كيف نستبدل الأفكار السلبية بأفكار إيجابية؟

انطلاقاً من مقولة الفيلسوف الصيني الشهير "لو تسوي" "راقِب أفكارك فإنَّها ستتحول إلى كلمات وراقب كلماتك لأنَّها ستتحول إلى أفعال وراقب أفعالك؛ لأنَّها ستتحول إلى عادات وراقب عاداتك؛ لأنَّها ستكوِّن شخصيتك وراقب شخصيتك لأنَّها سوف تحدد مصيرك".

نستطيع أن نقول إنَّ نمط حياة الإنسان ومستوى الرفاهية لدية ما هما إلا ثمرة فكره، فإذا كانت أفكاره جيدة يستطيع أن يعيش حياة جميلة وكريمة؛ لذلك سنستعرض في هذا المقال كيفية التخلص من الأفكار السلبية وتبني الأفكار الإيجابية، فتابع معنا.

كيف نتخلص من الأفكار السلبية؟

1. قف وتنفس عندما تدخل الأفكار السلبية إلى رأسك:

يتطلب التخلص من الأفكار السلبية بعض اليقظة والاسترخاء، فعندما تدخل الفكرة السلبية إلى رأسك تعرَّف إليها وتوقف عن تحليلها، توقف عن قصدٍ وخذ نفساً عميقاً فهذا سيساعدك على تنظيف رأسك من تلك الأفكار.

خذ دائماً بعض الوقت للتوقف؛ لأنَّ عقلك لا يفكر تفكيراً صحيحاً عندما تكون مرتبكاً، ويكون قمع الفكرة أسهل بكثير عندما تكون مسترخياً.

2. اسأل نفسك فيما إذا كانت الفكرة مفيدة:

ليست كل الأفكار السلبية سيئة؛ إذ تساعدك بعض الأفكار السلبية على تجنُّب الخطر وهي جزء ضروري من البقاء على قيد الحياة، فبعد أن تهدأ وتتعرف إلى الفكرة السلبية، قيِّمها على النحو الآتي هل هذه الفكرة تساعدك أم أنَّها تسبب لك القلق فقط؟ المضي قدماً يكون بناءً على الجواب.

عادة ما تكون الأفكار السلبية غير المفيدة شيئاً لا تستطيع التحكم به، فإذا كنت في رحلة بحرية وظللت تشعر بالقلق من غرق القارب فهذا غير مفيد؛ لأنَّه لا يوجد شيء تستطيع القيام به حيال ذلك في الوقت الحالي، وهذا الفكر يسبب لك القلق فقط.

3. استمع إلى الأفكار السلبية المفيدة لتجنب الخطر:

الأفكار السلبية ليست كلها سيئة؛ ففي بعض الأحيان تنذر بشيء سيحدث بالفعل وعندها تحتاج إلى الاستجابة لتلك الأفكار؛ لذا فكِّر فيما إذا كان هذا الفكر يمثل تهديداً حقيقياً وأنَّه شيء تستطيع التحكم به، وإذا كان الأمر كذلك فحلِّل الفكرة واتخذ الإجراء المناسب لحماية نفسك.

على سبيل المثال إذا عانيت حمى شديدة لمدة أسبوع، فمن الطبيعي أن تظن أنَّه يوجد سبب مَرَضِيٌّ ويجب زيارة الطبيب، فهذه فكرة سلبية مفيدة ويجب أن تستمع إليها بدلاً من تجاهلها.

استخدم الأفكار السلبية للتخطيط للمستقبل أيضاً، فإذا أنفقت مالاً كثيراً على أشياء تافهة ولم تكن لديك مدخرات مخزنة فمن الطبيعي أن تقلق بشأن ما سيحدث إذا كانت لديك نفقات طوارئ؛ لذلك استجب عن طريق تقليل إنفاقك وتوفير مزيد من المال.

4. تخيَّل الأفكار السلبية غير المفيدة وهي تطفو بعيداً:

قد يبدو هذا سخيفاً؛ لكنَّه أداة تصور قوية، عندما تحدد فكرة سلبية على أنَّها غير مفيدة تخيلها داخل فقاعة تطفو بعيداً عنك، فهذا سيزيل الفكر مجازياً من عقلك، وتوجد أداة تصور مماثلة وهي تخيُّل الفكرة على ورقة تتطاير بعيداً في مهب الريح.

5. ألهِ نفسك بنشاطات مختلفة إذا لم تستطع تركيز عقلك:

إذا واجهت مشكلة في استبدال الأفكار السلبية بجهود ذهنية، فجرِّب بعض النشاطات لتشتيت انتباهك عنها؛ فافعل شيئاً تستمتع به لتحسين مزاجك وإشغالك عن التفكير بما هو سيئ.

النشاط البدني طريقة جيدة لإلهاء عقلك؛ فالتمرين يطلق هرمون الإندورفين ويحسِّن مزاجك، أو جرِّب بعض التمرينات الخفيفة أو المشي لإلهاء عقلك.

إذا كنت في العمل أو المدرسة فقد يكون من الصعب القيام ببعض النشاطات؛ لذلك حاول التبديل إلى مهمة جديدة لفترة قصيرة أو النهوض لتناول فنجان من القهوة لأخذ استراحة سريعة.

لا تستخدم السلوكات المدمرة مثل شرب الخمر أو تعاطي المخدرات للتخلص من الأفكار السلبية، فهذه لها عواقب صحية طويلة الأمد وليست طريقة مثمرة لحل المشكلات.

شاهد بالفديو: 9 طرق لتزيد الإيجابية في حياتك

كيف نبني فكراً إيجابياً؟

1. تحدَّث إلى نفسك بالطريقة التي تتحدث بها مع الآخرين:

تذكَّر أنَّ أفكارك الداخلية تمثل الطريقة التي تتحدث بها مع نفسك، الأفكار السلبية تعني أنَّك تقول لنفسك أن تكون سلبياً؛ لذلك ضع في حسبانك ما إذا تحدثت إلى شخص آخر بهذه الطريقة، ففي معظم الحالات لن تفعل ذلك لأنَّ هذا وقح وغير ودي؛ لذلك اضبط أفكارك الداخلية وتحدَّث إلى نفسك بالطريقة التي تتحدث بها إلى الآخرين.

فكِّر في هذا التفكير السلبي على أنَّه صديق لنفسك، فأنت لا تريد أن تحبط أصدقاءك الآخرين فلماذا تحبط نفسك؟

التحدث إلى نفسك بلطف يتطلب التدريب، وتماماً مثلما يساعدك رفع الأثقال في صالة الألعاب الرياضية على تطوير عضلاتك، فإنَّ ممارسة التحدث مع نفسك بلطف ستساعدك على تطوير شعور أكثر إيجابية بالذات.

2. أحط نفسك بأشخاص إيجابيين آخرين لتحسين مزاجك:

الأشخاص الذين تقضي وقتك معهم لهم تأثير كبير في طريقة تفكيرك، فإذا أحطت نفسك دائماً بالأشخاص السلبيين فسيكون من الصعب جداً التخلص من التفكير السلبي، فبدلاً من ذلك ابحث عن أشخاص إيجابيين ومنفتحين ومنتجين، فسيؤدي قضاء مزيد من الوقت معهم إلى تحسين مزاجك وتسهيل التفكير في الأفكار الإيجابية.

إذا كان لديك بالفعل أصدقاء إيجابيين في مجموعتك فحاول قضاء مزيد من الوقت معهم، أما إذا لم يكونوا إيجابيين فتجنبهم وتعرف إلى أشخاص جدد، ويجب ألا تتخلص بالضرورة من الأشخاص السلبيين تماماً، خاصةً إذا كانوا أصدقاء قدامى، لكن ضع حدوداً معهم فقط.

3. اقرأ الأخبار وشاهد الأحداث الإيجابية:

يمكن أن يؤدي استهلاك الأخبار السلبية باستمرار إلى تدهور مزاجك تدهوراً كبيراً، ففي بعض الأحيان يُعدُّ اتخاذ خطوة إلى الوراء وتجاهل العالم قليلاً مفيداً لصحتك العقلية؛ لذا ابتعد عن الأخبار السيئة قليلاً وتابع الأخبار الإيجابية، سواء بمشاهدة فيلم أم قراءة قصص نجاح أم مشاهدة مقاطع فيديو، وامنح نفسك بعض الوقت لتكون سعيداً وبعيداً عن السلبية.

يُعدُّ اتباع روتين صباحي إيجابي طريقة رائعة لإعداد نفسك للنجاح، وبدلاً من مشاهدة الأخبار في أثناء الإفطار اقرأ قصص نجاح تبعث على الشعور بالسعادة؛ إذ يضعك هذا في عقلية إيجابية منذ بداية اليوم.

4. تجنَّب مقارنة نفسك بالآخرين:

تُعدُّ مقارنة نفسك بالآخرين وخاصة أولئك الأكثر نجاحاً منك سبباً رئيساً للقلق والاكتئاب؛ لذلك ركِّز على نفسك وأهدافك وإنجازاتك لا تشتت انتباهك بالتركيز على ما لدى الآخرين؛ لأنَّ ما يملكه الآخرون لا ينعكس على إنجازاتك.

وسائل التواصل الاجتماعي هي سبب رئيس لهذه المقارنات، فإذا اضطررت، توقَّف عن متابعة الأشخاص، ولا سيما الذين يجعلونك تشعر بالغيرة أو الشعور بالسلبية.

تذكَّر أنَّ وسائل إعلام عدة ومنها وسائل التواصل الاجتماعي تعرض صوراً مثالية بدلاً من الواقع، وإذا كان ذلك يسبِّب لك مشكلة فاقطع هذه الأشكال من الوسائط تماماً، وإذا شعرت بالغيرة من الأصدقاء أو العائلة، فابذل قصارى جهدك لتكون سعيداً من أجلهم، وتذكَّر أنَّ نجاحاتهم لا تفسد حياتك.

كيف نقيَّم تفكيرنا السلبي؟

1. تعرَّف إلى الأنواع الرئيسة للتفكير السلبي:

تستطيع تقييم أفكارك تقييماً أكثر فاعلية إذا استطعت تفصيلها بطريقة سريرية، يستخدم علماء النفس خمس فئات رئيسة لوصف الأفكار السلبية؛ لذلك يجب معرفة كل واحدة منها حتى تستطيع تحديد نوع التفكير الذي لديك، وهذه الفئات هي:

• التركيز على الأشياء السيئة: وهذا يعني أنَّك تتجاهل كل النتائج الإيجابية وتفكر فقط في النتائج السلبية.
• التفكير "يجب": يعني أنَّك تضع كثيراً من الوقت في الضغط على نفسك وتفكر في النتيجة التي يجب أن تكون، بدلاً من التفكير في خطوات بنَّاءة للوصول إلى أهدافك.
• التعميم المفرط: يعني أنَّك تستخدم عبارات عامة مثل "لا أشعر بالسعادة أبداً" أو "لن أكون بخير أبداً"، وهذه مبالغات وتجعلك تشعر بأنَّك أسوأ.
• مبدأ الكل أو لا شيء: يعني أنَّك لا ترى سوى النتائج السوداء أو البيضاء.
• التفكير الكارثي: هو التركيز على أسوأ نتيجة ممكنة لموقف ما، فإذا عانيت صداعاً مثلاً وتفترض تلقائياً أنَّ لديك ورماً في المخ فأنت بذلك تكون ذا تفكير كارثي.

2. احتفظ بدفتر يوميات واكتب أفكارك السلبية:

إذا أردت أن تتغلب على الأفكار السلبية باستمرار فتتبعها، اكتب تلك الفكرة ومتى شعرت بها وما نوع التفكير السلبي الذي كانت عليه، ابحث عن شيء مشترك في هذه الأفكار، فربما يجعلك موقف معين دائماً تشعر بالقلق أو ربما تكون مفكراً كارثياً في العادة، وبمجرد تحليل أنماط تفكيرك تستطيع تطوير استجابات بناء على الأفكار السلبية التي تتعارض مباشرة مع ما تشعر به.

احتفظ بهذه اليوميات وأحضرها معك إذا تحدَّثت إلى معالج نفسي؛ لأنَّهم سيرغبون في رؤية أنماط تفكيرك، وربما يقترحون عليك البدء بإنشاء دفتر يوميات على أي حال إذا لم تكن بدأت بعد.

إقرأ أيضاً: ملخّص كتاب قوة التفكير الإيجابي للمؤلف نورمان فينيست بيل

في الختام:

إنَّ الإنسان ما هو إلا نتاج فكره فقط، فمن أراد أن يحيا بسلام وحب فليملأ نفسه بأفكار الود والمودة بعيداً عن التعصب والكراهية ونبذ الآخر؛ وبذلك نحصل على عالم آمن ومستقر نوعاً ما، مبني على أساس تلبية المصالح الشخصية لكل فرد.