كيف تنفصل عن التكنولوجيا وتستعيد السيطرة على حياتك؟

لا تفارق هواتفنا الذكية أيدينا أبداً، حيث أصبحنا في هذا العالم الرقمي عاجزين عن العمل دونها؛ فكم مرة تستخدم فيها هاتفك في اليوم؟ وكم مرة تستخدم التطبيقات وتمرر بينها، أو تتحقق من وسائل التواصل الاجتماعي أو ترسل الرسائل النصية أو تتعامل مع هاتفك عموماً؟



لتوضيح مقدار استخدام الناس لهواتفهم المحمولة دون اكتراث، كشفت دراسة حديثة أنَّنا نتفقد هواتفنا بمعدل يصل إلى 2617 مرة في اليوم، وهذا مجرد معدل وسطي، حيث يمكن للمستخدمين تفقد هواتفهم حتى 5427 مرة في اليوم؛ إذاً، إلى أي مدى أصبحنا مهووسين في هذا العالم الرقمي، وهل حان الوقت لنفصل أنفسنا عن حالة الغفلة التي أصبحنا عليها؟

لماذا من الصعب جداً الانفصال عن التكنولوجيا؟

نعتمد جميعاً على التكنولوجيا، ونادراً ما نتوقف عن استخدامها؛ فسواء كنَّا نقضي ساعات أمام الكمبيوتر في العمل أم نتحقق من هواتفنا أم نتصفح الإنترنت أم نشاهد التلفاز، فمن الصعب الابتعاد عن مصادر الإلهاء والتشتيت الرقمية.

ربَّما تكون قد حاولت مسبقاً عدم استخدام هاتفك أو إلغاء تنشيط حسابك على فيسبوك (Facebook) على أمل التخلص من تأثير هذه "السموم الرقمية"؛ ونعلم أنَّه شعور جيد، ولكن على الأمد القصير فقط؛ إذ قبل أن يمضي وقت طويل، نتلهف لمعرفة ما يحدث من حولنا، فقد أصبحنا مدمنين فعلاً.

يمكن أن يتجسد الإدمان في أعراض "الانسحاب" التي نواجهها، والتي تدفعنا إلى الغوص مرة أخرى في العالم الرقمي، حيث نشعر بالأمان والهدوء والسكينة مرة أخرى.

يشعر الكثيرون منَّا أنَّ الهاتف شكل من أشكال الراحة، فمعظم لحظات حياتنا الاجتماعية مرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي والرسائل الفورية، وسنشعرونها بالعزلة والوحدة.

إقرأ أيضاً: هل تُلحِق مصادر الإلهاء الرقمية الضرر بالإنتاجية في العمل؟

فوائد الابتعاد عن العالم الرقمي:

هل نستخدم التكنولوجيا أم أنَّ التكنولوجيا هي مَن تستخدمنا؟

إنَّ اليقظة الذهنية لها أهمية قصوى في التواصل مع أنفسنا ومع العالم من حولنا، لكنَّ حاجتنا إلى الاتصال المستمر بالتكنولوجيا تعني أنَّنا نحرم أنفسنا من هذه العادة الأساسية والضرورية؛ حيث انخفضت قدرتنا على التركيز انخفاضاً كبيراً، ويتضح ذلك جلياً في مستويات إنتاجيتنا.

يمكن أن تخلق فوائد الانفصال عن العالم الرقمي وضعاً إيجابياً في جميع جوانب حياتنا، بدءاً من العمل والعلاقات الاجتماعية، وصولاً إلى أهدافنا وأحلامنا الشخصية؛ فإذا زادت مستويات إنتاجيتنا، نشعر بمزيد من الرضا والاكتفاء والسعادة بقدراتنا، وتصبح الحياة أكثر معنى وأقل سطحية.

كيف تنفصل عن التكنولوجيا وتستعيد حياتك الطبيعية؟

إذا شعرت أنَّ ارتباطك بالتكنولوجيا قد استحوذ على حياتك بالكامل، فإنَّنا نقدم لك فيما يأتي بعض النصائح التي يمكنك اتباعها لمساعدتك في محاولة الانفصال عنها واستعادة قوتك وطاقتك.

1. أنشئ مساحة خالية من التكنولوجيا:

انقل جهازك المحمول إلى غرفة مخصصة، وضع شاحن هاتفك هناك، بحيث لا يمكنك شحنه بالقرب منك؛ فعندما تخصص مكاناً معيناً لأدواتك، ستضطر إلى الذهاب إلى هناك لاستخدامها، ويقلل الإزعاج الناتج عن ذلك من رغبتك في الذهاب والتحقق منها.

2. لا تنَم وهاتفك بجوارك:

لقد اضطرب نومنا بشدة نتيجة الضوء الأزرق المنبعث من الهواتف أو الأجهزة اللوحية في الظلام؛ إذ لا يمكن لأدمغتنا أن تتوقف عن العمل والتفكير بهذه السهولة، ويصبح من الصعب الاسترخاء والاستغراق في النوم؛ لهذا السبب، ضَع جهازك في الجانب الآخر من الغرفة لكيلا تتمكن من الوصول إليه قبل النوم أو في أثناء الليل أو عند الاستيقاظ مباشرة.

3. اقطع اتصالك بالإنترنت ليلة واحدة في الأسبوع:

نحن نعتمد بشدة على توفر الشبكة بحيث نكون متاحين دائماً للتواصل، ولكن حاول لمدة ليلة واحدة في الأسبوع إيقاف تشغيل الهاتف والكمبيوتر والجهاز اللوحي، وأخبر الأشخاص من حولك بأنَّهم لن يتمكنوا من التواصل معك عبر وسائل التواصل ما لم تكن الحالة طارئة جداً، ولا تتحقق من إشعارات وسائل التواصل الاجتماعي أو الرسائل، بل حاول بدلاً من ذلك قراءة كتاب ممتع أو جرب الطبخ أو اذهب للتنزه والمشي.

4. خطِّط للقيام بمزيد من الأنشطة غير الرقمية:

ابذل جهداً واعياً للتخطيط للقيام بمزيد من الأنشطة التي لا تتضمن التكنولوجيا بحيث يتشتت انتباهك عن استخدامها، وخطِّط لممارسة رياضة المشي لمسافات طويلة أو ركوب الدراجة، أو احصل على حمام ساخن، أو انضم إلى نادٍ، أو اذهب إلى صف تدريبي، أو ابدأ هواية جديدة، أو اذهب إلى مكتبتك المحلية وتحدَّ نفسك بقراءة عدد معين من الكتب كل أسبوع أو شهر.

إقرأ أيضاً: 10 أسباب تجعل التكنولوجيا تدمر العلاقات العاطفية!

5. ابحث عن أصدقاء يشاركونك فكرة الانفصال عن التكنولوجيا:

أقنِع مجموعة لا بأس بها من الأصدقاء بمشاركتك فكرة التخلص من السموم الرقمية، وفكر في الأمر على أنَّه بمثابة مجموعة دعم، واجتمعوا معاً وقوموا بأشياء لا تتضمن التكنولوجيا، أو ناقشوا الفوائد المرتبطة بذلك؛ إذ من شأن هذا أن يعزز المشاعر الإيجابية والتقدم دون استخدام التكنولوجيا الرقمية.

6. ابدأ ممارسة التأمل:

ربَّما سمعت عن تأمل اليقظة الذهنية كثيراً فيما سبق، لكنَّه ممارسة بالغة الأهمية، بحيث تُمكِّنُك من البقاء مرتبطاً بالحاضر هنا والآن؛ لذا جرب التأمل لمدة 10 دقائق فقط يومياً، وزد هذه المدة تدريجياً.

إذا فعلت هذا الأمر عند استيقاظك مباشرة من النوم، فستقضي يوماً جيداً، وتبدأ رؤية الفوائد مع مرور الوقت.

شاهد بالفديو: 8 طرُق فعّالة لتنام بشكلٍ أفضل

7. كن أكثر وعياً ببيئتك المحيطة:

ابذل جهداً لتكون على دراية بما يدور من حولك، ويشمل ذلك الانتباه إلى الأصوات والروائح والمناظر؛ لذا ضع هاتفك في جيبك، وجرب المشي وإدراك الأشياء من حولك، ولاحظ طريقة سيرك ومشاعرك وحركتك، وما الذي يجب أن تنظر إليه وتراقبه، وما الأصوات التي تسمعها؛ إذ إنَّه لأمر صادم للغاية أنَّنا لا ننتبه إلى العالم الرائع من حولنا عندما تبقى حواسنا مشغولة بهواتفنا.

8. سجل خروجك من وسائل التواصل الاجتماعي:

إذا كان إلغاء حسابك أمراً مبالغاً فيه، ففكر في تسجيل الخروج من وسائل التواصل الاجتماعي في كل مرة تستخدمها؛ فمن السهل جداً النقر على التطبيق وإلقاء نظرة فورية على الأخبار؛ ولكن عندما يتعين عليك كتابة اسم المستخدم وكلمة المرور في كل مرة، فلن يجعلك ذلك أكثر إدراكاً ووعياً لما تفعله فحسب، وإنَّما سترى ذلك على أنَّه مَهمَّة مرهقة ستحاول تجنبها.

9. عطِّل إشعارات الهاتف:

إنَّه لمن المغري أن نتحقق من هواتفنا في كل مرة نتلقى فيها إشعاراً؛ لهذا السبب حاول إيقاف تشغيل الإشعارات، وخصِّص وقتاً للتحقق من أي شيء هام؛ وسيُقلِّل ذلك من مقدار تفحصك للإشعارات دون داعٍ.

إقرأ أيضاً: كيف توقف إشعارات تطبيقات الدردشة على هاتفك لتحقق المزيد من التركيز

10. استعن بتطبيقات حظر وسائل التواصل الاجتماعي:

إذا كنت تشعر أنَّك من المدمنين الذين يستخدمون هواتفهم بمعدل 5427 مرة في اليوم، ففكر في تنصيب تطبيقات تمنعك من الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

يساعدك تطبيق "أوف تايم" (Offtime) على حظر جميع التطبيقات المشتتة للانتباه، بالإضافة إلى إنشاء بيانات حول مقدار استخدامك لهاتفك الذكي بالفعل؛ أو إذا كان جهازك الكمبيوتر هو الذي يمنعك من أن تكون منتجاً، فستساعدك تطبيقات "سيلف كونترول" (SelfControl for Mac) لأنظمة الماك وتطبيق "كولد توركي" (ColdTurkey for Windows) لأنظمة الويندوز حقاً.

يمكننا جميعاً أن ننفصل عن التكنولوجيا ولو قليلاً، فإن لم يكن ذلك من أجل زيادة مستويات إنتاجيتنا، فليكن من أجل سلامتنا وصحتنا العقلية والنفسية؛ لذا كن أكثر وعياً بمدى استخدامك واعتمادك على التكنولوجيا، وابحث عن طرائق تساعدك على حجب استخدامها، واجعل ذلك عادة لديك، وابدأ خلق حياة أكثر سعادة ورضاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة