إنَّ تجربة الأبوة تجربة رائعة، لكن تنقل الإنسان من مرحلة إلى مرحلة جديدة تتطلب منه الجهد والاهتمام؛ فقد تكون تجربة مربكة أيضاً؛ لذلك قبل أن يولَد الطفل من الممكن أن تقوم بالاستعداد الكافي لهذه المرحلة لزيادة الوعي لديك بكل ما يتعلق بكيفية التعامل معه بعد الولادة.
نصائح للآباء الجدد قبل ولادة الطفل:
تستعد الأم لقدوم طفلها خلال فترة الحمل منذ اللحظة الأولى لمعرفتها بخبر حملها؛ وذلك لأنَّها في كل لحظة تشعر بوجوده، بينما مشاعر الأب بوجود الطفل تكون أقل من مشاعر الأم؛ لذلك قد تلد الأم الطفل قبل استعداد الأب الكافي لقدومه، فمن الهام اتخاذ بعض الإجراءات التي تساعد على تهيئة الأب للمرحلة الجديدة من حياته، وإليك بعض من الإجراءات اللازمة قبل قدوم الطفل:
1. المشاركة خلال فترة الحمل:
كما قلنا آنفاً، قد لا يتذكر الشخص يومياً أنَّه سوف يصبح أباً، على عكس النساء؛ لذلك من الممكن الذهاب مع الزوجة إلى زيارات الطبيب الدورية خلال فترة الحمل ومتابعة مراحل تكوُّن الجنين بالتفصيل، وأيضاً أن تقوم بوضع يدك على بطن زوجتك وتَحسُّسك لحركات الطفل يساعدك على تنمية الشعور بالمشاركة، بالإضافة إلى التحدث إليها باستمرار عن الحمل وتغيراته؛ هذا كله ينمِّي بداخلك الشعور بالاستعداد لقدومه.
2. التفكير بصفات الأبوة التي تتمنى أن تتحلى بها:
ذلك كي تدرك طبيعة العلاقة التي تريد بناءها مع طفلك يوماً ما؛ فمثلاً يمكنك تذكُّر طريقة معاملة والدك معك وما الذي تحبه وما الذي تكرهه في علاقتك معه؛ وذلك لتعمل على تغيير الصفات السلبية في شخصيتك إن وُجدت، وتعزيز الصفات الإيجابية، وتجد الطريقة المناسبة للوصول إلى شكل العلاقة التي تتمناها.
3. استشارة الأصدقاء أو الأشخاص المقربين منك:
قد يحتاج الإنسان إلى الدعم النفسي من الآخرين والنصائح المفيدة له في مرحلته القادمة؛ لذلك من الممكن طلب النصيحة من أشخاص تثق برأيهم أو ممن تُعجَب بتربيتهم لأطفالهم لتكوِّن فكرة واسعة عما قد تتعرض له من مواقف بعد ولادة الطفل، بالإضافة إلى أنَّ سماعك للآراء الإيجابية عن الأبوة يزيد من تشجيعك واستعدادك لتصبح أباً.
4. حضور دوراتٍ أو دروس تتعلق برعاية الطفل:
يمكن أن يساعد حضور الأهل لهذا النوع من الدورات على معرفة ما يمكن أن يحدث في أثناء الولادة، وكيفية التعامل مع الطفل في الأيام الأولى من قدومه، ومعرفة إن كانت العادات الموروثة في المجتمع عن التعامل مع الطفل جميعها جيدة أم يوجد منها السيئ والذي يجب تجنُّبه، بالإضافة إلى ذلك، فقد يتم التنويه لكيفية التعامل مع تكاليف إنجاب الطفل - والتي يجهلها الأهل غالباً - لكن من الضروري التفكير في هذه الأمور قبل قدوم الطفل ليتم التخطيط جيداً وتنظيم الأمور المالية.
5. التحدُّث إلى زوجتك عن احتمال تغيُّر حياتكما بعد الولادة:
فقد تتغير العلاقة بين الزوجين للأفضل أو للأسوأ؛ وذلك بحسب درجة الوعي والنضج والتفهُّم لدى الطرفين، والنقاش بهذه الأمور ضروري لتجنُّب الخلافات لاحقاً.
نصائح للآباء الجدد بعد ولادة الطفل:
قد يظن بعض الآباء أنَّ الأم هي من تقوم بكل ما يحتاج إليه الطفل؛ أي إنَّ الطفل بحاجة إلى أمه فقط، ولكنَّ دور الأب هام جداً ومؤثر كثيراً في حياة ابنه، ويبدأ هذا التأثير منذ اللحظات الأولى بعد ولادته؛ إذ إنَّ الطفل يُولَد مستعداً للتواصل مع كلا والديه، إليك بعض النصائح التي تفيد خلال هذه المرحلة:
1. تدرَّب عملياً على القيام بكل شيء يخص الطفل:
حتى لو أنَّ الأم تقوم بكل شيء وتقضي وقتها كاملاً مع طفلها، فهذا لا يمنع من تعلُّمك كيفية حمله أو إلباسه أو تبديل الحفاظات أو تهدئته؛ فإنَّ هذه التصرفات قد تبدو بسيطة لكن تعزز التواصل بين الطفل والأب، بالإضافة إلى وجود ناحية إيجابية للأمر بأنَّك ستسمح لأمه بالقليل من الراحة، فالمشاركة ضرورية جداً لنجاح العلاقة الزوجية.
2. تعلَّم أن تفهم ابنك:
يقوم الأطفال بكثيرٍ من الإشارات التي تدل على احتياجاتهم؛ لذلك من الضروري الانتباه لكل ما يبديه الطفل من إشارات، ويمكن تعلُّم ذلك من خلال قراءة الكتب التي تتحدث عن لغة الجسد عند الطفل، أو من خلال الإنترنت أو حضور الندوات التعليمية والتدريبية المناسبة.
3. ساعد زوجتك عندما تقوم بإرضاع الطفل:
يمكن ذلك من خلال دعمها وتشجيعها على الإرضاع؛ وذلك لأنَّ الأم بحاجة إلى دعم معنوي كي تتغلب على خوفها أو توتُّرها الناتج عن تجربة أمر جديد بالنسبة إليها، فاحرص على تقديم أي شيء تحتاج إليه خلال قيامها بالإرضاع؛ كإعطائها كأساً من الماء أو وضع وسادة خلف ظهرها لتساعدها على الجلوس بأريحية فتزيد من هدوئها، كما أنَّك أفضل مَن يدعهما في هذه المرحلة ووجودك إلى جانبها هام جداً لتستعيد استقرارها النفسي.
شاهد بالفيديو: 8 طرق تساعد بها طفلك لتطوير نفسه
4. احرص على التواصل مع طفلك عن طريق اللمس:
إنَّ اللمس الجسدي يُشعِر الطفل بالأمان ويعزز التواصل الجيد معه؛ وذلك من خلال مداعبته بلطف وحمله إلى صدرك بقرب وحميمية كي يستطيع الاستماع لنبضات قلبك والاعتياد على رائحتك؛ وهذا يعزز ثقته بك ويشجع تطور دماغه بناءً على ما تؤكده الدراسات العلمية.
5. أظهِر الحب لطفلك باستمرار:
إنَّ إظهار الحب للطفل يؤدي إلى إطلاق مادة "الببتيد" العصبي في دماغه، والتي تساعد على تكوين المشاعر لديه، بالإضافة إلى شعور الطفل بأنَّه في حالة جيدة عندما تبتسم في وجهه وتحاول القيام ببعض الحركات المضحكة كتقليد حركاته أو تعابير وجهه؛ وهذا يعزز التواصل بينكما.
6. تحدَّث إلى طفلك باستمرار:
إنَّ التحدث إلى الطفل يعزز العلاقة بينكما ويساعده على تطوير مهارات اللغة والتعلُّم لديه؛ فمثلاً عندما تقوم بتبديل ملابسه تحدَّث إليه كأن تقول له: "هيا لأبدل ملابسك وأُلبسك ثياباً جديدة"، أو عندما تقوم بتبديل الحفاض قل له: "سوف تصبح نظيفاً الآن"، بالإضافة إلى ذلك، يمكنك قراءة القصص له أو غناء أغانٍ لطيفة ومريحة لسمعه حتى إن لم يستطع فهمها.
7. خصص وقتاً تقضيه مع طفلك:
في حال كنت تعمل لساعات طويلة ولا تستطيع المشاركة كثيراً في رعاية طفلك، يجب أن تنظم وقتك بدقة لتجد وقتاً يومياً تخصصه للجلوس مع طفلك والتعرُّف إليه ومشاهدة حركاته؛ لأنَّ هذه اللحظات تتيح لك إمكانية إقامة علاقة جيدة معه والتفاهم معه وفهمه جيداً.
8. اطلب المساعدة إن تطلَّب الأمر:
لا تتردد في السؤال عن كل ما تجهله عن رعاية الطفل حديث الولادة، سواء بسؤالك لشخص متخصص أم لأحد أفراد العائلة أم الأصدقاء المقربين، وإن عرض أحدهم المساعدة عليك، فيمكنك الرفض أو القبول بحسب الموقف؛ كأن يساعدك في شراء مستلزمات تخص الطفل مثلاً.
ومن الهام الاتفاق بين الزوجين فيما يتعلق بتلقِّي المساعدة من الآخرين، فيجب أن يكون الأمر بموافقة الطرفين كي لا يتسبب الأمر بتوتر العلاقة الزوجية نتيجة تدخُّل الآخرين في شؤونهم الخاصة.
9. تأقلَم مع قلَّة النوم:
غالباً في السنة الأولى بعد ولادة الطفل سوف ينام الأهل فقط عندما ينام طفلهم وخلال الليل قد يستيقظ الطفل عدة مرات؛ لذلك من الضروري النوم عندما ينام الطفل حتى إن كان الوقت مبكراً استعداداً للاستيقاظ المتكرر خلال الليل.
10. تعلَّم التعامُل مع بكاء الطفل:
إنَّ الطفل حديث الولادة ليس لديه طريقة للتعبير عن احتياجاته سوى الصراخ والبكاء، فقد تجد صعوبة في البداية في التأقلم والاعتياد على هذا الوضع، لكن بعد فترة من الزمن ستتمكن من معرفة أسباب البكاء إن كان جوعاً أو ألماً أو غيرها من الأسباب.
11. هيِّئ نفسك للتعامل مع الأزمات في العلاقة الزوجية:
على الرغم من مشاعر السعادة التي يجلبها قدوم الطفل، فقد تحصل عدة مشكلات بين الزوجين نتيجة التوتر الذي يترافق مع كيفية التعامل مع الطفل، بالإضافة إلى الإرهاق والتعب الناتج عن قلة النوم؛ لذلك من الضروري تفهُّم كلا الزوجين لبعضهما، والمحافظة على الصدق في علاقتهما، ومحاولة التحدث عن كل ما يزعجهما لإيجاد الحلول المُرضية للطرفين.
ومن الأفضل أن تحاولا إيجاد بعض الوقت للبقاء وحدكما في المنزل، أو الذهاب خارج المنزل وممارسة نشاطات تساعد على تخفيف التوتر؛ وذلك لتتمكَّنا من القيام بدوركما الجديد بشكل صحيح.
12. توقَّع الزيارات المفاجئة في كل وقت:
في هذه المرحلة يسارع الأهل أو الأصدقاء المقربين إلى مساعدتكما والاطمئنان على صحة الطفل، فقد تكون هذه الزيارات مفرحة لكن تجلب القلق والتوتر إن لم تكن معتاداً عليها، ويُفضِّل بعض الآباء تنظيم حفلة صغيرة بعد الولادة بحيث يدعون إليها كل المقربين تجنباً للإحراج الناتج عن الزيارات المنزلية غير المتوقعة.
13. تذكَّر أنَّنا نخطئ جميعاً:
فقد يلجأ بعض الناس إلى قراءة كثيرٍ من الكتب التي تتعلق بالتعامل مع الرضيع ومشاهدة البرامج التي تتعلق بهذا الموضوع، ولكنَّ التجربة العملية مختلفة؛ فلا يمكن تطبيق كل ما تعلمته على طفلك، ولا يمكن توقُّع المواقف التي قد تواجهك؛ وذلك لأنَّ طبيعة الأطفال مختلفة، ومن ثمَّ التجارب متفاوتة ولا توجد قاعدة محدَّدة لتربية الطفل، فمن الطبيعي أن تشعر بالتعب وترغب في أخذ استراحة، ومن الطبيعي أن تخطئ في بعض المواقف أو تشعر بعدم الانسجام مع طفلك وبعدم قدرتك على التعامل معه وعدم كفاءتك.
فلا حاجة إلى شعورك بالذنب أبداً، وتذكَّر أنَّ جميعنا نخطئ، ولكنَّ الهام هو أن ندرك أين أخطأنا ونقوم بتصحيح الخطأ، ومن الضروري ألا تقارن طفلك بالآخرين لأنَّ الأطفال تنمو بمعدلات مختلفة؛ فبعض الأطفال يمشون عندما يصبحون في عمر 9 أشهر، وبعضهم في عمر 14 شهراً؛ لذلك لا تشعر بالتقصير ففي كلتا الحالتين يكون الطفل بصحة جيدة.
في الختام:
قد تظن أنَّ لديك كثيراً من الوقت في الأيام القادمة لتقضيه مع طفلك، لكن لا يجب التأجيل؛ إنَّما يجب أن تتابع كل لحظة من لحظات نموه وتشاهد كل ما يقوم به وتنظر إليه في أثناء نومه وفي أثناء تناوله للطعام؛ وذلك لأنَّ الأيام تمر بسرعة كبيرة والأطفال يكبرون بسرعة؛ لذلك استمتع بالمرحلة الجديدة من حياتك، وحاول توثيق اللحظات الجميلة بأخذ الصور التذكارية وتصوير مقاطع الفيديو، فهذه اللحظات ثمينة جداً ولن تتكرر وسوف تعطيك الطاقة لأيامك القادمة التي قد تكون أكثر تعباً، فالأبوة رحلة مليئة بالحب والتعب.
أضف تعليقاً