لماذا تفشل علاجات الاكتئاب في بعض الأحيان؟

الاكتئاب، الذي يُوصف غالباً بأنَّه "الوباء الصامت" في العصر الحديث، هو حالة صحيَّة عقليَّة معقدة ومنتشرة تتجاوز مجرد الحزن؛ إنَّه الظل الذي قد يجتاح ألمع الأرواح، ويؤثر في الأفراد من جميع الأعمار والخلفيات ومناحي الحياة، ويتربص هذا الخصم الخبيث داخل حدود العقل، ويشكل الأفكار والعواطف والسلوكات بطرائق غالباً ما يصعب إدراكها من الخارج.



ما هو الاكتئاب؟

الاكتئاب هو حالة صحيَّة عقليَّة معقدة ومتعددة الأوجه، تتميز بمشاعر الحزن المستمرة واليأس وقلة الاهتمام أو المتعة في النشاطات التي كانت ممتعة في السابق، وغالباً ما يتضمَّن مجموعة من الأعراض العاطفية والمعرفية والجسدية.

ما هي علامات الاكتئاب؟

1. الحزن المستمر:

شعور عميق ومنتشر بالحزن يستمر معظم اليوم، كل يوم تقريباً.

2. فقدان الاهتمام:

انخفاض ملحوظ في الاهتمام أو المتعة في نشاطات مثل الهوايات أو العمل أو التفاعلات الاجتماعية.

3. التعب:

التعب الشديد أو فقدان الطاقة، حتى مع الحد الأدنى من المجهود البدني أو العقلي.

4. تغيرات في النوم:

قد يكون الأرق (صعوبة في النوم أو الاستمرار فيه) أو فرط النوم (النوم المفرط) شائعاً في حالات الاكتئاب.

5. التغيرات في الشهية أو الوزن:

تغيرات كبيرة في الشهية والوزن، وهذا يؤدي إما إلى فقدان الوزن أو زيادته بشكل كبير.

6. مشاعر الذنب أو انعدام القيمة:

مشاعر مفرطة أو غير مناسبة بالذنب أو لوم الذات أو عدم القيمة.

7. صعوبة التركيز:

الصعوبات المعرفية، مثل صعوبة التركيز أو اتخاذ القرارات أو تذكُّر الأشياء.

شاهد بالفديو: 6 نصائح لتقديم الدعم لشخص يعاني من الاكتئاب

كم نوع للاكتئاب؟

توجد عدة أنواع مختلفة من الاكتئاب، ولكلٍّ منها خصائصه وأعراضه الفريدة، وفيما يأتي بعض الأنواع الأكثر شيوعاً:

1. الاضطراب الاكتئابي الجسيم (MDD):

هذا هو النوع الأكثر شيوعاً من الاكتئاب، وهو ينطوي على مشاعر الحزن المستمرة، وفقدان الاهتمام أو المتعة في النشاطات، ومجموعة من الأعراض الجسدية والمعرفية، وغالباً ما يتداخل MDD بشكل كبير مع الأداء اليومي.

2. اضطراب الاكتئاب المستمر (PDD):

المعروف أيضاً باسم الاكتئاب، يتميز هذا النوع من الاكتئاب بأعراض اكتئاب مزمنة طويلة الأمد تستمر لمدة عامين على الأقل، وفي حين أنَّ الأعراض قد تكون أقل حدة من MDD، إلا أنَّها أكثر ثباتاً.

3. الاضطراب ثنائي القطب:

يتضمن الاضطراب ثنائي القطب تغيرات مزاجية دورية، فيعاني الأفراد من فترات من الاكتئاب (كما هو موصوف في اضطراب الاكتئاب الشديد)، إضافة إلى فترات من الهوس أو الهوس الخفيف، والتي تتميز بارتفاع المزاج وزيادة الطاقة.

4. الاكتئاب الذهاني:

إضافة إلى أعراض الاكتئاب النموذجية، يتضمن الاكتئاب الذهاني سمات الذهان، مثل الأوهام (معتقدات خاطئة) أو الهلوسة (تصورات حسية زائفة).

5. اكتئاب ما بعد الولادة:

يحدث هذا النوع من الاكتئاب بعد الولادة، ويتميز بمشاعر شديدة من الحزن والقلق والإرهاق، وقد يؤثر في القدرة على الرعاية الذاتية ورعاية المولود الجديد.

إقرأ أيضاً: أنواع الاكتئاب وكيفية التعامل مع مرضى الاكتئاب

كيف يؤثر الاكتئاب في نمط الحياة؟

قد يكون للاكتئاب تأثير عميق في نمط حياة الفرد بطرائق مختلفة، وغالباً ما يؤدي إلى:

1. العزلة الاجتماعية:

قد ينسحب الأشخاص المصابون بالاكتئاب من النشاطات الاجتماعية ويعزلون أنفسهم عن الأصدقاء والعائلة.

2. نقص الطاقة:

قد يعاني الأفراد من التعب المستمر وانخفاض الدافع للمشاركة في النشاطات البدنية.

3. الأفكار السلبية:

تعوق الأفكار السلبية المستمرة والنقد الذاتي اتخاذ القرار والرضى عن الحياة بشكل عام.

4. تعاطي المخدرات:

يلجأ بعض الأشخاص إلى تناول الكحول أو المخدرات بوصفها وسيلة للتعامل مع آلامهم العاطفية.

5. مشكلات الصحة البدنية:

يرتبط الاكتئاب بعدة مشكلات صحيَّة بدنية، مثل الألم المزمن وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

هل الاكتئاب مرتبط بثنائي القطب؟

نعم، يرتبط الاكتئاب باضطراب ثنائي القطب، فيتضمن الاضطراب ثنائي القطب نوبات من الاكتئاب والهوس (أو الهوس الخفيف)، والاضطراب ثنائي القطب - المعروف سابقاً باسم اضطراب الهوس الاكتئابي - هو اضطراب مزاجي يتميز بتغيرات واضحة في مستويات المزاج والطاقة، ويتكون من عدة عناصر أساسية منها:

1. نوبات الاكتئاب:

يعاني الأفراد المصابون باضطراب ثنائي القطب من نوبات اكتئاب مشابهة لتلك التي تظهر في اضطراب الاكتئاب الشديد (الاكتئاب أحادي القطب)، وتتميز هذه النوبات بالحزن المستمر، وفقدان الاهتمام أو المتعة، وتغيرات في الشهية والنوم، والشعور بالذنب أو عدم القيمة، وفي بعض الأحيان أفكار انتحارية.

2. نوبات الهوس أو الهوس الخفيف:

ما يميز الاضطراب ثنائي القطب هو وجود نوبات الهوس أو الهوس الخفيف، والهوس هو فترة متميزة من المزاج المرتفع أو العصبي، وزيادة الطاقة، وانخفاض الحاجة إلى النوم، والأفكار المتسارعة، والسلوك المتهور، والهوس الخفيف هو شكل أخف من الهوس.

3. الطبيعة الدورية:

الاضطراب ثنائي القطب دوري، فيعاني الأفراد من نوبات متناوبة من الاكتئاب والهوس أو الهوس الخفيف، وقد تحدث هذه النوبات بأنماط مختلفة، مثل ركوب الدراجات السريع (أربع نوبات أو أكثر خلال عام) أو ركوب الدراجات بشكل أقل تكراراً.

4. النوع الأول والنوع الثاني:

يوجد نوعان رئيسان من الاضطراب ثنائي القطب؛ فيتضمن الاضطراب ثنائي القطب من النوع الأول نوبات هوس كاملة، وغالباً ما تكون مصحوبة بنوبات اكتئاب أيضاً، ويتضمن الاضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني نوبات هوس خفيف ونوبات اكتئاب، ولكن ليس نوبات هوس كاملة.

5. نوبات مختلطة:

قد يعاني بعض الأفراد الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب من نوبات مختلطة، تتزامن خلالها أعراض الهوس والاكتئاب، وهذا يؤدي إلى زيادة الاضطراب العاطفي.

إقرأ أيضاً: ثنائي القطب، أخطر الأمراض النفسية على الإطلاق

لماذا يعد الاكتئاب أهم أسباب الانتحار؟

يعد الاكتئاب من أهم أسباب الانتحار لعدة أسباب:

1. اليأس:

غالباً ما يؤدي الاكتئاب إلى شعور شديد باليأس، وهذا يجعل الأفراد يعتقدون أنَّ آلامهم العاطفية لا تطاق ولن تتحسن أبداً، وهذا اليأس قد يعزز أفكار الانتحار بوصفها وسيلة للهروب من معاناتهم.

2. الألم العاطفي:

قد يكون الاكتئاب مؤلماً عاطفياً بشكل لا يُصدَّق، فقد يؤدي الحزن الشديد والمتواصل أو الشعور بالذنب أو اليأس إلى دفع الأفراد إلى البحث عن الراحة من خلال الأفكار أو الأفعال الانتحارية.

