كيفية تحسين النوم والتعافي من الإرهاق البدني والعقلي

الحصول على نوم جيد أمر ضروري للصحة الجسدية والعقلية عموماً، فالنوم يسمح للجسم بالراحة والتَّعافي وإصلاح نفسه، وهو يساعد على تنظيم جهاز المناعة والتمثيل الغذائي وإنتاج الهرمونات، وكلها ضرورية للحفاظ على صحة جيدة، إضافة إلى ذلك فإنَّ النوم الجيد يعزز الصحة العقلية؛ وذلك لأنَّه يسمح للدماغ بمعالجة وتنسيق وترتيب المعلومات، ومن ناحية أخرى رُبِطَت قلة النوم بمجموعة واسعة من المشكلات الصحية، مثل السُّمنة والسكري وأمراض القلب والاكتئاب والقلق؛ لذلك من الضروري إعطاء الأولوية لروتين النوم الجيد لضمان الصحة البدنية والعقلية المثلى.



تتعدد أسباب الحرمان من النوم والإرهاق في المجتمع الحديث، مثل ضغوطات العمل والحياة اليومية، وتوفر التكنولوجيا التي تجعل الناس متصلين على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وزيادة العمل بنظام المناوبات وساعات العمل الطويلة، فإنَّ عواقب الحرمان من النوم والإرهاق شديدة، وقد تشمل زيادة مخاطر الحوادث وانخفاض الإنتاجية والآثار السلبية في الصحة البدنية والعقلية.

في حين عواقب الحرمان من النوم والإرهاق شديدة، لكن توجد خطوات بسيطة يمكن للأفراد اتخاذها لتحسين نوعية نومهم وتعزيز صحتهم العامة ورفاهيتهم، وسوف نتعرف في هذا المقال إلى أسباب الحرمان من النوم والإرهاق، وسنقدم خطوات لتحسين نوعية النوم، واستراتيجيات للتعافي من الإرهاق البدني والعقلي من خلال تنفيذ هذه الخطوات والاستراتيجيات، كما يمكن للأفراد تحسين عادات نومهم وتقليل الآثار السلبية للإرهاق وتحسين صحتهم الجسدية والعقلية.

نمط الحياة وتأثيره في النوم:

قد يكون لعوامل نمط الحياة مثل النظام الغذائي والتمرينات الرياضية والتوتر تأثير كبير في جودة النوم؛ إذ يمكن لنظام غذائي متوازن غني بالعناصر الغذائية وقليل في السكر والكافيين أن يعزز جودة النوم، كما قد تؤدي التمرينات المنتظمة أيضاً إلى تحسين جودة النوم، فتساعد على تنظيم إيقاع الجسم اليومي وتقليل التوتر.

الإجهاد هو سبب شائع للحرمان من النوم، وتعلم تقنيات الاسترخاء مثل التأمل والتنفس العميق واليوغا، ربما يساعد على تقليل التوتر وتعزيز النوم بشكل أفضل، إضافة إلى ذلك يؤدي الحد من التعرض للإلكترونيات قبل النوم، وإنشاء بيئة مواتية للنوم، واتباع روتين نوم منتظم إلى تحسين نوعية النوم؛ لذلك من الهام تبني عادات نمط حياة صحية لتعزيز النوم بشكل أفضل وصحة بدنية وعقلية عموماً.

العوامل البيئية وتأثيرها في النوم:

تؤدي العوامل البيئية مثل الضوضاء والضوء إلى اضطراب النوم بشكل كبير، فيمكن أن تسبب الضوضاء الاستيقاظ المفاجئ، وهذا يؤدي إلى صعوبة العودة والاستمرار في النوم، فقد يتداخل الضوء مع إيقاع الساعة البيولوجية الطبيعي للجسم، وهذا يجعل من الصعب عليك بدء النوم والاستمرار فيه، كما يؤدي التعرض للضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الإلكترونية قبل النوم إلى كبح إنتاج الميلاتونين، وهو هرمون ينظم النوم، وهذا يجعل النوم أكثر صعوبة.

قد يساعد إنشاء بيئة مواتية للنوم تكون باردة وهادئة ومظلمة على تحسين نوعية النوم، كما يساعد استخدام سدادات الأذن على حجب الضوضاء غير المرغوب فيها، في حين أنَّ الستائر المعتمة أو أقنعة العين يمكن أن تحجب الضوء؛ لذلك من الهام تحديد العوامل البيئية التي قد تعطل النوم والقضاء عليها لتعزيز جودة النوم والصحة العامة.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح مضمونة للحصول على نوم أفضل ليلاً

مشكلات الصحة العقلية وارتباطها بمشكلات النوم:

توجد علاقة قوية بين حالات الصحة العقلية مثل القلق والاكتئاب ومشكلات النوم، فالأفراد الذين يعانون من القلق والاكتئاب هم أكثر عرضة لتجربة اضطرابات النوم، مثل صعوبة النوم والاستيقاظ المتكرر والاستيقاظ في الصباح الباكر؛ إذ يمكن أن تؤدي مشكلات النوم هذه إلى تفاقم حالات الصحة العقلية، وهذا يؤدي إلى حلقة مفرغة من الحرمان من النوم وتدهور الصحة العقلية.

