كيف تكون طموحاً لتعانق القمم؟

انطلاقاً من مبدأ أنَّ كل شيء تتخيله يمكن أن يتحقق، فمن باب أَوْلى التفكير في بلوغ القمة، ولكنَّ الغريب في الأمر أنَّه حتى عندما تتخيل أفضل شكل لحياتك، فإنَّك تفكر في حياة بسيطة لا ترتقي إلى مستوى الطموح الذي يمكنك تحقيقه، ولكن كم مرة قيل لنا أن نفكر بطموح؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "كريس" (Chris) ويُحدِّثنا فيه عن أهمية ابتكار أفكارٍ طموحة للنجاح في الحياة.

حيث كانت الكلمات "فكِّر بطموح" هي ما قيل لي أن أفعله خلال سنوات مراهقتي، وعلى الرغم من أفضل محاولاتي "للتفكير بطموح"، إلا أنَّني بدأتُ مؤخراً فقط في عيش حياة أحلامي.

لقد كبرتُ وأنا أمارس التفكير والتخيل الإيجابي، ويبدو من المنطقي أن تُشكِّل أفكارك الواقع الذي تعيشه، وإذا كنتَ تفكر بإيجابية، فإنَّ تصوُّرك لما يجري في حياتك سيكون بالطبع أكثر إيجابيةً؛ لذا ينبغي عليك تبنِّي أفضل الأفكار وأكثرها طموحاً، وعندها ستكون أكثر انفتاحاً على الفرص والأشخاص الإيجابيين. فإنَّ التفكير الطموح هو عادةٌ جيدة، ولم تكن لديَّ أدنى فكرة عن مقدار واقعية هذا المفهوم حقاً، وكان فهم الفكرة العلمية وراءه أحد أكثر الإدراكات التي جعلَتني أقوى وغيَّرَت حياتي.

لقد سمع الكثير منكم عن "قانون الجذب"، ويعني أنَّه يمكنك إنشاء واقعك بواسطة أفكارك وجذب ما تفكر فيه إلى حياتك، ولكنَّ هناك جوانباً لهذه الفكرة يُساء فهمها إلى حدٍّ كبير، فأنت تجتذب ما تعتقده، ولكن ليس ما تريده، فإذا كنتَ تريد المزيد من المال ولكنَّك تُفكِّر باستمرارٍ في نقص المال، فسوف تستمر في خلق تجربة النقص، وتصبح الأشياء أكثر تعقيداً عند قمع الأفكار أو المخاوف السلبية اللاواعية التي تعوقك.

كان قانون الجذب موجوداً منذ عصور ما قبل الفلسفة القديمة ثمَّ عُمِّمَ وأُعِيدَ تسويقه للجماهير من خلال كتاب "السر" (The Secret)؛ حيث يعلِّم هذا الكتاب قانون الجذب بواسطة أمثلة مثل جذب الثروة والأهداف التي تركز على المصلحة الشخصية، لكنَّ هذا القانون يؤثر في جميع جوانب الحياة ويمكن أن يكون ذا مغزى أكبر؛ إذ أبقَتني الأحداث غير السارَّة التي حدثَت معي بسبب مفهوم السر بعيداً عنه لفترةٍ من الوقت، لكنَّني كنتُ أطبقه دون أن أعلم منذ طفولتي، وأما الآن فأنا أفهم بوعيٍ أنَّني صنعتُ واقعي بنفسي، وأنَّ هذا المفهوم لا يُعَدُّ مجرد أمنية، فهو أحد القوانين الحقيقية للكون، والذي يعتمد على آلية عمل الطاقة والمادة، إذاً ما هي آلية عمل هذا القانون؟

إنّ واقعنا ليس ثابتاً كما نعتقد، فقد أثبت العلم أنَّ نسبة الفراغ في المادة هي 99.9999999999996%؛ إذ يتألف كلُّ شيءٍ في الكون من ذراتٍ مكونةٍ من جسيمات دون ذرية (subatomic particles) تسمى البروتونات والنيوترونات والإلكترونات، وإذا وضعتَها تحت المجهر، فسوف ترى أنَّ الذرات تتكون من طاقةٍ تهتز باستمرار، ومن ثمَّ فإنَّ كلَّ شيءٍ يشعُّ طاقته الفريدة المميزة، ولقد أظهرَت فيزياء الكم أنَّ كلَّ شيءٍ هو عبارة عن طاقة، بما في ذلك نحن، وأنَّ الواقع المادي ليس مادياً على الإطلاق، وإذا فكرتَ في الأمر فعلاً، فيمكن أن يكون أمراً مذهلاً؛ ذلك لأنَّنا ندرك عالمنا إدراكاً مادياً للغاية.

