كيف نتعامل مع مشكلات الأصدقاء في المدرسة؟

تُعدُّ مرحلة الدراسة في المدرسة مرحلة مثيرة ومملوءة بالفرص لتكوين صداقات وعلاقات جديدة، ومع وجود شخصيات عديدة ووجهات نظر مختلفة في مكان واحد؛ فإنَّ مواجهة مشكلات الصداقة من وقت إلى آخر، سواء كان ذلك خلافاً أم ثرثرة أم استبعاداً أم تنمراً، أمر طبيعي تستطيع التعامل معه وإن كان صعباً ومستنزفاً عاطفياً أحياناً.



في هذا المقال سوف نستكشف استراتيجيات مختلفة للتعامل مع مشكلات الصداقة في المدرسة، مثل التعرف إلى أنواع مختلفة من المشكلات والتواصل الفعال مع أصدقائنا، وطلب المساعدة عند الضرورة وممارسة الرعاية الذاتية، وسنناقش أيضاً أهمية معرفة وقت التخلي عن الصداقات غير الصحية، واستخدام هذه التجارب بصفتها فرصاً للنمو والتعلم.

سيكون لديك في نهاية هذا المقال فهم أفضل لكيفية التنقل في صداقاتك بطريقة إيجابية وصحية وبناء روابط قوية وذات مغزى ستستمر طوال الحياة.

أنواع مشكلات الصداقة التي تحدث في المدرسة:

تظهر مشكلات الصداقة في أي وقت في المدرسة، وتتخذ أشكالاً مختلفة، وربما يساعدك تحديد الأنواع المختلفة من مشكلات الصداقة على فهم ما تتعامل معه، وأفضل طريقة للتعامل مع الموقف.

تُعدُّ الخلافات من أنواع المشكلات التي قد تنبع من آراء مختلفة عن موضوع ما، أو سوء فهم، والشيء الآخر هو القيل والقال؛ فتنتشر شائعات كاذبة عن شخص ما، وتكون مؤذية ومدمرة أحياناً، أما الاستبعاد فهو مشكلة أخرى؛ فيُستبعد الصديق عمداً من النشاطات أو المحادثات الاجتماعية، وهذا يجعله يشعر بالوحدة والرفض، وأخيراً يُعدُّ التنمر مشكلة خطيرة تنطوي على اختلال في توازن القوة؛ إذ يقوم أحد الأصدقاء عمداً بإيذاء صديق آخر جسدياً أو عاطفياً.

ربما تساعدك معرفة أنواع مشكلات الصداقة التي تحدث في المدرسة على التعرف إلى وقت حدوث المشكلة واتخاذ خطوات لمعالجتها، فعلى سبيل المثال، إذا لاحظت أنَّ صديقاً ما، استُبعد من النشاطات الاجتماعية، فتستطيع بذل جهد لإدراجه في مجموعتك وجعله يشعر بالاندماج، وبالمثل إذا سمعت ثرثرة عن صديق، فتستطيع التحدث عنه والدفاع عنه، أو مساعدة ناشر الشائعات على التوقف.

كما قال "كونفوشيوس": "الحَذِرُ نادراً ما يُخطئ"؛ لذلك من الهام التعامل مع مشكلات الصداقة بحذر وتفكير لتجنب جعل الموقف أسوأ، وتستطيع من خلال التعرف إلى الأنواع المختلفة من مشكلات الصداقة التي قد تحدث، اتخاذ الخطوة الأولى في معالجة المشكلة وإيجاد حل يناسب جميع المعنيين.

شاهد بالفيديو: صفات الصديق الحقيقي.

التعرُّف إلى علامات مشكلات الصداقة في المدرسة:

تُعدُّ مساعدة الصديق إحدى الخطوات الحاسمة في التعامل مع مشكلات الصداقة في المدرسة، وفي التعرف إلى العلامات التي تشير إلى أنَّ الصديق يعاني مشكلة، وتتطلب هذه الخطوة الانتباه إلى سلوك صديقك وموقفه ومشاعره، وفي أحيان كثيرة ربما تشير هذه العلامات إلى وجود خطأ ما في حياة صديقك ودورك بصفتك صديقاً داعماً، يمكنك الانتباه للسلوكيات التالية:

1. التغييرات في السلوك:

إذا أصبح صديقك فجأة منعزلاً أو متقلب المزاج أو سريع الغضب، فقد يشير ذلك إلى أنَّه يتعامل مع مشكلة صداقة.