إضافة إلى ذلك قد يؤثر الحرمان من النوم سلباً في الحالة المزاجية والتنظيم العاطفي، وهذا يؤدي إلى زيادة أعراض القلق والاكتئاب؛ لذلك من الضروري معالجة كل من حالات الصحة العقلية، ومشكلات النوم في وقت واحد لتحسين الرفاهية العامة، وربما تساعد الخيارات العلاجية، مثل العلاج النفسي والأدوية وممارسات روتين نوم صحي، على تحسين جودة النوم وتقليل أعراض القلق والاكتئاب.

روتين النوم المثالي:

قد يؤدي إنشاء روتين نوم منتظم إلى تحسين جودة النوم بشكل كبير وتعزيز الصحة العامة بشكل أفضل؛ إذ يساعد الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في نفس الوقت كل يوم على تنظيم إيقاع الجسم اليومي وتحسين نوعية النوم.

إليك بعض الأساليب لإنشاء روتين نوم منتظم:

  1. من الضروري إنشاء روتين مريح لوقت النوم يشير إلى الجسم بأنَّ الوقت قد حان للنوم، وقد يشمل ذلك أخذ حمام دافئ أو قراءة كتاب أو ممارسة تقنيات الاسترخاء، مثل التأمل أو التنفس العميق، ومن الهام أيضاً تجنب الأجهزة الإلكترونية لمدة ساعة على الأقل قبل وقت النوم؛ إذ يمكن للضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الإلكترونية أن يتداخل مع إنتاج الميلاتونين ويجعل النوم أكثر صعوبة، إضافة إلى ذلك من الهام إنشاء بيئة مواتية للنوم تكون باردة وهادئة ومظلمة.
  2. يؤدي إنشاء بيئة مواتية للنوم إلى تحسين نوعية النوم بشكل كبير، ومساعدة الأفراد على التعافي من الإرهاق البدني والعقلي، فيجب أن تكون غرفة النوم باردة وهادئة ومظلمة لتوفير بيئة نوم مريحة وهادئة؛ إذ تؤدي درجة الحرارة دوراً حيوياً في جودة النوم، فقد تتراوح درجة حرارة النوم المثالية بين 15 إلى 20 درجة مئوية.
  3. قد يساعد استخدام آلات الضوضاء البيضاء أو سدادات الأذن على حجب الضوضاء غير المرغوب فيها، في حين أنَّ ستائر التعتيم أو أقنعة العين قد تساعد على حجب الضوء، ومن الهام أيضاً التأكد من أنَّ السرير والوسائد مريحة وداعمة.
  4. تؤدي المرتبة الصلبة جداً أو اللينة جداً إلى الشعور بعدم الراحة وضعف جودة النوم، إضافة إلى ذلك من الهام التخلص من مسببات اضطرابات النوم المحتملة، مثل الحيوانات الأليفة أو الأجهزة الإلكترونية في غرفة النوم.
  5. تساعد ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو التنفس العميق الأفراد على تقليل التوتر وتحسين جودة النوم، كما تساعد هذه التقنيات على تنشيط استجابة الجسم للاسترخاء وتقليل معدل ضربات القلب وضغط الدم وتوتر العضلات، وأيضاً يتضمن التنفس العميق أخذ أنفاس بطيئة وعميقة والزفير ببطء، وهذا يساعد على تهدئة الجسم وتقليل القلق. يتضمن التأمل تركيز العقل على شيء أو فكرة محددة لتقليل الأفكار المشتتة وتحسين الوضوح العقلي، ويمكن ممارسة هذه الأساليب قبل النوم لتعزيز الاسترخاء وتحسين نوعية النوم، إضافة إلى تحسين جودة النوم، يمكن لتقنيات الاسترخاء أيضاً تحسين الصحة العقلية عموماً، وتقليل أعراض القلق والاكتئاب.
  1. قد يؤدي تجنب المنشطات مثل الكافيين والكحول والنيكوتين قبل النوم إلى تحسين جودة النوم بشكل كبير، ومساعدة الأفراد على التعافي من الإرهاق البدني والعقلي؛ إذ يمكن للكافيين - وهو منبه موجود في القهوة والشاي والشوكولا - أن يتداخل مع جودة النوم عن طريق تحفيز الجهاز العصبي المركزي، وهذا يجعل من الصعب عليك النوم والاستمرار في النوم، وبالمثل فإنَّ الكحول - على الرغم من كونه مثبطاً - يمكن أن يعطل النوم عن طريق زيادة عدد مرات الاستيقاظ في أثناء الليل. يمكن أن يتداخل النيكوتين - وهو منبه موجود في منتجات التبغ - مع النوم، عن طريق زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم؛ لذا يوصى بتجنب هذه المنشطات لمدة أربع إلى ست ساعات على الأقل قبل النوم لتحسين نوعية النوم، إضافة إلى ذلك من الهام تجنب الوجبات الكبيرة قبل النوم، فقد يتداخل الهضم أيضاً مع النوم.

استراتيجيات للمساعدة على التعافي من الإرهاق البدني والعقلي:

قد يكون للإرهاق البدني والعقلي تأثير كبير في نوعية حياة الفرد، مثل صحته الجسدية ورفاهه العقلي وإنتاجيته الإجمالية، ولحسن الحظ توجد عدة استراتيجيات يمكن تنفيذها للمساعدة على التعافي من الإرهاق البدني والعقلي، وتشمل هذه الاستراتيجيات:

1. إعطاء الأولوية للراحة والنوم:

من أهم استراتيجيات التعافي من الإرهاق البدني والعقلي إعطاء الأولوية للراحة والنوم، فالحصول على قسط كافٍ من النوم والراحة أمر حاسم للجسم لإصلاح نفسه وتجديد شبابه، ويجب أن يهدف الأفراد إلى الحصول على ما لا يقل عن 7-8 ساعات من النوم كل ليلة، وقد يحتاجون إلى تعديل روتين نومهم لضمان حصولهم على راحة جيدة؛ إذ إنَّ إنشاء بيئة مواتية للنوم، وممارسة تقنيات الاسترخاء، وتجنب المنشطات قبل النوم، كلها طرائق فعالة لتحسين نوعية النوم.

2. الانخراط في التمرين المنتظم:

التمرين هو استراتيجية أخرى فعالة للتعافي من الإرهاق البدني والعقلي؛ إذ تُطلق التمرينات الإندورفين؛ وهي مواد كيميائية طبيعية تعزز الحالة المزاجية، وتساعد على تقليل التوتر وتحسين الرفاهية العامة، وأيضاً قد تساعد التمرينات المنتظمة على تحسين جودة النوم وزيادة مستويات الطاقة وتقليل أعراض القلق والاكتئاب، ومن الهام ملاحظة أنَّ التمرين لا يجب أن يكون عالي الكثافة؛ إذ توفر التمرينات الخفيفة مثل المشي أو اليوغا أو السباحة فوائد كبيرة أيضاً.

3. اتباع نظام غذائي مغذٍ:

يساعد تناول نظام غذائي مغذٍ على تزويد الجسم بالطاقة والعناصر الغذائية التي يحتاجها للتعافي من الإرهاق البدني والعقلي، فقد يساعد النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضروات والبروتينات الخالية من الدهون والحبوب الكاملة على تقليل الالتهاب، وزيادة مستويات الطاقة، وتحسين الوضوح العقلي، إضافة إلى ذلك يجب على الأفراد تجنُّب الأطعمة المصنعة والوجبات الخفيفة السكرية والإفراط في استهلاك الكافيين والكحول؛ إذ تساهم جميعها في الإرهاق وضعف الصحة العقلية.

إقرأ أيضاً: ما هي أهمية اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن للطاقة؟

4. ممارسة اليقظة والرعاية الذاتية:

ممارسة اليقظة والرعاية الذاتية هي استراتيجية أخرى فعالة للتعافي من الإرهاق البدني والعقلي، فقد تساعد ممارسات اليقظة، مثل التأمل والتنفس العميق واليوغا على تقليل التوتر وتحسين الوضوح العقلي، كما يمكن أن تساعد ممارسات الرعاية الذاتية، مثل أخذ حمام دافئ أو الحصول على تدليك أو قضاء بعض الوقت في الطبيعة أيضاً على تعزيز الاسترخاء، وتقليل مستويات التوتر، ومن الهام تحديد أولويات نشاطات الرعاية الذاتية وتخصيص وقت لها بشكل منتظم.

إقرأ أيضاً: 30 طريقة لممارسة اليقظة الذهنية

في الختام:

ربما يكون للإرهاق البدني والعقلي تأثير كبير في نوعية حياة الفرد، لكن توجد استراتيجيات عملية يمكن تنفيذها للمساعدة على التعافي منه؛ إذ إنَّ إعطاء الأولوية للراحة والنوم، وممارسة التمرينات الرياضية بانتظام، وتناول نظام غذائي مغذٍ، وممارسة اليقظة والرعاية الذاتية، كلها طرائق فعالة لتعزيز التعافي البدني والعقلي.

من خلال اعتماد نهج شامل للتعافي، يمكن للأفراد تحسين رفاههم وإنتاجيتهم عموماً، وتقليل مستويات التوتر، وتعزيز صحة بدنية وعقلية أفضل، ومن الهام أن تتذكر أنَّ التعافي عملية، وقد يستغرق الأمر وقتاً وجهداً لتحقيق الصحة البدنية والعقلية المثلى، ومع ذلك مع التفاني والالتزام يمكن للشخص تحقيق أي شيء.




مقالات مرتبطة