كيف تمنح نفسك فرصة أخرى للبدء من جديد بعد الإخفاق؟

عندما بدأت الفوضى تعبث بحياتي مع تفشي فيروس كورونا، كان لدي الكثير من الأهداف، وكنت عازماً على عدم السماح لبقائي في المنزل أن يغير نمط حياتي في المواظبة على ممارسة الرياضة، أو ييئسني أو يدفعني إلى إضاعة الوقت على الهاتف ومشاهدة التلفاز؛ فقد قررت تعلم مهارات جديدة واستخدام الوقت لتحسين نفسي حقاً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "سكوت بيد جود" (Scott Bedgood)؛ والذي يحدثنا فيه عن أهمية المتابعة بعد الإخفاق من خلال منح أنفسنا فرصة أخرى.

ولكن عندما أنظر إلى الوراء وأفكر في كل هذه الأهداف، ينتابني شعور بالضحك؛ فمع أنَّني وضعت بعض الضوابط على مدار الشهرين الماضيين؛ إلا أنَّني لم ألتزم بها كما يجب.

لقد ازداد وزني؛ ذلك لأنَّني -بصراحة- لم أتدرب لعدة أسابيع. وعلى الرغم من أنَّني حاولت ممارسة رياضة الجري، ولكن في الغالب كنت أفعل ذلك ذريعةً لمجرد القيام بشيء ما والخروج من المنزل قليلاً؛ ولم ألتزم بذلك، بالإضافة إلى أنَّني لم أتناول طعاماً صحياً كما أريد؛ ومع ذلك، وجدت حُباً جديداً للخبز البني المحمص، وقد قضيت الكثير من الوقت في متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، وإذا أردتُ، يمكنني أن أكتب مقالاً كاملاً حول العادات السيئة التي بدأت بممارستها.

على الجانب الآخر، يُمكنني أيضاً إلقاء نظرة على الإيجابيات؛ فقد أصبحت بارعاً جداً في تدبير شؤون المطبخ، إذ أصبحت أصنع أشياء لم أكن أعتقد أنني سأصنعها في يوم من الأيام؛ كما تعلمت أنا وزوجتي بصعوبة كبيرة كيفية رعاية ابننا ذي الشهرين من العُمر إلى حد كبير بمفردنا، وتمكَّنت من كسب لقمة عيشي من خلال العمل كاتباً مستقلاً في أصعب الأوقات بالنسبة لأصحاب العمل الحر، وقرأت كتاباً كنت أحاول الانتهاء منه منذ عامين.

لكن هل تريد أن تعرف ما هو أكثر ما يُشعرني بالفخر في ذلك الوقت؟ (وهذا شيء أعتقد أنَّ الجميع بحاجة إلى التركيز عليه لأنَّنا مقبلون على مستقبل مجهول تماماً)، إنَّ الشيء الذي أفخر به؛ هو أنَّني منحت نفسي فرصة أخرى بعد السقوط عدة مرات.

لقد كتبت مقالاً عن كتاب روبن شارما "نادي الخامسة صباحاً" (Robin Sharma's 5 AM Club) في العام الماضي، وعندما كنت أتحدث إلى شارما حول الاستيقاظ مبكراً كل يوم، سألته عمَّا إذا كان قد تأخر في الاستيقاظ يوماً ما؛ وهو الرجل الذي دأب على الاستيقاظ في الخامسة صباحاً كل يوم منذ عقود، وكتب كتاباً يشجع الناس فيه على فعل الشيء نفسه؛ إضافةً إلى أنَّه لم يحصل على يوم عطلة قط؛ لكنَّ إجابته فاجأتني وشجعتني، إذ قال لي: "إنَّني أتعثر طوال الوقت، وأعتقد أنَّ معظم الناس يتعثرون أيضاً، كل يوم يدور حول محاربة الأفكار الهدَّامة والعودة إلى المسار الصحيح".

فمن المؤكد أنَّ هناك الكثير من الأفكار الهدَّامة في حياتنا اليومية -ليس فقط عندما نكون عالقين في المنزل- التي تبعدنا عن أهدافنا، وفي هذه المرحلة من الهام جداً أن تمنح نفسك فرصة أخرى.

إقرأ أيضاً: إيقاف زيادة الوزن في أثناء الحجر الصحي بسبب وباء كوفيد-19

بالنسبة لي، كان عليَّ منح نفسي فرصة أخرى عندما تعلق الأمر باللياقة البدنية؛ إذ لم أكن أبداً مولعاً بالرياضة؛ لكنَّني بقيت في حالة جيدة قبل مجيء الطفل وأوامر البقاء في المنزل، والذي منعني من اكتساب الوزن هو لعب كرة القدم الداخلية أسبوعياً، إضافةً إلى عضويتي في النادي الرياضي التي استخدمتها مرتين في الأسبوع؛ ولكن عندما حُرمت من ذلك، لم أستطع تحفيز نفسي على ممارسة الرياضة في المنزل، وامتد اليوم أو اليومان من الكسل إلى أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، حتى نظرت إلى نفسي أخيراً وأدركت أنَّني لن أكون قادراً على فعل أبسط الأمور أو العودة إلى حيث كنت قبل أن يبدأ كل هذا.

لم أغير أساليبي على الفور؛ إذ يتطلب الأمر بضعة أيام ومجموعة من الأصدقاء الذين يمكن أن يكونوا أصدقاء مُساءلة؛ فبدعمهم واعترافهم بأنَّهم مروا بهذه المرحلة، استطعت أن أشتري عضويةً لبعض برامج التمرين عبر الشابكة حيث وجدت برنامجاً يناسب أهدافي وبدأت به، وقد كان المدرب يقول على الدوام: "ابذل قصارى جهدك وانس الباقي".

في البداية، لم يكن "أفضل ما لدي" جيداً، فقد كنت بالكاد قادراً على إنهاء التمرين الأول، وكان هذا مستوى المبتدئين! لم يعترض أصدقائي على ذلك لأنَّهم كانوا مرهقين مثلي تماماً، وقد كان وجود أشخاص آخرين يمرون بنفس الشيء أمراً مشجعاً؛ وعلى الرغم من أنَّ الوزن الذي اكتسبته لم يتناقص بطريقة سحرية، إلا أنَّني شعرت بالرضا عن نفسي؛ إذ لم تعد تلك الأسابيع من الخمول هامة، لأنَّني انتهيت للتو من أسبوع من التدريبات المستمرة، هل ستكون هناك أيام لا أتدرب فيها؟ بالتأكيد، ولكن بدلاً من الانزلاق إلى نمط من الكسل، يجب أن أسامح نفسي في ذلك اليوم وأبدأ من جديد في اليوم التالي.

إليك بعض الأمور التي تعلمتها عن كيفية منح نفسك فرصة أخرى والبدء من جديد لتحقيق أهدافك؛ إذ تنطبق هذه النصائح على العديد من المواقف المختلفة في الحياة، من أهداف اللياقة البدنية إلى أهداف العمل وتربية الأطفال وغيرها؛ لذا فكِّر بها في أي وقت لا تجد فيه الدافع للبدء من جديد بعد تعثرك.

1. ترك الماضي وراءك:

بالنسبة لبعضنا، قد يكون الغضب بسبب الإخفاق أحد العوامل المحفزة؛ ولكن قد يكون لذلك تأثير معاكس بالنسبة للآخرين؛ في كلتا الحالين، من الضروري ألا تفكر في أخطائك؛ فكر فيما تريد تحقيقه اليوم، واتخذ خطوات لتحقيق أهدافك.

شاهد بالفيديو: 7 خطوات تساعدك على التعلم من أخطاء الماضي

2. البدء بخطوات بسيطة:

كنت أعلم أنَّه بعد النشاط البدني القليل الذي حققته في عدة أسابيع، سيكون من غير الحكمة القفز إلى برنامج تمرين مكثف؛ لذلك بدأت بتمرين يستغرق 25 دقيقة فقط في اليوم بالكيفية التي لا يجعلني فيها متعباً إلى الحد الذي لا أستطيع معه الاستمرار؛ وبذلك لن أستعيد لياقتي فحسب؛ بل سأبني عادة يومية تساعدني على الانتقال إلى برنامج أقوى في المستقبل.

فَكِّر في كيفية تطبيق هذا المبدأ على جوانب أخرى من الحياة؛ فإن كنت تريد قراءة كتاب في الأسبوع، حاول قراءة كتاب في الشهر، أو ابدأ بكتاب أقصر، وإن كنت تريد أن تتناول طعاماً صحياً؛ فبدلاً من تناول السلطة فقط في كل وجبة لمدة أسبوع، تناول طبق سلطة واحد يومياً، أو استبدل الحلوى بتفاحة، أي افعل شيئاً بسيطاً يجعل الدافعية تسير في الاتجاه الصحيح.

3. البحث عمَّن يساعدك من خلال مساءلتك:

تُعدُّ المُساءلة أمراً هاماً طوال الوقت، ولكن تبرز أهميتها أكثر عندما يكون الجميع بعيدين عن بعض، فمن السهل جداً أن تفقد الانضباط عندما لا يراقبك أحد؛ لذلك من المفيد التواصل مع شخص قريب منك، ومشاركته طموحاتك وأهدافك، ودعم بعضكما بعضاً في تكوين عادات جديدة جيدة والالتزام بها.

أعلم أنَّني لم أبدأ التمرين مرة أخرى حتى أخبرت المقربين بذلك، فقد كنت أُفكِّر في الأمر لأسابيع؛ إلا أنَّه لم يتحقق حتى وجدت شخصاً يشجعني، ويعرض الانضمام إلي، ويجعلني أشعر أنَّني لست وحدي؛ وحينئذ التزمت بالتمرين.

إقرأ أيضاً: كيف تبني عادات جديدة مع شريك المساءلة؟

4. التعامل مع كل يوم على حِدة:

لا يستغرق الأمر سوى يوم واحد لبدء سلسلة جديدة؛ إذ لا يمكنك ممارسة الرياضة لمدة 30 يوماً على التوالي يوم الاثنين، ولكن يمكنك ممارسة الرياضة في ذلك الاثنين ثم مرة أخرى يوم الثلاثاء، فهذا لا يحدث مباشرةً، وكل ما يتطلبه الأمر هو التفاني لجعل اليوم هو اليوم الذي تخطو فيه خطوة في الاتجاه الصحيح؛ فلا يهم ما حدث بالأمس، ولا يمكنك فعل أي شيء حيال الغد؛ كل ما يمكنك فعله هو اتخاذ قرارات لهذا اليوم؛ لذا مهما كان الأمر الذي تريد البدء بالقيام به، فلا تفكر بالمدة التي سيستغرقها أو مقدار صعوبته، فقط فكر فيما تحتاجه لإنجاز الأمر اليوم.

هذه أوقات غريبة، ولا أحد منا يعرف تماماً ما نفعله أو كيف نفعله؛ لذا اغفر لنفسك العادات السيئة التي -ربما- تكون قد بدأتها أو الأخطاء التي تكون -ربما- قد ارتكبتها أثناء محاولتك التأقلم مع وضعك الطبيعي الجديد، وتطلع إلى الأمام بدلاً من ذلك، فالمستقبل المشرق يبدأ بقرارات جيدة اليوم.

المصدر




مقالات مرتبطة