كيفية تهيئة الطفل لاستقبال أخ جديد

يولَد الطفل الأول ليحظى بالكثير من الحب والاهتمام والرعاية بمختلف أشكالها، ثم يكبر وهو يشعر بأهميته ضمن عائلته المحيطة به في جميع الأوقات وحتى بأهميته لدى المقربين والأصدقاء، لكنَّ وجود أحد ما يتقاسم معه هذا الحب والاهتمام سيسبب له القلق والتوتر والغيرة الشديدة، فتخيل ماذا سيحدث به عند قدوم طفل آخر إلى عائلته.



تهيئة الطفل نفسياً قبل قدوم أخ جديد له من الأمور الهامة جداً التي ينبغي على والديه القيام بها منذ حدوث الحمل الثاني بخلاف ما يعتقد بعض الناس بأنَّه أمر بسيط ويعتاد عليه الطفل مع مرور الوقت بعد قدوم المولود الجديد، فلا يمكن أن يعتاد الطفل على الوضع الجديد إلا إن هُيِّئ جيداً للتغيرات الكبيرة التي ستحدث مع العائلة لاحقاً.

تأثير المولود الجديد في الطفل:

لا يقتصر التأثير النفسي الناتج عن قدوم أخ جديد على فترة محددة من حياة الطفل الأول؛ إنَّما تشير الدراسات إلى أنَّ الكثير من المشكلات النفسية قد تنشأ جذورها نتيجة هذا الأمر وتبقى مرافقة للإنسان طيلة حياته فلا يمكن تجاوزها بسهولة، فمع قدوم الأخ أو الأخت يشعر الطفل الأكبر بالفضول تجاه هذا الكائن الصغير وما سيفعل، إضافة إلى الغيرة والضيق لأنَّ اهتمام الجميع سيذهب إليه تلقائياً بعدما كان هو مركز اهتمامهم.

لذلك يلجأ الطفل الأول أحياناً إلى القيام ببعض الحركات بهدف لفت الانتباه لوجوده مثل الإضراب عن تناول الطعام، وقد يعود للقيام بتصرفات منعاه والداه عنها سابقاً مثل مص الأصبع، وفي بعض الأحيان قد يحاول إيذاء المولود الجديد من خلال ضربه أو خمشه أو تخريب الأشياء الخاصة به للتعبير عن غضبه من قدومه.

عادةً ما يلجأ الوالدان إلى نقل الطفل الأكبر إلى غرفة أخرى أو إلى سرير آخر ويقومان بتجهيز سريره السابق ليتم استخدامه عند قدوم الطفل الجديد، فيترافق ذلك بشعور الطفل الأكبر بالاضطهاد والظلم لأنَّه سيعتقد أنَّ والديه أصبحا يفضِّلان أخاه الجديد عليه؛ وهذا يدفعه إلى التمسك الكبير بأغراضه وألعابه وثيابه القديمة حتى إن لم يكن يحتاجها أو يهتم بها سابقاً.

لكن غالباً ما تكون هذه التصرفات مؤقتة وقد لا تحدث أبداً إن كان الطفل مستعداً لقدوم المولود الجديد، وقد يحدث خلاف ذلك تماماً، فقد يفرح به كثيراً ويحاول التقرب منه واللعب معه.

كيفية تهيئة الطفل الأكبر لاستقبال أخ جديد:

توجد عدة نصائح وخطوات هامة يمكن للوالدين وخاصةً الأم القيام بها خلال فترة الحمل لإعداد الطفل وتهيئته لاستقبال المولود الجديد تفادياً للمشكلات التي ذكرناها آنفاً، وإليك أهمها:

أولاً: إخبار الطفل عند حدوث الحمل

إن كان الطفل بعمر صغير من سنة إلى سنتين مثلاً، لن يفهم غالباً ما يعنيه قدوم طفل آخر وأن يكون لديه أخ أو أخت، لكن على الرغم من ذلك يمكن أن تتحدث إليه عن قدوم مولود جديد بسعادة وإثارة لينتقل إليه هذا الشعور، ويمكن الاستعانة بالقصص المصورة التي تتحدث عن الأخوة والعائلة فقد يستطيع أن يفهم من خلالها أنَّه سيصبح لديه أخ.

أما الطفل بسن أكبر من سنتين، فقد يكون حساساً للتغيير بشكل أكبر؛ لذلك يجب على الأم إخباره بنفسها بحدوث الحمل؛ لأنَّ ارتباطه بها يكون عميقاً جداً في هذه المرحلة، لا يجب أن يسمع ذلك من الآخرين أو عن طريق الصدفة فقد يتسبب ذلك بصدمة له فيصبح الوضع أصعب في هذه الحالة.

