ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "إرين فالكونر" (Erin Falconer)، وتُحدِّثنا فيه عن كيفية تغيير المعتقدات التي تقيِّدنا حتى نحقق النجاح.
يتمتع جميع البشر بالقدرة على بلوغ كامل إمكاناتهم وتحقيق أحلامهم، لكن تكمن المشكلة في المعتقدات المقيِّدة التي يفرضها الفرد على نفسه وتمنعه من تنمية قدراته وتحقيق النجاح.
يشتهر اللاعب الرياضي الإنجليزي "روجر بانستر" (Roger Bannister) بأنَّه أول عدَّاء يقطع مسافة ميل في أقل من 4 دقائق، وكان يظن الناس آنذاك أنَّ تحقيق مثل هذا الرقم القياسي ما هو إلَّا ضرب من المستحيل حتى حققه "روجر" في عام 1952، لكي يثبت للعالم أنَّ قطع مسافة ميل كامل في مدة أقل من 4 دقائق هو أمر ممكن تماماً وليس مستحيلاً كما يفترض الناس؛ وهذا يعني أنَّه كسر اعتقاداً مقيِّداً كان سائداً آنذاك بين العدَّائين والكتَّاب في مجال الرياضة.
جرت بعد ذلك محاولات عديدة لتحطيم رقم "الدقائق الأربعة" أسوةً "بروجر"، وقد نجح عدد كبير من الرياضيين الذكور بتحطميه، وأصبح هذا الرقم مقياساً لجميع عدَّائي المسافات المتوسطة من الذكور.
يثبت المثال السابق أنَّ الإنسان قادر على تحقيق أي هدف عندما يؤمن به، فأدرك العداؤون بعد أن نجح "روجر بانستر" بقطع مسافة الميل في مدة أقل من 4 دقائق، بأنَّ تحطيم هذا الرقم ممكن تماماً؛ بل إنَّهم سارعوا إلى العمل على تحطيمه بأنفسهم.
هذا يعني أنَّك قادر على تحقيق أهدافك والنجاح كما فعل الناس من قبلك، وما كان مستحيلاً فيما مضى بات ممكناً اليوم.
التطور التكنولوجي والمعرفي في العصر الحديث:
تمر البشرية بحقبة مميزة، وما كان يستغرق وقتاً طويلاً فيما مضى بات يتم بلمح البصر في هذه الأيام؛ إذ أصبح بالإمكان إجراء مكالمات مرئية مع أشخاص من بلدان مختلفة بفضل التكنولوجيا الحديثة، على سبيل المثال، ما كان ليخطر للجيل السابق إمكانية التواصل المرئي مع الآخرين في يوم من الأيام؛ لكنَّ هذا حدث بالفعل وأصبح أمراً عادياً بالنسبة إلى الأفراد في هذه الأيام.
ناهيك عن أنَّ تطبيق الأفكار على أرض الواقع أصبح يتم أسرع ممَّا مضى، وأنا لا أعتزم التطرق لموضوع قانون الجذب هنا؛ لكنَّني سأكتفي بالقول إنَّ أفكار الإنسان تؤثِّر في واقعه الفيزيائي، وكل فكرة تخطر للإنسان ترسل إشارة من الدماغ إلى العالم الفيزيائي، كما يحدث في حالة الإشارات الراديوية والخلوية.
أصبح الناس يتحدثون عن أفكارهم ويشاركون تجاربهم الغريبة غير المفسَّرة علمياً بصراحة، وهذا يشمل التجارب المرتبطة بالحدس التي تحدث باستمرار مع الجميع.
لا بُدَّ أنَّك تعرضتَ لتجربة من هذا النوع؛ وذلك في المرات التي فكرت فيها بشخص ما ليقوم الشخص نفسه بالاتصال بك أو إرسال رسالة، وتحدث مثل هذه الظواهر الغريبة مع الجميع ولم يعد يخشى الناس إخفاءها.
شاهد بالفديو: كيف تصنع التغيير في حياتك من خلال تغيير عاداتك؟
كثرة التفاصيل وكأنَّها تحدث بالفعل، ماذا عن أحلامك؟
يدرك معظم البشر أنَّهم كائنات واعية قادرة على التحكم بحياتها أكثر ممَّا كانوا يظنون فيما مضى، وبات الإنسان يدرك أنَّ هويته ووجوده الحقيقي هو ما يجعله مميزاً وليس ما يمتلكه من شهادات وألقاب ومكانة اجتماعية وغيرها من المظاهر الخارجية.
تشهد البشرية تحولات جذرية هذا العصر، ونحن على أعتاب حقبة ثورية جديدة تُستبدَل فيها جميع المفاهيم القديمة بأخرى جديدة، وتختفي جميع القيود والحدود التي كانت مفروضة سابقاً على القدرات الإنسانية.
بوسع الجميع أن يرتقوا ويسايروا ركب الحضارة البشرية في العصر الحديث الذي يلغي القيود التي كانت مفروضة سابقاً على الإبداع، ولا وجود للمستحيل في هذا العصر، وبات النجاح من نصيب الجميع على حدٍّ سواء، وإذا استطعتُ أنا تحقيق النجاح، فأنت قادر على تحقيقه أيضاً، والنقيض صحيح.
الخوف من التغيير:
يعمل معظم الأفراد في مهن لا تناسبهم بناءً على رغبة الأهل أو المحيط الاجتماعي، وربما ارتأى والداك أنَّك يجب أن تصبح معلِّماً، وعلى هذا الأساس التحقتَ بالجامعة، وتخرجت وعملت في قطاع التعليم؛ لكنَّك اكتشفت بعد فترة أنَّ التدريس ليس الخيار الأمثل بالنسبة إليك؛ لكنَّك لا تتجرأ على تغيير مهنتك لأنَّها تضمن لك حياة كريمة بعد التقاعد.
هذا يعني أنَّك تود في قرارة نفسك أن تغيِّر توجهك المهني؛ لكنَّك تخشى إجراء هذا التغيير، وهذا الخوف طبيعي تماماً، وأنا شخصياً أخشى التغيير؛ لكنَّني أتغلب على هذا الشعور وأمضي قدماً في حياتي، وهذه هي الطريقة الوحيدة لتحصيل السعادة الحقيقية والقناعة في الحياة.
لا يمكن أن يحيا الإنسان بشغف وهو يعيش حياة لا تناسبه ولا يرغب فيها أساساً، فلا بُدَّ أن تقدِّم بعض التضحيات في البداية حتى تستطيع إجراء التغيير الذي تبحث عنه، وقد تضطر إلى التراجع خطوة إلى الخلف حتى تستطيع إحراز تقدم كبير في حياتك، الأمر يتعلق باستعدادك لتقديم مثل هذه التضحيات المؤقتة مقابل عيش حياة كاملة من النجاح والشغف.
إقرأ أيضاً: 5 نصائح لتبدأ التغيير الإيجابي في حياتك
في الختام:
ربما أنت تفتقر إلى الشجاعة اللازمة للتغيير؛ لأنَّ الخوف من المجهول هو الأكثر شيوعاً بين المخاوف، وينجح الفرد خلال حياته بمواجهة مخاوف عديدة، لكن يبقى أمامه الخوف من المستقبل المجهول، فماذا لو استطعت تحويل هذا الخوف إلى شعور بالفضول؟ ألن تتشجع لخوض المستقبل المجهول في هذه الحالة؟
يقتضي الحل في هذه الحالة ألَّا تخشى شعور الخوف الذي يتربص بك؛ بل أن تحوله إلى فضول على الشكل الآتي: "أتحرَّق شوقاً لمعرفة المآل الذي تؤول إليه حياتي إذا ما غيَّرت توجُّهي"، لن تعرف الجواب ما لم تمضِ قُدماً بدافع الفضول بدل الخوف.
أضف تعليقاً