافة العدائية فحسب؛ بل لأنَّ المهام الموكلة إليها جميعها كانت مهاماً جانبيةً، مما قادها لمغادرة الشركة والبحث عن مكان أكثر شمولية.

لو تبنَّى الفريق التنفيذي في الشركة التعددية التي تسمح للنساء وغيرهن بإبداء آرائهم، لَحَظَت ببيئة أكثر ترحيباً، ويضيف "بينسون" أنَّ وجود التوازن بين وجهات النظر المتعددة في الفريق هو أهم ما يمكِن أن تسعى له الشركات.

على الشركات أن تجعل من نفسها قدوةً، فإنَّ 19% فقط من الموظفين الذين شاركوا في الدراسة في تقرير "أتلاسيان" أفادوا بوجود الشمولية في بيئة عملهم، ويمكِن للشركات أن تفعل ذلك عن طريق إعداد برامج رسمية للموظفين بمراحلهم كافة وتوعيتهم لأهمية التعددية من أجل تحسين الخطط للتعامل مع الصعوبات في المستقبل، ويجب أن يشعر الموظفون بالراحة للتبليغ عن حالات التمييز من أجل معالجتها.

 

المصدر




مقالات مرتبطة