من الممكن أن يجلس والداه معه ويذكرا بعض الأمثلة له من محيطهم كأولاد عمه أو خالته، ويتحدثان إليه عن علاقة الأخوة ببعضهم وكم هي جميلة، ثم يخبرانه أنَّه سيصبح لديه أخ أيضاً صغير جداً كما كان هو في الماضي، وإن وجد صوراً له في تلك المرحلة يُفضَّل أن يراها لتتشكل لديه فكرة عن الأمر كي لا يعتقد أنَّه سيأتي أخ ليلعب معه مباشرة؛ بل سوف تعتنون به ليكبر ثم يستطيع اللعب معه لاحقاً ومشاركته النشاطات المسلية وسوف يصبحون سعداء جداً حينها.

شاهد بالفديو: 6 طرق لمعالجة الغيرة عند الأطفال

ثانياً: الاستماع لرأيه

سوف يتبادر إلى ذهن الطفل الكثير من الأسئلة؛ لذلك من الضروري السماح له بالتكلم والاستماع له جيداً لمعرفة ما يدور في عقله وإجابته عن مختلف أسئلته، فهذه الخطوة هامة جداً لجعله يطمئن إن شعر بالخوف من أمر قدوم الأخ، وقد يسأل عن الحمل كالأسئلة الآتية "ماذا يفعل في بطنك؟ وهل يتحرك أم هو نائم؟" استجيبي لأسئلته بلطف واسأليه أيضاً عن رأيه مثلاً "ماذا تظنه يفعل؟" لتدركي ما يفكر به، لكن إن لم يكن راغباً بالتحدث فلا يجب سؤاله عن هذا الأمر كي لا يشعر بالضغط؛ إنَّما يجب انتظاره ليسأل هو أولاً.

ثالثاً: التحدث إليه دائماً وإخباره بمعلومات جديدة

لا يجب إخباره بجميع التفاصيل على الفور؛ إنَّما يمكن من خلال التحدث إليه إخباره في كل مرة عن بعض المعلومات؛ مثلاً كيف سيأكل الطفل الجديد في المرحلة الأولى كي يستطيع تقبل فكرة الرضاعة لاحقاً وأنَّه لن يتمكن من قضاء حاجاته بنفسه مثله؛ بل سيحتاج إلى الحفَّاض وسيحتاج إلى من يقوم بتبديل ملابسه دائماً، ويمكن الاستعانة بمشاهدة مقاطع الفيديو المصورة ليفهم الحديث جيداً لأنَّ رؤيته لهذه التفاصيل بعد الولادة تجعله يظن أنَّ أخيه مميز عنه إن لم يفهمها سابقاً.

رابعاً: اصطحاب الطفل إلى الطبيب عند إجراء الفحص للأم الحامل

فهذا يساعد الطفل على فهم مراحل تشكل الجنين في رحم أمه، بالإضافة إلى إخباره بأنَّه هو أيضاً مرَّ بهذه المرحلة، لكن يفضَّل عدم التحدث أمامه عن أمور لا يمكنه فهمها مثل الآلام التي تشعر بها الأم الحامل أو المشكلات المحتمل حدوثها عند الولادة؛ كي لا يشعر بالخوف فيتشكل لديه رد فعل سلبي تجاه أخيه القادم، فقد يعتقد أنَّه السبب في الآلام التي تشعر بها أمه.

إقرأ أيضاً: الشجار بين الأطفال: أسبابه وعلاجه

خامساً: مشاركة الطفل في التحضيرات

لا يجب أن يرى الطفل والديه يقومان بالتجهيز لاستقبال المولود الجديد فقط؛ إنَّما يجب أن يسمحا له بالمساعدة في ذلك، من خلال اصطحابه إلى السوق وأخذ رأيه في ملابس أخيه وألعابه أو سريره، فلا مانع من شراء بعض الأغراض تبعاً لذوق الطفل الأول.

قد يلجأ بعضهم إلى إخفاء أمر التحضيرات عنه، لكنَّ هذا التصرف خاطئ جداً، ومن الجميل أيضاً شراء هدية للطفل الأول في أثناء شراء أشياء المولود الجديد، كي لا يشعر بالإهمال فتبدأ مشاعر الغيرة لديه بالظهور.

سادساً: تحضيره نفسياً لمرحلة الولادة

فالطفل متعلق جداً بوالدته؛ لذلك سيكون من الصعب عليه غيابها المفاجئ عن المنزل عند البقاء في المستشفى؛ لذلك من الضروري التمهيد عند اقتراب موعد الولادة، وإخباره أنَّ والدته سوف تضطر إلى تركه أيام عدة، وأنَّها غير قادرة على الاهتمام به لفترة من الزمن بسبب صعوبة تحرُّكها، لكن سينتظر عودتها وسيكون قادراً على مساعدتها، ولأنَّ الطفل سوف يبقى تلك الفترة في رعاية أحد المقربين فيُفضَّل أن يتم سؤاله عن الشخص الذي يريده والأحب إلى قلبه كي لا تكون فترة صعبة عليه.

