كيف تمتلك سرعة البديهة وتصبح طليق اللسان؟

سرعةُ البديهة وطلاقة اللسان من أعظم الكنوز التي يمتلكها الإنسان في حياته، وذلك لأنَّها المفتاح لنجاح حياته المهنية والشخصية، فمن خلالها يمكنه كسب العلاقات التي يريد، والفوز بالأشخاص بسهولة، كما يمكنه التكيُّف مع أي موقف يوضع به وتحويله إلى شيء إيجابي، فقد يكون الشخص سريع البديهة وطليق اللسان تلقائياً؛ لكنَّ هذا لا يعني أنَّ هذه الصفات حكراً عليه، وإنَّما يمكن لأي شخص أن يتعلَّم كيف يمتلكها باتباع قواعد معيَّنة وممارستها بانتظام.



مفهوم سرعة البديهة:

لا تتعلَّق سرعة البديهة بقدرة الإنسان على سرد النكات أو القيام بأشياء مضحكة ولافتة للانتباه كما يعتقد بعض الأشخاص، وإنَّما تعني السداد في الرأي عند المفاجأة، وفهم كل ما يقال ويحدث من المرة الأولى دون الحاجة إلى الشرح؛ أي يكون الشخص سريعاً في التفكير والإدراك؛ إذ يستطيع أن ينقل الواقع الملموس نقلاً سريعاً إلى دماغه، ثمَّ يربط بسرعة بين المعلومات السابقة والمعلومات الحالية من أجل اتخاذ قرار سليم ومناسب؛ فسرعة البديهة مسألة مرتبطة بالدماغ البشري، ومن ثمَّ هذا ما يجعلها صفة تميِّز شخصاً معيَّناً عن غيره.

مفهوم طلاقة اللسان:

الإنسان طليق اللسان هو القادر على اختيار مفرداته بدقَّة وعناية فائقة خلال حديثه مع الآخرين؛ إذ يضع الكلمات في مكانها الصحيح، فيتمكَّن من خلال هذه الصفة من جذب المستمعين إلى حديثه والتأثير فيهم، ومن ثمَّ يحظى بتقدير واحترام المستمعين لحديثه، لأنَّ أفكاره منظَّمة وغير فوضوية، وغالباً هو شخصية واثقة من نفسها واجتماعية وواسعة المعرفة وقادرة على المشاركة بمختلف الأحاديث وقادرة على الاستماع الجيد للآخرين.

كيف تصبح سريع البديهة وطليق اللسان؟

نستنتج من خلال ما ذكرنا سابقاً أنَّ امتلاك الإنسان لهاتين الصفتين معاً أمراً ضرورياً ولا يمكن إبعاد إحداهما عن الأُخرى، وذلك لأنَّهما مكملتان لبعضهما بعضاً، كما أنَّهما سرٌّ من أسرار الشخصية القوية الواثقة من نفسها القادرة على سحر المحيطين بها.

إليك بعض من النصائح التي يمكنك من خلال اتباعها أن تمتلك سرعة البديهة وطلاقة اللسان معاً بعد فترة من الممارسة المستمرة:

1. تعلَّم أكثر عن لغة الجسد:

بقدر ما تدلُّ الكلمات على تفاعل الإنسان مع المواقف والأشخاص، تدلُّ لغة جسده أيضاً على ذلك؛ إذ يمكنك إظهار المعرفة أو الجهل أو التحيُّز أو الحب أو الكره أو حتى السخرية من الموضوع الذي يُتحدَّث به دون قول أي كلمة، بل فقط عبر لغة الجسد، حتى إنَّ الكلمات قد تصبح بلا معنى إن كان جسدك يُرسل رسالة مناقضة لما تقوله.

2. كن واثقاً بنفسك:

الثقة بالنفس من أهم الأمور التي تُمكِّن الإنسان من التحدُّث إلى الآخرين بسلاسة وطلاقة دون خوف أو تردُّد أو خجل، ففي حال فقد الإنسان ثقته بنفسه، قد يعاني من التأتأة في الكلام، وعندها لن يحظَ حديثه على أي اهتمام مهما كان كلامه هامَّاً، ويساعد الانضمام إلى دورات لتعزيز التركيز والثقة بالنفس على امتلاك الإنسان لصفة طلاقة اللسان.

شاهد بالفيديو: كيف أنمِّي مهارة سرعة البديهة لدي؟

3. اقرأ كثيراً وكن أكثر حكمة:

إنَّ الخبرة الكبيرة والمعرفة الواسعة، تزيد من الذكاء والبصيرة والقدرة على رؤية الحقائق وحتى إيجاد الفكاهة في هذه الحقائق مقارنة ببعض الناس، وهذا السبب وراء حكمة كبار السن؛ إذ تأتي هذه الحكمة من الخبرة التي أخذوها من تجارب الحياة الكثيرة، وليس نتيجة للعمر الذي توصَّلوا إليه، فلا علاقة للعمر بالحكمة.

لذلك اسأل نفسك دائماً بعد كل تجربة ماذا تعلَّمت منها؟ وكيف يمكنك تلافي الأخطاء التي وقعت بها في المرات القادمة؟ وعن ماذا يمكنك التخلِّي لتكن حياتك أفضل؟ وهل توجد طريقة أخرى لرؤية الأشياء بطريقة أكثر فائدة؟ إذ تساعدك هذه الأسئلة على الاستفادة من التجارب التي تمرُّ بها وتطوير نفسك نحو الأفضل.

4. كن إنساناً اجتماعياً:

فلا يمكنك أن تتعلَّم الذكاء وسرعة البديهة إن كنت معزولاً عن المحيط، لذلك عليك أن تخرج من بيئتك الضيِّقة المحصورة بالمنزل أو العمل وتكون اجتماعياً مع أكبر عدد من الناس، لتكتشف كيف يختلف الأشخاص في طريقة التفكير، والسلوك، وتفاعلهم مع بعضهم ومع الأحداث المحيطة بهم، واختلافهم أيضاً بوجهة نظرهم عن نفس الأشياء؛ إذ يراها بعضهم مثلاً مضحكة، وبعضهم الآخر سخيفة، ومن ثمَّ ستكون قادراً على بناء المهارات الاجتماعية الخاصة بك تدريجياً، لأنَّ الإنسان المُحرَج اجتماعياً غير جاذب للآخرين مهما كانت درجة ذكائه عالية، لأنَّ هناك ما لا يعجبهم فيه.

5. تقرَّب من الأشخاص الأذكياء:

من خلال قضائك للوقت مع كثير من الناس المحيطين بك سوف تكون قادراً بعد فترة من الزمن على اكتشاف الأشخاص الأذكياء الحكيمين في تصرُّفاتهم وفي حديثهم، وكما يُقال: "أنت حصيلة الأشخاص المحيطين بك"، فإن كنت مقرَّباً من أشخاص سخيفين لا يعطون الاهتمام لحياة الآخرين وآلامهم، سوف تصبح بعد فترة من الزمن مثلهم، لذلك حاول أن تقضي وقتك مع الناضجين الذين يرون الفكاهة في المواقف دون التقليل من آلام أحد، والقادرين على قول الأشياء في وقتها المناسب.

إقرأ أيضاً: 15 طريقة فعالة يتعامل بها الأشخاص الأذكياء مع الأشخاص السامين

6. لاحظ الأشياء الواضحة أمامك:

لا تظنَّ أنَّ رؤية الأشياء الواضحة أمامنا أمراً سهلاً، فمعظمنا له نقطة عمياء عندما يتعلَّق الأمر بالأشياء الواضحة، وذلك لأنَّنا نجعل الأمور أمامنا أكثر تعقيداً من أفكارنا، لذا أنت تحتاج إلى أن تكون قادراً على رؤية ما يجري أمامك من خلال حضورك الكامل وانتباهك الشديد بعيداً عن الشرود، ومن ثمَّ ربط ما تراه بشيء مضحك، ومن ثمَّ قول شيء ذكي خلال ثوان، أمَّا إن قلت شيئاً ذكياً بعد دقائق عدَّة، فلن تبدو ذكياً كما تريد أن تظهر أمام الآخرين.

7. احذر من إطلاق الأحكام السريعة على الناس:

يجب عليك الهدوء والتأني وتحكيم المنطق السليم قبل إصدار أي حكم، وذلك لأنَّ هذا الأمر يحدُّ من سرعة بديهتك، ويعطي للآخرين فكرة سلبية عنك، فقد نسرع إلى إصدار الأحكام نتيجة لمعتقدات موروثة أو أفكار شخصية غير مُقنعة للآخرين، لكن عليك أن تكون أكثر تقبُّلاً وحباً للناس لتكون أكثر حكمة في تعاملك معهم.

8. كن مرناً وابتعد عن العصبية:

العصبية قد تكون صفة تنفي سرعة البديهة، لذلك عليك أن تكن هادئاً عندما يحدث أي موقف مُزعج أمامك، لتستطيع التركيز والتفكير بطريقة صحيحة، ومن ثمَّ إظهار الرد المناسب بذكاء.

9. شارك في النشاطات الثقافية والصالات الأدبية:

من خلالها يمكن أن يتعلَّم الإنسان اللباقة في الحديث وكيفية طرح الأسئلة الهامة وزيادة قدرته على مناقشة الآخرين واختياره للألفاظ المناسبة، بالإضافة إلى توسيع معارفه وزيادة قدرته على الاستماع للآخرين.

10. مارس الخطابة عملياً:

لأنَّ الإنسان يكتسب مهارة التحدُّث إلى الآخرين من خلال الممارسة العملية لذلك فقط، فيمكن أن تمارسَ الخطابة في المنزل أمام أفراد العائلة أو أمام أصدقائك أو حتى أمام مرآتك دون وجود مستمعين لك، ولاحظ متى تتلعثم، ثمَّ بالتدريب المتكرِّر يمكنك تخطي ذلك، فتصبح طليق اللسان تدريجياً.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح مهمة لاكتساب فن ومهارة الإلقاء

11. لا تصمت في المواقف الصعبة:

يقول المدرِّب ومؤلِّف الكتب "ماتياس نويلكه": "لا يجب أن يكون ما سيقال هو أمر رائع أو مضحك، فسرعة البديهة تبدأ بمعدلات صفرية"، فإن شعرت أنَّك في موقف لا تدرك ما يجب أن يُقال به يمكنك القول: "لا يمكنني التفكير فيما يجب أن أقوله"، لأنَّ ذلك أفضل بكثير من صمتك وعدم إبداء رأيك.

