كيف تمنع انتقال قلقك إلى أطفالك؟

يُخيَّل إلينا أحياناً أنَّ الأطفال لا يتعلمون شيئاً منَّا، ولكن هذا غير صحيح؛ فهم يلتقطون جميع المعلومات حولهم ويتعلمون بالاقتداء، وهذا سلوك جيد؛ لكنَّه يطرح مشكلة في حال عدم رغبتك في نقل سلوكات معينة تظهرها لهم كالقلق مثلاً.



تجدر الإشارة بدايةً إلى أنَّ معاناتك من القلق لا تستدعي الشعور بالخجل أو الخزي؛ لأنَّ العديد من الناس يواجهون صعوبة في التحكم به، ولكن من الهام إدراك أنَّ سلوكك لا بدَّ أن ينتقل إلى أطفالك ويدفعهم إلى تطوير مشكلات قلق بدورهم؛ لذا من الهام معالجة المشكلات المتعلقة بالصحة العاطفية بأسرع ما يمكن.

بيَّنت إحدى الدراسات أنَّ 70% من المراهقين يعانون القلق والاكتئاب الذي يمكن أن ينشأ في سن مبكرة في طفولتهم، ومن ثمَّ من الهام معالجة مشكلة انتقال القلق المضنية؛ لذا نقدم لك أدناه بضع نقاط تحتاج إلى معرفتها.

كيف يؤثر القلق في الأطفال؟

من المعروف أنَّ الأطفال حسَّاسون للمشاعر التي يشعر بها آباؤهم؛ فهم يلتقطون الإشارات الخفية التي تكوِّن رؤيتهم لما هو طبيعيٌّ في العالم من خلال ملاحظة سلوك آبائهم، قد يلتقط الأطفال القلق في المنزل ويصبحوا أكثر عرضةً لتطوير اضطراب القلق في حال معاناة أحد أو كلا الوالدين منه.

لا يوجد سببٌ رئيسٌ للقلق عند الأطفال إلَّا أنَّ كلَّاً من البيئة المحيطة والعوامل الوراثية تؤدي دوراً محورياً فيه، يجدر بالآباء المصابين باضطراب القلق أن يبذلوا جهدهم لتقليل تأثيره السلبي في أطفالهم؛ وذلك من خلال اتخاذ تدابير من قبيل تعديل السلوك والعلاج النفسي.

القلق في الولايات المتحدة الأمريكية:

يعاني عديد من الأمريكيين من القلق أو الاكتئاب في مرحلة ما من حياتهم، وتعدُّ ضغوطات العمل والمدرسة مسببات شائعة للأفكار المتسارعة والقلق والإجهاد والإرهاق، ويعاني معظم الشباب من القلق خلال سنواتهم الدراسية في الوقت الذي يجدر بهم الاستمتاع بالحياة الدراسية والتركيز على التعلم والنماء.

وفقاً لمركز الصحة الجامعية في أمريكا (Center for Collegiate Mental Health) تعدُّ مشكلات القلق والاكتئاب الأسباب الرئيسة للجوء طلاب الجامعة لخدمات الصحة النفسية.

كما بينت دراسة أخرى أنَّ اضطرابات القلق تؤثر في 18.1% من السكان في أمريكا، ما يجعل من الاضطراب النفسي الأكثر انتشاراً في البلاد، وعلى الرغم من ذلك يمتنع العديد من الناس عن الحصول على تشخيص أو السعي في علاج المشكلة، وتستمر المعاناة بصمت لسنوات عديدة وتنتقل المشكلة للأجيال التالية.

تتضمن اضطرابات القلق:

تؤثر عوامل كيمياء الدماغ والبيئة والتنشئة والعوامل الوراثية والتجارب الحياتية في تطوير اضطرابات القلق، ولا يمكن التحكُّم بجميع هذه العوامل ولكن يمكن الاستفادة من العلاج والحصول على بعض الراحة من خلال العلاج النفسي والأدوية وأنواع العلاج النفسي الأخرى، وتجدر الإشارة إلى أنَّ العديد من مرضى اضطراب القلق سبق أن تعرضوا للاكتئاب لمرة واحدة على الأقل في حياتهم.