سابعاً: مرحلة ما بعد الولادة

هذه المرحلة حساسة جداً؛ لذلك من الضروري الانتباه للنقاط الآتية تفادياً لحدوث المشكلات أو تراجع حالة الطفل الأول النفسية:

1. اللقاء الأول:

في هذا اللقاء سوف يتشكل الانطباع الأول الذي لا يمكن نسيانه بسهولة أبداً؛ لذلك من الضروري جعل اللقاء الأول مليئاً بالحب؛ فمثلاً يمكن تحضير هدية مميزة للطفل الأول وإخباره أنَّها هدية أخيه له، ولا يجب المبالغة بالخوف على المولود الجديد أمامه ومنعه من الاقتراب والنظر إليه أو لمسه؛ إنَّما يجب السماح له بذلك كي لا تتشكل فجوة بين الطفلين.

2. اهتمام العائلة به:

إذ يمكنكم أن تطلبوا من العائلة والمقربين القادمين لزيارتكم أن يهتموا بالطفل الأكبر ويلعبوا معه كما كان يحدث سابقاً، كي لا يشعر أنَّ أخيه سرق الاهتمام منه وأصبح وجوده غير هام للآخرين فيقوم بتصرفات للفت الانتباه فقط، وقد يقدِّموا له هدايا أيضاً وليس للطفل الجديد فقط.

3. اهتمام والديه به:

لا يجب أن يشعر الطفل الأول أنَّه فقدَ الاهتمام من والديه، حتى عند انشغالهم بالوضع الجديد لا مانع من احتضانه وتقبيله ومداعبته قليلاً، فلا يأخذ الأمر أكثر من بضعة دقائق.

يمكن أن يخصص له الأب وقتاً للذهاب معاً إلى مكان يحبه والقيام ببعض النشاطات المسلية ليشعر أنَّه ما زال محبوباً، أو أن يقوم الأب بالاهتمام بالطفل الجديد لتقضي الأم بعضاً من الوقت مع طفلها الأكبر في التحدث إليه ومشاهدة التلفاز معاً وإعداد طعام يحبه أو حتى اللعب معه كما كانت تفعل سابقاً إن كان ذلك ممكناً.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح هامة لمعالجة الغيرة بين الأطفال

4. السماح له بالمساعدة:

سوف يحاول أن يساعد أمه في رعاية المولود الجديد؛ لذلك لا يجب إبعاده؛ إنَّما يمكن مشاركته ببعض الأعمال البسيطة؛ فمثلاً إن أراد تغيير ملابس أخيه يمكنك إخباره أنَّه هو من سيختار الملابس له وأنتِ تقومين بتغييرها كي يشعر بالمشاركة، أو إن أراد مساعدتك في أثناء الاستحمام من الممكن السماح له بصب القليل من الماء أو إحضار بعض الأشياء التي يحتاج إليها الطفل، أو يمكن أن تطلبي منه أن يقوم بتسلية أخيه ومداعبته أو الرقص له أو أن يحكي له الحكايات التي يعرفها، لكن لا ينبغي إجباره على القيام بأي عمل لمساعدة والديه إن لم يكن راغباً بذلك كي لا يشعر بالغضب والاستياء من الوضع الجديد.

5. الابتعاد عن الغضب إن قام الطفل الأول بتصرفات غريبة:

نتيجة الغيرة من المولود الجديد قد يقوم ببعض التصرفات التي لم يسبق له القيام بها؛ مثل البكاء الشديد دون معرفة الأسباب أو الصراخ أو كثرة الحركة أو محاولة تخريب بعض الأشياء، فإن غضب والداه أو عاقباه فسوف يزداد الأمر سوءاً؛ وذلك لأنَّ هدفه ليس إزعاجهما؛ إنَّما يريد اهتمامهما؛ لذلك من الضروري عندها احتضانه والاهتمام به وإخباره أنَّه سيبقى فرحتهما الأولى دائماً، فهو بحاجة إلى سماع هذه الكلمات اللطيفة.

شاهد بالفيديو: قواعد هامة في تربية الطفل الوحيد

في الختام:

تربية الطفل تحدٍّ كبير يخوضه الأهل، وقدوم طفل جديد يعني تحدياً جديداً وأكبر من التحدي الأول؛ وذلك لأنَّ المهام سوف تكون مضاعفة، فإلى جانب رعاية مولود جديد توجد رعاية الطفل الأول وخاصة الرعاية النفسية التي يجب تقديمها له؛ وذلك ليستطيع تقبُّل وجود أخ يشاركه كل شيء وليستطيع إنشاء علاقة جميلة معه بعيدة عن الغيرة.

الطفل صفحة بيضاء ونقية جداً، وكلما تعاملت معه بلطف وحب سوف يعيده إليك مضاعفاً؛ لذلك رعاية الأطفال من أسمى الأعمال التي يقوم بها الوالدان وتهيئة طفل لاستقبال أخيه ليست بالأمر السهل كما يعتقد بعضهم، لكن بنفس الوقت ليست أمراً مستحيلاً، فمن خلال اتباع النقاط التي ذكرناها آنفاً يمكن تجاوز الأمر ببساطة.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة