كيف تكسر النمطية وتعيش حياتك وفقاً لشروطك؟

توضع الأشياء الجيدة في الصناديق، وفي بعض الأحيان يشوِّقنا لون الصندوق لمعرفة ما بداخله، فترتفع توقعاتنا عالياً عند رؤيتنا اللون الأزرق الدال على العلامة التجارية تيفاني (Tiffany) مثلاً، أو البرتقالي على اسم علامة هيرميس التجارية (Hermes)؛ لأنَّنا نعلم أنَّ ما بداخل الصندوق سيكون مُنتجاً لأحد هاتين العلامتين التجاريتين الفاخرتين. وهنا نسأل أنفسنا، لمَ نريد إخراجها من هذا الصندوق؟



لكنَّنا سنفرح بسوار من ماركة تيفاني (Tiffany)، أو وشاح من ماركة هيرميس (Hermes) حالما نخرجه من الصندوق، فنحن بالطبع لن نحتفظ بهذه الأغراض دون ارتدائها، أو هذا ما يُفترض بنا أن نفعل.

ينطبق هذا الأمر علينا أيضاً، إذ لا يجب أن نقبع داخل صندوق يقيدنا، ويحد من ذكائنا في جميع النواحي، ويجعلنا أقل تطوراً، ويحرمنا من أن نصبح الشخص الذي خُلقنا لنكون عليه.

فعندما نكون غارقين في النمطية، لا نكون أقل فاعليةً وتأثيراً فحسب، بل نكون محتجَزِين؛ حيث تجعل هذه الحدود نظرتنا لأنفسنا، والظروف، والآخرين، والمستقبل نظرةً قاصرةً وجامدةً وضيقةً.

تحد النمطية من قدراتنا، وتضيِّق وجهة نظرنا وطريقة عملنا؛ فمن الصعب أن نكون مبدعين، ومن المستحيل أن نكِّون ذواتنا الرائعة الكاملة ضمن حدود ضيقة؛ فالصناديق أماكن للتخزين، وليست مساحات إبداعية؛ كما أنَّ الإبداع هو ما يقولب شخصياتنا.

سنقدم إليك هذه النصائح كي تخرج من النمطية:

1. امتلك الوعي الذاتي والشجاعة الداخلية:

قبل أن تكسر النمطية في حياتك، يجب أن تدرك أولاً أنَّ حياتك نمطية بشكل أو بآخر. يبدو هذا سهلاً، لكن في بعض الأحيان، ننجرُّ إلى نفس الأنماط التقليدية من التفكير والقيام بالأمور، فننسى أن نكفَّ عنها كي نلقي نظرة حولنا لجسِّ نبضنا ورؤية الخيارات التي نمتلكها.

إذا لم تصل إلى السعادة التي أضافتها أهدافك وقيمك إلى حياتك، فأنت حتماً لم تخرج من نمطيتك بعد؛ فإن رغبت في الحصول على نتائج مختلفة؛ ولكن لم تستطع كونها تظل نفسها دون أن يطرأ عليها تغيير يُذكر، وشعرت أنَّك عالق تفتقد إلى الحماس، فهذه علامة معهودة على أنَّك عالق في النمطية.

يمكنك تغيير بعض الأشياء الصغيرة، ولكن إذا ظلت علاقتك والنتيجة النهائية للشيء الذي ترغب في تغييره أو إنشائه كما هي، فلن تحطِّم تلك الأسوار المحيطة بك مُطلقاً.

كن واضحاً بشأن ما ترغب في تحقيقه، وخطط للأمر على الأمد الطويل، وكيف ترغب في تحقيقه، واعلم ما الذي يتساوى في الأهمية وكيف. ستمكنك النظرة البعيدة من أن تصبح أقل تفاعلاً، وأكثر تفكيراً وابتكاراً؛ فعندما نتخيل الصورة الأكبر، تتسع مساحة التخطيط واتخاذ القرار لدينا لتشمل مجموعة كبيرة من الاحتمالات.

يفتح لنا الفضول والانفتاح باب الإمكانيات والفرص، ويؤدي كلاهما إلى المرونة، وهما صفتان نقيضتان للنمطية.

كن فضولياً واسأل السؤالين التاليين:

  • ما هو أكثر ما يهمني؟
  • ما الذي أحتاجه وأريده على الدوام؟

يتعلق هذان السؤالان بالإرث الذي تريد تركه وراءك، مثل عملك أو تأثيرك في الآخرين والأشياء من حولك، أحدهما أو كلاهما؛ حيث يتعلق الأمر بتكريم الأشياء التي لها الفضل في تكوينك.

عندما تتواءم مع هدفك وقيَمك وتتصرف بناءً عليها، ستكون قادراً على الخروج من النمطية؛ وعندما تتصرف بمواءمة  ونزاهة، لا يمكن لأيِّ حدود أن تحتجزك.

إقرأ أيضاً: إطلاق العنان لقوة الوعي الذاتي

2. تحقَّق من صحة الروايات التي تقولها لنفسك:

نحن نتسرع في إطلاق الأحكام حول سبب عدم استطاعتنا فعل شيء ما، أو عدم نجاحنا، أو سبب عدم نجاح شيء ما، أو سبب فشلنا؛ لذا كن صادقاً مع نفسك، واعترف بوضعك ونوع المساعدة التي تحتاج إليها.

لا تتساهل في تمييز الحقيقة عن الوهم. بل عبِّر عن كل ما تريد، ما دام ما تضيفه إلى الحقائق يبثُّ فيك الحيوية ولا يحبطك، وهذا ما يسمَّى الحلم.

حيث تحفِّزنا الأحلام وتمنحنا أفكاراً جديدة؛ فنحن مَن يثير المشاعر الإيجابية داخلنا، لذا رحِّب بها، وضعِ الخطط والأهداف بناءً على تلك الأحلام؛ فالأحلام ما هي إلَّا أهداف ما زالت في شرنقتها.

وكي تكون قصتك في الحياة مؤثرةً، تأكد أنَّ الراوي هو ذاتك الحكيمة وليس القاضية؛ حيث ستتعلم من خلال إيجابية وسلبية كل منهما، فالذات القاضية تنهكك بسرعة، فيضمحل إيمانك بإمكانية تحقيق ما تصبو إليه، وهي من تحتجزك داخل نمطيتك تلك.

أمَّا عندما تمارس التعاطف وتكون فضولياً حيال الأشياء، فأنت تطلق العنان لذاتك الحكيمة؛ فلا تقسُ على نفسك لوقوعك ضحيةً للنمطية، حتى لو طال أمد احتجازك فيها، أو في حال فشلتَ؛ ولا تسمح لذاتك القاضية بأن تقودك للانغماس في هذا النوع من النقد الذاتي.

لاستدعاء ذاتك الحكيمة والخروج من النمطية التي تعيشها، اسأل ما يلي:

  • ما الافتراضات الخاطئة أو السلبية التي كنت أقوم بها؟
  • ما الافتراضات التي أقوم بها عموماً؟
  • ماذا أحتاج لأتحمل المسؤولية بدلاً من إلقاء اللوم على شخص آخر؟
  • ما الذي أعرف صحته؟
  • ما الخطوة التالية الصحيحة؟

يعدُّ التمثيل وسيلةً أخرى لتوظيف ذاتك الحكيمة في خدمتك؛ حيث لا يوجد شيء يساعدك كتمثيل الدور لتشجيع وجهة نظر ذاتك الحكيمة الجديدة، وإثارة الإبداع الفطري لها وطاقتها غير المحدودة.

لا تمثِّل دورك حقيقةً، بل افعل شيئاً مبهجاً ينطوي على عنصر المفاجأة ويجعل الوقت يمر. يجب ألَّا يكون السيناريو مكتوباً بإحكام، أو أن تتقن التمثيل إتقاناً كبيراً.

ولإضافة بعض القوة الإضافية إلى هذه العملية برمتها، افعل شيئاً لم تفعله منذ وقت طويل، أو جرب شيئاً جديداً؛ فقد يكون هذا بمثابة رياح قوية تهز جوانب صندوقك وتسمح بدخول الهواء النقي. إضافةً إلى ذلك، سيسمح لك هذا الأوكسجين الجديد باستنشاق أنفاس أكبر وأعمق، فتظهر أحلامك وأفعالك محطِّمةً صندوق النمطية الذي يحتجزك.

إقرأ أيضاً: 6 طرق تساعدك على التفكير خارج الصندوق

3. لا تخشَ التجربة والفشل:

اعلم أنَّك عندما تكون عالقاً في النمطية، ستكرر الأخطاء نفسها مراراً وتكراراً، وهذا فشل أكبر من الفشل الذي يترتب على تجربة طرائق لتحقيق أحلامك. واعلم أنَّ الإخفاقات ليست أمراً سيئاً، بل هي دروس وعِبر ستنعكس إيجاباً على حياتك عموماً.

وكي ترى الفشل حليفاً لك، أشرك ذاتك الحكيمة؛ فلن يسيء إليك هذا الجزء المتعاطف من نفسك ويجعلك تشعر بالسوء حيال أخطائك، بل ستجعلك ذاتك الحكيمة تجد النعمة في أيِّ شيء يتكشَّف، وتشجعك على التخطيط بناءً عليه.

شاهد بالفديو: 6 دروس يجب أن تتعلمها من الفشل

الخلاصة:

عندما تخرج من صندوق النمطية الذي تسكنه حالياً، ستبدأ في عيش الحياة وفقاً لشروطك الخاصة. وتتحرر من قيود المعتقدات والأفعال الروتينية، وستظهر ذاتك على حقيقتها بعد تخلصك من العادات والممارسات المقيِّدة.

ما رأي ذاتك الحكيمة - ذلك الجزء البديهي من نفسك - في الخطوة الأولى الرائعة للخروج من النمطية التي تعرقل حياتك؟

ما إن تتحرر في ناحية ما، ستُفتح لك أبواب الحرية مشرعةً. حيث تشكِّل كل عملية تغيير جزءاً من الثورة التي ستحطم جدران صندوقك، فهي ثورة للتطور. وعندما تتطور، يمكنك أن تعيش حياتك كما ينبغي.

 

المصدر




مقالات مرتبطة