كيف تفرض شخصيتك وحضورك على من حولك وتوظِّف مهاراتك الصوتية؟

أن تتحدث إلى الآخرين دون أن يصغوا إليك أو يستمعوا لك هو أمر في غاية البؤس، ويُدخِل إلى نفوسنا الإحباط والشعور بالضعف وقلة القيمة، ولكنَّ أسباب هذه الحالة غالباً ما تكون خاضعة إلى سيطرتنا بشكل أو بآخر، ومن جهة أخرى، فإنَّ فرض حضورنا وشخصيتنا لا يأتي من فراغ؛ وإنَّما يتطلب دراية واسعة وثقافة ومهارة يتم التدرب عليها بشكل دائم، وهي لا تأتي بين ليلة وضحاها.



سنتعرف الآن إلى واحدة من أهم الأدوات المفيدة في فرض حضورنا وشخصيتنا على الآخرين وهي الصوت؛ هذه الأداة الرائعة التي لم يعلمنا أحد كيف نستخدمها بالطريقة الصحيحة التي تفيدنا في الحياة العملية، لا في المدرسة ولا في التلفاز ولا في الجامعة.

كيف تفرض شخصيتك وحضورك باستخدام طبقة الصوت المناسبة؟

تُعَدُّ طبقة الصوت واحدة من أهم مكونات القدرة الصوتية؛ إذ تتدرج الطبقة الصوتية من رأس الأنف إلى أسفل الصدر، وكلما كانت الطبقة سطحية أكثر، كانت أقل إقناعاً وظهرت بشكل باهت لا يستدعي أي اهتمام.

إنَّ ما يسمى بطبقة "رأس الأنف" هي أسوأ طبقة يمكنك استخدامها في حال كنت تريد الحصول على ترقية من مديرك في العمل، أو ضمن مقابلة عمل أو تتقدم إلى خطبة إحداهن، فهي لا تعطي انطباعاً بالثقة، ومن ثم سيكون كلامك محل شك بصرف النظر عن معناه أو محتواه أو صحته.

وإذا كنتَ تريد إقناع من حولك بوجهة نظرك وفرض شخصيتك وحضورك على الآخرين، فعليك أن تستخدم طبقات الصوت العميقة التي تكون قادمة من الصدر؛ إذ إنَّ الشخصية القوية هي صاحبة الصوت العميق.

كيف تفرض شخصيتك وحضورك باستخدام نغمة الصوت المناسبة؟

كذلك تُعَدُّ نغمة الصوت عنصراً أساسياً في فرض الشخصية والحضور؛ وذلك من خلال تنويع نغمة الكلام فلا يكون على إيقاع واحد ونغمة واحدة؛ بل يجب التشديد على الكلمات الهامة أو المفتاحية التي تمثل الرسائل التي نود إيصالها.

يستخدم المنجمون أو في أغلب الحالات الصوت أحادي النغمة؛ وذلك لأنَّه يُشعِر المشاهد بأنَّ جميع الجمل مكررة ولا يوجد فيها شيء مميز، وكلها تشبه بعضها بعضاً، ومن ثم لا يتذكر المشاهد أيَّاً منها بعد انتهاء البرنامج، وهذا هو ما يريده هؤلاء.

كيف تفرض شخصيتك وحضورك باستخدام سرعة الصوت المناسبة؟

يجب أن تكون سرعة الصوت مناسبة؛ فلا تكون سريعة جداً فتُشعِر من حولك بأنَّ كلامك لا قيمة له، وكذلك من الممل أن تكون كلماتك بطيئة؛ فذلك يدفع المستمع إلى أن يهز رأسه فقط راجياً انتهاء كلامك.

هل يمكن أن يكون للصمت دور في فرض شخصيتك وحضورك؟

يُعَدُّ الصمت سلاحاً فعالاً في معركة الصوت؛ إذ إنَّ استخدام الصمت في المواقف المناسبة قد يكون له الكثير من الفوائد والمعاني التي تفوق قدرة الإنسان على التعبير، فجميعنا قد نمر في مواقف لا نجد فيها ما يمكن أن يُقال، ومواقف أخرى نشعر فيها بأنَّ أيَّة كلمة ممكن أن تُحسَب ضدنا، وخصوصاً تلك التي نُسأل فيها عن أمور لسنا على علم بها بشكل كامل، فهنا من الأفضل أن نستخدم الصمت أو الإجابة المقتضبة والمختصرة.

