كيف تستفيد من الإجراءات التي تتخذها للحصول على نتائج أفضل؟

نحن نعيش في مجتمع يعطي أهمية بالغة للحظة الحالية، فسؤال مثل: "ماذا فعلت من أجلي في الفترة الأخيرة؟" هو سؤال أساسي عندما يريد أحدهم تقييم نجاحك في الحياة؛ فإما أن تخرج دوماً بنتائج أفضل من السابق، أو يُحكَم عليك بالفشل، وحتى على صعيد تقييم نجاح الشركات، لا يمكن أنَّ نَعُدَّ الشركة تحقق نجاحاً إذا لم تكن تتوسع وفق معايير المجتمع، حتى لو حافظت على إيرادات بمليارات الدولارات.



لا يمكن التنبؤ بالمستقبل ولا تؤدي الجهود دوماً إلى النتائج المرجوة

نعم، لكن لا يمكن التنبؤ بالحياة، فالشيء الوحيد المؤكَّد أنَّه ما من شيء مؤكَّد، ونعلم جميعاً أنَّ هذا صحيح، ومع ذلك، نستمر في التمسك بالنتائج على أنَّها مقياس تحقيق النجاح، وبالطبع، توجَد جوانب للنجاح خارجة عن إرادتك، وأحياناً يعتمد النجاح على الحظ، لكن في النهاية، لا أحد يهتم إلا بالنتيجة، فإما أن تنجح أو تفشل.

لكنَّنا غير قادرين على التحكم مباشرةً بنتائج أفعالنا؛ لذلك فإنَّ محاولة تقييم نجاحك اعتماداً على النتائج فقط يصبح أمراً سخيفاً، وفي نفس الوقت، نحن نحتاج إلى أهداف قابلة للقياس، كما نحتاج إلى التقدُّم نحو تحقيق الهدف؛ لذلك يجب أن نقيس مخرجات أفعالنا أكثر من قياس نتائج المخرجات نفسها.

يجب أن تعتمد كل الأهداف على الإجراءات التي نتخذها:

هذه الآلية لقياس مقدار تحقيق الأهداف، محفوفة بالمخاطر، فنحن لا نعلم علم اليقين أنَّ الفعل "أ" سيؤدي حتماً إلى النتيجة "ب"، ومع ذلك، فإنَّنا نستطيع تقييم الوضع، وإدراك أي نوع من الإجراءات لها تأثير أكبر في دفعنا نحو تحقيق النتائج التي نرغب فيها.

هذا بدوره يقودنا إلى المبدأ القائل إنَّ أهدافنا ونجاحنا يجب أن يعتمد على الإجراءات التي نتخذها باستمرار يوماً بعد يوم؛ وذلك بدلاً من قياس النجاح بالاعتماد على نتائج أفعالنا التي لا يمكن التنبؤ بها.

لكن يجب أن تنظر إلى النتيجة التي ترغب في الحصول عليها على أنَّها مؤشر لقياس المسافة التي تفصلك عن الهدف، وليست هدفاً بحد ذاته؛ إذاً، الفكرة هي أن تَعُدَّ النتيجة معياراً تستفيد منه في توجيه جهودك، لا أن تَعُدَّها مقياساً لنجاحك.

وبعد أن تضبط وجهتك باستخدام هذا المعيار، عُد إلى الحاضر، وحدِّد الأفعال الضرورية للوصول إلى حيث تريد، وحدِّد الأهداف القابلة للإدارة التي إذا ما جُمِعَت مع بعضها، ستمنحك دفعة باتجاه النتيجة المرجوة؛ فابدأ بالتفكير في النجاح من حيث الإجراءات الصغيرة التي لها أكبر تأثير في تحقيق النتيجة المرجوة.

شاهد: 15 طريقة بسيطة لتطوير الذات قد تغير حياتك

تبسيط عملية الوصول إلى النتيجة:

إذا كان هدفك هو بدء عمل يحقق لك 100 ألف دولار من الأرباح شهرياً، وكان الوقت الذي وضعته لتحقيق هذا الهدف 12 شهراً، فابدأ بالتفكير في الإجراءات التي تحقق لك 100 ألف دولار خلال 12 محاولة.

بسِّط الهدف؛ فعلى سبيل المثال، إذا كنت تتقاضى من عميل 10 آلاف دولار بالمتوسط، فهذا يعني أنَّك تحتاج إلى عشرة عملاء حتى تحقق هدفك المتمثِّل بـ 100 ألف دولار من الأرباح شهرياً، وإذا وضعت في حسبانك معدَّل التغيير العادي في عدد العملاء، فأضف 5 عملاء لمنحك الأمان.

وفي مثالنا هذا، ستحتاج 15 عميلاً لتحقق هدفك الشامل؛ إذاً، فكِّر الآن في الإجراءات التي تحتاج إليها لعقد 15 صفقة، ربما تستطيع عقد صفقة من أصل عشر صفقات مع عملاء محتملين؛ وذلك من خلال نظام إدارة علاقات العملاء الخاص بك، ويستغرق الأمر ما يقرب من 40 مكالمة لتحصل على 10 عملاء محتملين.

وإذا استمرت دورة المبيعات من أول مكالمة مع العميل إلى مرحلة إتمام الصفقة شهراً كاملاً كمعدل وسطي، فستحصل على عميل واحد من كل 40 مكالمة خلال شهر واحد تتواصل فيه بنجاح مع 40 عميلاً؛ لذلك، ستحتاج في الشهر الواحد إلى إجراء أكثر من 40 مكالمة لتحصل على 15 عميل خلال 12 شهراً.

لتسهيل العملية، لنقل إنَّك ستحتاج إلى إجراء 50 مكالمة خلال الشهر الواحد لتحصل على 15 صفقة خلال سنة واحدة، وعندما تكون النتيجة التي تريدها هي تحقيق أرباح تصل لـ 100 ألف دولار، فإنَّ الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي من خلال إجراء 50 اتصالاً بطريقة استراتيجية خلال الشهر الواحد.

لذلك، فإنَّك لا يجب أن تركز على الجانب المالي من الهدف؛ بل على إجراء 50 مكالمة خلال الشهر، وبهذا المعنى يصبح الربح الذي ترغب في تحقيقه عبارة عن وجهة أكثر من كونه هدفاً، وأنت تتحرك بهذه الوجهة من خلال إجراءات محددة.

إقرأ أيضاً: 7 خطوات لنطوِّر ذاتنا أثناء فترة البطالة

تعديل إجراءاتك عند الضرورة:

بالطبع لا نعني أنَّه يجب تجاهُل النتائج تجاهُلاً كاملاً؛ فالانشغال لا يعني الإنتاجية، وأحياناً يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا ونعترف بأنَّ الإجراءات التي ظننا أنَّها ستساعدنا على تحقيق النتيجة المرجوة ليست هي المناسبة.

يمكننا إدراك صحة ذلك إذا حدَّدنا إجراءاتنا الأولية تحديداً استراتيجياً، ومن ثمَّ نفَّذناها بناءً على هذه الإجراءات؛ فإذا وجدنا أنَّها تبعدنا عن تحقيق النتيجة المرجوة، فيجب علينا تصحيح مسارنا وجعله يتلاءم مع ما نريد تحقيقه بسرعة.

لنفترض أنَّ النتيجة التي ترغب فيها، هي دعم نفسك مادياً من خلال موهبتك الفنية، فأنت رسام، وتؤمن بأنَّ لوحاتك يمكن أن تُباع بآلاف الدولارات، وتصل إلى استنتاج أنَّ كل لوحة من لوحاتك يمكن تسعيرها بألفي دولار، وبذلك، كل ما تحتاج إليه هو إنتاج وبيع لوحتين في الشهر حتى تعيش برفاهية.

ولبيع لوحاتك، تفترض أنَّ عرضها في المعارض الفنية المحلية سيكون أفضل طريقة لعرض منتجك أمام المستهلك المثالي، وتظن أنَّ الأمر يستهلك 6 عروض فنية في الشهر لبيع لوحتين، ومن ثمَّ، من خلال إنتاج اللوحتين وإقامة العروض الستة في الشهر، تدرك أنَّ سعر اللوحة الواحدة مرتفع جداً، وأنَّ العميل لن يكون مستعداً لدفع هذا السعر.

قد تظن أنَّك فشلت، لكنَّ هذا حكم متسرع، فمن الواضح أنَّه لا يمكنك الاعتماد على أفعالك الحالية لتقييم نجاحك؛ وذلك لأنَّها ليست فعالة، لكن توجد إجراءات أخرى فعالة، وكل ما تحتاج إليه هو التجربة للعثور على ما هو مناسب منها.

وربما قد لا يكون لدى العملاء رغبة في دفع آلاف الدولارات من أجل لوحة، إلا أنَّهم يحبون أسلوبك، وسيدفعون بسعادة 100 دولار لقاء نسخة مطبوعة من رسوماتك.

أنت تستخدم منصة "إنستغرام" (Instagram) بوصفها وسيلة للتسويق، وبذلك، تعدِّل الإجراءات لكي تتلاءم مع التطوير الفعال للوحات المطبوعة وبيعها، وتحصل على نفس النتيجة المتمثلة بدعم نفسك مادياً من خلال مهاراتك الفنية.

إقرأ أيضاً: 13 طريقة فعالة لتطوير الذات

في الختام:

كما ترى، لا يطرأ أي تغيير على النتيجة، لكنَّك تُغيِّر إجراءاتك تغييراً يجعلك أقرب إلى تحقيق هدفك، وهذا يُظهِر أنَّ الإجراءات التي تتخذها تؤدي إلى النتيجة؛ لذلك تكون الأهم، وهي التي يجب قياسها.

ما نعنيه، هو أنَّه عندما تتطلع بثبات نحو تحقيق النتيجة النهائية، يجب أن تركِّز على الإجراءات اليومية، وتقيس نجاحك من خلال ما تبذله من جهد، حتى تصحيح مسارك والتخلي عن الإجراءات الأولية يُعَدُّ نجاحاً.

إنَّ العراقيل التي تواجهها في أثناء المحاولة لا تعني أنَّك ستفشل؛ بل تعني أنَّك وضعت افتراضات ومن ثمَّ اختبرتها من خلال الأفعال، ومن ثمَّ عدَّلتها عند الضرورة، وفي أثناء كل ذلك كنت مركِّزاً على النتيجة المرجوة.

المصدر




مقالات مرتبطة