12. قل "نعم" للرأي الصحيح المزعج:

قد يلجأ بعضهم إلى تذكيرنا بصفات سلبية لا نحب أن نتكلَّم عنها، أو صفات في شكلنا الخارجي غير جميلة نوعاً ما، وذلك بوصفها نوعاً من الاستهزاء بنا، لذلك فاجئه بقولك نعم بدلاً من تبرير ذلك له كما يفعل معظم الناس، مثلاً إن قال لك أحدهم: "أنت سمين"، أو "أنت قصير"، جاوبه: "نعم ويمكنك التعود على ذلك"، فيشعر الطرف الآخر بثقتك بنفسك ولا يعاود توجيه الكلام الجارح إليك.

13. مارس تمرين اكتساب طلاقة اللسان:

يمكنك أن تكتسب سرعة البديهة أيضاً في هذا التمرين، ويتم هذا التمرين من خلال الجلوس في مكان مريح بالنسبة إليك، ثمَّ تقوم بالنظر إلى شيء أمامك وعلى مستوى نظرك، ثمَّ تحدَّث في موضوع خطر في بالك خلال هذه اللحظة دون تخطيط مسبق لذلك، واستمر بالحديث لمدة ثلاثين ثانية متواصلة دون توقف سواءً بكلام ذي معنى أم كلام فارغ، وكرِّر هذا التمرين يومياً، وسوف تلاحظ أنَّ ما تتحدَّث به مع مرور الوقت أصبح ذا معنى وأكثر إقناعاً من كلامك في بداية ممارسة التمرين، كما أنَّك ستصبح قادراً على الحديث لوقت أكثر دون إجهاد أو اهتمام للوقت.

14. فرِّق بين أحاديث الأصدقاء وأحاديث العم:

لأنَّ الأحاديث في العمل غالباً تقتصر على موضوعات جادة لا يمكن إلقاء النكات فيها، أمَّا الأحاديث مع الأصدقاء والمقربين تكون أكثر مرونة ويغلب عليها المرح.

15. درِّب نفسك على التحدُّث بصوت متوسط:

إنَّ الصوت المنخفض يجعل المُستمع إليك يشعر بالملل، فلا يعطي الأهمية لكلامك، وأيضاً الصوت المرتفع يسبِّب الإزعاج والتوتر للمستمع، فلا يهتم لما تقوله بقدر تشوُّقه إلى إنهائك للكلام.

شاهد بالفيديو: كيف تكون سريع البديهة بخطوات سهلة

16. استمع للموسيقى الهادئة:

لأنَّها قادرة على زيادة تركيز الإنسان وتهدئة النفس، ليتمكَّن من التفكير الجيد والعميق، ومن ثمَّ زيادة سرعة بديهته وحكمته وزيادة طلاقة لسانه.

17. اتَّبع عادات نوم صحيِّة:

إنَّ كثرة السهر تؤدي إلى فقد القدرة على التركيز والتفكير الجيد، فلا يجب أن تقلَّ ساعات نوم الإنسان البالغ عن 7 ساعات ليلاً، بالإضافة إلى أخذ قيلولة صغيرة خلال النهار، ويُفضَّل أن تُنظَّم ساعات النوم بحيث تستيقظ باكراً، لأنَّ ذلك ضرورياً لصحة الدماغ، كما أنَّ كثرة النوم تؤدي إلى الغفلة والنسيان وقِلَّة النشاط البدني والذهني، لذلك يجب النوم باعتدال.

18. مارس رياضة المشي يومياً:

لأنَّ المشي يساعد على تدفُّق الدَّم، وهذا الشيء ضروري جداً لصحة دماغ الإنسان، فيستطيع التدرُّب بطريقة أفضل على سرعة البديهة وطلاقة اللسان.

إقرأ أيضاً: الفوائد النفسية والجسدية لرياضة المشي لمسافات طويلة

في الختام:

يجب أن تعرف أنَّه لا يوجد ترياق خاص عند أخذه تصبح سريع البديهة وطليق اللسان، وإنَّما الأمر يحتاج إلى التدرُّب والممارسة، وقد يبدو الأمر صعباً بالنسبة إليك في البداية، لكن مع التكرار يصبح أسهل تدريجياً، وتذكَّر أنَّ نجاحك في حياتك بمختلف مجالاتها يستحق أن تسعى وتتعب وتجتهد لتصل إليه، فلا يأتي النجاح دون اجتهاد، كما أنَّ الرغبة الجادة في امتلاكك لسرعة البديهة وطلاقة اللسان هي الخطوة الأولى لذلك، فإن كنت غير راغب لا تتعب سدىً لأنَّك لن تحصل على النتيجة المتوقعة.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7




مقالات مرتبطة