شاهد بالفيديو: 10 طرق لتطوير شخصيتك

كيف تفرض شخصيتك وحضورك باستخدام قوة الصوت المناسبة؟

يظن الكثيرون من الناس أنَّ صوتهم يجب أن يكون عالياً أو قوياً من أجل أن يكون رأيهم مسموعاً ولهم هيبة وحضور أمام العامة، ولكنَّ هذا الكلام خاطئ جملة وتفصيلاً، فعلى العكس من ذلك؛ إذ يرسل الصوت القوي رسالة ضعف ولا يدل على الحكمة أو التعقل؛ بل يشير إلى انعدامهما.

قد يكون الصوت العالي - بشكل مقبول - ضرورياً إلى حدٍّ ما في نهاية الاتفاق أو في نهاية اللقاء؛ وذلك من أجل زرع الثقة لدى الطرف الآخر بأنَّ الاتفاق سينجح، ولا يوجد أي خوف في المستقبل.

ما هي أهم الأخطاء التي تنقص من احترامك بين الناس؟

1- الغيبة:

إنَّ الغيبة والتكلم عن أصدقائك وعيوبهم وأخطائهم في وقت غيابهم هو من أكثر الأمور السيئة التي قد تقلل من احترام الناس لك، ومن ثم لا يهتمون بك ولا بكلامك؛ مما يضعف من حضورك بينهم، فعلى سبيل المثال بعدما غادر صديقك "ماجد" السهرة، بدأتَ تتحدث عن سلبياته وعيوبه أمام بقية الأصدقاء، هذا الأمر سيجعل أصدقاءك ينفرون منك؛ لأنَّ حديثك عن صديقك ماجد بالسوء في غيابه يجعلهم يتأكدون من أنَّك ستتحدث عنهم بالسوء بعد مغادرتهم.

2- إصدار الأحكام:

إنَّ أكثر عادة سلبية موجودة بكثرة في مجتمعاتنا هي إصدار الأحكام على الآخرين بشكل قطعي، على سبيل المثال "أحمد شخص فاشل، ولن ينجح أبداً في حياته"، هذا الكلام سيجعلك شخصاً سلبياً في عيون من حولك، وسينفرون منك ولن يستمعوا لكلامك أبداً، ومن ثم ستجد نفسك مع الأيام تتكلم ولا أحد يستمع لك.

3- السلبية والتشاؤم:

إنَّ السلبية الدائمة والطبع المتشائم طوال الوقت يوحي بالضعف وقلة الحيلة، ومن ثم سيضعف من شخصيتك ويقلل من شأنك طوال الوقت، فالناس لا تحب الإنسان الضعيف المتشائم، وهذا لا يعني أنَّه في حال كانت الظروف سيئة يجب أن تقول إنَّها جيدة وكل شيء سيصبح مثالياً، لكن بدل الشكوى من الظروف التي قد لا تستطيع تغييرها؛ يمكنك أن تطور من نفسك ومن قدراتك ومهاراتك لكي تكون قادراً على مواجهة الظروف، وانشر هذا الكلام على مسامع أصدقائك أو زملائك في العمل، فالناس تحتاج إلى من يعطيها الأمل والدافع في أوقات الأزمات.

4- اختلاق الأعذار ولوم الآخرين:

إنَّ لوم الآخرين على مشكلاتنا وأخطائنا هو أكثر ما يمكن أن يضعف صورتنا وشخصيتنا أمام المحيط، وكذلك اختلاق الأعذار التي قد تكون غير منطقية أو يمكن أن تكون منطقية ولكنَّها ليست مشكلة الآخرين؛ وإنَّما هي مشكلتك أنت في النهاية، على سبيل المثال عندما يسألك مديرك في العمل عن سبب تأخيرك، تلقي اللوم على المواصلات أو الطقس السيِّئ، وكذلك الأمر عندما تفشل في تجارتك، فإنَّك تلقي اللوم على الوضع الاقتصادي العام أو حتى الأزمات المالية العالمية؛ لذا حاول أن تتحمل مسؤولية قراراتك وتصرفاتك بنفسك دون أن تلقي اللوم على أحد، وحاول أن تقول لنفسك: "لا أعذار فارغة بعد اليوم".