3. ضعف الحكم:

قد يؤثر الاكتئاب في حكم الشخص ويشوه تصوره للواقع، وقد يدفعه هذا التفكير المتغير إلى الاعتقاد بأنَّ الانتحار هو خيار عقلاني أو الخيار الوحيد، على الرغم من الأدلة التي تشير إلى خلاف ذلك.

4. العزلة الاجتماعية:

غالباً ما يؤدي الاكتئاب إلى الانسحاب الاجتماعي والعزلة، وهذا النقص في الدعم الاجتماعي قد يؤدي إلى تفاقم مشاعر الوحدة واليأس، والذي بدوره يزيد من خطر الانتحار.

5. الأعراض الجسدية:

قد يتجلى الاكتئاب في أعراض جسدية مثل التعب واضطراب النوم، وهذا قد يساهم في زيادة الشعور بالمعاناة واليأس.

6. زيادة خطر الاندفاع:

قد يعاني بعض الأفراد المصابين بالاكتئاب من الاندفاع خلال مراحل معينة من مرضهم، وهذا يجعلهم أكثر عرضة للتصرف بأفكار انتحارية دون دراسة متأنية للعواقب.

7. الاعتلال المشترك:

يتزامن الاكتئاب في كثير من الأحيان مع مشكلات الصحة العقليَّة الأخرى، مثل القلق أو اضطرابات تعاطي المخدرات، وقد يؤدي وجود هذه الظروف إلى تفاقم مشاعر اليأس وزيادة خطر الانتحار.

شاهد بالفديو: كيف تعيش بعيداً عن الاكتئاب؟

لماذا تفشل علاجات الاكتئاب في بعض الأحيان؟

قد تفشل علاجات الاكتئاب في بعض الأحيان لعدة أسباب، ومن ذلك:

1. التشخيص الخاطئ:

في بعض الأحيان، ما يبدو أنَّه اكتئاب قد يكون في الواقع حالة طبية كامنة أخرى أو اضطراباً مختلفاً في الصحة العقليَّة، فإذا كان التشخيص غير صحيح، فإنَّ العلاج الموصوف قد لا يكون فعالاً.

2. مقاومة العلاج:

في بعض الحالات، قد يعاني الأفراد من شكل من أشكال الاكتئاب المقاوم للعلاجات الشائعة مثل الأدوية المضادة للاكتئاب أو العلاج النفسي، وهذا قد يجعل من الصعب العثور على علاج فعال.

3. العلاج غير الكامل:

غالباً ما يتطلب الاكتئاب علاجاً وإدارة مستمرة، وقد يؤدي إيقاف العلاج قبل الأوان أو عدم اتباع خطة العلاج الموصوفة إلى الانتكاسات أو فشل العلاج.

4. الآثار الجانبية للأدوية:

قد يكون للأدوية المضادة للاكتئاب آثار جانبية، ولا يتحملها جميع الأفراد جيداً، فإذا كانت الآثار الجانبية شديدة جداً، فقد يتوقف الأفراد عن تناول الدواء قبل الأوان المناسب.

5. عوامل نمط الحياة:

قد تساهم عوامل نمط الحياة مثل عدم ممارسة الرياضة، أو سوء التغذية، أو تعاطي المخدرات، أو اضطرابات النوم في مقاومة العلاج أو فشله، ومعالجة هذه العوامل ضرورية لنجاح العلاج.

6. نقص الدعم الاجتماعي:

يعد وجود نظام دعم قوي أمراً هاماً جداً لإدارة الاكتئاب، فإذا كان شخص ما يفتقر إلى الدعم الاجتماعي الكافي، فقد يعوق ذلك تعافيه.

7. العوامل النفسية الاجتماعية:

قد تؤدي العوامل الشخصية مثل أنماط التفكير السلبية، أو ضعف مهارات التأقلم، أو تاريخ الصدمة إلى تعقيد العلاج وجعله أقل فاعلية.

في الختام:

الاكتئاب هو حرباء العقل، ويظهر في عدد لا يحصى من الأشكال والأقنعة، وقد يكون الأمر دقيقاً مثل الشعور المستمر بالفراغ أو غامراً مثل الوزن الزائد؛ إنَّه يسلب الأفراد حيويتهم، وحماستهم للحياة، والقدرة على استخلاص المتعة حتى من أبسط المتع، وقد يؤدي ذلك إلى تآكل احترام الذات، وتعطيل العلاقات، وتخريب المهن، وفي أشد أشكاله، قد يصبح الاكتئاب مهدداً للحياة، وهذا يؤدي إلى أفكار الانتحار.




مقالات مرتبطة