كيف يمكن للقراءة والأدب توسيع آفاق الفرد؟

نحن نعيش الآن في حقبة زمنية تعتمد على السرعة، فيجب على الإنسان أن يكون على علم بكثير من مجالات الحياة، والقراءة هي الحل الوحيد الذي يستطيع أن يجعل الإنسان يتعلم كثيراً عمن حوله، فإضافة إلى المعلومات التي تقدمها الكتب وإلى الطريق الذي تفتحه أمامك توجد عدة إيجابيات ستحصل عليها بالقراءة، وفي مقالنا هذا سوف نحدثكم عنها.



للقراءة دور هام جداً في توسيع آفاق الفرد، وأيضاً في تشكيل هوية الفرد الذي هو أساس المجتمع وبنيانه والعنصر الفعال في النهوض بالأمة وقيادتها للتقدم نحو الأمان، فنحن في زمن الجميع فيه يريد المرتبة الأولى والجميع يسعى بكل ما لديه إلى نيلها، والمعرفة سبب رئيسي للنجاح والوصول إلى هذه المرتبة، وانعدامها يعني البقاء في الوراء.

إنَّ القراءة تمثِّل سفينة سفر عبر الزمن، فإنَّ عقلك ينتقل إلى زمن الكتاب ويجعلك تعيش أحداثه ومشاعره، كما يفتح للفرد آفاقاً جديدة للتعلُّم عن ماضي الشعوب والحضارات؛ وذلك من خلال القراءة عن زمنهم والعيش في ماضيهم عن طريق التخيل.

عند القراءة عن البلدان المتنوعة وحضاراتها وأكثر ما تشتهر به، تصبح لديك معرفة كبيرة بالخارج، وتشعر بأنَّك تعيش في البلد الذي تريده وتتعلم ثقافة الشعوب التي تحبها وأنت جالس في مكانك، ويمكنك أن تستفيد من القراءة في كثير من المواقف التي تحدث لك، فمقارنة المواقف التي تحدث معك في الواقع مع المواقف الموجودة في الكتب والتي قرأت عنها، تساعدك على إيجاد الحلول وتفهُّم الأمور من وجهة نظر أخرى، وتتيح لك أفكاراً ووجهات نظر متنوعة تستطيع من خلالها أن تقرر الموقف الصحيح الذي يجب أن تأخذه، كما تجعلك تعيش تجربة من الشعور مع مواقف لم تحدث لك من قبل، وترى كيفية تفاعلك معها، وتكتشف عدة جوانب مخفية في شخصيتك.

أهمية القراءة في تطوير العقل:

تكمن أهمية القراءة في تطوير العقل وتغييره، فقد أكدت عدة دراسات أجرتها الجامعات الأجنبية على تأثير القراءة إيجاباً في الدماغ، فقد استُدعيَت مجموعة من الطلاب وأُوصِلَت أدمغتهم في أجهزة، ومن ثم أُعطوا كتباً لقراءتها، وكانت النتيجة على الشاشة أنَّ العقل يتفاعل مع المعلومة، وبزيادة وتيرة المعلومات أو تعقيد القصة التي يقرؤها، فإنَّ العقل يشكل روابط أعقد، وتلك الزيادة أثرت بشكل جيد في الإحساس بالماديات والمعنويات.

للقراءة أثر هام في التعاطف والعلاقات الإنسانية، فقد أُجريت الاختبارات على تأثير موضوع الكتاب في صحة القارئ النفسية وطريقة تفكيره، ووُجِد أنَّ الإنسان الذي يقرأ الأدب الإنساني أو كتباً وروايات لها جانب عاطفي خيالي يكون قادراً على فهم واستيعاب الطرف الآخر بكل سلاسة، فعندما تكون القصة طويلة، فإنَّ القارئ باللاشعور يرتبط بالشخصيات وكأنَّه يعرفها منذ زمان وكأنَّ علاقة صداقة تربطه بها، فتتأجج لديه كل المشاعر المطلوبة ويعيش الموقف كأنَّه هو.

فوائد القراءة علمياً:

أظهرت الدراسات أنَّ الطلاب الذين يقرؤون كتباً متنوعة تزداد عندهم حصيلة المفردات، كما يستطيعون التعلم بشكل أسرع، فالأطفال الذين بدؤوا تعوُّد القراءة أصبحت ذاكرتهم أفضل وكانت لهم الأولوية في الدراسة، كما أثَّرت في نتاجهم في المستقبل، فكانت لديهم فرصة أكبر في التوظيف.

لقد لاحظ معظم العلماء بعد دراسة عينات عشوائية والمقارنة بين أطفال تعلموا القراءة مبكراً وأطفال لم يكن لديهم هذا الاهتمام؛ أنَّ الأطفال القارئين لديهم القدرة على التواصل بشكل فعال وإنشاء جو مريح في العمل.

تساعد القراءة على تخفيف التوتر والاكتئاب، ولها دور كبير في تخفيف الضغوطات، فنجد أنَّ معظم المتعودين على القراءة يلجؤون إلى القراءة عندما تضيق بهم الأمور، فللقراءة دور هام في تصفية الذهن والهروب من الواقع، كما تساهم في تخفيض ضغط الدم وتنظيم ضربات القلب مثل تأثير اليوغا والضحك، وللقراءة أثر كبير في الهروب من الواقع، وتسمح للقارئ بحياكة عالم آخر يلجأ إليه عند شعوره بالوحدة.

شاهد بالفديو: كيف يقرأ الأذكياء؟ 5 نصائح تساعدك على القراءة بذكاء

تأثير القراءة في تفكير الفرد:

تؤثر القراءة بشكل فعال في تفكير الفرد وتنمِّي التفكير الناقد لديه، فأغلب الكتب تجعلك تفكر هل كان الكاتب على حق، وهل المعلومات التي ذكرها صحيحة، وهذا يجعلك تناقش الأفكار المطروحة مع الآخرين أو تبحث عن معلومات بخصوص ما قرأت، ومن ثم تنمِّي لديك قدرة البحث والمناقشة والنقد.

بسبب وجود أنواع كثيرة من الكتب التي تختلف حسب طريقة النهاية والقصة والسرد؛ نجد أنَّ الإنسان القارئ يمتلك القدرة على تحليل الأحداث والأمور وتوقُّع النهايات، وتتطور لديه القدرة على فهم شخصيات المحيطين به؛ وذلك من خلال تحليلها وفهم ظروفهم وإيجاد طرائق للتعامل معهم.

كما أنَّ للقراءة مساهمة كبيرة وبشكل عظيم في تحسين الذاكرة، فعقلك أصبح عبارة عن مجموعة من الأزمان والأفكار والشخصيات والأماكن وكثير من التفاصيل الصغيرة التي يجب أن تحفظها وتنتبه لها من أجل فهم الكتاب بشكل جيد؛ وبهذا الشكل تصبح ذاكرتك متدرِّبة على حفظ تفاصيل الأماكن والأشخاص والأزمان بشكل أفضل، ومع تكرار الأمر وبازدياد كل قراءة، تصبح لديك ذاكرة قادرة على حفظ المعلومات الزمانية والمكانية والصور بشكل أفضل.

أثبتت معظم الدراسات أنَّ للقراءة دور هام في مكافحة مرض ألزهايمر وحماية الإنسان منه، فعن طريق القراءة تستطيع أن تمرِّن عقلك بشكل جيد وتعززه بعديد من المعلومات والأفكار والحقائق، التي تجعله يفكِّر ويتنشَّط ويعمل باستمرار وبشكل مفيد له، وتبعده عن الخمول والراحة، كما أنَّها تزيد النباهة.

إضافة إلى تمرينات العقل والرياضات الذهنية، فإنَّ القراءة لها دور هام في تحسين التركيز؛ ففي عصرنا الحالي عصر السرعة، نجد أنَّ الإنسان مجبر على القيام بعدة أعمال بدقة عالية في وقت قصير، فنحن الآن في زمن التفوق والجميع يريد الحصول على المركز الأول؛ ولهذا فإنَّ للقراءة دور هام في تحسين تركيز الفرد، فعندما تلجأ إلى الكتاب تجعل كل تركيزك منصباً على الأحداث الجارية؛ وبذلك تجد نفسك مستقلاً بعيداً عن ضجيج العالم مختلياً بنفسك ترتب أفكارك.

لذلك أغلب أطباء العصبية ينصحون بأن تبدأ نهارك بقراءة كتاب لمدة عشرين دقيقة يومياً؛ فمفعولها كما اليوغا تنشِّط وتجعلك تبدأ نهارك بنشاط.

إقرأ أيضاً: كيف يقرأ الأذكياء؟ 5 نصائح تساعدك على القراءة بذكاء

الكتب التي يمكن أن تلهم التغيير الشخصي:

إنَّ تأثير الأدب في التفكير والتحول الشخصي من الموضوعات الهامة والمطروحة للمناقشة بشكل كبير، فنجد أنَّك عندما تقرأ وتطلع على تجارب وخبرات الأفراد الناجحين الذين دوَّنوا قصة حياتهم ومسيرتهم ونشروها، فإنَّ لذلك دور كبير في تحفيزك لإمكانية وصولك لأهدافك، ويوضح لك مشقة الطريق وضرورة المتابعة والمكافحة، فتجعلك بعض الكتب عند قراءتها تعيد التفكير بأي خطوة تقوم بها ومناقشتها فيما إذا كانت الخيار الأفضل أم هناك بديل، والآن سنعرض بعض أسماء هذه الكتب:

1. كيف تغير حياتك في سبعة أيام؟ (للكاتبة إيلين موليغان):

يتخصص الكتاب في القضايا الاجتماعية وقضايا المرأة كما يعلِّم كيفية تطوير الذات بهدف تحقيق الأحلام المستقبلية، ويحتوي الكتاب على استبيانات وخطط وتعليمات وُضِعَت من قبل الكاتبة للمساعدة على إيجاد طريقك في تطوير ذاتك.

2. ابقَ قوياً 365 يوماً في السنة (للكاتبة ديمي لوفاتو):

يحتوي الكتاب على مجموعة من الدروس الحياتية التي تعلَّمَتها الكاتبة خلال مسيرة حياتها، والمجموعة مكونة من 365 يوماً مليئة بالأفكار الصريحة والجريئة والشجاعة، ويعتمد الكتاب على تحفيز المتلقي مهما كان جنسه، ويؤكد على ضرورة السعي وأهمية وجود إلهام ومحفز ودافع لتبقى قوياً.

3. دع القلق وابدأ بالحياة (للكاتب ديل كارنيجي):

يحلل هذا الكتاب مشاعر وأفكار الإنسان ويساعدك على تحديد أهدافك واكتشاف مواهبك، كما يجعلك ترى بوضوح الطريق نحو السعادة، ويحتوي الكتاب على مجموعة من التجارب لشخصيات مشهورة تجعلك تدع القلق وتبدأ بالحياة.

4. العادات الذرية (الكاتب جيمس كلير):

يتمحور الكتاب حول تغيير عاداتك السيئة إلى عادات جيدة مفيدة تدوم معك لوقت أطول، كما يتحدَّث الكتاب عن إمكانية تحويل التغييرات البسيطة التي نقوم بها في شخصيتنا إلى نجاح عظيم.

5. كتاب 100 طريقة لتحفيز نفسك (الكاتب ستيف هاندلر):

يتحدث الكتاب عن أنَّ كل إنسان مكافح وناجح بحياته يحتاج إلى التحفيز من قبل الآخرين، كما أنَّه يريد أن يكون هذا التحفيز ذاتياً، وأنَّك أنت في المستقبل حصاد ما زرعته اليوم، فالكتاب مبهر وطريقة سرد القصة رائعة.

6. الدوافع المحركة للبشر (الكاتبة سوزان كويليام):

هدف الكتاب هو اكتشاف القدرات المكنونة في شخصيتك ومساعدتك على التعامل مع الشخصيات الصعبة، كما يساعدك على فهم المحيطين حولك وإقناعهم في وجهة نظرك، وزيادة محيطك من خلال التعرف إلى مزيد من الأشخاص.

7. أيقظ العملاق الذي بداخلك (الكاتب أنتوني روبنز):

يصل الكتاب إلى ذاتك الداخلية ويهدف إلى تعليم السيطرة على ردود الفعل وحالات الغضب الانفعالية المتحركة، والقدرة على ضبط النفس، وطرائق استخدام الجانب الإنساني والعاطفي والمالي في تطوير علاقاتك الاجتماعية.

إقرأ أيضاً: أقوال عن أهميَّة القراءة

في الختام:

ندعوكم للاطلاع على الكتب التي ذكرناها وقراءتها للاستفادة من محتواها، ولتساعدكم على تطوير أنفسكم والسعي نحو مستقبل أفضل مشرق لكم، ونتمنَّى أن يكون مقالنا أفادكم.




مقالات مرتبطة