5- التضخيم والمبالغة:

إنَّ تضخيمك للقصص التي ترويها عن نفسك أو عملك والمبالغة بها من أجل أن تظهر نفسك بمظهر المنتصر في جميع الأوقات والظروف، اعتقاداً منك أنَّك بذلك تفرض شخصيتك وحضورك على من هم حولك، هو اعتقاد خاطئ بشكل كامل؛ وذلك لأنَّ هذا الكلام لا يتقبله العقلاء ولو أظهروا لك موافقتهم من باب المسايرة لا أكثر ولا أقل، ولكنَّهم في الحقيقة عندما يشعرون بمبالغتك، فإنَّهم لن يستمعوا لك في المرة القادمة؛ مما يؤدي إلى إضعاف شخصيتك وحضورك.

إقرأ أيضاً: 5 خطوات لوضع حدود شخصية لنفسك

كيف تفرض شخصيتك وحضورك على من هم أدنى منك رتبة؟

عندما تكون صاحب سلطة معينة سواء كنت أباً في المنزل أم مديراً في شركة، ويحاول أحد الأفراد الذين هم أقل رتبة منك الاعتراض على ما تقوله أو ما تراه أنتَ مناسباً، فما هو التصرف الصحيح الذي يجب عليك القيام به من أجل فرض شخصيتك كمدير أو مسؤول؟

1- في المنزل:

عندما تخاطب ابنك بأنَّ عليه أن يعود إلى البيت في تمام الساعة السابعة مساء، فإنَّه قد يحاول أن يتخلص من هذه السلطة أو يتهرب منها عبر إدخالك في متاهة أو دوامة ليست لها أيَّة علاقة بالموضوع الأساسي، كأن يقول لك: "لماذا عليَّ أن أعود في هذا الوقت المبكر؟ إنَّ أولاد الجيران لا يدخلون إلى البيت قبل الساعة العاشرة"، لاحظ الدوامة التي يريد طفلك إدخالك فيها، ويكون الرد هنا من خلال تكرار الأمر الذي وجهته مع إضافة "يمكن أن يكون كلامك صحيحاً، لكن"؛ إذ تصبح العبارة "يمكن أن يكون كلامك صحيحاً، لكن يجب عليك أن تعود إلى البيت في تمام الساعة السابعة".

إقرأ أيضاً: تعلم الحزم والدفاع عن نفسك بطريقة ذكية

2- في العمل:

كذلك الأمر عندما تكون مديراً في شركة، ويتأخر أحد الأفراد عن العمل لسبب ما، فتقول له: "أرجو ألَّا تتأخر في المرة القادمة"، هنا قد يجيبك بعبارات مثل: "الجميع يتأخرون، لماذا لا تتحدث إليهم؟ هل أنا الوحيد الذي يتأخر؟ لماذا تحدثني بهذه اللهجة؟"، وهنا نلاحظ أنَّ الموظف يعمل على إدخالك في معارك وهمية، من أجل كسر سطلتك والتقليل من حضورك وشخصيتك؛ لذا عليك ألَّا تسمح له بأن يحرفك عن الموضوع الأساسي، وتقول له بلهجة قوية وواضحة وصارمة دون أن تقلل من احترامه: "قد تكون على حق، لكن أرجو ألَّا يتكرر التأخير في المرة القادمة".

شاهد بالفيديو: كيف تطوّر حضورك الصوتي وتفرض شخصيتك؟

في الختام:

نود أن نذكر أنَّ ما أوردناه من طرائق تمكِّنك من فرض شخصيتك وحضورك على الآخرين، هو من باب تقديم الفائدة للمصلحة العامة، وضمان عدم تعدِّي الآخرين على خصوصيتك وحقك، وهو لا يشمل أن تستخدم ما ذكرنا من أجل الإيذاء أو الانتقاص من كرامة الناس؛ لأنَّ ذلك لن ينفعك على المدى البعيد؛ إذ سيأتي يوم تدور الحياة فيه عليك، وقد تصبح أنتَ تحت رحمة أو سلطة من آذيتهم.

المصادر: 1،2،3




مقالات مرتبطة