شاهد بالفيديو: 7 مؤشرات تدلّ على أنّك تحت ضغط نفسي شديد

وضع حدٍّ لنقل القلق:

يجب اتخاذ إجراءات لإيقاف عدوى القلق في منزلك حالما تشعر بأنَّ قلقك ينتقل إلى أطفالك، فيجب أن تدرك بدايةً السلوكات التي تُعرِّض أطفالك لخطر الإصابة باضطراب القلق، كالحديث عن مخاوفك أمامهم على نحو متكرر، أو الاستجابة السيئة عند المفاجآت أو الصدمات، أو التوتر عند تغير الخطط أو الأوضاع بصورة لم تكن تتوقعها، أو تجنب المواقف التي تخيفك وإخبار أطفالك عن سبب عدم راحتك فيها؛ إذ تسهم هذه الممارسات بنقل قلقك بصورة غير مباشرة إلى طفلك.

ثمة أفعال أخرى كتحذير الطفل مراراً وتكراراً عند اللعب أو تحديد الارتفاع الذي يستطيعون تسلقه أو القفز عنه؛ لأنَّ التحذير المتكرر حيال المخاطر في حياتهم اليومية يزرع فيهم شعور القلق ولا يعلِّمهم الأمان كما يظنُّ بعض الأشخاص.

من الهام الإشارة هنا إلى أنَّ الحفاظ على سلامة أطفالك هام جداً، ولكن من الضروري لهم أيضاً اتخاذ المخاطر والشعور بحرية استكشاف العالم من حولهم؛ فاللعب يجب أن يكون ممتعاً ومسلٍّ وليس باعثاً للقلق، ولا بأس ببعض الجروح والخدوش، ويجب عليك تحذير أطفالك أيضاً بشأن النشاطات الخطرة، ولكن عندما يتعلق الأمر بشؤون الطفل الاعتيادية من الهام الاحتفاظ بمخاوفك لنفسك.

يمكن أن يساعدك استخدام دفتر يوميات لتسجيل مسببات القلق على تعديل سلوكاتك، ويمكنك أيضاً ممارسة تمرينات اليقظة الذهنية والتنفس لتخفيض قلقك والتمتع بحياة أكثر سلام وراحة.

من المفيد أن تلجأ أيضاً إلى متخصِّصٍ في الصحة النفسية لتلقي العلاج فيما يتعلق بقلقك، وتعلُّم استراتيجيات تساعدك على تجنب نقل همومك ومخاوفك، وأحياناً يكون العلاج النفسي ضرورياً لطفلك في حال ظهور علامات القلق عليه؛ لذا لا عيب في طلب المساعدة لأنَّها تساعد في جعل جهودك أكثر نجاحاً.

إقرأ أيضاً: 6 استراتيجيات تستطيع اتباعها للحديث مع الطفل عن الصحة النفسية

وضع مشاعرك ومخاوفك جانباً:

لا يخدمك القلق في حياتك، وبالتأكيد لا ينفع أطفالك، فيكمن الحل في وضع مشاعرك ومخاوفك جانباً في سبيل الصحة النفسية لأطفالك، وقد تخشى أن يؤذوا أنفسهم أو يلتقطوا مخاوفك؛ لكنَّك بحرصك الشديد ووجودك الدائم حولهم ستنقل إليهم هذه المشكلات.

إقرأ أيضاً: خطوات بسيطة للتخلص من مشاعر الخوف

في الختام:

يتعيَّن على الأطفال مواجهة مخاوفهم حتى لا يصابوا بالقلق على الأمد الطويل، وتعدُّ استراتيجية حماية أطفالك من خلال بث قلقك فاشلة ومؤذية، وعليك أن تتجاوز مخاوفك وتواجهها في سبيل الحصول على عائلة سعيدة وصحية.




مقالات مرتبطة