كيفية التعامل مع الأشخاص المستفزين

جميعنا لدينا أشخاص مستفزون في حياتنا؛ إذ يأتون بأنواع مختلفة، وقد تكون شخصياتهم مستفزة للغاية والتعامل معهم أشبه بالعذاب، وفي كثير من الأحيان يكون هؤلاء الأشخاص زملاء في العمل، أو أفراداً من العائلة، أو جيراناً، أو عملاء يجب أن نتعامل معهم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدونة "فانيسا فان إدواردز" (Vanessa Van Edwards)، وتُحدِّثنا فيه عن كيفية التعامل مع الأشخاص المستفزين.

لقد تحدَّثت منذ فترة مع صديقة لي عن الأشخاص المستفزين الموجودين في مكان عملها، وحدثتني عن زميلةٍ لها في العمل تُدير كلَّ شيء إدارة تفصيلية وتتحدى الأشخاص الذين لا يتفقون مع قراراتها، إنَّها حِشَريَّة، ومثيرةٌ للجدل، وتقتل الروح المعنوية وتستغرق وقتاً طويلاً في الاجتماعات التي تعقدها.

يتسبب الأشخاص المستفزون في كثير من التوتر في مكان العمل إضافة إلى أخذ وقت الناس، ويمكن أن يثيروا أعصابنا، ويسيئوا معاملتنا.

لقد شاركت صديقتي أنَّ أحد زملائها الجدد في العمل أخبرها بثقة عن استراتيجيته التي يستخدمها في الفترة الأخيرة للتكيُّف، إنَّه ببساطة يراقب تصرفات الأشخاص المستفزين الفظة في الاجتماعات، ثمَّ يحسب الطرائق المختلفة التي يحاول بها الناس تجنبهم.

إذاً كيف يمكننا معاملة الأشخاص المستفزين عندما يكون سلوكهم شديد الصعوبة؟

إليك طريقتان لذلك:

الانتباه إلى لغة الجسد:

يجب أن تكون مدركاً تماماً للغة الجسد؛ فهذه طريقة فورية وقابلة للتنفيذ لمعاملة الأشخاص الصعبين، فماذا يقول جسدنا؟ وماذا يقول جسدهم؟ يمكن أن يؤدي إجراء بعض التعديلات الصغيرة في الطريقة غير اللفظية التي نتواصل إلى إحداث فرق كبير.

إقرأ أيضاً: تعلم قراءة لغة الجسد من خلال الحركات

ضع هذه الأساليب الآتية في الحسبان عند معاملة الأشخاص المستفزين:

1. لغة الجسد المفتوحة:

أبقِ جذعك مفتوحاً ويديك مرئيتين؛ فاليدين المرئيتين والجذع المكشوف يساعدانك على بناء الألفة دون الحاجة إلى الكلام ويظهران أنَّك أنت والشخص الذي تتحدث معه على وفاق.

2. المواجهة:

المواجهة تقنية من تقنيات لغة الجسد تهدف إلى توجيه رأسك وجذعك وأصابع قدمك نحو الشخص الذي تتحدث معه؛ فهذا يدل على الاحترام حتى لو لم تستخدم الكلمات للتعبير عن ذلك؛ أي كأنَّك تقول: "أنا أُولي اهتماماً لك"، وكل الأشخاص يريدون أن يشعروا بأنَّهم يحظون بالاهتمام وبأنَّ آراءهم تلقى آذاناً صاغية وهذه طريقة سهلة لتحقيق هذا الهدف.

3. توفير المساحة:

معظم الناس يحتاجون إلى حوالي 45-152 سم ليشعروا أنَّك لست في مساحتهم الخاصة، فإذا كان أمامك شخص يشعر بالاستياء ودخلت في مساحته الشخصية فمن المحتمل أن تشعر بزيادة القلق لديه؛ لذا انتبه للمسافة التي تفصلك عن الشخص الآخر، لا سيَّما عندما يبدو مستاءً.

4. اللمس:

ينطبق الشيء نفسه على اللمس، فتشمل المنطقة الآمنة لِلَّمس الودي الذراع، من الكوع إلى أسفل اليد (بما فيه المصافحة)، فإذا كنت تعرف الشخص جيداً أو يمكنك تقييم ما إذا كان اللمس موضع ترحيب، فإنَّ اللمسة الخفيفة على الساعد أو الكوع يمكن أن تعرِب عن تواصلٍ إيجابي.

5. الوضعية المنغلقة:

إذا لاحظت أنَّ الشخص يخفي جذعه من خلال شبك ذراعيه أمامه أو حمل شيء ما، فقد يكون متحفِّظاً، تذكر أن تُبقي لغة جسدك مفتوحة لبناء الثقة والألفة بينكما، وحاول إخراجه من هذا الوضع إذا كان ذلك ممكناً من خلال إعطائه شيء ما، أو من خلال تقديم القهوة أو أي مشروب آخر ليحمله.

شاهد بالفيديو: صفات الشخصية القاسية وكيفية التعامل معها

6. التعبيرات الدقيقة:

إذا تمكنت من معرفة التعبيرات العالمية السبعة (وهي مجموعة من تعابير الوجه تعطي لمحةً عن مزاج الشخص تتضمن السعادة والانبهار والرضى والحزن والخوف والاشمئزاز والغضب)، فستكون لديك القدرة على قراءة الناس قراءةً أكثر فاعلية وإظهار التعاطف على نحو أفضل؛ على سبيل المثال إذا أظهر الشخص الآخر تعبيراً دقيقاً عن الخوف عند الإدلاء بتعليق ما، فيمكنك تقديم تفسير على الفور للمساعدة على تخفيف توتره.

إذا رأيته سريع الغضب، فيمكنك محاولة تخفيف حدة الموقف وإعادة توجيه المحادثة وقَول: "أعلم أنَّ هذا قد يكون محبطاً، دعنا نأخذ بعض الوقت لمراجعة الإجراء والتواصل في غضون ساعة؛ فأنا أعلم أنَّنا قادران على التوصل إلى حل بديل".

التعاطف:

إنَّ جزءاً كبيراً من التفاعل مع الأشخاص المستفزين يتطلب التعاطف والتفهم، اسأل نفسك: "ما الذي يجعلهم يتصرفون بهذه الطريقة؟ فهل الأمر متعلق بالسيطرة؟ أو انعدام الأمان؟ أو الخوف؟ أو التغيير؟ أو الألم الجسدي أو العقلي؟ وهل يمكنني تلبية هذه الحاجة؟" ففي بعض الحالات، نعم، نستطيع ذلك.

منذ سنوات لقد عاملت شخصاً مستفزاً في مدرسة ابني، فقد أظهر هذا الشخص حاجة كبيرة إلى الشعور بالأهمية، ومن الواضح أنَّه يحب أن يكون في موقع السيطرة والقوة، ولسنوات تولى دورياً مراقبة حركة المرور والأطفال في الشارع على الرَّغم من أنَّه لم يكن موظفاً في المدرسة إلا أنَّه كان يقف في منتصف الطريق ويخبر أولياء الأمور بما يجب عليهم فعله، وكذلك لقد طلب أن يُدعى بـ "الكابتن"، ولقد وجد كثير من الناس هذا السلوك مزعجاً، ولكن لا يجب أن يكون الأمر كذلك.

من خلال إدراك حاجته إلى الشعور بالأهمية تمكنتُ من منحه تلك الأهمية والاستمرار في يومي دون أن يزعجني ذلك، حتى أنَّني كنت أناديه بالكابتن الأمر الذي كان يسعده كثيراً؛ فمجرد التفكير في شخصية المرء بجميع جوانبها يساعد على إنشاء التعاطف.

كما يُقال انظر إلى الغضب والتحديات بوصفها "هدية ثمينة"، واسأل نفسك ما هو الدرس الذي يقدمه هذا الأمر وما الذي يمكنك تعلمه من الشخص؛ فالتفكير في الشخص ووضعه يمنحنا هبة تسمح لنا بأن نكون أكثر تسامحاً وتعاطفاً معه.

إقرأ أيضاً: 3 استراتيجيات تساعدك على ممارسة التعاطف مع الذات

في الختام:

قيل قديماً: عندما يمنحك شخص ما "هدية الغضب" ارفض قبولها، ارفضها بأدب واسمح له بأخذها معه، بالطبع إنَّ الحديث عن هذا الأمر أسهل من تنفيذه، ولكن تذكير أنفسنا بأنَّ هذه ليست مشكلتنا يساعدنا على معرفة دورنا في العلاقة.

قبل بضع سنوات كانت وجهات نظرنا أنا وزوجي مختلفة فيما يتعلق ببعض القضايا، وقد تسبب الأمر في حدوث توتر بيننا.

بقدر ما كان الأمر صعباً فقد جربت نصيحتي الخاصة، وبدأ كلانا في الإصغاء إلى وجهة نظر الآخر لفظياً وغير لفظي، ومع الممارسة بدأت محادثاتنا في التحسن بأعجوبة، لقد تمكنا معاً من الحصول على فهم أعمق لمنظور الآخر، وأصبحت محادثاتنا المزعجة درساً لكلٍّ منا وأدت في النهاية إلى تواصل أفضل.

إنَّ معاملة الأشخاص المستفزين عمل شاقٌّ؛ لكنَّه قد يؤدي إلى أشياء جيدة، ومن الممكن أن يكونوا هؤلاء الأشخاص هدية لنا.




مقالات مرتبطة