لا تكتفِ بتوظيف موظفين جدد، بل كن ربّ عمل ملهم

ألا يجب أن يكون التوظيف والإلهام مترابطَين بدلاً من أن يكون التوظيف بديلاً عن الإلهام؟

إذا كانت الشركات في ظروف مثالية، فعندئذ نعم يجب أن يكون التوظيف والإلهام مترابطين؛ ولكنَّ معظم الشركات لا تعمل على تحسين مواهبها.

فدعونا نوضِّح هذا مقدماً،إنّه ليس خطأ الموارد البشرية.



قم باختيار الموظّف الموهوب:

في سوق المواهب الحالي، يتمثَّل الخوف الرئيسي بين المدراء التنفيذيين وأرباب الأعمال:

  1. في جذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها.
  2. امتلاك المواهب والاحتفاظ بها ليسا متعارضين؛ ففي الواقع، هناك علاقة تكافلية بين جذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها.

فإذا عيَّنتَ موظفين سيئين، فلن يستمروا في العمل لفترة طويلة، ولكن قبل أن يرحلوا، قد يُضعِفون معنويات القوى العاملة الحالية لديك؛ وهذا يؤدي إلى رغبة بعضهم في البحث عن وظائف مغرية أكثر من الوظيفة الحالية.

ومع ذلك، فإنَّ العكس ليس صحيحاً بالضرورة؛ فتوظيفك لأحد الموظفين الناجحين لا يضمن أنَّه سيحسن من أداء فريقك أو تناغمه؛ لذا لنُنهي الجدل الحاصل الآن فيما يخص أيهما يجب إصلاحه أولاً، توظيف مواهب جديدة أم الاحتفاظ بالمواهب التي لديك؟

بالتأكيد الاحتفاظ بالمواهب

سوق العمل للموظفين الآن:

من الواضح أنَّ هذه المعلومة صادمة لك مثلما قال لي أحد الزملاء:

"يا "ديف"، أنت لا تفهم الأمر، لا يمكنني العثور على أي مرشحين جيدين؛ لقد وضعت إعلانات على الإنترنت ولم يستجب أحد؛ وأنا أدفع لشركات التوظيف وكل ما أحصل عليه هو موظفون غير مناسبين. هناك نقص في المواهب".

هذا ليس صحيحاً، فهم جزء لا يتجزأ من المؤسسات، ويشاركون مشاركة كبرى في عملهم، ويحبون العمل في فرق ذات أداءٍ عالٍ؛ فهم لا يقرؤون إعلانات الوظائف عبر الإنترنت ولا يستجيبون للمسؤولين عن التوظيف الذين يتواصلون معهم؛ وذلك لأنَّهم يلبّون احتياجاتهم  في منظمات مناسبة لهم.

لنفترض أنَّك قادر على جذب أفضل المواهب والدفع لهم أكثر من منافسيك؛ فإذا أحضرتهم إلى بيئة ليست مناسبة لهم، فلن يكونوا أبداً مواهب جيدة. وسوف ينسحبون، ولن يستمروا طويلاً في العمل لديك؛ لذلك، أنت لم تُصلِح أي شيء.

في الواقع، من المحتمل أنَّك جعلت الأمور أسوأ؛ وذلك لأنَّ الموظفين الموهوبين يُكوِّنون صداقات مع أمثالهم، وفي يومنا الحالي تنتشر الأخبار على منصات مثل:

"غلاسدور" (Glassdoor)، و"لينكد إن" (LinkedIn)، عن شركتك وثقافتها بسرعة كبرى.

والآن سيكون لديك مهمة صعبة في جذب المواهب في المستقبل؛ فقبل عشر سنوات كنا في قلب الركود وكان سوق العمل لأرباب العمل إلى حد كبير؛ فإذا كنت موظفاً، فقد كنت محظوظاً بالحصول على وظيفة. وعلى الأرجح حتى لو كنت على دراية بهذه الحقيقة، فقد ذُكِّرتَ بها كثيراً.

