كيف يمكن للموظفين المبادرين المساعدة على زيادة صافي أرباحك؟

هل تعرف تلك المهمة التي لا يزعج أحدٌ نفسه بإنجازها أبداً؟ الموظف المبادر هو الشخص الوحيد الذي يتقدَّم طواعيةً لإنجازها؛ حيث كان لي الشرف أن أقابل من حين لآخر موظفاً مبادراً في العمل خلال مسيرتي المهنية.



من هو "الموظف المبادِر"؟ إنَّه موظف على استعداد لبذل جهد إضافي لإنجاز مهمة يتجنبها الآخرون، وخلال فترة عملي كمدير تنفيذي في شركة كوداك (Kodak)، على سبيل المثال، كانت هناك ساعة لا تعمل في إحدى غرف الاجتماعات؛ حيث علق الجميع عليها وسخروا منها، لكنَّ أحداً لم يغيرها، وذات يوم، وضعَتْ مسؤولة تنفيذية كرسياً، وخلعت حذائها ذي الكعب العالي وصعدت لتضبط الساعة، وجلس الآخرون وراقبوها وحسب.

هذا ما أعنيه بـ "الموظف المبادِر"؛ فهل لديك مثل هذا الموظف في شركتك؟

يصعب العثور في ظل السوق التنافسي في أيامنا هذه على موظفين مميزين وينسجمون بسلاسة مع ثقافة شركتك ويتوافقون في الوقت ذاته مع الرؤية التي تنشئها أو تطورها، كما أنَّ الاحتفاظ بهذه المواهب المتميزة أكثر صعوبة حتى، ثم يأتي بعدها عامل الرضا؛ حيث يؤدي رضا الموظفين إلى معدلات احتفاظ عالية، الأمر الذي يرتبط ارتباطاً مباشراً بنجاح الشركة ونتائجها النهائية.

تعني معدلات الدوران المنخفضة أنَّ الموظفين راضون ومنسجمون في عملهم، وهي ركيزة أساسية في بناء أساس قوي وطويل الأمد؛ حيث يجب أن يشعر الموظفون بالاندماج من أجل إحداث تأثير هام في الشركة.

ومع ذلك، تخبرنا الأرقام قصة مختلفة؛ حيث لا يندمج ما يقرب من 65% من الموظفين في العمل أو ينفصلون فعلياً عنه وفقاً لتقرير حالة مكان العمل الأمريكي، والذي أشار أيضاً إلى أنَّ تكلفة أرباب العمل في الولايات المتحدة تتراوح بين 483 و605 مليار دولار بسبب الإنتاجية المفقودة كل عام.

من الواضح أنَّك لست بحاجة إلى شهادة دكتوراه في علم الاقتصاد لتعرف أنَّ هذه الأرقام مروِّعة، وليس من الضروري أن نجد نتائج عدم اندماج العمال في عملهم على شكل أرقام فقط، فبعض الأعراض الأخرى التي يبديها هؤلاء الموظفين واضحةً جداً أيضاً، ومنها: التغيب عن العمل والسلوك السيئ والوقت الطويل الذي يقضيه الموظفون على وسائل التواصل الاجتماعي والغياب المستمر للحماس؛ لذا من الأفضل أن يُجري أي قائد لديه هذا النوع من الموظفين بعض التغييرات وبسرعة.

إقرأ أيضاً: القوى التنافسية الخمس لـ "بورتر": تقويم توازن القوى في مجال العمل

الموظفون السَّامُّون:

يجب على المؤسسات إجراء تغييرات على الطريقة التي تتعامل بها مع الموظفين لاقتلاع هذه المشكلة من جذورها، على سبيل المثال: لقد استمعتُ مؤخراً لندوة عبر الإنترنت أجراها سي لي سميث (C. Lee Smith)، المدير التنفيذي ومؤسِّس شركة "سيلز فيول" (SalesFuel) المختصة بتدريب مديري أقسام المبيعات؛ حيث استشهد بتجربته الشخصية حول كيفية التعرف إلى الموظفين السامين تعرُّفاً صحيحاً.

تحدَّث سميث عن تعيينه لموظفَين اثنين على وجه الخصوص هدما بمفردهما ثقافة الشركة، وعلاوة على ذلك، بحث سميث في كيفية تحديد هذا النوع من الموظفين، والخطوات التي يجب اتخاذها إذا كان لديك موظف كهذا في شركتك، وقدَّم نصائح حول كيفية تجنبهم تماماً.

إذاً، كيف يمكنك تطوير القوى العاملة الخاصة بشركتك وتدريبها لتظل مندمجة وملتزمة بقضية الشركة؟ فيما يلي أربع خطوات تساعدك على ذلك:

1. إجراء المحادثات الهادفة:

لم يعُد التجمُّع قرب مبرِّد الماء مكاناً مناسباً لإجراء المحادثات بعد الآن، فكما يتضح من الإنفوجراف الذي نشرته شركة تالنت وركس العالمية (Talent Works International)، التي تساعد الشركات على توظيف أفضل المواهب، بات البريد الإلكتروني والرسائل الآن قنوات التواصل لإجراء 67% من المحادثات في المكاتب المفتوحة؛ كما يقضي الموظفون أيضاً 73% وقتاً أقل في التفاعلات وجهاً لوجه، وفقاً للإنفوجراف ذاته، ونظراً لأنَّ الرسائل الفورية والأدوات التقنية الأخرى تحل محل التفاعلات البشرية، يجب على القادة محاولة إعادة تلك التفاعلات.

أنا شخصياً أحب مخطط طابق مكاتبنا، فمكتبنا في مدينة نيويورك مفتوح تماماً، والجميع على مقربة منك، وعلى الرغم من أنَّ المكتب المفتوح ليس مثالياً عندما يكون لدينا مكالمات جماعية؛ حيث قد تكون أصوات بعضنا مرتفعةً، إلا أنَّه يسمح بالتفاعل الوثيق مع الأشخاص الذين نقضي معهم معظم ساعات العمل، كما ينطبق الشيء نفسه على مكتبنا في مدينة سو فولز (Sioux Falls) في ولاية داكوتا الجنوبية (S.D.)، كما تعزز المكاتب المفتوحة من العلاقات الاجتماعية وتوفر تفاعلات أكثر واقعية، والتي بدورها تحسِّن تحسيناً إيجابياً ثقافة شركتنا.

ومع ذلك لا يكفي تخطيط المكتب للحفاظ على تعاون الموظفين؛ حيث يجب أن تولي التقرب باستمرار من زملائك في الفريق والاشتراك معهم في محادثات هادفة أهميةً خاصة بصفتك قائداً؛ إذ يجب أن تكون هذه المحادثات طويلةً وهادفة أيضاً.

اسألهم عن أحوالهم وأحوال أسرهم، أو أخبرهم لماذا تقدِّر عملهم والتزامهم تجاه الشركة، ففي الواقع، وفقاً لشركة بيزنز سولفر (Business Solver)، قال 92% من الموظفين في أحد الاستطلاعات إنَّهم يعتقدون أنَّ إظهار التعاطف جزء لا يتجزأ من زيادة الاحتفاظ بالموظفين؛ فكلما زاد تقديرك لمساهماتهم؛ شعروا بأنَّهم أكثر قيمة ولا يمكن الاستغناء عنهم وزادت إنتاجيتهم.

2. إخبار الموظفين بدورهم في الشركة:

نحن جميعاً نريد أن نعرف دورنا في خطة الشركة الأكبر، فهذا من طبيعتنا البشرية، كما أنَّ الجميع يرغبون في أن يلاحظهم مديروهم أو مشرفوهم المباشرون ويعملون بجد لتحقيق هذا الثناء.

وافق جميع الموظفين الذين شملهم استطلاع شركة كلير كومباني (Clear Company) تقريباً؛ أي ما يقارب 96% منهم، على أنَّ تلقي التغذية الراجعة بصورة منتظمة يساهم في زيادة رضا الموظفين، وأظهرت البيانات المأخوذة من استطلاع الحالة العالمية لمشاركة الموظفين أنَّ 63% من الموظفين شعروا أنَّهم لم يحصلوا على الثناء الكافي.

من الواضح أنَّه من الهام أن يشعر الموظفون بأنَّهم يتناسبون بسلاسة مع الصورة الأكبر للشركة، ناهيك عن أنَّه من الجيد دائماً معرفة أنَّ العملاء أو زملاء العمل أو المديرين التنفيذيين الآخرين يقدرونك؛ كما وجدت الأبحاث التي أجرتها شركة ديلويت (Deloitte) أنَّ معدلات دوران الموظفين في المنظمات التي تُجري اختباراً لبرامج تقدير جهود الموظفين قد انخفضت بنسبة 31%.

ابذل جهودك إذاً للحفاظ على معدل دوران الموظفين منخفضاً؛ لأنَّه يؤثر في صافي أرباحك، فدوران الموظفين مكلِف؛ حيث يمكن أن يكلِّف في المتوسط مبلغاً يعادل حوالي 20% من راتب الموظف؛ وتُظهر دراسات أخرى أنَّ تكاليف استبدال الموظفين تصل إلى 150000 دولارٍ لكل موظف.

نستنتج من هذا أنَّه علينا استثمار الوقت في تخفيض معدل دوران الموظفين وجعل الموظفين يشعرون بالتقدير، وسنجني ثمار جهودنا لاحقاً.

شاهد بالفديو: 6 طرق مبتكرة لتعزيز إنتاجية الموظفين

3. تحدي الموظفين باستمرار:

يحب الجميع التحديات؛ وعلى الرغم من تفاوت نسبة هذا الحب من شخص لآخر، إلا أنَّ الحقيقة المؤكدة هي أنَّه لا أحد يحب أن يشعر بالملل، متى كانت آخر مرة تحديت فيها موظفيك؟ وأعني بعبارة "التحدي" تكليفهم بمهمة تتجاوز منطقة الراحة الخاصة بهم وتعدُهم بترقية؟

يرغب الموظفون في التحديات؛ وعلى الرغم من أنَّ هناك أجزاء من كل وظيفة يكون فيها الروتين هو الأفضل، إلا أنَّه يجب بذل الجهود لجعل العمل مكاناً متوازناً قدر الإمكان، ولا يعني ذلك أنَّ الشكَّ ليس مشكلة، فتبعاً لاستطلاع أجرته شركة توليرو سوليوشنز (Tolero Solutions)  التي تركز على تجاوز العقبات وتحسين أداء الموظفين، قال 45% من الموظفين الذين شملهم الاستطلاع إنَّهم يفتقرون إلى الثقة في قادتهم، ويمكن أن يؤثر ذلك في أداء عملهم؛ لذلك يجب على أي قائد أعمال أن يعمل على تقليل هذه النسبة.

وتكمن الخطوة الأولى لذلك في خلق بيئة عمل تحكمها الثقة من خلال أن تكون دائماً في الصدارة مع فريقك؛ حيث يجب أن تكون الشفافية إحدى الركائز الأساسية لمنظمتك، وبمجرد تحقيق هذا المستوى من الثقة، سيصبح الموظفون أكثر انفتاحاً على التحديات.

يجب استبدال العمل الممل المطلوب في معظم الوظائف بمهام أكثر صعوبة، وذلك للحفاظ على مشاركة الجميع؛ ناهيك عن أنَّ تفويض المهام المخصصة لتعزيز إمكانات الموظف يدل على مستوى عالٍ من الثقة في هذا الفرد، فهو يتيح لهذا الشخص معرفة أنَّك تؤمن بقدراته وتتوقع أن تكون نتيجة المشروع الذي يعمل عليه ناجحة.

استفد من نقاط قوة موظفيك وطوِّر مشاريع جديدة لهم، مثل تعيين موظفين جدد أو متدربين، خاصةً إذا كنت صاحب شركة صغيرة بدون قسم موارد بشرية.

إقرأ أيضاً: "التدفق": تحقيق التوازن بين التحدّيات والمهارات المطلوبة لإنجازها

4. عدم الإغفال عن الثناء على جهود الموظفين في زحمة الأمور الأخرى:

يرغب كل الموظفون في أن تُقدَّر جهودهم، وبأن يشعروا بأنَّهم مميزون إلى حد ما؛ حيث إنَّه لأمر رائع أن تقيم حفلةً للاحتفال بإنجاز هام، ولكن اسأل نفسك إن كان هذا عادلاً لمندوب المبيعات الذي جعل هذا الإنجاز ممكناً، فليست هناك حاجة إلى فعل لفتة كبيرة، ولكن يجب أن يحدث شيء ما.

على سبيل المثال، في كل مرة أذهب فيها إلى مكتبي في مدينة سو فولز (Sioux Falls)، أحاول شراء الغداء للفريق، فهم يعملون بجد ويمنحنا الغداء وقتاً للاسترخاء ولأخذ استراحة من وتيرة العمل السريعة، ومع ذلك إذا كان هناك شخص قد أنجز أكثر من البقية، فإما أن أسحبه جانباً وأثني على عمله الرائع، أو أعترف بهذه الجهود أمام الفريق بأكمله؛ حيث سيكون الموظف ممتناً لذلك، فقد أوضحت دراسة حول انسجام الموظفين في عملهم أجرتها شركة أوفيس فايب (Office Vibe) أنَّ 82% من الموظفين الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أنَّه من الأفضل تلقي المديح بدلاً من الهدايا.

باختصار، يعرف كل مدير تنفيذي أنَّ موظفيه يجب أن يكونوا إحدى أهم ركائز شركته؛ أي يجب أن يكون التأكد من أنَّ موظفيك لديهم الأدوات والمعرفة اللازمة لأداء مستوى عالٍ من العمل من الأولويات؛ فهذا يخلق الثقة التي تزيد من الإنتاجية، والتي تزيد بدورها تزيد من صافي أرباحك.

تذكر أنَّه يمكنك دائماً تعليم المهارات، ولكن لا يمكنك تعليم السلوك أو الشغف؛ لذا تأكد من توظيف الموظفين المبادرين لا الموظفين الذين يستنزفون طاقتك.

المصدر




مقالات مرتبطة