كيف تنشئ خطة استراتيجية شخصية تتوافق مع أهدافك؟

يعد إنشاء خطة استراتيجية شخصية أمراً ضرورياً لتحقيق أهدافك؛ حيث تضع معظم الشركات خطة استراتيجية لأهدافها، ولكنَّ بعض الأشخاص الموهوبين والمتحمسين لا يفعلون ذلك؛ إذ إنَّ معظم الناس يفكرون في أهدافهم، لكنَّهم لا يضعون استراتيجية شخصية لتحقيقها.



في هذه المقالة، سوف نتطرق إلى الخطة الاستراتيجية الشخصية؛ وذلك لأنَّها إحدى أهم المهام الفردية التي يمكنك القيام بها لتغيير مجرى حياتك.

تحديد خطتك الاستراتيجية الشخصية:

دعنا نفترض وجود شخص اسمه جون. عندما كان هذا الشخص طفلاً، لم يكن أفضل رياضي على الإطلاق، حيث لعب جميع أنواع ألعاب الكرة المختلفة، بما في ذلك كرة القدم والبيسبول وكرة السلة (هل تظن أنَّك تعرفه؟).

فشل جون هذا في الالتحاق بفريق كرة السلة بمدرسته في سن الـ 15؛ وذلك لأنَّه كان قصير القامة، وبالتالي لن يتمكن من قيادة الفريق للفوز - إذا لم تعرفه حتى الآن، فمن المحتمل أنَّك لست من عشاق الرياضة - لكنَّه لم يستسلم، فتابع تدريباته باستمرار، والتحق في السنة الأخيرة من دراسته بفريق كرة السلة الذي خسر أوَّل ثلاث بطولات خاضها.

واصل تدريباته بإصرارٍ أكبر وأصبح من أشهر لاعبي كرة السلة على الإطلاق؛ فهل عرفته الآن؟ إنَّه مايكل جوردان (Michael Jordan).

قد تقول بأنَّ المسألة بالنسبة إلى الرياضيين هي مزيجٌ من الموهبة والعمل الجاد، ومع ذلك، بدون التدريب والعمل الجاد لسنوات على الهدف نفسه، ما كان ليحقق إنجازاته أبداً.

لهذا السبب من الهام جداً أن تحدد استراتيجيتك وتتابعها، فلن يضمن ذلك أنَّك ستصبح شخصاً مشهوراً عالمياً، ولكن يمكنه ضمان حصولك على أفضل الفرص للوصول إلى أهدافك من خلال التخطيط الشخصي.

إقرأ أيضاً: قصص ملهمة لخمسة رياضيين ستحفز الجميع

ما هي الخطة الاستراتيجية الشخصية؟

وفقاً لمقالة نُشرت في مجلة جورنال أوف مانيجمينت ريسيرش (Journal of Management Research): "تعني الاستراتيجية الشخصية الفعالة القدرة على التفكير في أطر زمنية متعددة، وتوضيح ما يحاول المرء تحقيقه بمرور الوقت، بالإضافة إلى ما يجب القيام به على الأمد القصير للوصول إلى ما يريد؛ بمعنى آخر، وضع رؤية وخطة لتنفيذها".

عند إعداد خطتك الاستراتيجية، يجب أن يكون لديك عقلية نمو جيدة، وأن تكون طموحاً لتحقيق أهدافك، لا سيما إذا كانت أهداف طويلة الأمد.

وفقاً لمقالة نُشرت في مجلة هارفارد بزنس ريفيو (Harvard Business Review): "يتمتع الأفراد الذين يؤمنون بإمكانية تطوير مواهبهم - من خلال العمل الدؤوب والاستراتيجيات الجيدة والمساهمة مع الآخرين - بعقلية نمو متطورة، فهم يتوجهون إلى تحقيق أهدافهم أكثر من أولئك الذين يملكون عقلية ثابتة (أولئك الذين يعتقدون أنَّ مواهبهم هي مهارات فطرية فقط)".

التخطيط هو السمة الرئيسة المرتبطة بالنجاح، وقد يكون في بعض الأحيان أهم من الموهبة ذاتها. وهناك الكثير من الأساليب التي يمكنك اتباعها لبناء استراتيجيتك الشخصية، وتتشارك جميعها برؤية عالية المستوى، وإحساس بقيمك، وخطوات عملية للوصول إلى أهدافك.

آفاق التركيز:

ديفيد ألين (David Allen) هو أحد المتخصصين الرائدين في إدارة الوقت على مستوى العالم. يتحدث ديفيد في كتابه الشهير "إنجاز الأمور" (Getting Things Done) كيف أنَّ أحد جوانب إدارة الوقت هو فهم ما تحتاج إلى إنجازه، إذ يميل بعض الناس إلى الانتقال إلى المشروعات الجديدة دون قضاء بعض الوقت في التفكير في المهام التي يحتاجون فعلاً إلى تنفيذها.

تتضمن طريقته ستة آفاق (بما في ذلك الأفق الأرضي أي الأفعال الحالية):

1. الأفق الخامس، الهدف والمبادئ:

أنت في هذا الأفق تحدد نظرتك للحياة. لا شكَّ أنَّ هذه خطوةٌ كبيرة، حيث تحتاج إلى التفكير في المهام التي سيُسعِدك تنفيذها ولو بعد عقودٍ من الزمن، ومن الأسئلة التي تستطيع طرحها هنا: "ما الوظائف، والصناعات، والتأثيرات التي تثير اهتمامك، وما الموروث الذي يثيره هذا؟".

هناك طريقة جيدة للتأكد من أهدافك، تدعى تقنية "الأسباب الخمسة"، وهي تقنية بسيطة تطرح على نفسك فيها سؤال: "لماذا" 5 مرات لمساعدتك على فهم الأسباب الحقيقية لاختيار هدفك.

على سبيل المثال: إذا كنت تريد أن تصبح رائد أعمال ناجحاً، يمكنك أن تسأل نفسك لماذا أريد أن أصبح رائد أعمال؟ ويمكنك أيضاً أن تسأل نفسك لماذا ذلك تحديداً؟ فإذا كان السبب هو إحداث تأثير كبير، فيمكنك أن تسأل أسئلة إضافية، مثل: "هل هذه أفضل طريقة لإحداث تأثير؟"، إذا كان ذلك فعلاً ما تريده، فقد تتساءل عن سبب رغبتك في التأثير، ربما يكون ذلك بسبب وجود شيء تهتم به بشدة. هذا مثالٌ جزئيٌّ بسيط للتأكُّد من أهدافك.

لا ينبغي أن تقتصر رؤيتك على الأهداف المهنية فقط؛ بل على كل هدف تهتم به في الحياة، إذ يُعَدُّ: "أن أكون أنجح رجل أعمال على الإطلاق" مثالاً سيئاً لا يُلبِّي رغباتك واحتياجاتك الداخلية، ومن الجيد أن يكون المثال المرتبط بك وبأهدافك الشخصية محدداً وغير عام.

عند اختيار هدف طويل الأمد، يمكنك المتابعة إلى الخطوة التالية لمعرفة كيف ستكون سنواتك القادمة.

الجزء الثاني من هذا الأفق هو المبادئ، فباختيار مبادئك، يمكنك إعادة التحقق من اختياراتك ومعرفة ما إذا كانت ترقى إلى مستوى توقعاتك من نفسك.

2. الأفق الرابع، رؤية تمتد 3-5 سنوات:

بعد أن حددت هدفك بوضوح في الحياة، يمكنك التخطيط للسنوات القليلة القادمة؛ حيث يستغرق تحقيق الأهداف الطموحة مدَّةً من الزمن، ولكن يجب عليك أن تخطط للوصول إليه، ومن ناحية أخرى، عليك أن تكون مرناً خلال هذه الأوقات، نظراً لوجود الكثير من التغييرات الجارية.

أنت تحتاج إلى ذلك عندما تضع أهدافاً كبيرة، مثل التخطيط لوظيفة دائمة، فإذا كنت تسعى إلى أن تصبح كاتباً، وهدفك هو أن تصبح كاتب عمود في صحيفة نيويورك تايمز مثلاً، فما الذي سيوصلك إلى هناك؟

إذا كان حلمك أن تفتتح شركة ناشئة ناجحة، فما الذي يمكنك فعله لتعلُّم الأشياء الصحيحة لتأهيلك كرائد أعمال؟ وإذا كان هدفك هو أن تكون مصمم ألعاب على مستوى عالمي، فما الذي يجب عليك فعله لتحقيق ذلك؟ يمكن أن تستمر الأمثلة إلى ما لا نهاية.

يُنصَح دائماً بالبحث عن منتور للتشاور معه عندما تفكر في تنفيذ الخطوات التي اتخذتها.

ليس بالأمر السهل أن تحدد أهدافاً تمتد من 3 إلى 5 سنوات لتصل إلى رؤيتك، ولكن عموماً، يجب أن تتخيل طريقاً هو لن يكون واضحاً بنسبة 100٪ في بعض الأحيان؛ ولكنَّه سيأخذك في الاتجاه الصحيح.

إقرأ أيضاً: كيف تجسد ما تريده بوضوح وتحقق أحلامك؟

3. الأفق الثالث، أهداف وغايات من عام إلى عامين:

لنفترض أنَّك اخترت وظيفةً محددة، كيف سيكون عامك المقبل؟ الآن، يجب أن تركز على المعايير ومؤشرات الأداء الرئيسة التي تساعدك في الوصول إلى أهدافك، وقد تبدو في بعض الأحيان رؤيتك  بعيدة عن أهدافك، لكنَّ الرؤى بعيدة المنال بطبيعتها.

إذا قررت أن تصبح رائد أعمال ناجحاً في غضون خمس سنوات للتأثير إيجاباً على تغيُّر المناخ، ولكنَّك ما زلت لا تشعر أن لديك المعرفة للقيام بذلك، فقد تكون الخطوة الأولى هي السعي إلى تأسيس شركة ناشئة تفعل ذلك، وبعد مرور السنة الأولى من العمل في تلك الشركة، ستفهم متطلبات عملك وتكون مستعداً للقيام بها بشكلٍ رائع، وبذلك تكون في الطريق الصحيح نحو تحقيق حلمك.

4. الأفق الثاني، مجالات التركيز والمساءلة:

بعد التخطيط للسنوات المقبلة، نصل الآن إلى الأشياء اليومية الهامة، ما هي بعض الأشياء  الأساسية الهامة لنجاحك في تحقيق هدفك؟

في هذا الأفق ستعرف مسؤولياتك اليومية وتقوم بها جيداً، ولا يمكننا التوسع في هذا الأمر؛ لأنَّ ذلك خاص بكل هدف.

5. الأفق الأول، المشاريع:

هذه هي الأشياء الصغيرة؛ أي الحلقات المفتوحة لأهدافك التي يجب تحقيقها.

بعد أن تضيف كل شيء إلى تقويمك الخاص، فإنَّ الخطوة الأخيرة هي في الواقع -مثل اسم الكتاب- إنجازه، يمكنك استخدام الكثير من أنظمة إدارة المشاريع، مثل نظام موندي (Monday) وأسانا (Asana) ونوشن (Notion) وغيرها

طرائق إضافية:

الطريقة التي ذكرناها هي واحدة فقط من بين العديد من الطرائق، وهناك طريقة أخرى، والفكرة فييها أن تسأل نفسك 5 أسئلة -طُرِح بعضها أعلاه- مما سيساعدك على توضيح رؤيتك والحصول عليها، والأسئلة الخمسة هي:

  • الرؤية - ما الذي تريد تحقيقه؟
  • القيم - ما هو الهام بالنسبة لك؟
  • الطرائق - كيف تحصل عليها؟
  • العقبات - ما الذي يمنعك من النجاح؟
  • التدابير - كيف تعرف أنَّها لديك؟

الخلاصة:

كما ذكرنا من قبل، فإنَّ معرفة المكان الذي تريد الذهاب إليه والاستعداد لذلك له تأثير كبير على نجاحك في الحياة، قد يبدو هذا واضحاً، لكن بعض الأشخاص الطموحين لا يديرون حياتهم بطريقة تساعدهم على اتِّخاذ أفضل وضعية ممكنة للنجاح؛ لذلك يُنصَح الجميع بقضاء بضع ساعات في التفكير والتوصل إلى خطة استراتيجية شخصية.

 

المصدر




مقالات مرتبطة