إنَّ إحدى النتائج المدهشة لفيزياء الكم هي "تأثيرُ المراقب"؛ أي حقيقة أنَّ وعيَ المراقب يؤثر في سلوك الطاقة؛ حيث اكتشف العلماء أنَّ وجود مراقبٍ للتجربة يزعج تلك العناصر التي تحتاج إلى دراسة ويكون له تأثيرٌ في موجات الإلكترونات، ولقد بنى الكثير من الناس على ذلك من خلال تجاربهم الخاصة، بما في ذلك الدكتور "ماسارو إيموتو" (Masaru Emoto)، الذي اكتشف أنَّ الوعي يؤثر في بنية بلورات الماء.

يتجه تدفُّق المعلومات نحو واقعٍ غير ميكانيكي، ويبدأ الكون بالظهور في صورة فكرةٍ ضخمة وليس كآلةٍ كبيرة، ويبدو عندها أنَّ العقل لم يَعُد يدخل مصادفةً إلى العالم المادي، ويجب عندها أن نرحب به بكونه المُنشئ والحاكم للعالم المادي؛ لذا نحن بذلك صانعو واقعنا؛ حيث تلتقط حواسنا الجسدية الخمس جزءاً صغيراً فقط مما يحدث بالفعل من حولنا، ويمكننا رؤية جزءٍ صغيرٍ فقط من الطيف الكهرومغناطيسي، ولكن نظراً لأنَّ هذا كل ما نعرفه، فقد اعتدنا التفكير في كلِّ ما نعرفه.

نحن نقضي معظم وقتنا في التركيز على العالم المادي من حولنا والظروف التي يمكننا رؤيتها، ولكن قبل ظهور الأشياء في العالم المادي، تُنشأ أولاً من خلال الفكرة عن طريق الاهتزاز، وإنَّ الفكرة هي طاقةٌ تهتزُّ بسرعة، وتوضِّح لنا نظرية النسبية لـ "أينشتاين" أنَّ الطاقة والكتلة متبادلتان، وأنَّ الطاقة لا يمكن تدميرها، فهي تتحول إلى مادة والتي هي عبارة عن طاقة ذات اهتزازٍ أبطأ، ويحدث ذلك عندما تتجلى في واقعنا الذي يمكننا رؤيته ولمسه.

شاهد بالفديو: 20 حكمة عن الإبداع والطموح

إذا أمضينا المزيد من الوقت في تخيُّل مستقبلنا ومطابقة اهتزازات الحياة التي نريد أن نعيشها، فيمكننا عندها زيادة السرعة التي تتحقق بها أحلامنا، وإذا آمنَّا حقاً بذلك، فلن نقضي الوقت في التأمل في الأفكار الصغيرة؛ بل سنرغب في ابتكار أفكار طموحة والارتقاء بمستوى أحلامنا، "يخلق التفكير الاعتيادي لعقلك الواعي عادات راسخة في عقلك الباطن، فإذا كانت أفكارك المعتادة متناغمةً ومُطَمئِنة وبنَّاءة، فسوف يكون ذلك مناسباً جداً لك" - "جوزيف مورفي" (Joseph Murphy).

فكِّر في حلمٍ أكبر، وتخيَّل أكبر أحلامك في عقلك، والشخص الذي تريد أن تكونه، وكيف تريد أن تشعر، وتقضي حياتك ووقتك في حياتك، وإذا شعرتَ ببعض المقاومة، فانتبِه إلى مصدرها، فلماذا نحن نخاف من الأفكار الطموحة؟ فيما يلي بعض الأسباب التي تمنع الناس من ابتكار أفكار طموحة:

  • الخوف من ألا تتحقق أحلامك، فقد تحمي نفسك من إحباط الفشل، وتريد شيئاً لا يمكنك تحقيقه.
  • اعتقادك بأنَّك لا تستحق ذلك أو أنَّك لستَ جيداً بما فيه الكفاية.
  • عدم معرفة كيفية تحقيق الأمر، وعدم معرفة كيفية الوصول إلى هناك من المكان الذي أنت فيه الآن.
  • الخوف من النجاح، فقد تخاف من أنَّ المال أو المسؤولية المتزايدة سوف تُغيِّرك.

