كيف يجعلك إظهار الشكر والامتنان قائداً أفضل؟

كيف نشجع الامتنان في مكان العمل؟ بالنسبة إلى كثيرٍ من الأمريكيين، فإنَّ "عيد الشكر" هو تقليد يَحدث حول مائدة العشاء مرةً في السنة، بينما فيما يتعلق بمكان العمل، فتشير الأبحاث إلى أنَّ القادة يجب أن يُقدِّموا عبارات الشكر ويُعبِّروا عن امتنانهم ليس فقط مرة واحدة في السنة؛ وإنَّما على مدار العام.



علم الامتنان:

يمكِن تعريف الامتنان بأنَّه عاطفة إيجابية تَشعر بها بعد تلقِّي شيء ذي قيمة، وقد أظهرَ العلم أنَّ الأشخاص الذين يُعبِّرون عن امتنانهم يشعرون بسعادة وعافية أكبر، ولديهم مستوىً أعلى من احترام الذات، كما يكون احتمال تعرُّضهم للاكتئاب والقلق أقل من الآخرين، إلى جانب أنَّهم ينامون بشكلٍ أفضل.

كما وَجدَت إحدى الدراسات أنَّ الاختلافات في مستويات إظهار الامتنان مسؤولة عن حوالي 20% من الفروق الفردية في الرضا العام عن الحياة.

وفقاً للباحثين، الامتنان شعور قوي؛ لأنَّه عاطفة اجتماعية معقدة؛ أي بعبارة أخرى، إنَّها عاطفة تجعلنا نُفكِّر في الآخرين؛ إذ لا يمكِننا أن نكون ممتنِّين لأنَّ شخصاً ما بذل قصارى جهده لمساعدتنا ما لم نتوقف ونفكر في هذا الأمر من منظوره. إذاً، لا عجب أنَّ الامتنان مرتبط أيضاً بهرمون الأوكسيتوسين (Oxytocin) (وهو الهرمون المتعلق بالترابط الاجتماعي).

فجوة الامتنان في مكان العمل:

بالرغم من الفوائد الكبرى التي ينطوي عليها التعبير عن الامتنان وتوجيه عبارات الشكر، إلا أنَّ ذلك لا يَحدث دائماً في العمل، فقد وَجدَت إحدى الدراسات أنَّ حوالي نصف الأشخاص يوجهون عبارات الشكر بانتظام لأفراد أسرهم، وحوالي 15% منهم فقط يوجهون الشكر بانتظام في العمل، و35% منهم يقولون إنَّهم لا يتلقون عبارات شكر من مديريهم أبداً.

وبالتالي فإنَّ "فجوة الامتنان" هي قلة التعبير عن الامتنان في مكان العمل مقارنةً بالمجالات الأخرى في الحياة.

ومع ذلك، وجدَ استطلاع لموقع غلاسدور (Glassdoor) أنَّ 80% من الموظفين يقولون إنَّهم على استعداد للعمل بجدية أكبر في حال قدَّرهم مديرهم أكثر.

تشير هذه الإحصاءات إلى أنَّ القادة الذين يُعرِبون عن امتنانهم في مكان العمل من المرجح أن يكسبوا في المحصلة موظفين أكثر تفاعلاً وإنتاجية؛ لدرجة أنَّ أولئك الذين يُعبِّرون عن امتنانهم يأخذون إجازات مرضية أقل، وفي دراسة أُجريت في مركز لجمع التبرعات، ازدادت مكالمات الناس لتقديم التبرعات بنسبة 50% بعد أن شكر المدير الموظفين على عملهم.

يعتقد الأستاذ بكلِّيَّة وارتن لإدارة الأعمال (Wharton Business School) آدم غرانت (Adam Grant)، أنَّ السبب في وجود "فجوة" امتنان في مكان العمل هو أنَّ الناس لا يحبون الاعتراف بحاجتهم إلى المساعدة في العمل، وأنَّ شكر شخصٍ ما يعني الاعتراف بأنَّك لا تستطيع أن تفعل كل شيء بمفردك.

إقرأ أيضاً: 40 طريقة للتعبير عن شكرك لموظفيك في العمل

يساعدك الامتنان على الازدهار عند مواجهة التغييرات في العمل:

يكون الامتنان في مكان العمل هاماً بشكلٍ خاص خلال أوقات التغيير، لأنَّ التغيير تحديداً لا يمكِن أن يطرأ بمفرده.

في الوقت الراهن، يتطلب التغيير المستمر وما ينتج عنه من توتر مزمن أن يزيد القادة من 3 أمور وهي: التواصل، والتعاون، والالتزام؛ حيث يؤدي غياب التواصل والثقة إلى صعوبة إنشاء رؤية مشتركة وتقليل احتمالات نجاح إجراء التغيير، ولأنَّ الامتنان هو عاطفة اجتماعية معقدة؛ فإنَّه يجمع الناس معاً بغية تحقيق رؤية أكبر؛ ومن أمثلة ذلك، في الدراسة التي أُجريت في مركز جمع التبرعات، أَظهرَت البيانات أنَّ الأشخاص الذين اتصلوا لتقديم تبرعاتهم لم يقوموا بذلك لأنَّهم شعروا بمزيد من الثقة أو الفاعلية؛ بل لأنَّهم أحسوا بأهمية القيمة الاجتماعية والتقدير من قِبَل الآخرين.

3 طرق لتكون أكثر امتناناً:

لحسن الحظ، لا تحتاج إلى أيَّة أدوات فاخرة أو درجات علمية متقدمة كي تجني فوائد الامتنان العديدة، وفيما يلي 3 خطوات بسيطة مُثبَتة علمياً لتعزيز مستويات امتنانك:

1. إرسال مذكِّرة تُعبِّر فيها عن امتنانك:

تُظهِر الأبحاث أنَّ كتابة رسالة تشكر فيها شخصاً ما على التأثير الإيجابي الذي أحدثه في حياتك هي طريقة رائعة لزيادة امتنانك، أو أَرسِل رسالةً نصية إذا كنتَ تُفضِّل ذلك، وأخرِج هاتفك الآن (ما لم يكن موجوداً بالفعل في متناول يديك)، وأرسِل رسالة نصية بسيطة إلى شخص تشعر بالامتنان لوجوده في حياتك وأخبِره أنَّك تُفكِّر فيه.

2. الاحتفاظ بدفتر يوميات أو قائمة تسجِّل عليها الأمور التي تشعرك بالامتنان:

الدفاتر اليومية لتسجيل شعورك بالامتنان شائعة هذه الأيام، ولسبب وجيه؛ حيث يمكِن أن يؤدي الاحتفاظ بقائمة بالأشخاص والأشياء التي تشعرك بالامتنان إلى زيادة هذا الشعور، وإذا لم تُحبِّذ هذه الفكرة؛ فإنَّ إنشاء قائمة قصيرة قد يفي بالغرض، كما تشير بعض الأبحاث إلى أنَّ تدوين قائمة قصيرة مرة واحدة في الأسبوع قد تكون في الواقع أكثر فاعلية من القيام بها يومياً، ما عليك سوى تدوين 3 أشياء تشعر بالامتنان لها على ورقة لاصقة وضعها في مكان تراه كثيراً، وحدِّثها أسبوعياً.

شاهد بالفديو: 6 نصائح لتحقيق الامتنان في حياتك

3. تخصيص وقت للتفكير:

توصلَت الأبحاث أيضاً إلى أنَّ مجرد التفكير في الجوانب الكبيرة والصغيرة المتعلقة بوظيفتك والتي تشعرك بالتقدير والعرفان يمكِن أن يعزز مستويات الامتنان، قد يشمل ذلك علاقات العمل الداعمة أو التضحيات أو المساهمات التي قدَّمها الآخرون لك، أو المزايا أو الفرص التي سنحت لك، أو الامتنان لإتاحة الفرصة لك للحصول على وظيفتك بشكل عام.

كما يُعَدُّ المشي كالذهاب في جولة قصيرة أو ما يسمى "مسير الامتنان" طريقةً رائعة لقضاء بعض الوقت في التفكير؛ فإذا أعجبك ذلك، كرِّر التمرين وفكِّر في العديد من جوانب حياتك التي تشعر بالامتنان لها (كالعائلة، والأصدقاء، والهوايات، وغيرها).

إقرأ أيضاً: 8 أسرار عجيبة في كلمة واحدة

كيف نزيد الامتنان في مكان العمل؟

تؤدي زيادة الامتنان في مكان عملك إلى تعزيز مشاركة العاملين وإنتاجيتهم، وبالتالي المزيد من الرضا والصحة، وفيما يلي 4 طرائق للمساعدة في الحث على مزيد من الامتنان في مكان العمل وتعزيز الشكر على مدار العام في العمل:

1. تقديم بطاقات الشكر:

كتبَ المدير التنفيذي دوغ كونانت (Doug Conant) خلال فترة عمله في شركة أمريكية للأغذية المصنعة والوجبات الخفيفة كامبل سوب (Campbell Soup) ثلاثين ألف بطاقة شكر كتبها بخط اليد إلى موظفيه، وقد كان لهذه الممارسة - إلى جانب غيرها - الفضل في قدرته على خلق ثقافة الامتنان وتحويلها إلى شركة منافسة.

وإذا كنتَ تعتقد أنَّ كتابة ثلاثين ألف بطاقة شكر أمر شاق للغاية؛ فيمكِنك أن تحذو حذو رجل الأعمال الأمريكي مارك زوكربيرغ (Mark Zuckerberg) وتفعل ذلك مرة واحدة في اليوم فقط.

لتشجيع الآخرين على فعل الشيء نفسه، اقتدِ بشركة المقاهي الأمريكية ستاربكس (Starbucks)، فقد قدَّمَت عدداً غير محدود من بطاقات شكر للموظفين ليستخدموها.

2. صنع حائطٍ للامتنان:

أنشِئ مساحةً مخصصة للموظفين ليتشاركوا التشجيع وكلمات الشكر، كما يمكِن أن يكون جداراً أو لوحاً أبيض أو لوحاً ورقياً في منطقة مشتركة، فكن مبدعاً عند القيام بذلك لأنَّه يُعدُّ طريقةً رائعة لإظهار الشكر والامتنان كثقافة في مكان العمل ومنح الموظفين شعوراً بالتقدير.

3. ابدأ الاجتماعات بإظهار التقدير والامتنان:

هناك طريقة بسيطة لتنمية الامتنان في العمل وهي بدء الاجتماعات من خلال مشاركة عبارة تقدير بسيطة (كالفرق الذي حدث في دراسة مركز جمع التبرعات)، أو إذا كنتَ تريد طريقةً أكثر ابتكاراً؛ فحاوِل أن يشارك كل شخص في الاجتماع أمراً واحداً ممتناً لوجوده، فهذا الأمر يمثل بداية ممتازة للاجتماع.

4. ذكر نعمك عندما تسوء الأمور:

من السهل أن تَشعر بالامتنان عندما تسير الأمور على ما يرام، لكنَّ الامتنان يمكِن أن يكون له تأثير أكبر إذا كنتَ تمر بمرحلة صعبة؛ لذا، في المرة القادمة التي تسوء فيها الأمور في العمل، حاوِل أن تركز على الجانب المشرق، بالتالي تَعلَّم من التجربة، واغتنِم الفرصة التي قدَّمَتها لك، وشارِك هذه الأفكار مع فريقك، حيث تُعَدُّ القدرة على أن تكون ممتناً بحق في أوقات التحدي والتغيير طريقةً رائعة لإيقاف اجترار الأفكار السلبية وتحفيز الناس وتنشيطهم.

التعبير عن الامتنان بصورةٍ رائعة:

يكون التشجيع على المزيد من الامتنان في مكان العمل (مثل أي مبادرة أخرى) عرضةً للفشل إذا قمتَ بذلك بدافع الواجب فقط، وفيما يلي 4 نصائح للتعبير عن امتنانك بطريقة أكثر تأثيراً:

1. كن ممتناً للناس وليس للأداء:

يمكِن أن تبدو مبادرات الامتنان في بعض الأحيان كبرامج باردة للاعتراف بجهود الموظفين، ولتجنُّب هذا الشعور، ركِّز على القيمة الاجتماعية للناس وفكِّر كيف أحدثوا فرقاً، واشكر الناس على استعدادهم أو حماسهم أو التزامهم أو جهودهم، وليس على تأثيرهم في نتاج العمل.

2. أضفِ طابعك الشخصي عند تقديم الشكر:

تتطلب ممارسة الامتنان معرفة الطريقة التي يود أشخاص بعينهم أن يُقدموا شكرهم من خلالها فيها وتكييف امتنانك وفقاً لذلك، فقد يكون شكر شخص خجول جداً في الاجتماع ربع السنوي العام بمثابة عقاب أكثر من كونه تقدير.

3. كن محدداً في امتنانك:

إنَّ قول "شكراً لكونك رائعاً" ليس له نفس تأثير "شكراً لك على حضور الاجتماعات دائماً قبل 5 دقائق لإعداد جهاز العرض، أعلم أنَّ اجتماعاتنا لن تسير على ما يرام إذا لم تكن معنا".

4. كن حقيقياً عندما تشكر ولا تجعل الأمر يبدو مزيفاً:

القيادة الحقيقية وإظهار الضعف هما جزآن أساسيان من الامتنان، وإذا كنتَ لا تستطيع التفكير في أي شيء أنت ممتن له حقاً؛ فلا تحاول تزييف الأمر، حيث يمكِن لمعظم الناس معرفة متى يكون التعبير عن الشكر غير صادق، وربما يكون الامتنان المزيف أسوأ من عدم تقديمه على الإطلاق.

إقرأ أيضاً: 10 طرق ذكية لتقديم الشكر إلى موظفيك

في الختام:

تُظهِر الأبحاث أنَّه سواء كنتَ مبتدئاً تماماً أم خبيراً في إظهار الامتنان، يمكِن أن يجني الجميع الفوائد الإيجابية من تبادل الشكر؛ لذا انطلِق وابدأ في تشجيع المزيد من الامتنان في مكان العمل.

المصدر




مقالات مرتبطة