كيف يمكن تربية الطفل بشكل جيد؟

تربية الطفل أكثر عملية حساسة بعد الزواج؛ وذلك لأنَّ الطفل كالزرع بقدر الاهتمام والرعاية تحصد النتائج الجيدة؛ لذلك يجب تعزيز دوركما بصفتكما والدَين في حياة أبنائكما فهم نتيجة ما زرعتماه، لذلك سنستعرض في هذا المقال كيفية تربية الطفل، وما هي أهم النصائح لتربية سليمة خالية من الأخطاء والأمراض النفسية؟ فإذا كنت من المقبلين على الزواج فتابع معنا.



إلامَ يشير مصطلح تربية الأطفال؟

يشير مصطلح تربية الأطفال إلى العملية الحساسة المستخدَمة لتنشئة الطفل منذ الولادة وحتى سن الرشد، ويمكن أن تعتمد الطريقة التي تتم بها تربية الطفل اعتماداً كبيراً على الظروف الثقافية التي عاش بها الآباء، وكيف يتخذ الآباء قرارات بشأن مثل هذه القضايا المعقدة، مثل ما إذا كان يجب على الأم العمل ومختلف أنواع التأديب المناسبة للطفل.

تجدر الإشارة إلى عدم وجود طريقة صحيحة واحدة لتربية الطفل، ففي جميع أنحاء العالم ينجح الآباء في تربية أطفال مستقلين وسعداء باستخدام مجموعة متنوعة من الأساليب، وقد أظهرت دراسة تلو الأخرى أنَّ رعاية الوالدين واستخدامهما أكثر استراتيجية تربوية هي مفتاح تربية الطفل الناجحة، وتُعَدُّ دراسة هذه القضايا جزءاً من السياسة المتبَعة في تحسين العملية التربوية للطفل وخاصةً تلك التي تتمحور حول التحديات التي تواجه الأسرة عموماً.

ما هي الأبوة والأمومة في الولايات المتحدة الأمريكية؟

يستشهد المؤلفون في كتاب "الأبوة والأمومة حول العالم" بالدراسة التي أجرتها "سارة هاركنيس" أستاذة التنمية البشرية في جامعة "كونيتيكت"؛ إذ تمت دراسة مجموعة متنوعة من قضايا الأبوة والأمومة في الولايات المتحدة، وكان أحد الموضوعات الشائعة هو أنَّ الآباء في الولايات المتحدة يميلون إلى أن يمتلكوا الإدراك المبكر لتربية أطفالهم.

من المرجح أن يركز الآباء الأمريكيون على أهمية الحفاظ على مستويات عالية من الذكاء والنشاط العقلي لدى أبنائهم منذ الصغر، فعادةً ما يركزون على هذه الأمور أكثر من الآباء في البلدان الأخرى، وقد وجدت دراسة أجراها مركز "بيو" للأبحاث أنَّ الآباء في أمريكا يميلون إلى التأكيد على السمات الآتية عند تعليم أطفالهم المهارات الحياتية:

  1. أن يكونوا على قدر كافٍ من المسؤولية.
  2. أن يعملوا على إحياء الإنسانية لديهم بطريقة عملية بعيداً عن المواعظ والمثاليات.
  3. أن يمتلكوا أخلاقاً حسنة تجعلهم يتعاملون مع الناس بلطف ومحبة.
  4. أن يرسخوا قيمة القانون في أذهانهم، ويعلموهم أنَّ القانون هو الإله الذي لا يجب مخالفته، وأنَّ أي فعل يخل بالمصلحة العامة سيكون القانون له بالمرصاد.
  5. أن يزرعوا بداخلهم شعور الاستقلالية والقدرة على تأمين احتياجاتهم الخاصة دون الحاجة إلى أحد.
  6. أن يزرعوا بداخلهم أهمية العمل ويرسخوا بداخلهم أنَّ العمل هو الحصن الحصين لهم.
  7. أن يشجعوهم على إشباع رغباتهم وعدم كبتها؛ وذلك لما لاقوه من نتائج كارثية لكبت رغبات الطفل.
إقرأ أيضاً: أبناؤنا ونعمة العاطفة

ما هي أهم النصائح لتربية الأطفال تربية صحيحة؟

1. عزز احترام أطفالك لذاتهم:

يبدأ الأطفال بتعزيز إحساسهم بأنفسهم وهم أطفال عندما يرون أنفسهم من خلال عيون والديهم؛ إذ يمتص أطفالك نبرة صوتك ولغة جسدك وكل تعبيراتك، وقد تؤثر كلماتك وأفعالك في تنمية تقديرهم لذاتهم أكثر من أي شيء آخر، فأنت بصفتك أباً عليك مدح إنجازات أطفالك مهما كانت صغيرة وسيجعلهم ذلك يشعرون بالفخر.

يجب عليك أيضاً السماح لهم بفعل الأشياء بشكل مستقل، وهذا سيجعلهم يشعرون بالقدرة والقوة، وعلى النقيض من ذلك فإنَّ التقليل من شأن أفعال أطفالك والاستخفاف بها أو مقارنتهم بطريقة سلبية مع أطفال آخرين سيجعلهم يشعرون بأنَّهم لا قيمة لهم وأنَّهم أدنى ممن حولهم.

تجنَّب الإدلاء بآراء مشحونة أو استخدام الكلمات بوصفها أسلحة مثل "يا له من عمل غبي"، أو "أنت تتصرف كطفل أكثر من تصرفات أخيك الصغير"؛ فهذه الجمل تسبب ضرراً كما تفعل الضربات الجسدية وتعزز لدى الطفل شعوراً بالنقص وتزرع لديه أمراضاً نفسية شتى وحالة من عدم ثقة بالنفس، فقم باختيار كلماتك بعناية وكن رحيماً مع أولادك ودعهم يعرفون أنَّ الجميع يرتكبون الأخطاء وليس وحدهم، وأنَّك ما زلت تحبهم حتى عندما لا تحب سلوكهم.

2. أثنِ عليهم دائماً وكن عطوفاً معهم:

هل قمت يوماً ما بالتفكير في عدد المرات التي تتفاعل فيها تفاعلاً سلبياً مع أطفالك في يوم معين؟ قد تجد نفسك تكثر من النقد في كثير من الأحيان أكثر من الثناء عليهم، ففكر للحظة: ما هو شعورك حيال رئيسك الذي عاملك بهذا القدر من التوجيه السلبي حتى لو كان عن حسن نية؟

الأسلوب الأكثر فاعلية لجعل الأطفال يفعلون شيئاً صحيحاً هو قول الآباء لهم: "لقد رتبت سريرك دون أن يُطلب منك ذلك، هذا رائع"، أو "كنت أشاهدك تلعب مع أختك الصغيرة وكنت صبوراً جداً"؛ إذ ستؤثر هذه العبارات فيهم وتعمل على تشجيعهم للقيام بسلوك جيد على الأمد الطويل أكثر من التوبيخ المتكرر الذي يترك الطفل في تردد دائم وحذر خوفاً من التوبيخ الذي يتلقاه.

احرص دائماً على إيجاد شيء للثناء على أطفالك كل يوم، وكن كريماً معهم وامنحهم المكافآت على عملهم الجيد، وامنحهم حبك وعانقهم بشكل دائم، واعلم أنَّ مجاملاتك يمكن أن تصنع العجب، فإذا طبقت هذه الأفعال البسيطة سرعان ما ستجد أنَّك تنمي المزيد من السلوك الذي ترغب برؤيته في أطفالك.

شاهد بالفديو: 18 طريقة تجعل تربية الأطفال سهلة

3. ضع حدوداً للانضباط وكن ملتزماً بها:

الانضباط ضروري في كل بيت، فالهدف من الانضباط هو مساعدة الأطفال على اختيار السلوكات المقبولة وتعلُّم ضبط النفس، فقد يتجاوزون أحياناً الحدود التي تضعها لهم، ولكنَّهم يحتاجون إلى تلك الحدود ليصبحوا بالغين ومسؤولين بالقدر الكافي.

يساعد وضعُ قواعد للمنزل الأطفالَ على فهم ما تريد منهم وتطوير ضبط النفس، فقد تتضمن هذه القواعد ممنوع مشاهدة التلفاز حتى انتهاء الواجب المنزلي المفروض عليهم، وعدم السماح بالضرب أو الشتائم أو المضايقات المؤذية.

يمكنك أيضاً وضع نظام تحذير يتبعه عواقب مثل فقدان الامتيازات، ولكنَّ الخطأ الشائع الذي يرتكبه الوالدان هو عدم متابعة أطفالهما في تنفيذهم لواجباتهم، فلا يمكنك تأديب الأطفال لإهمالهم الواجب في يوم من الأيام وتجاهلك الإهمال في اليوم التالي، فعندها ستكون أنت من قصرت في أداء واجبك. 