انظر إلى ما كنتَ عليه قبل 10- 15 عاماً، فهل عرفتَ كيف وصلتَ إلى ما أنت عليه اليوم؟ وكيف يمكنك التعامل مع كلِّ شيء؟ قد يبدو الأمر هائلاً على الأرجح، لكنَّك تعيش الآن مع ثقةٍ وخبرة وعلاقات أكثر من ذي قبل، وقد تعلَّمتَ وتطوَّرتَ لكي تعالج الخطوة التالية في كلِّ مرحلة، فلن يحدث ذلك بين عشيةٍ وضحاها، فسوف تتخذ خطواتٍ صغيرة طوال العملية وتكتسب الخبرة التي ستوصلك إلى أحلامك، وتتخذ القرارات وترتكب بعض الأخطاء، لكنَّك سوف تتمكن من التغلب عليها.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح لتحقيق أحلامك عن طريق قانون الجذب

لا يمكننا أن نسمح لمستوى وجودنا وتفكيرنا اليوم بتحديد أحلامنا للمستقبل، ولا يمكننا أن ندع المخاوف التي نحملها اليوم أن تمنعنا من النظر حولنا لنرى ما هو ممكن؛ إذ إنَّ التفكير الطموح يعني الثقة في العقل الباطن، فإذا نظرتَ إلى الأنظمة في عالمنا، فسوف ترى الخوف والقيود في كلِّ مكان، ففكِّر في كلِّ الأشياء التي بنيناها بدافع الخوف أو قبلناها بشكلٍ جماعي لخلق شعورٍ بالأمان ولحماية أنفسنا.

نحن ننسى أنَّنا كائناتٌ ننطوي على أكثر بكثير من أجسادنا المادية، وكلما كبرنا نصبح متقبِّلين للاعتقاد بأنَّنا محدودون، وننسى أنَّنا مترابطون، فالانفصال وهمٌ لأنَّنا جميعاً واحد، وقد نعتقد أنَّه يتعيَّن علينا حلُّ كلِّ شيءٍ بأنفسنا، لكنَّنا دائماً مع عقلنا الباطن وحدسنا وذاتنا العليا، نوجِّه كل ما نريد القيام به، وإليكم النقطة الهامة، خاصةً بالنسبة إلى أولئك الناجحين وواضعي الخطط، وهي أنَّ عقولنا المادية ليست مصممةً لمعرفة كيف ستؤتي أحلامنا ثمارها.

لا يُعَدُّ العقل الباطن محدوداً بمفهوم الوقت، فقد اتفقنا جميعاً على مفهوم الوقت من أجل إدراك حياتنا بشكلٍ خطِّي؛ حيث يُعَدُّ الوقت جانباً ثانوياً من البعد الرابع، ويساعدنا مفهومنا للوقت على إدراك التغيير، وإذا كنتَ منفتحاً على فكرة أنَّ الوقت مجرد وهم، وأنَّ هناك مليارات من الحقائق أو العواقب الموازية الناشئة عن كل قرارٍ نتخذه، فعندها يمكنك البدء برؤية كيف يكون هذا ممكناً في البعد الخامس وما وراءه؛ لذا تعامل مع جميع النتائج على أنَّها في الحاضر.

تعرف الذات العليا كلَّ شيءٍ، ولديها القدرة على الوصول إلى الذكاء والحكمة الكونيَين، وهي تعرف مهمتك في الحياة، وتُوجِّهك بلطفٍ نحو هدفك، وتُعَدُّ العاطفة ترجمةً لطاقة ذاتنا العليا؛ حيث تساعدنا عواطفنا على معرفة مقدار قربنا أو بعدنا عن هدفنا، وتُعَدُّ العواطف السلبية مثل القلق إشاراتٍ إلى أنَّنا ضللنا الطريق، في حين تخبرنا الإثارة الحقيقية والفرح أنَّنا في الاتجاه الصحيح؛ إذ يجب أن نعيد التواصل بحدسنا ونتعلم الثقة بالعقل الباطن؛ حيث يصبح التواصل أقوى عندما نكون منفتحين على التوجيه، فيمكننا الطموح فقط عندما نصغي إلى روحنا أكثر.

إقرأ أيضاً: 5 علامات تدل على أن طموحاتك تشكل عقبة في طريقك

ابدأ بالاحتفاظ في مذكراتك واطرح أسئلةً على عقلك الباطن، واطرح الأسئلة قبل أن تنام مباشرةً، مثل: "ما الذي أقدِّمه للعالم؟" و"هل أنا في الطريق الصحيح؟" ستحصل على إجاباتٍ في غضون يوم أو أسبوع؛ بل حتى على الفور، فلقد أمضيتُ معظم حياتي في المحاولة والتخطيط والتفكير لتحقيق أهدافي، وتبدو الثقة والاستسلام غير منطقيَين للغاية، فأنا أحب قيادة حياتي بنفسي لأنَّ ذلك يبقيني في موقع التحكم، ولكنَّني لم أكن أعلم أنَّ ذاتي العليا قادرة على فعل هذا الشيء، فيا ليتنا نستطيع تعلُّم كيف نُسلِّمها القيادة والتحكم نيابةً عنَّا، كما لا يجب أن نسمح لأحلامنا بأن تقتصر على حدود تفكيرنا العقلاني، فلكي نتحلى بالطموح ونؤمن أنَّ أحلامنا ممكنة، نحن بحاجةٍ إلى أفكار عقلنا الباطن.