لقد تغيَّر الزمن؛ فإنَّ سوق العمل للموظفين الآن. ومع ذلك، ما يزال لدى العديد من الشركات ممارسات وأساليب تتلخَّص في: "أنت محظوظ للعمل هنا".

  • فمن المسؤول الأساسي عن هذا؟

كما ذكرنا آنفاً، هذا ليس خطأ الموارد البشرية، وسيكون من الظلم إلقاء اللوم على الموارد البشرية؛ خاصةً، لوجود شركات عدة ما تزال على مسؤوليتها الخاصة، فلا تدع الموارد البشرية تجلس على الطاولة عندما يتعلق الأمر بتصميم استراتيجية العمل.

إقرأ أيضاً: التغيرات العالمية وأثارها علي الموارد البشرية

إصلاح المدراء:

هناك إحصائية واحدة ظلت ثابتة طوال الـ 25 عاماً الماضية، من أيام اختراع شركة "دوت كوم" (Dot-com) إلى الركود ومن ثم الاقتصاد المزدهر اليوم:

إنَّ أحد الأسباب التي تجعل شخصاً ما يترك وظيفته هو مديره.

فهناك الملايين من الناس يذهبون إلى العمل هذا الصباح ليعملوا مع مدراء سيئين؛ لذا لا يترك الناس وظائفهم؛ بل يستقيلون بسبب مديريهم السيئين؛ فلم يعد توفير رواتب ومزايا تنافسية ووجبات غذائية ووضع ماكينة صنع القهوة في كل طابق ظروفاً مثالية؛ بل بات الأمر يتعلق بآلية عمل الفريق وثقافة التفاعل والتمكين.

دعونا نلقي نظرة على المحصلة النهائية:

يخبرنا معظم القادة أنَّ أغلى ما لديهم هو موظفوهم؛ فالأشخاص أهم المدخرات لمعظم الشركات. وبصرف النظر عن استراتيجية عملك والنتائج التي تسعى إلى تحقيقها، إذا كان الأشخاص هم مدخراتك الأكثر قيمة وأكبر نفقاتك، فإنَّهم يمثلون الاستثمار الهام جداً بالنسبة إليك.

يوضِّح الأمر خبير التقييم "ديف بوكبيندر" (Dave Bookbinder) ذلك في كتابه "العائد على الاستثمار الجديد هو العائد من الأفراد" (The New ROI (Return on Individuals:

"إنَّ قيمة الشركة هي مقدار جودة إدارة رأس المال ورأس المال الفكري من قِبل رأس المال البشري؛ لذا من الأفضل أن تفهم جزء رأس المال البشري فهماً صحيحاً".

تمكَّنت شركات عدة من الصمود أمام معدَّل دوران القوى العاملة المرتفع خلال الاقتصاد الحالي؛ إذ أخفت الإيرادات المرتفعة تقصيرات عدة.

ولكن نظراً الاستقرار الاقتصاد وتزايد الأرباح، إذا لم تتمكن من العثور على أي مرشحين جيدين واستمر أفضل الأشخاص لديك في المغادرة، فإنَّ عملك يكون في مشكلة خطيرة.

إقرأ أيضاً: أهم 6 صفات يتميّز بها المدير الناجح

هل تمتلك موظفين موهوبين؟

هناك موظفون موهوبون يعملون لديك، ولكن هناك احتمالات إذا لم يؤدوا هذه الوظيفة أداءً جيداً، فلن تُطوَّر إمكاناتهم أبداً وسيغادرون قريباً. وفي هذا الاقتصاد، لديهم خيارات كثيرة متاحة؛ فهم ليسوا محظوظين للعمل في شركتك؛ بل أنت المحظوظ لوجودهم في شركتك الآن.

إنَّ الاهتمام بالموظفين الموهوبين يحمي من عدم التفاعل في بيئة العمل؛ إذ يُعَدُّ عدم تفاعل الموظفين مشكلة منتشرة تؤدي إلى خسارة الشركات لمليارات الدولارات؛ وذلك لضعف الإنتاجية، والتغيب، وقضايا السلامة، وسوء خدمة العملاء، وثقافات مكان العمل السيئة.

