كيف تقوي علاقتك بالخلافات؟

هل تعلم أنَّ الأزواج الذين يحبون بعضهم بقوة يتشاجرون أكثر من غيرهم؟



ربما تخيَّلت العثورَ على الشريك المثالي عندما كنت يافعاً بوصفه حلماً وردياً ووجبة إفطار في السرير نهايةَ كل أسبوع، ثمَّ كبرت وعشتَ علاقةً فاشلةً أو اثنتين، وأدركت أنَّ أحلام طفولتك الرومانسية ربما كانت غير واقعية.

خضعت العلاقات البشرية للدراسة منذ الأزل، ولقد تعمَّق العلماء والأطباء النفسيون وخبراء العلاقات العاطفية وعلماء النفس منذ فترة طويلة، بالبحثِ في جوهر ما يجعل العلاقة الجيدة تترك أثراً، والعلاقات السيئة تنهار.

في حين أنَّه توجد أسبابٌ واضحةٌ خلف نجاح أو فشل العلاقات، فإنَّ إحدى النتائج المفاجئة التي أسفرت عنها هذه الدراسات، هي أنَّك إذا كنت ترغب في بناء علاقة متينة وطويلة الأمد، فعليك القتال من أجلها.

الخلاف جزء من العلاقة:

بصرف النظر عن مدى توافقك مع الشريك، فدائماً ما سيكون بينكما خلافات، فمن المؤكَّد أنَّكما ستتشاركان حُبَّ السير لمسافات طويلة، والسهر لوقت متأخر معاً، لكن توجد أمور ستختلفان عليها، سواء كنتما تختلفان بالرغبات، أم الأهداف، أم المعتقدات، أم السلوكات، فسوف تنشأ الخلافات بينكما وستتكرَّر غالباً.

العلاقة القوية أساسها التواصل الجيد:

تخيَّل أن تترك إبريق الماء الساخن يغلي لفترة طويلة، حتى تظنَّ من صوت صفير البخار أنَّه سينفجر في أي دقيقة، فلم يصل الماء إلى نقطة الغليان هذه لحظةَ تشغيل الغلاية، بل استغرق وقتاً، ونفس الأمر ينطبق على العلاقات، إذا لم يكن التواصل جيداً والمشاعر متبادلة، ستتفاقمُ الخلافات حتى تصل العلاقة إلى نهايتها.

أفضل طريقة لحل المشكلات وتحقيق الوفاق مع الشريك هي بالخلاف، لكنَّ هذا لا يعني أن تستشيط غضباً، أو أن تقوما برمي الأطباق على بعضكما بعضاً؛ إذ تُظهر الدراسات وجود ثلاثة أساليب رئيسة للخلاف يتَّبعها الأزواج، وهي كالآتي:

1. أسلوب التواصل الجيد:

من خلال اتباع هذا الأسلوب، يعمل الطرفان باستمرار على التواصل ومصارحة بعضهما بعضاً بالمشاعر التي يواجهانها، فيجلسان ويتحدثان ويحاولان إصلاح الأمور فور نشوب الخلاف.

"الجلوس" هنا ليس دائماً بالمعنى الحرفي، فقد يكون هناك بعض الصراخ والتجوُّل جيئةً وذهاباً، والتلويح بالأيدي في الهواء، لكن يكمن المغزى بالعمل على تخطي الأمر معاً، والتوصُّل إلى حل وسط، والعثور على السكينة في نهاية الأمر.

2. أسلوب الانفجار:

يميل بعض الناس إلى الانفجار بسهولة عندما ينزعجون من أمر ما، وفي العلاقات العاطفية، قد يحصل هذا من طرف واحد أو يشمل كلا الطرفين، فغالباً ما يُحدث هذا اضطراباً في العلاقة، فقد يُظهر أنَّك مهتم بالصراخ على شريكك أو صراخه عليك، بدلاً من التركيز على الخلاف بحدِّ ذاته.

3. أسلوب التجاهل:

ربما تكون الطريقة التقليدية والأكثر خطورةً للتعامل مع الخلافات هي بتجاهلها؛ وذلك لأنَّ الأشخاص الذين لا يُفضِّلون التعامل مع المشكلات، يميلون إلى تجاهل الأمور التي تزعجهم أو تضايقهم في العلاقة بدلاً من الحديث عنها، وقد يكون لهذا نتائج وخيمة، لذا فالشجار هو الحل.

شاهد بالفيديو: 10 طرق لتقوية العلاقات المتعثرة

كيف تخوض خلافاً جيداً؟

أهمُّ شيءٍ يجب تذكُّره عند التعامل مع نزاع في العلاقة، هو الاحترام المتبادل بين الطرفين، سواء كنت تتعامل مع مشكلة سهلة؛ كأن يستمر شريكك في رمي أغلفة العلكة في سيارتك، أم مشكلة قد تغيِّر مجرى حياتك؛ كأن يُصرِّح بأنَّه متزوج من قبل، فإنَّ إظهار الاحترام المتبادل في أثناء التواصل أمر بالغ الأهمية.

إقرأ أيضاً: الذكاء العاطفي بين الزوجين وخطوات الوصول إلى علاقة زوجية ذكية عاطفياً

كيف تُظهِر الاحترام للشريك عندما تكون مستاءً؟

إليك بعض النصائح:

1. خُذ خطوة للوراء:

قد ترغب في الصراخ والتفوُّه بأمور سيئة، لكنَّ التراجع خطوةً إلى الوراء سيمنحك دقيقة لتهدأ، وتفكِّر فيما تريد أن تقوله.

2. ركِّز في عيني الشخص:

لا تتجنَّب المشكلة أو تؤجلها ليوم آخر، تعمَّق في المشكلة وتعامل معها قبل أن تخرج عن نطاق السيطرة.

3. امسك يد شريكك:

قد تكون غاضباً، لكنَّ هناك شيئاً مميَّزاً بخصوص إمساك يد شخص تحبه، يولِّد شعوراً بالترابط، لذا أمسك يده بقوة وأنتما تحاولان معالجة الخلاف.

4. اكتب له:

يعتمد معظم الناس كتابةَ المذكرات لمساعدتهم على التعبير عن مشاعرهم، قد يكون الأمر سهلاً في بعض الأحيان كطرحِ سؤال على الشريك بخصوص أمر يتستَّر عليه لفترة من الوقت، فإذا كنت تواجه صعوبة في التحدث مع شريكك عن أمر يثير قلقك، اكتب له، فهذا يُظهر أنَّك مهتمٌّ بما يكفي كي تستغرق وقتاً في انتقاء كلماتك بعناية، بدلاً من مجرد استخدامها للهجوم.

5. أجرِ مكالمة في منتصفَ الليل:

إذا كنت تواجه مشكلةً تشغل بالك، وتخشى أن تضرَّ بعلاقتك، فلا تتردَّد بإجراء مكالمة هاتفية مع شريكك في وقت متأخر من الليل، فقد يُخبرك كثيرون أن تُؤجِّل مناقشة مشكلات الحياة حتى يطلع النهار، لكن أحياناً يكون سكون الليل الوقت المناسب للتغلُّب عليها.

6. اسمح لتدخُّل وسيط:

إذا كنت لا تستطيع حل المشكلة بنفسك، حدِّد موعداً مشتركاً مع شخص حكيم أو استشاري، وستخرج من المحنة أقوى.

7. سامح وانسَ:

قد يكون من الصعب تجاوز بعض مشكلات الحياة، لكنَّ جميع البشر يخطئون، فأن تكون في علاقة يعني التغاضي عن الأخطاء ومسامحةَ الآخر مرات كثيرة.

إنَّ الحب المتبادل يعني الاحترام المتبادل، وفي حين أنَّ الخلافات ضرورية، فمن الهام أن تكون بدافع الحب لا الحرب.

إقرأ أيضاً: الذكاء العاطفي وأهميته في العلاقات مع الآخرين

ما يجب تجنُّبه عند الخلافات:

الأمور التي يجب تجنبها في أثناء الخلافات تُعادل الأمور التي يجب فعلها أهميةً، فمهما كنت مستاءً أو مجروحاً، إيَّاكَ أن تفعل ما يأتي:

1. الانتقاد:

إنَّ التقليل من شأن شريكك أو انتقاده لا يُسيء لشخصه فحسب، بل يزعزع ببطء جوهر العلاقة، وهذا يختلف تماماً عن النقد البنَّاء.

2. أخذ موقف دفاعي:

إذا كنت تأخذ موقف المدافع عن نفسك دائماً، فأنت تُظهر عجزك عن تحمل مسؤولية أفعالك؛ لأنَّ هذا يقلِّل من شأن محاولات شريكك للتواصل، ويُظهر غياب النية الحقيقية للعمل على تحسين العلاقة.

3. إظهار الازدراء:

إشاحة النظر، والتنابز بالألقاب، وتحقير الشخص الآخر، تصرفات غير مسموح بها أبداً في العلاقة.

4. رفض التعاون:

إذا أراد شريكك مناقشة أمر ما وقابلتهُ بالرفض، فلن تحظَ بعلاقة صحية ومستقرة معه بأي طريقة، فقد تعتقد أنَّ كل شيء على ما يرام، لكنَّ الأساس سيبدأ بالانهيار في اللحظة التي تدير له ظهرك.

شاهد بالفيديو: 8 طرق لبناء الثقة في العلاقات

في الختام:

لم تكن العلاقات سهلةً أبداً، لكن من خلال التواصل الجيد والصريح، لن تكون بهذه الصعوبة، ففي حين أنَّ من الصعب تجاوز بعض الخلافات، فقد أدرك جميع الأشخاص في مرحلةٍ ما، كيف أنَّ الخلاف الجيد قد يجعل العلاقة أقوى وأفضل.

يميل الناس غالباً للاعتقاد بأنَّ الزوجين الذين لا يتشاجران أبداً، علاقتهما قوية ومثالية جداً، لكنَّ خلاف ذلك هو الصحيح، فالشريكان اللذان يهتمان بالعلاقة لحدِّ الشجار، ويواجهان مشكلاتهما، يتمتعان بعلاقة أقوى وأكثر سعادة، وفي حين أنَّ الابتعاد يُعدُّ خياراً أسهل عندما تسوء الأمور، فإنَّ رغبتك في البقاء ومواجهة الألم والمشقة دليلُ الحب الحقيقي.

المصدر




مقالات مرتبطة