كيف تقود التغيير في مؤسستك؟

التغيير هو أكبر الثوابت في عالم الأعمال اليوم؛ حتى أنَّ المؤسسات الخيرية والتعليمية تجد أنَّها بحاجة إلى الابتكار باستمرار؛ من أجل التنافس على أموال التبرعات والعملاء والأعضاء، ومواكبة المشهد الاجتماعي المتغير من حولهم أيضاً؛ لكنَّ الناس يكرهون التغيير، لذا فالمؤلفات الإدارية غنية بالقصص التي تتحدث عن الشركات المبتكرة التي أخفقت في التخطيط، وفي عمليات إطلاق المنتجات، وعمليات إعادة التنظيم مما أدى إلى انخفاض إنتاجيتها واستقالة العمال بأعداد كبيرة، وبرامج رفع الروح المعنوية السيئة التي تتحدث عن التفاؤل والتي أدَّت إلى استقالاتٍ أيضاً، وغيرها الكثير.



عندما يجتمع العاملون في أي مؤسسة معاً، فإنَّهم يتبادلون قصصاً عن هفوات الشركات، ويضحكون على الحكايات التي حصلت معهم، وعلى البرامج السيئة جداً والتي لا يمكن التفكير فيها في المقام الأول، والتي نُفِّذَت مع ذلك.

القاعدة العامة المتعارف عليها بأنَّ الناس لا يريدون التغيير، وإنَّما يريدون أساساً ثابتاً لاستقرار الشركة، لقد أُلفَ عدد كبير من الكتب حول طريقة حل هذه المشكلة: تحتاج الشركات إلى التغيير، لكنَّ العمال يكرهونه، وقد خَصَّصت برامج إدارة الدراسات العليا عدداً لا يُحصى من الساعات الدراسية للتعامل مع هذا النزاع، والمسؤولون التنفيذيون وقفوا عاجزين نتيجة التعارض بين احتياجاتهم وعدم رغبة الموظفين.

كل هذا بلا فائدة، إذ يشير مايكل كانازاوا (Michael Kanazawa)، مؤلف كتاب "من أفكار رائعة إلى نتائج رائعة" (Big Ideas to Big Results) إلى أنَّ "الناس لا يكرهون التغيير، وإنَّما يكرهون الطريقة التي تحاول فيها تغييرهم".

يحب الناس التغيير:

الناس لا يكرهون التغيير، فهم يحبونه؛ إذ يسعى العمال باستمرار إلى الترقيات والحصول على مسؤوليات وظيفية جديدة، ويشترون كتب المساعدة الذاتية وكتب التنمية الشخصية سعياً إلى أن يصبحوا أفضل في وظائفهم، ويبدأون أعمالهم الخاصة، فهم يغيرون الشركات والوظائف، بل ويغيرون مهنتهم؛ كل ذلك من أجل التخلص من الروتين غير المُرضي ومحاولة السيطرة على ظروف عملهم.

الناس يحبون التغيير، لكنَّهم يكرهون التغيير الذي يجبرهم القيام بشيء لا يريدونه، فهم يكرهون تنفيذ بعض المهام، والتي تعتقد الكثير من الشركات المبتكرة بأنَّ العمال ملزمين بتنفيذها.

3 مبادئ للتغيير يفضلها الناس:

بدأ كانازاوا عمله بوصفه خبيراً استراتيجياً في الشركة نفسها التي أطلق منها سكوت آدامز (Scott Adams) شخصية ديلبرت (Dilbert)، ويمكن القول أنَّ شركة باسيفيك تيلسيس (Pacific Telesis) أخطأت في التغيير مراراً وتكراراً، كان من المحبط استخدام طريقة غير ناجحة وتفتقر إلى الإبداع لإدارة التغيير هناك، حيث سعى كانازاوا إلى استخدام طريقة مختلفة للتعامل مع التغيير؛ في كتابه "الناس لا تكره التغيير" (People Don’t Hate Change)، كما حدد المبادئ الثلاثة التي تحتاج الشركات إلى تبنيها لإيجاد ابتكار حقيقي يدعم موظفيها:

1. إنجاز المزيد من الأعمال بموارد أقل:

يخشى العمال ظهور تحديثات في أعمالهم؛ لأنَّهم تعلموا أنَّ التغيير يعني المزيد من العمل بالنسبة لهم، وقد تأكَّدوا من صحة هذه المخاوف عندما دعتهم الإدارة إلى غرفة الاجتماعات أو قاعة الاجتماعات من أجل "التجمع الحماسي" الذي لا مفر منه لمراقبة سلوكهم تجاه التغييرات، ثم أخبرتهم أنَّه يجب عليهم "فعل المزيد بموارد قليلة"، تناشد هذه الفكرة قيمنا الأساسية المتمثلة في التوفير والكفاءة، فهي تمنحنا القليل، لكن في النهاية، القيام بالمزيد من الأعمال باستخدام القليل من الموارد هو أمر غير عملي، وينتهي الأمر إلى شعور الموظفين بالإرهاق نتيجة المسؤوليات الجديدة، والعجز واليأس بسبب نقص الموارد، والاستياء من كل الأعمال التي يقومون بها دون حصولهم على تعويض إضافي.

