كيف تهزم الماضي عندما تطلق مشروعاً جديداً؟

لقد قابلتُ آفا جوانا - وهي كوتش أعمال وتأمل - على برنامج زووم (Zoom)؛ حيث تبدو رائعة الجمال ولديها هالة أخَّاذة، بمجرد أن نبدأ بحديثنا يظهر زوجها ويسألها إن كانت تريد شطيرة، فتجيبه قائلة: "أريد نصف واحدةٍ فقط".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة غابرييل غاريت (Gabrielle Garrett)، والتي تخبرنا فيه قصة كوتش الأعمال آفا جوانا (Ava Johanna) التي تغلبت على التشرد والمحن وحققت النجاح.

إنَّ طريقتها البسيطة في قبول تلك الشطيرة مؤثرة بما يكفي لتجعلني أدرك جوهر رسالتها: إنَّ كل ما ترغبُ فيه ممكن الحدوث، إن تقبَّلتَ الفيض الذي سيمنحك إياه الكون بكل حبور.

عرضت جوانا وزوجها منزل أحلامهما قبل المقابلة بعدة أيام، ويُعَدُّ هذا إنجازاً كبيراً بالنسبة إلى أي أحد، لكن بالنسبة إلى جوانا فإنَّ امتلاك منزل بالقرب من شاطئ المحيط يحمل معنى أكثر من ذلك، فقد كانت قبل 15 سنة تعيش في ولاية لوس أنجلوس في عالم مختلف تماماً؛ حيث كانت بلا مأوى، وفي سن الـ 16 أُجبِرت هي وعائلتها على إخلاء منزلهم، وتم الاستحواذ على سيارتهم؛ حيث اضطروا إلى التنقل بين منازل الأصدقاء لمدة 18 شهراً.

وبينما كان ذووهم يتجولون في سيارات فاخرة، كانت جوانا وعائلتها يقتاتون على قسائم الطعام، شعرت جوانا في ذلك الوقت باليأس بسبب ذلك الوضع، بعد أن واجهت تنمراً رهيباً في مدرستها، اضطرت إلى مغادرتها لتعمل وتُعيل عائلتها، بدأت جوانا بالاعتماد على جمالها والخوض في علاقات أساءت لها، ولكن كان يجب أن تتدبر أمورها بنفسها، وفي سن الـ 17 لم تعتقد جوانا أنَّ لديها المؤهلات الكافية للدخول إلى الجامعة.

ظلت تقضي وقتها في أمور سخيفة لا تضيف أي شيء إلى حياتها؛ وذات يوم، عثرت على فرصة عمل في بيع المنتجات مع فريق متجول؛ حيث غيَّر مديرها في هذا العمل الذي وجدته بالمصادفة حياتها إلى الأبد، ففي مرحلة ما، اقترحت جوانا خطةً تسويقيةً لخط الإنتاج ولإدارة الفريق المتجول، أشاد المدير بها قائلاً: "لديك أفكار ذكية ورائعة حقاً يا آفا".

أيقظت تلك اللحظة شيئاً داخلها، لم تدركه في البداية؛ كان ذلك الشيء إمكاناتها وطاقاتها، شعرت للمرة الأولى أنَّه يُنظر إليها على أنَّها أكثر من مجرد وجه جميل، واصلت جوانا إدارة جهودها التسويقية وبدأت حياتها كامرأة تتمتع بالقوة.

خرجت من علاقة مسيئة ومضت قدماً نحو الأمل للمرة الأولى في حياتها، وبعد أكثر من نصف عام من الخبرة في التسويق، تركت وظيفتها الأولى وحصلت على وظيفة في مجلة سان دييغو ريدير (San Diego Reader)، وفي سن الـ 21 كانت تدير فريقاً من ثمانية أشخاص، وساعدت الشركة التي تأسست منذ أكثر من 40 عاماً على بناء وكالتها الرقمية بالكامل، وفي أثناء عملها في المجلة، التقت بزوجها كوري (Corey) وبعد بضع سنوات، غادر الزوجان الشركة ليصبحا مسوقَين مستقلَّين، مستفيدين من تأثيرهم على منصة إنستغرام (Instagram) لمختلف العلامات التجارية في أثناء السفر حول العالم، ربما كانت هناك لحظات عدة نظرت فيها جوانا حولها وفكرت" "يا للروعة، لقد نجحت حقاً" تحب أن تقول إنَّها لعبت الدور في قصتها بشكل مختلف عن معظم القصص؛ حيث كانت سندريلا والأمير في آنٍ واحدٍ.

وحتى عندما انفتحت أبواب العالم أمام جوانا، وأصبحت تعيش حياة ناجحة يحلم بها الكثيرون، فلديها وظيفة بدوام كامل، وتحصل على الرعاية الصحية، وتحظى بعلاقة سعيدة، كانت تعلم أنَّه لا يزال هناك أمرٌ ناقص.

فقد شعرت بأنَّه لا بدَّ أن يكون هناك أمور أخرى ينبغي أن تحققها، كما يشعر الكثير منا عندما نحقق الأهداف التي وضعها الآخرون أو المجتمع لنا في وقت مبكر من حياتنا، كان الفضول والتعطش لاكتساب المزيد من المعنى القوة الدافعة في العديد من مراحل حياة جوانا، كترك وظيفتها الثابتة للعمل على حسابها، ثم التخلي عن دخلها الثابت كموظفةٍ مستقلةٍ للدخول بشكل كامل إلى دورها الحالي كمديرة تنفيذية لشركتها؛ حيث مهمتها الحالية هي دعم الآخرين في إيجاد هدفهم و"وما هو أكثر" في حياتهم ومهنتهم.

تقول جوانا إنَّ الخوف كان دائماً لها بالمرصاد كلَّما أقدمت على المخاطرة، لكن كانت رغبتها في إحداث تغيير تتغلب على هذا الخوف في الماضي، لم تتخذ سوى خيار الانغماس في المتاعب ومن ثم النهوض مرة أخرى من بين الرماد، وفيما يلي أهم الأفكار التي تقدمها جوانا للتغلب على الخوف:

1. الخوف هو الإيمان بالنتيجة الخطأ:

تقول جوانا: "في أذهاننا نحن أفضل من يروي القصص، ومتى ما غلبنا الخوف، فالطريقةُ الأسرع لاستعادة الثقة والتفاؤل تكمن في أن تستمد الإيمان من الخوف والعودة للأمل، بدلاً من أن تقرر وتتوقع الأسوأ فكر: "ماذا لو نجح الأمر بالفعل؟"؛ وذلك لأنَّ عقلك بذلك سيفتح آفاقاً أمامك من الحلول والإمكانات عندما تعلم أنَّ السيناريو الأسوأ هو أحد الاحتمالات أمامك، ولكنَّه ليس الطريق الوحيد.

إقرأ أيضاً: 4 سبل لتعزيز التفاؤل والتغلب على الخوف الذي يخيم على حياتنا

2. الخوف أحياناً هو إشارة للمضي قدماً:

تقول جوانا: "تنبع معظم المخاوف التي نواجهها من غرورنا، فماذا سيظن الآخرون بنا؟ وماذا لو فشلنا؟ تعطينا هذه المخاوف عادةً دروساً ثمينة وتدفعنا لنصبح أقوى وأكثر ذكاءً ومرونة، لن يدوم الخوف من النمو أو من بدء شيء جديد، وكلَّما اتخذنا هذه الخطوة الأولى، أدركنا أكثر أنَّ الخوف عندما يظهر، فهو يوجهنا نحو النمو وما نريده بالفعل".

3. يُظهر الخوف أمامنا مجالاتٍ من الممكن أن نتفوق بها:

تقول جوانا: "بدلاً من النظر إلى الخوف على أنَّه نقطة ضعف، يُظهر لنا الخوف مهاراتنا التي يمكن إتقانها، فعندما يدب فيَّ الخوف، لا أقول إنَّني لست قادرةً أو جيدةً بما يكفي للتغلب على أي عقبة تظهر في طريقي؛ وإنَّما بدلاً من ذلك أسأل نفسي: ما الذي يتطلبه مني الأمر لإزالة هذا الخوف؟ هذا السؤال وحده بمنزلة دليل إرشادي لتوجيه أفعالك وأفكارك وعواطفك لتتماشى مع شخصيتك التي قد أتقنَت بالفعل التعامل مع الخوف الذي تشعر به الآن".

شاهد بالفيديو: 12 أمراً يساعدك في التغلب على الخوف

4. لم يُوجد الخوف لتدميرنا:

تقول جوانا: "يتفاجأ الناس عندما يشعرون بالخوف، ويعتقدون أنَّهم إذا كانوا جادين حقاً في العمل أو لديهم شغف كبير، فسيكون ذلك سهلاً أو لن يكون الخوف موجوداً، لكنَّ الخوف أمر طبيعي، فهو جزء من التجربة الإنسانية، ولا ينبغي له أن يفاجئك لأنَّه أمر متوقع، عندما يأتي الخوف، فستكون جاهزاً بانتظاره، وسترحب به بفضول واستعدادٍ للتحكم بالمشاعر التي ستجتاحك؛ لذا عليك أن تؤمن بأنَّ الخوف لم يطرق بابك ليعكر صفو حياتك؛ بل جاء ليمنحك فرصة لتعزيز نموك الشخصي".

تُثبِت جوانا أنَّه يمكننا تجاوز الماضي وتوقعاتنا الخاصة، وبأنَّ الخوف سيكون جزءاً من العملية، ولكن أليس من الأفضل أن نكون مصدر إلهام للآخرين عبر كسر حاجز الخوف والقيود الوهمية؟

المصدر




مقالات مرتبطة