2. التغييرات النفسية والعاطفية:

إذا كان صديقك يعبِّر عن أفكار أو مشاعر سلبية تجاه الآخرين أو يبدو عليه التوتر أو الإرهاق باستمرار أو يُظهر عدم اهتمام بالأشياء التي كان يستمتع بها سابقاً، فقد يشير ذلك أيضاً إلى وجود مشكلة.

3. الانسحاب من المواقف الاجتماعية:

إذا بدأ صديقك في تجنب المناسبات الاجتماعية أو التسكع مع أصدقاء آخرين، فقد يكون ذلك علامة على أنَّه يعاني مشكلة تتعلق بحياته الاجتماعية.

إقرأ أيضاً: التعاطف: تعريفه وبعض المعلومات عنه

على سبيل المثال إذا توقف صديقك فجأة عن التحدث إليك أو ابتعد عنك، فقد يكون ذلك علامة على أنَّه منزعج منك أو أنَّه يعاني مشكلة في حياته؛ لذلك من الهام التعامل معهم بتعاطف وتفهم، فهذا يسمح لهم بالانفتاح ومشاركة ما يجري.

على حدِّ تعبير أرسطو: "الصداقة هي روح واحدة تسكن في جسدين"؛ لذا بعد أن تعرفت إلى العلامات التي تشير إلى أنَّ أحد الأصدقاء يعاني مشكلة، يجب أن تدعمه دعماً أفضل وتحافظ على رابطة صداقتك، وتذكَّر أنَّ الحفاظ على صداقة صحية يتطلب جهداً وتواصلاً؛ لكنَّ فوائد وجود صديق مخلص وداعم لا تُحصى.

أهمية الاستماع الفاعل في التعامل مع مشكلات الصداقة في المدرسة:

الاستماع الفاعل هو عنصر أساسي للتعامل مع مشكلات الصداقة في المدرسة، فعندما نستمع بفاعلية؛ فإنَّنا نولي اهتمامنا الكامل لمنظور صديقنا ومشاعره دون مقاطعته أو الحكم عليه، ويساعد هذا صديقنا على الشعور بأنَّه مسموع وموثوق، وهذا قد يؤدي إلى فهم أعمق ومحادثة بنَّاءة.

على سبيل المثال تخيَّل أنَّ صديقك منزعج لأنَّه يشعر بأنَّك استبعدته من النشاطات الجماعية، فبدلاً من اتخاذ موقف دفاعي أو رفض مشاعره، مارِس الاستماع الفاعل بقول شيء مثل: "سمعت أنَّك تشعر بأنَّك مستبعد، وأنا آسف إذا ساهمت في ذلك، هل تستطيع إخباري بمزيد عما يجب أن أفعله من أجلك؟".

إن أظهرت الفضول الحقيقي والتعاطف، فإنَّك تساعد صديقك على التعبير عن نفسه والعمل من خلال عواطفه، وربما يؤدي ذلك إلى محادثة أكثر إنتاجية، وإلى إيجاد حلول معاً تلبي احتياجاتك واحتياجاته.

إقرأ أيضاً: حكم وأقوال رائعة عن الصداقة

كما قال "ستيفن آر كوفي" ذات مرة: "معظم الناس لا يستمعون بقصد الفهم، إنَّهم يستمعون بنية الرد"؛ لذلك يجب الانتباه إلى الكلام، وبدلاً من التفكير في الرد ومن خلال إعطاء الأولوية للاستماع النشط في صداقاتنا، تستطيع كسر حلقة سوء الفهم هذه، وإنشاء روابط أعمق وأكثر جدوى مع الأشخاص الذين نهتم بهم.

تجنُّب آليات المواجهة السلبية عند التعامل مع مشكلات الصداقة في المدرسة:

قد يكون التعامل مع مشكلات الصداقة في المدرسة أمراً صعباً، وقد يكون من المغري اللجوء إلى آليات الرد السلبية مثل نشر الشائعات أو النميمة أو الانتقام، ومع ذلك فإنَّ استخدام هذه التكتيكات ربما يجعل الموقف في كثير من الأحيان أسوأ ويضر بالعلاقات على الأمد الطويل، فبدلاً من ذلك من الهام ممارسة استراتيجيات التأقلم الصحية والإيجابية التي تساعد على حل المشكلة بطريقة بنَّاءة.

على سبيل المثال إذا نشر صديقك شائعات عنك فقد يكون من المغري الرد عن طريق نشر شائعات عنه في المقابل، لكن مع ذلك ربما يؤدي هذا إلى حلقة مفرغة من السلبية وتصعيد المشكلة أكثر، فبدلاً من ذلك حاول التواصل مع صديقك والتعبير عن تأثير سلوكه فيك، وإذا لم يتحسن الموقف، ففكر في طلب المساعدة من شخص بالغ موثوق به أو إيجاد طريقة لإبعاد نفسك عن العلاقة السامة.

كما قال الفيلسوف الحكيم "كونفوشيوس" ذات مرة: "الصمت صديق حقيقي لا يخون أبداً"؛ لذلك في بعض الأحيان من الأفضل تجنب الدراما والسلبية التي ربما تأتي مع مشكلات الصداقة في المدرسة، وهذا لا يعني تجاهُل الموقف أو التظاهر بأنَّ كل شيء على ما يرام؛ بل إيجاد طرائق صحية للتأقلم والتواصل لا تنطوي على سلوك ضار.

إقرأ أيضاً: مفهوم الصداقة عند الفلاسفة وأهم النصائح لتحافظ على صداقاتك

من ثَمَّ يُعدُّ تجنب آليات الرد السلبية عند التعامل مع مشكلات الصداقة في المدرسة أمراً ضرورياً للحفاظ على علاقات صحية وحل النزاعات بطريقة إيجابية، ومن خلال ممارسة التعاطف والتواصل والرعاية الذاتية، تستطيع التعامل مع المواقف الصعبة برحمة وكرامة والخروج أقوى وأكثر حكمة من التجربة.

معرفة متى يجب أن تنهي الصداقة:

من الهام العمل على الحفاظ على صداقات صحية، ومن الهام أيضاً معرفة متى تتخلى عن صداقة لم تعد تخدمك، وفي بعض الأحيان على الرَّغم من بذل قصارى جهدك في الإصلاح قد تصبح الصداقة سامة أو مستنزفة، ومن الهام أن تعرف متى حان الوقت للمُضي قدماً متجاوزاً هذه الصداقة.

تشمل الأمثلة على الصداقات غير الصحية تلك التي تستند إلى اختلالات في توازن القوى، مثلاً عندما يقوم أحد الأصدقاء باستمرار بإحباطك أو استخدامك لمصلحته الخاصة، ومثال آخر الصداقة التي تُحدث الاستنزاف عاطفياً؛ إذ يعتمد أحد الأصدقاء دائماً على الآخر للحصول على الدعم، لكن لا يرد بالمثل قط.

يجب دائماً إنهاء الصداقات التي تنطوي على سلوك مُسيء أو تحكمي بسرعة، فعندما تدرك أنَّ الصداقة لم تَعُد صحية، فمن الهام أن تتخذ خطوات لإبعاد نفسك عن هذا الشخص، وقد يتضمن ذلك قضاء وقت أقل تدريجياً معه، أو إجراء محادثة صادقة عن مشاعرك والأسباب التي تجعلك تحتاج إلى إنهاء الصداقة، وتذكر أنَّه لا بأس في إعطاء الأولوية لرفاهيتك وسعادتك وأنَّ إنهاء الصداقة لا يجعلك شخصاً سيئاً.

إقرأ أيضاً: ما هي مهارات التكيف؟ وكيف تطورها؟

في الختام:

قد يكون التعامل مع مشكلات الصداقة في المدرسة أمراً صعباً؛ لكنَّه جزء هام من التنقل في حياتنا الاجتماعية، وبناء علاقات صحية ومن خلال التعرف إلى الأنواع المختلفة من المشكلات التي ربما تنشأ، والتواصل بصراحة وصدق مع أصدقائنا، وطلب المساعدة عند الضرورة، وممارسة الرعاية الذاتية، يمكننا العمل على حل النزاعات والحفاظ على العلاقات الإيجابية.

مع ذلك نحتاج أيضاً إلى إدراك الوقت الذي لم تَعُد فيه الصداقة صحية أو تستحق الإنقاذ، وأن نكون مستعدين للتخلي عنها والمضي قدماً من خلال استخدام هذه التجارب بصفتها فرصاً للنمو والتعلم، ويمكننا تطوير مهارات حياتية هامة مثل التعاطف والتواصل وحل النزاعات التي استخدمناها في جميع علاقاتنا.

كما قال أحد الشعراء ذات مرة: "الصداقة هي دوماً مسؤولية جميلة وليست فرصة أبداً"؛ لذلك دعونا نقترب من صداقاتنا بهذه العقلية، ونتحمل المسؤولية عن أفعالنا وخياراتنا، ونسعى دائماً إلى أن نكون أفضل أصدقاء ممكنين، ومن خلال القيام بذلك تستطيع بناء علاقات قوية وذات مغزى من شأنها أن تثري حياتنا لسنوات قادمة.




مقالات مرتبطة