كيف تعثر على السعادة في زمن الجائحة؟

إنَّه عصر يوم الإثنين وقد ذهبتُ مرة أخرى إلى فراشي وبيدي كتاب، وحبات المطر تضرب على النافذة وأنا أشعر بالدفء. ليس لدي الوقت غالباً لمثل هذه النشاطات المريحة، لكنَّني كنت من بين بعض الأشخاص المحظوظين؛ فبالنسبة إلى بعض الأشخاص، أدى التباعد الجسدي إلى ازدياد الوقت الذي يمضيه الأطفال في المنزل بسبب إغلاق المدارس، بالإضافة إلى زيادة واجبات العمل عن بُعد، أما بالنسبة إليَّ، أصبح الوقت مورداً وفيراً على ما يبدو وأنا أتأكد من أنَّني أجعله ذا قيمة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة فيكتوريا ستوكس (Victoria Stokes)، والتي تُحدِّثُنا فيه عن تجربتها في إيجاد السعادة في أثناء فترة التباعد الجسدي.

لقد كنتُ أبحثُ كثيراً في يومي لأجد لحظات مثل هذه، لحظات مخصصة للمتعة فقط، لحظات توفِّر بعض الراحة من العالم المخيف في الخارج، لحظات فرح دافئة قصيرة.

إذا لم تكن على دراية بمفهوم "جيوب البهجة" فهو يعني اللحظات الصغيرة من المتعة أو السعادة التي نستمدها من الأشياء الصغيرة في الحياة، وهي ضرورية جداً بالنسبة إلينا كبشر إذا أردنا أن نتدبَّر أمورنا، غالباً ما يكون للحظات الفرح الصغيرة هذه معنى أكبر في الأوقات الصعبة؛ لذا فكِّر في الطريقة التي تسعى بها إلى الحصول على الراحة عندما يكون أحد أفراد أسرتك مريضاً أو عندما تمرُّ بمرحلة انفصال مؤلم، من المحتمل أن تجلب لك آليات المواجهة هذه نفسها، السلام في أثناء الحجر الصحي.

البحث عن البهجة في الأشياء الصغيرة:

لا نستطيع في الوقت الحالي القيام بالعديد من الأشياء التي عادة ما كنا نستمد منها السعادة، هناك القليل من الأشياء التي أحبها أكثر من تناول مشروب ساخن مع صديق بعد العمل أو التحدث عما فاتني في أثناء تناول القهوة مع أمي، أفتقدُ مغامرة التجوال في المتاجر بحثاً عن صفقة جيدة ومتعة الجلوس أمام الشاشة الكبيرة في السينما وتناول الفشار بلا تفكير، حتى أنَّني أفتقدُ رحلتي الصباحية إلى العمل.

هذه كلها أشياء يأخذها الكثير منَّا في الغالب كأمر مسلم به في يومنا هذا، ربما لا نعطيها الكثير من الأهمية، إلا أنَّنا عندما نتمكن من رؤيتها على حقيقتها - على أنَّها لحظات من الفرح والسرور - يمكننا أن نبدأ بفهم أهمية خلق لحظات فرح جديدة في منازلنا المريحة.

نحتاج في أوقات الشدة، مثل هذه الأوقات التي نعيشها الآن، إلى هذه اللحظات أكثر من أي وقت مضى؛ حيث يتعامل معظمنا مع الكثير من الضغط الإضافي، ويُعاني بعضنا من ضغوطات مالية كبيرة نتيجة لتفشي المرض، ويشعر الآخرون بالقلق من إصابة أفراد الأسرة بالمرض أو من إصابتهم هم أنفسهم بالمرض، هناك ثقافة من الخوف وعدم اليقين تفسح المجال لمشاعر القلق والاكتئاب، ومن السهل جداً أن نَشعر بالكآبة مع عدم وجود أي شيء يحافظ على معنوياتنا عالية.

إقرأ أيضاً: 5 دروس مميّزة تقدمها لنا الحياة لتحقيق السعادة والرضا

اتخاذ زمام المبادرة:

قضيت الأسبوع الأول من الحجر في الغالب أتنقلُ بين الأريكة والمطبخ، أتناول الوجبات الخفيفة وأشاهد الأخبار التي لا تنتهي وبرامج التلفزيون التافهة، ثمَّ أدركتُ أنَّ طريقة الحياة هذه لا تناسبني؛ إذ شعرتُ بالملل والخمول، وكأنَّ حماستي للحياة قد سُلبت مني، كنت بحاجة إلى العثور على الأشياء التي تثير حماستي، كنت بحاجة إلى لحظات في يومي لأتطلع إليها، لحظات من شأنها أن تساعدني على الابتعاد عن الكآبة والسوداوية؛ لذلك جعلت من البهجة جزءاً من روتيني اليومي الجديد، إليكم كيف فعلت ذلك:

