كيف تنهي يوم العمل عند العمل عن بعد؟

قبل تفشِّي الجائحة، غالباً ما كنت أشكو من تنقلاتي اليومية من وإلى المكتب، ومع أنَّها لم تكن رحلة طويلة، لحسن الحظ، لكنَّني شعرتُ أنَّه من الأفضل قضاء ذلك الوقت في فعل شيء آخر بدلاً من قضائه في السيارة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة "كيلسي بوريسن" (Kelsey Borresen)، وتُحدِّثنا فيه عن تجربتها مع طقوس نهاية العمل في أثناء العمل من المنزل.

والآن، بعد العمل عن بُعد لمدة ثمانية أشهر أو يزيد، أفتقد أحياناً قضاء الوقت في رحلة العودة إلى المنزل؛ أي قضاء 40 دقيقة خلال المساء في الاستماع للموسيقى أو التواصل مع أحبائي على الهاتف أو الاسترخاء؛ حيث كان هذا الجزء المتكامل من روتيني يفصل جسدياً وذهنياً يوم عملي عن ساعات الراحة.

ولكن عندما تصبح غرفة المعيشة أو طاولة المطبخ الخاصة بك مكتبك، كما هو الحال بالنسبة إلى العديد من الأشخاص الذين يعملون عن بُعد على الأمد الطويل، يصبح الخط الفاصل بين وقت العمل والراحة غير واضح.

قالت اختصاصية علم النفس السريري "جيسيكا ديفينتو" (Jessica DiVento)، مديرة برنامج الصحة العقلية في شركة "غوغل" (Google)، لموقع "هافبوست" (HuffPost): "في حين أنَّ بعض التنقلات يمكن أن تكون مرهِقة، إلَّا أنَّ من فوائدها أنَّها تمنحنا المجال للانتقال من وقت العمل إلى وقت الراحة؛ حيث إنَّها تُرِسل إشارة إلى عقولنا بأنَّنا ننتقل إلى جزء آخر من يومنا، وتساعد عقولنا على التوجه نحو التفكير في نشاطاتنا التي تلي العمل، مثل: ما الذي نريد صنعه على العشاء أو قضاء الوقت مع عائلاتنا، أو الأحداث الاجتماعية، أو البرنامج التلفزيوني الذي نتطلع إلى مشاهدته، ويمكن أن يساعدنا هذا الانتقال على أن نكون أكثر حضوراً في حياتنا خارج العمل".

إذاً كيف يمكنك إنشاء تلك الحدود لنفسك عندما تعمل عن بُعد؟ طلبنا من "ديفينتو" وخبراء آخرين مشاركة بعض العادات للمساعدة على استثمار نهاية يوم العمل:

1. كتابة قائمة بالمهام المعلَّقة:

عند العمل عن بُعد، من السهل الوقوع في فخ محاولة إنهاء شيء آخر قبل أن تَخُور قواك أخيراً ليلاً، وسرعان ما تنتقل هذه المهمة الصغيرة إلى مهمة أخرى، ثم تكتشف أنَّ الساعة هي حوالي الثامنة مساءً، وأنت لم تأكل العشاء بعد؛ ولتصحيح هذا الأمر، أنهِ فقط الأمور الهامة لهذا اليوم فقط، ثم دوِّن المهام الباقية حتى لا تنساها، وابدأ بها في الصباح بنشاط.

وقال "جيسي كان" (Jesse Kahn)، مدير مركز العلاج الجسدي في مدينة "نيويورك" (New York): "اسأل نفسك: ما هي الأشياء التي تحتاج إلى إنهائها ولم تتمكَّن من تحقيقها اليوم؟ وما هي الأشياء التي تريد أن تتذكرها للتحقق منها؟ يمكن أن تساعد هذه الأسئلة على تخفيف القلق بشأن الأشياء التي لم تُنجَز بعد، أو الثغرات التي تركتَها، بالإضافة إلى إرسال إشارة إليك بأنَّ هذه نهاية وقت العمل".

2. وضع جهاز الحاسوب الخاص بك وأشياء العمل الأخرى بعيدة عنك:

عندما تكون أجهزتك في متناول اليد، قد يكون من المغري تسجيل الدخول مرة أخرى بعد ساعات العمل، وبدلاً من ذلك، أبعِد الحاسوب المحمول وهاتف العمل وأي أوراق أو ملفات عن مجال رؤيتك؛ إذ كما يُقال: "البعيد عن العين بعيد عن القلب" أو عن "الفِكر" في حالتنا هذه.

وقالت "ديفينتو": "على سبيل المثال: يمكن أن تشاهد برنامجك التلفزيوني المفضل وتلتقط هاتفك، أو الحاسوب المحمول بلا تفكير للرد على رسائل البريد الإلكتروني، أو في أثناء جلوسك لتناول الطعام، قد تميل إلى الرد على رسالة من أحد الزملاء، مع أنَّك ترغب في أن تكون مع عائلتك في أثناء الجلوس خلف مائدة العشاء"؛ إذ يسمح لك ترك مسافة بينك وبين أدوات عملك بالاسترخاء واستعادة الطاقة بشكل كامل.

وأضافت "ديفينتو": "تساعد الحدود الواضحة بهذه الطريقة أيضاً على تقليل الإجهاد المرتبط بالعمل، والذي يؤثر بدوره تأثيراً إيجابياً في صحتنا العقلية والجسدية".

شاهد بالفديو: كيف تعمل عن بعد في منزلك؟

3. المشي:

ابتعد عن منطقة العمل المخصصة لك، واحصل على بعض الهواء النقي، فعندما يغادر "لي تشامبرز" (Lee Chambers)، المتخصص في علم النفس البيئي والمستشار الصحي في "المملكة المتحدة" (United Kingdom)، في نزهة مسائية، فإنَّه يغلق حرفياً ومجازياً الباب أمام مسؤولياته المهنية خلال الليل.

وقال: "أنظر حولي وأشعر بالهواء يضرب وجهي وتتسارع خطاي وينير الضوء الخافت وجهي، فتتَّقد حواسي ويصفو عقلي، ثم أفتح بابي، وأدخل منزلي، وأسأل أطفالي وزوجتي كيف كان يومهم؛ وهذا نبَّهني نفسياً إلى أنَّه وقت الأسرة، وهذا الوقت يستمر إلى أن أضع الأطفال في السرير".

إقرأ أيضاً: 9 فوائد تجعل من المشي أفضل نشاط يومي

4. القيام بالتمرينات:

قالت "كاثرين أجوستينو" (Katharine Agostino)، مالكة شركة "سيليكون فالي إكزكيوتف كوتشينغ" (Silicon Valley Executive Coaching): بدلاً من ممارسة الرياضة في الصباح، يمكنك القيام بالتمرين في هذه الفترة الانتقالية بين العمل والراحة؛ حيث يستخدم العديد من العملاء معدات خاصة أو أدواتٍ يشترونها عبر الإنترنت لممارسة التمرينات من المنزل، ويجدون أنَّ التمرُّن من الساعة 5 إلى 6 مساءً، تساعدهم على التخلص من ضغوطات النهار، وبدء المساء بطاقة متجددة".

وتقوم "ناز بهشتي" (Naz Beheshti)، مالكة شركة "براناناز كوربوريت ويلنس سولوشنز" (rananaz Corporate Wellness Solutions) بإخراج سجادة اليوغا الخاصة بها للقيام ببعض الحركات بعد يوم العمل، وقالت: "أحب الجمع بين تمرينات اليوغا والرقص والباليه في أي مكان من 5 إلى 30 دقيقة في أثناء الاستماع للأغاني المفضلة لدي، وبصرف النظر عن نوع اليوم الذي أمضيته، فإنَّ الحركة مع الموسيقى هي الطريقة الأسرع والأضمن لتحسين مزاجي".

5. الاتصال بأحد أفراد الأسرة:

رؤية وجه صديق أو قريب بعد يوم طويل من العمل، وإن كان ذلك افتراضياً، يمكن أن يغير مزاجك بالكامل ويساعدك على تشتيت انتباهك عن أمور العمل، فإذا لم تكن مستعداً للمزيد من الوقت أمام الشاشة، فإنَّ المكالمة الهاتفية مفيدة بالقدر نفسه؛ مجرد سماع صوتهم يمكن أن يكون مريحاً.

وقال "سيمون كينيدي" (Symonne Kennedy)، المعالج النفسي في مركز العلاج الجسدي: "بينما قد تُجري العديد من مؤتمرات الفيديو يومياً وقد يكون البقاء أمام الشاشة هو آخر شيء تريده، فإنَّ فرصة مناقشة الموضوعات الشخصية أو الاستمتاع بالوقت مع شخص قريب منك بدلاً من التحدث عن الأعمال التجارية يمكن أن يشكِّل فارقاً كبيراً بالنسبة إليك، ففي بعض الأحيان، ويمكن أن توفر مكالمة الفيديو مع الأصدقاء أو العائلة في نهاية اليوم جرعةَ الإنسانية والتجديد والتواصل التي نحتاجها لوضع يوم العمل وراءنا".

6. إشعال شمعة وتشغيل الموسيقى:

ساعد عقلك على التحول من وضع العمل إلى الإيقاع البطيء لساعات المساء؛ وذلك من خلال جعل الجو يشبه المنتجع الصحي، قال "كان": "أَشعِل شمعة وشغِّل بعض الموسيقى في وقت التوتر الذي يلي العمل مباشرة، كما يمكنك الجلوس والقيام ببعض تمرينات التنفس العميق، والتمدد قليلاً، وشرب كوب كبير من الماء، والرقص على أنغام الموسيقى، والاستحمام، أو أي طقوس أخرى ممتعة بالنسبة إليك، ففي النهاية، يمكن أن تكون هذه الطقوس فرصة للتخلص من أي توتر أو قلق مكبوت قبل الاستمتاع ببقية يومك".

إقرأ أيضاً: 10 أشياء عجيبة تحدث لجسمك عند الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية

7. التمرُّن على التنفس العميق أو التأمل:

تخصيص بعض الوقت في نهاية اليوم، حتى لو كان بضع دقائق فقط، يمكن أن يغيِّر مزاجك، وقالت "بهشتي": "آخذ وقتاً للراحة وأتأمَّل، وهذا تمرين التأمل الثاني بالنسبة إليَّ في اليوم؛ حيث إنَّني أبدأ كل صباح بممارسة تمرين التأمل لمدة 20 دقيقة؛ إذ إنَّ التأمل يهدِّئني وينشطني في الوقت نفسه، وفي نهاية يوم العمل، يساعدني ذلك على الانتهاء من اليوم والاسترخاء وتركيز الاهتمام على لحظات الحاضر".

وإذا لم تكن مهتماً بتمرينات التأمل، فقد يكون أخذ نفس عميق له التأثير نفسه؛ لذا جرِّب تقنية تسمى "صندوق التنفُّس" (Box breathing)؛ تنفَّس لمدة أربع ثوانٍ، واحبس الهواء في رئتيك لمدة أربع ثوانٍ، ثم أَخرِج الزفير لمدة أربع ثوانٍ، ثم حافظ على رئتيك فارغة لمدة أربع ثوانٍ، كرِّر هذه العملية لمدة خمس دقائق.

المصدر




مقالات مرتبطة