4. خصص وقتاً لأطفالك:

غالباً ما يكون من الصعب على الآباء والأطفال الاجتماع معاً لتناول وجبة عائلية، ناهيك عن قضاء وقت ممتع معاً، لكن ربما لا يوجد شيء قد يرغب الأطفال في الحصول عليه أكثر من ذلك، فهذا سيقوي علاقة الآباء والأبناء ويجعلهم على مسافة قريبة منهم، لذلك استيقظ قبل 10 دقائق في الصباح من موعد استيقاظك المعتاد؛ وذلك حتى تتمكن من تناول وجبة الإفطار مع أطفالك، أو خصص وقتاً للمشي بعد العشاء مع أطفالك واجعلهم يشعرون بك وكأنَّك صديق بالنسبة إليهم، وبذلك سيخبرونك عن أسرارهم وعن مخاوفهم وستستطيع بذلك توجيههم.

يجد معظم الآباء أنَّه من المفيد جدولة وقتهم مع أطفالهم، فقد تستطيع أن تخصص "ليلة خاصة" كل أسبوع لتكون معهم وتدع أطفالك يساعدونك على تحديد كيفية قضاء الوقت.

يبدو أنَّ المراهقين يحتاجون إلى اهتمام أقل من آبائهم مقارنة بالأطفال الأصغر سناً؛ وذلك نظراً لوجود عدد أقل من الفرص المتاحة للآباء والمراهقين للتواصل معاً، لكن يجب على الآباء بذل قصارى جهدهم ليكونوا مستعدين عندما يعبِّر ابنهم المراهق عن رغبته في التحدث أو المشاركة في النشاطات العائلية، فإنَّ حضور الحفلات الموسيقية والألعاب والأحداث الأخرى مع ابنك المراهق يجعل علاقتكما أكثر قوة ومتانة.

لا تشعر بالذنب إذا كنت تملك عملاً مرهقاً ولا تستطيع قضاء الكثير من الوقت مع أطفالك، فإنَّ الأشياء الصغيرة التي تقوم بها مثل صنع الفشار ولعب الورق والتسوق سوف يتذكرها الأطفال كثيراً وتترك أثراً بالغاً فيهم.

إقرأ أيضاً: إلى كل أب وأم: ما هي أهمية التواصل في التعامل مع أولادكم المراهقين؟

5. كن قدوة جيدة لأطفالك:

يتعلم الأطفال الصغار الكثير عن كيفية التصرف من خلال مشاهدة والديهم كيف يتصرفون، فكلما كانوا أصغر سناً زاد تأثرهم بك أكثر، وقبل أن تصرخ أمام أطفالك تعبيراً عن غضبك، فكر في هذا "هل هذه هي الطريقة التي تريد أن يتصرف بها أطفالك عندما يكونون غاضبين؟"؛ لذلك اعلم جيداً أنَّ أطفالك يراقبونك باستمرار.

أظهرت الدراسات أنَّ الأطفال الذين يتعرضون للضرب من قِبل آبائهم عادةً ما يكونون أكثر عدوانية مع الآخرين، لذلك قدِّم نموذجاً للسمات التي ترغب في رؤيتها في أطفالك، كالاحترام والود والصدق واللطف والتسامح، وأظهر السلوك غير الأناني أو افعل أشياء لأشخاص آخرين دون توقع مكافأة وعبِّر عن الشكر وتقديم المجاملات للآخرين، وقبل كل شيء عامل أطفالك بالطريقة التي تتوقع أن يعاملك بها الآخرون، فهذا سيعزز شعور الإنسانية لديهم.

في الختام:

نرى أنَّ دور الآباء لا يقتصر على الإنجاب فقط؛ بل على التربية أيضاً، فإذا كنت لا تملك المهارة في تربية أطفالك فمن المفضل ألا تنجبهم من الأساس؛ وذلك لأنَّ الإنجاب في هذه الحالة يكون أكثر الأعمال أنانية؛ لذلك تعلَّم أهم الطرائق لتربية أطفالك وكن قدوة حسنة لهم؛ وذلك لأنَّ الكلام المجرد لا يؤثر بقدر ما يؤثر العمل، فعندما يكبر أولادك وتراهم أناساً فاعلين في المجتمع ستشعر بالفخر وستلقى محبة الناس وتقديرهم، وستكون أكثر رضى عن حياتك وتكون بذلك قد أديت رسالة الإنسانية التي كلفك الله في أدائها.




مقالات مرتبطة