  1. تحضير الطعام اللذيذ: كان أول شيء فعلته هو الطهي والخَبز، لقد انهمكتُ في هذه العملية بسعادة وتعجبتُ من إبداعاتي في النهاية، وشعرت بفخر كبير؛ لأنَّني حققتُ شيئاً ما.
  2. تعويض ما فاتك من المسلسلات والأفلام التي أردت رؤيتها: أعددت قائمة أفلام مع شريكي وقضينا أمسياتنا مستمتعين بمشاهدتها.
  3. جعل بيتك أكثر إشراقاً: اشتريتُ الزهور ووضعتها على منضدة المطبخ؛ حيث كنت أراها، وفي كل مرة مررت بها، كانت تجعلني أبتسم.
  4. ممارسة الرياضة: كنت أبدأ صباحي بالرقص في المطبخ، جعلتني تلك اللحظات القليلة من الحركات غير المنسقة مستعدة ليوم أكثر إيجابية.
  5. الراحة والاسترخاء: عندما أجريتُ هذه التغييرات، بدأت أشعر أنَّ الوقت الذي أمضيته في المنزل هو فرصة لاستجماع قوتي وليس عقوبةً، ورُفعت معنوياتي، وبدأت أشعر بالأمل والتفاؤل.
  6. الاستمتاع بالصمت: هل تجلس عادةً دون أن تفعل شيئاً؟ لا يفعل معظمنا هذا في كثير من الأحيان؛ لذا ضع هاتفك على وضع الطيران، وأبعِد أي تشتيت، واستمتع بفرحة عدم القيام بأي شيء.
  7. الانغماس في قراءة قصة جيدة: بدأت أخيراً أقرأ العديد من الكتب التي وضعتها على رف الكتب منذ بعض الوقت، أقرأ فصلاً أو فصلين قبل أن أحظى بليلة سعيدة من النوم.
  8. أخذُ حمام ساخن: أحبُّ إضافة الكثير من الفقاعات، وإضاءة بعض الشموع، وربما حتى ارتشاف مشروب ما.
  9. ترتيب الملابس: كنت أُخرج ملابسي من خزانة وأضعُ الملابس التي أخطط لارتدائها عندما تعود حياتنا الاجتماعية إلى الوضع الطبيعي، يخرجني هذا من قلقي ويوفِّر هروباً من الواقع.
  10. التحلي بالإبداع: هذه النشاطات ناجحة بالنسبة إلي، ولكن قد تجد الفرح في روتين مختلف تماماً؛ كاستخدامِ الألوان المائية، والعزف أو الاستماع للموسيقى، والقائمة لا نهاية لها، السر هو أن تجد ذلك الشيء الذي كنت ترغب في القيام به منذ وقت طويل، ولكن لم يكن لديك الوقت لتكريس نفسك له.

بمجرد أن تجد تلك الأشياء الصغيرة التي تجلب لك السعادة، قد تجد نفسك تشعر بأنَّ الحجر الصحي هو ما تحتاج إليه، أعرفُ أنَّني فعلت ذلك.

شاهد بالفديو: 8 طرق لتنمية الإبداع في نفسك

التركيز على الجانب الإيجابي من المشكلة:

بدأتُ أستيقظ في الصباح وأتطلَّع قدماً إلى اليوم المُقبل، لم أعد أشعر بالخوف أو التهديد مما كان يحدث في العالم الخارجي، وإذا بدأتُ أشعر بالتوتر، كنت أتراجع ببساطة إلى أحد أماكني السعيدة وأشعر بتحسُّن مرة أخرى، لم يخلصني هذا من كل مشكلاتي، لكنَّه منحني بعض الراحة، كما ذكرني أنَّه بغض النظر عما يحدث في الحياة، يمكنني دائماً أن أجد أسباباً تجعلني سعيدة، بالنسبة إلي، كانت الحيلة هي أن أتعمَّد إنشاء تلك اللحظات الصغيرة الخاصة. فكرت فيما يجعلني سعيدة وكتبتُ قائمة بالنشاطات الممتعة التي يمكنني القيام بها طوال اليوم.

عندما أحتاج إلى القليل من الفرح الإضافي، أبتعدُ عن نشرات الأخبار التي تثير الخوف، وأختارُ نشاطاً ممتعاً من القائمة، وإذا كنتَ بحاجة إلى القليل من التشجيع، فيمكنك أن تفعل الشيء نفسه، قد يبدو أنَّه ليس لدينا الكثير لنشعر بالسعادة حياله الآن، الناس مرضى ويموتون، وآخرون يفقدون وظائفهم، لا يمكننا رؤية أصدقائنا وعائلاتنا، والأماكن التي نذهب إليها عادة للتسلية - الحانات والمقاهي والمطاعم - كلها مغلقة في المستقبل المنظور، لكن لدينا الفرصة للبحث عن الفرح في أي موقف نجد أنفسنا فيه.

أتذكَّر صورةً تُظهر شخصين، يحمل الأول جرة السعادة، بينما يشير الآخر إلى الجرة سائلاً: "أين وجدتَ هذه الجرة؟ لقد كنتُ أبحث عنها في كل مكان"، فيأتيه الجواب: "لقد صنعتها بنفسي"، لا يمكننا اختيار ظروفنا في الحياة، ولكن يمكننا اختيار طريقة تفاعلنا معها. وأنا اخترت الفرح.

المصدر




مقالات مرتبطة