تخبرنا استطلاعات "شركة غالوب" (Gallup surveys) أنَّ ثلثي الموظفين الأمريكيين يشعرون بعدم القدرة على التفاعل في مكان عملهم؛ إذ يؤدي عدم التفاعل إلى امتناع الموظفين عن تقديم جهودهم الفردية، والاكتفاء بتقديم الحد الأدنى من العمل للبقاء في العمل.

وعندما لا يبذل الموظفون كل ما في وسعهم، تتأثر نتائج الأعمال؛ فهناك جوانب عدة للاهتمام بالموظفين الموهوبين، ولكنَّ نقطة البداية الجيدة للشركة التي تفقد المواهب هي النظر في هذه العوامل الأربعة لعدم تفاعل الموظفين:

عدم التوافق مع الدور الوظيفي:

تؤدي الأدوار الوظيفية غير المحددة تحديداً جيداً، أو عمليات التوظيف غير المتقنة، أو احتياجات العمل المتطورة إلى عدم التوافق بين الموظفين ومناصبهم. ويؤثر عدم الملاءمة في الوظيفة تأثيراً مباشراً في الدافع والإنتاجية. يمكننا مكافحة ذلك باستعمال بيانات الأشخاص لفهم الدوافع اللازمة للنجاح في الأدوار وتطابق الموظفين مع تلك الدوافع.

عدم التوافق مع المدير:

العلاقة بين الموظفين ومديريهم هي عامل هام جداً في التفاعل، ومع ذلك، فإنَّ عديداً من المديرين غير مجهزين تجهيزاً جيداً أو غير مدرَّبين لفهم الاحتياجات الفردية لموظفيهم فهماً فعالاً؛ إذ إنَّهم يكافحون من أجل التواصل مع موظفيهم وتحفيزهم. وتتحمل الشركات مسؤولية تدريب المديرين على فهم بيانات الأشخاص والاستفادة منها.

عدم التوافق مع الفريق:

أصبح العمل القائم على الفريق هاماً أكثر من أي وقت مضى، ومع ذلك، فإنَّ ضعف التواصل وقلة التعاون وعدم القدرة على إدارة التوترات الملازمة للعمل الجماعي، تستمر في التأثير سلباً في الإنتاجية والابتكار. ويمكننا معالجة ذلك باستعمال بيانات الأشخاص لفهم ما إذا كانت الدوافع السلوكية متوافقة لتحقيق أهداف الفريق ومبادرات الشركة.

شاهد أيضاً: 7 نصائح ذهبية لبناء فريق عمل ناجح

عدم التوافق مع الثقافة التنظيمية في الشركة:

يحتاج الموظفون إلى الشعور بالانتماء لكي يكونوا منتجين ومتفاعلين؛ فعندما يشعرون بعدم الانسجام مع قيم مؤسستهم، أو عندما يفقدون الثقة في قيادتهم، فإنَّ أداءهم يتأثر، وربما يؤدي ذلك إلى بيئة عمل سامة تعوق الإنتاجية. ويمكننا إصلاح ذلك باستعمال بيانات الأشخاص لتقييم الثقافة باستمرار وتقديم الحلول.

يعني تحسين المواهب مراعاة هذه العوامل الأربعة:

الدور الوظيفي، والمدير، والفريق، والثقافة التنظيمية؛ إذ تحافظ المؤسسة الجيدة على هذه العوامل في مقدِّمة أولوياتها، وكذلك تضع في الحسبان كلَّ قرار وإجراء يتعلَّق بالموظفين، خاصةً عند البحث عن توسيع قوتها العاملة.

ختاماً، فإذا كان في إمكانك إصلاح مشكلة الاحتفاظ بالمواهب أولاً وإلهام موظفيك الحاليين لتحقيق ذروة الأداء من خلال معالجة العوامل الأربعة لعدم التفاعل، فإنَّ مشكلة اكتساب المواهب لن تصبح سهلة الحل فحسب؛ بل ستصبح أيضاً لا أهمية لها.

المصدر




مقالات مرتبطة