كيف تسخِّر العواطف لمصلحتك بدلاً من أن تكون ضدك؟

لقد انتشر مفهوم الذكاء العاطفي لأول مرة منذ أكثر من 20 عاماً، ومنذ ذلك الحين، زادت قيمته للغاية.



في عام 1995، نشر الصحفي وعالم النفس "دانيال جولمان" (Daniel Goleman) كتاباً يقدِّم الذكاء العاطفي الذي كان فكرةً جديدةً آنذاك، وهو القدرة على تحديد عواطفك وعواطف الآخرين، وإدراك التأثيرات القوية لهذه العواطف، واستخدام تلك المعلومات لتوجيه السلوك، وسرعان ما انطلقت هذه الفكرة التي تستند أساساً إلى بحث أجراه عالما النفس "جون ماير" (John Mayer) و"بيتر سالوفي" (Peter Salovey)، وأثرَّت في طريقة تفكيرنا في العواطف والسلوك البشري تأثيراً كبيراً، وصارت الحاجة إلى الذكاء العاطفي هامَّة للغاية؛ لذا نقدِّم لك في هذا المقال دليلاً يساعدك على تسخير عواطفك باستخدام الذكاء العاطفي لتحقيق أقصى استفادة منها.

إقرأ أيضاً: الذكاء العقلي (IQ) والذكاء العاطفي (EQ)

ألقِ نظرة على الأمثلة الآتية، وحدِّد ما إذا كانت تبدو مألوفة:

  • يستخدم المرشحون السياسيون عواطف مثل الخوف والغضب كوسيلة إقناع جماعي، فيسارع أتباع هذا المرشَّح إلى انتقاد اتباع المرشَّح المنافس واتِّهامهم بالغباء والتعنُّت، ويستمر الخطاب في الانتقاد والهجوم؛ مما يجعل المناقشة الهادئة والعقلانية مستحيلة.
  • تدفع الحروب والعولمة وعوامل أخرى الأشخاص من مختلف الأعراق والثقافات والخلفيات إلى التقارب، ولكنَّ الجهل بالشيء يؤدي إلى الخوف منه، فتعزِّز هذه الاختلافات الشكوك والقلق.
  • لقد كشفت موجة متصاعدة من ادعاءات التحرش الجنسي عن انتشار استخدام المؤثرين لمكانتهم وقوتهم من أجل إثارة الذعر في ضحاياهم وإلحاق العار بهم. ولكن مع تسليط الضوء على هذه القضايا، أثبت هؤلاء الضحايا أنَّ ثمَّة أعداداً كبيرة تتعرض لمثل هذه الوقائع، وأنَّهم يستطيعون السيطرة على عواطفهم.
  • بالإضافة إلى ذلك كله، يؤثر التطور السريع للتكنولوجيا تأثيراً هائلاً في عواطفنا وسلوكاتنا؛ إذ أتاح لنا الإنترنت العديد من المعلومات، ومع انتقال القصص والأخبار بسرعة البرق، صار من الصعب تمييز الحقائق من الخيالات؛ ممَّا أدَّى بنا إلى عصر لا يعتمد على الحقائق الموضوعية في التفكير بقدر ما يعتمد على العاطفة والمعتقدات الشخصية.
  • لقد أثَّر انتشار الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة فينا أيضاً بطرائق غير متوقعة؛ إذ استعاض الكثيرون عن اللحظات القصيرة من الملاحظة أو التأمل الذاتي بقراءة المنشورات والرد على الرسائل، والتحقق من إشعارات وسائل التواصل الاجتماعي وتصفح الإنترنت؛ وكل هذه تصرفاتٌ تصنعها مشاعر القلق والخوف من الضياع.
  • نظرا لأنَّ الإدمان على هواتفنا الذكية يدمر قدرتنا على ضبط النفس شيئاً فشيئاً، فإنَّه يقلل أيضاً من قدرتنا على التفكير بأنفسنا؛ إذ تلعب المواقع الإلكترونية التي نتردد عليها دوراً رئيساً في تشكيل مشاعرنا والانشغال بالقصص التي نقرأها، والأخبار التي نتابعها، ومقاطع الفيديو التي نشاهدها، تشكِّل كل هذه الأمور طبيعة مزاجنا وأفكارنا وآرائنا وأيديولوجياتنا دون أن ندرك ذلك.

ولكن لحسن الحظ، لقد تطوَّر فهمنا للذكاء العاطفي مع تطوُّر العالم، وصار من المعروف أنَّ الذكاء العاطفي ليس فضيلة بطبيعته، فهو مثل الذكاء المعرفي، قد يُستخدَم كوسيلة لغايات أخلاقية أو غير أخلاقية؛ على سبيل المثال: لقد أظهر الباحثون كيف يستخدم بعض الأذكياء عاطفياً مهاراتهم للتأثير في الآخرين أو التلاعب بهم بدافع الأنانية؛ ممَّا يجعلنا بحاجة إلى فهم الذكاء العاطفي اليوم أكثر من ذي قبل.

شاهد بالفيديو: 10 علامات تدل على الذكاء العاطفي العالي

كُن ذكياً عاطفياً، وليس عاطفياً فحسب:

تُعدُّ العواطف جزءاً أساسياً من طبيعتنا البشرية؛ لذا ليس من المنطقي أن نجرِّد عملية اتِّخاذ القرارات من العواطف ونصبح مثل الإنسان الآلي، ومع ذلك، يجب أن تتعلم كيفية التعامل مع تلك المشاعر تعاملاً مثمراً من خلال تحديد الطريقة التي تؤثر بها مشاعرك في تفكيرك.

على سبيل المثال: قد تدفعك مشاعر الغضب والخوف إلى اتِّخاذ إجراءات صارمة في ظروف معيَّنة، ولكن قد تؤذيك هذه المشاعر أيضاً أنت ومن حولك، ولكن من خلال تحديد مشاعرك وفهمها، تصبح واعياً بها وبمدى تأثيرها فيك؛ لذا لاحظ كيف تتغير هذه المشاعر وكيف يؤثر ذلك في أفعالك.

بمجرد أن تفهم كيف تؤثر العواطف فيك وفي تفكيرك، يمكنك البدء بتعلم كيف تؤثر مشاعر الآخرين فيهم؛ وذلك لأنَّه عندما تستطيع رؤية الأشياء كما يراها الآخرون، ستستطيع التواصل معهم بفاعلية؛ ممَّا يعزِّز جودة تفاعلك معهم، ويساعدك على بناء علاقات أفضل.

بالإضافة إلى ذلك، ستدرك بمرور الوقت الجانب المظلم أيضاً للذكاء العاطفي، وكيف يستخدم بعض الأشخاص هذه القدرة للتلاعب والإيذاء وتحقيق مكاسب شخصية، وستتمكَّن من حماية نفسك من هؤلاء الناس.

المصدر




مقالات مرتبطة