الهروب من العالم:

كن طموحاً عندما يتعلق الأمر بنمط حياتك الذي تحلم به، أو حياتك المهنية، ثمَّ ابتكِر أفكاراً أكثر طموحاً وتخيَّل عائلتك ومجتمعك والعالم الذي تريد إنشاءه، وفكِّر في القيم التي طورتَها والعواطف التي تريد أن تشعر بها وشارِكها مع الآخرين، وارسم مستقبلاً أكثر إشراقاً ولاحِظ كيف ستشعر نتيجةً لذلك.

حان الوقت لنجرؤ على تبنِّي أفكارٍ طموحة وأن نحلم بلا حدود، وذلك لكي نتمكن من خلق الواقع الذي نريد أن نتعايش معه، وإذا كنا نعيش في عالمٍ ثلاثي الأبعاد، فإنَّ إحداث فارقٍ لا يبدو أمراً شاقاً، فوجود فردٍ ما هو كل ما يتطلبه الأمر لإحداث تأثير كبيرٍ في العائلة وأماكن العمل والمجتمع ثمَّ العالم، وبسبب ضيق الوقت والمساحة في أبعادٍ أعلى، تصل دعوة إلى عائلتك أو فكرة لطيفة تخطر في بالك لهم على الفور إليهم.

نحن أقوى بكثيرٍ مما نظن، لهذا السبب من الهام جداً الاهتمام بطاقتنا ورفعها من خلال تطوير الأفكار والعواطف الإيجابية والتأمل وشرب المياه النظيفة وتناول الفاكهة والخضروات التي تمنحنا طاقةً عالية لنفكر بطموح، وبشكلٍ جماعي، تصبح أفكارنا ونوايانا أقوى.

"إنَّ تحقيق المعجزات شيءٌ مستحيل باستخدام الأفكار والمفاهيم البدائية، ولكن يمكن تحقيقها باستخدام الأفكار والمفاهيم المُكتَشفة حديثاً" - "تشارلز آيزنشتاين" (Charles Eisenstein).

فهناك حاجةٌ إلى مستوى جديدٍ من الوعي لإيقاظ العالم على تغييراتٍ كبيرة، وما يريح هو فكرة تنصُّ على أنَّه يجب علينا الوصول إلى أقصى درجات الوعي لتحقيق الصحوة العالمية؛ حيث تحتاج العديد من الأنظمة والمؤسسات إلى التغيير، ولكن حتى قبل أهم الأمور، يمكننا ملء قلوبنا بالحب واختيار عالمٍ جميلٍ بوعي؛ حيث تنهار الأكاذيب والأوهام عندما نتذكر حقيقة من نحن.

إقرأ أيضاً: 4 أسباب تدفعك لممارسة الوعي التَّام

نحن جميعاً مرتبطون ببعضنا ومع الطبيعة، ولا بُدَّ من أن نرى الخير في كلِّ شخصٍ نلتقي به حتى نتمكن من نشر التقبل لدى لجميع، "إنَّ الإنسان جزءٌ من الكون، وهو جزءٌ محدودٌ في الزمان والمكان؛ حيث يختبر نفسه وأفكاره وعواطفه كشيءٍ منفصلٍ عن الآخرين، وهو نوعٌ من الوهم البصري لوعيه، وإنَّ هذا الوهم هو نوعٌ من السجن بالنسبة إلينا، فهو يجعلنا نشعر بالخصوصية، ولا بُدَّ من أن نحرِّر أنفسنا من هذا السجن من خلال توسيع دوائر التعاطف لدينا وذلك لاحتضان الكائنات الحية كلها والطبيعة كلها بجمالها" - "ألبرت آينشتاين" (Albert Einstein).

عندما نعلم أنَّنا جميعاً مترابطون، وأنَّ هذا الفصل هو وهمٌ أنشأناه في أذهاننا، سنبدأ بالعيش من منظورٍ جديد؛ حيث تكون الأحكام والكراهية والعنف غير مبررة، وستبدأ عندها الأنظمة القديمة المبنية على الخوف بالانهيار كما يحدث بالفعل، كما يمكننا التفكير بطموح وتنوير العالم من خلال عيش الحقيقة ورؤية الآخرين في حقيقتهم، فذلك يعني التفكير في الأفكار التي تتماشى مع ما تؤمن به حقاً؛ لذلك كن طموحاً.

المصدر




مقالات مرتبطة