يقول الدكتور "باتريك إتش. فينن" (Patrick H. Finan) الباحث في أنماط النوم في "جامعة جونز هوبكينز" (Johns Hopkins University): "يمكن أن يكون كلٌّ من اضطراب النوم أو الاكتئاب سبباً يؤدي إلى الآخَر؛ فقد تسبِّب قلة النوم صعوباتٍ ومشكلاتٍ في تنظيم المشاعر وضبطها، ممَّا يجعلُك بدوره أكثرَ عرضةً للإصابة بالاكتئاب في المستقبل بعد أشهر أو سنواتٍ من الآن، كما أنَّ الاكتئاب بدوره مرتبطٌ بصعوبات النوم مثل تقصير مدة نوم الموجة البطيئة المُجدِّد للنشاط التي يحصل عليها الشخص كلَّ ليلةٍ".
إن كنتَ شخصاً مُصاباً بالاكتئاب، فإنَّ التوتر والضغوطات اليومية مثل المشكلات المالية أو الشجار مع شريك حياتك أو رحلة مسائية حافلة بالأحداث، قد تؤدي أيضاً إلى الاستيقاظ مدَّةً أطول في الليل وصعوباتٍ أكبر في العودة للنوم مقارنةً مع ما يعانيه شخصٌ غيرُ مصاب بالاكتئاب.
متى يتطلب الأمر مساعدة الطبيب؟
يمكن لفهم العلاقة بين الأرق والاكتئاب أن يساعدك على اكتشاف المخاطر مبكِّراً، والحصول على المساعدة والعلاج المناسب، واسترداد عافيتك الكاملة إن كنتَ تعاني منهما معاً، وعندَها ستشعر بصحة جيدة وراحة عظيمة وستستعيد قدرتك على الاستمتاع بالحياة مُجدَّداً، لكن ما عليك معرفته بخصوص الاكتئاب والنوم هو أنَّك يجب أن تأخذ مشكلات النوم التي تعانيها على محمل الجد دون أن تتردد في طلب المساعدة؛ ومن ثَمَّ ينبغي أن تُخبرَ طبيبَك في الحالات الآتية:
- مواجهة صعوبات في الخلود إلى النوم أو عدم القدرة على مواصلة النوم للمدة الكافية.
- الشعور بالتعب خلال اليوم.
- المعاناة من ألم جسدي أو انزعاج أو غيرها من الشكاوى والأمراض التي تحرمك من الحصول على قسط كافٍ من النوم الليلي الجيد، بوصفها علامات انقطاع النفس الانسدادي النومي أو تعرُّضك لتوقُّف التنفُّس المُؤقَّت مراتٍ عدة ليلاً.
يمكن لعلاجاتٍ مثل العلاج المعرفي السلوكي للأرق وَأجهزة ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر (CPAP) لعلاج انقطاع النفس أن تساعدك على استعادة نومك الجيد، وتجنُّب إصابتك بالحالات المرضية المرتبطة بمشكلات النوم مثل الاكتئاب؛ إذ يتعرض الأشخاص المصابون بانقطاع النفس النومي إلى خطورة أكبر للإصابة بالاكتئاب بمُعدَّل خمسة أضعاف.
شاهد بالفيديو: 6 طرق تساعدك في التغلب ذاتياً على الاكتئاب
الحذَر والانتباه لعلامات الاكتئاب:
تشمل علاماتُ الاكتئاب الشعورَ باليأس والعجز والحزن، وصعوبات ومشكلات في التركيز وتذكُّر الأشياء وفقدان الطاقة والنُّعاس في أثناء النهار، وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي كانت تُسعِدُك في الماضي، وأفكار الانتحار أو الموت؛ لذا يجب عليك إخبار طبيبك واستشارته إن كنتَ تعاني أيَّاً من هذه الأعراض، وهو ما يُعدُّ هاماً بصورة خاصة إن كنتَ تتحدث إليه عن الأرق.
يشرح الدكتور "فينن" ذلك قائلاً: "قد يكون الأرق حالةً مَرَضية معزولة وحدها أو أحدَ أعراض الاكتئاب؛ لذا يحتاج طبيبُك إلى معرفة أكبر قدرٍ ممكن من المعلومات كي يصف لك العلاج المناسب للمشكلة الصحيحة والحقيقية التي تعانيها".
طلب المساعدة لكلٍّ من الاكتئاب واضطرابات النوم:
إن كنتَ تعاني الاكتئاب والأرق في آنٍ معاً، فليس من المُفترَض أن يكون العلاج الدوائي لأحدهما شافياً للآخر تلقائياً، فقد تحسِّن أدوية علاج الاكتئاب بوصفها مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية وغيرِها من الحالة المزاجية للشخص وتوقُّعاته ونظرته إلى الحياة؛ لكنَّها قد لا تكون كافيةً لتحسين نوعية النوم لدى المريض.
في الختام:
تشير بعضُ الأدلَّة إلى أنَّ اضطرابات النوم المُزمِنة لدى الأشخاص الخاضعين لعلاج الاكتئاب تزيد من خطورة عودة الاكتئاب؛ لكنَّ الخبر الجيد هو وجود بعض الأدلَّة الباكرة على أنَّ العلاج المعرفي السلوكي للأرق بالمشاركة مع أدوية علاج الاكتئاب يحسِّنان من نوعية النوم لدى الأشخاص المصابين بالاكتئاب، وقد يزيدان كذلك من احتمالات الدخول في مرحلة هدأة للاكتئاب
أضف تعليقاً