بدلاً من ذلك، يقترح كانازاوا أن تُظهِر الإدارة بوضوح ما هي الأولويات الجديدة، وما هي الأعمال التي لم تعد ذات أهمية؛ لذا امنح العمال فكرة واضحة عمَّا ينبغي عليهم التركيز عليه، وتخلص من الباقي، أو استعن على أدائها بموظفين من خارج الشركة، والأفضل من ذلك تخلص منها بالكامل.

يعني إنجاز المزيد بأقل الموارد المزيد من العمل، والمزيد من التفكير، والمزيد من النشاط على أمور قليلة، وهذا يعني تركيز جهود الموظفين على الأمور التي تهمهم، بدلاً من توزيع انتباههم على عدة طرائق مختلفة.

إقرأ أيضاً: كيف تعزز إنتاجيتك بموارد أقل؟

2. ليس لشيء أهمية مثل التأييد:

تعرف الشركات قيمة "التأييد" عند استخدام برامج جديدة أساسية؛ فالتأييد هو الشعور السائد بين العمال بأنَّ لهم دوراً في نجاح المشروع، وبأنَّه ملكهم، وبطريقة ما يجعلونهم يؤيدون برنامج التغيير الجديد، عموماً تُحدد الشركات فريقاً قيادياً أو مستشارين خارجيين أو فريقاً للمشاريع في أحد الأقسام لتصميم برنامج جديد، وبمجرد وضع الصيغة النهائية للخطة، يعرضون ذلك على الموظفين المسؤولين عن تنفيذ الخطة الجديدة لاجتماع التأييد، فهم يروجون الخطة ويؤيدهم الموظفون؛ وإلَّا فإنَّهم سيعتقدون أنَّها فكرة رائعة، ويكونون متحمسين لها، ولكن في النهاية لن تكون هذه خطتهم؛ لذلك يدعو كانازاوا إلى اتباع نهج مختلف للابتكار، وهو الاعتماد على خبرات ومهارات الموظفين العملية من البداية، ودمج أفكارهم في الخطة، واتباع نهجهم؛ فعندما يؤدي العاملون دوراً فعالاً في إحداث تغيير في مؤسساتهم، فلا داعي للتأييد لأنَّ الأفكار هي أفكارهم بالفعل.

3. لا تتعلق القيادة بك فحسب:

إنَّ القيادة لا تتعلق بالسلطة، بل تتعلق بتمكين الآخرين، ويوافق كانازاوا على ذلك، إذ كتب: "لا يتعلق تأثير القيادة بمدى مكافحتك وصرامتك ورؤيتك، وإنَّما يتعلق بطريقة إبراز ذلك في الآخرين"، إذ يزيد القادة الحقيقيون من قوتهم القيادية بشكل كبير من خلال تمكين من حولهم للقيام بالمزيد، وتتسع قوتهم بقدرة من حولهم، من الهام أن يتمتع القادة برؤية وسلطة وطموح، ولكن الأهم بالنسبة لهم هو الوصول إلى الآخرين على طول سلسلة القيادية للتأكد من أنَّ الجميع يشعرون بأنَّهم منغمسون في عملية التغيير؛ فالقادة الذين لا يفعلون ذلك، ويحاولون فرض وجهات نظرهم على الجميع، قد يتمكنون من تحقيق شيء يشبه ذلك، لكن بطريقة مزيفة وفارغة.

إقرأ أيضاً: مفاهيم حول إدارة التغيير، ولماذا يحتاجها القادة

اجعل التغيير أمراً مُحبَّباً:

يمنح كتاب كانازاوا "الناس لا يكرهون التغيير، وإنَّما يكرهون الطريقة التي تحاول فيها تغييرهم" مقدمة جيدة لنهج التغيير الذي حسَّنه منذ مغادرة ديلبرت-لاند (Dilbert-land)، ويمكن أن يساعد وضع مبادئ كانازاوا في الحسبان أيَّ مؤسسة على الاستفادة من الطريقة التي يفضل فيها الناس التغيير الحقيقي والهادف، بدلاً من العمل ضد هذا الأمر وإجبار الموظفين على اتخاذ موقف رجعي للدفاع عن أنفسهم؛ وهذا من شأنه أن يزيل التوتر بين حاجة الشركات للتغيير وانعدام ثقة العمال به، فعندما تجعل التغيير أمراً مُحبباً، فليست هناك حاجة للقلق أبداً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة