كيف تساعد المديرين على إجراء محادثات صعبة في العمل؟

عندما يتعلق الأمر بالمحادثات الصعبة مع الموظفين في العمل - سواء كان الأمر يتعلق بالأداء المُحبِط أم معالجة الحافز المنخفض - يقع العبء إلى حد كبير على عاتق المديرين، لكن لا ينبغي على المديرين إجراء تلك المحادثات فقط؛ بل يتعين عليهم أيضاً التعامل معها بتعاطف، وتقديم الدعم المستمر، وتقديم كوتشينغ للموظفين وتعليمهم كيفية إيجاد حل، إضافة إلى أمور أخرى، ويحتاج كل هذا إلى الكثير من العمل، خاصة في أثناء الوباء؛ حيث يُضيف العمل عن بُعد طبقة من التعقيد إلى هذه المحادثات الصعبة بالفعل.



في هذا المقال، سوف نستكشف كيفية إجراء محادثات صعبة مع الموظفين، ونشرح أيضاً ما يمكن للموارد البشرية فعله لدعم المديرين دعماً أفضل لإجراء هذه المحادثات الصعبة، وتحقيق ثقافة ونتائج أكثر إيجابية للشركة.

إجراء محادثات صعبة في العمل مع مراعاة التعاطف:

قبل الدخول في التفاصيل، يجب أن نتصوَّر ماهية هذه المحادثات؛ حيث نشر الكاتب جوش بيرسن (Josh Bersin) مؤخراً مقالاً يُناقش الطرائق الجديدة التي نحتاجها للتفكير في العمل والحياة والشركات والقيادة في ظل الوباء، وإحدى النقاط التي طرحها تتعلق بضرورة اهتمام القيادة بالتعاطف والرحمة والتفاهم.

يختلف القادة المتميزون اليوم عن القادة في السابق، فهم متعاطفون، ويفكرون في الناس والمجتمع، ويستمعون إليهم، وبالطبع هناك دائماً مديرين تنفيذيين لا يهمهم سوى جمع المال، لكنَّ تأثيرهم إلى زوال.

لماذا تُعلِّمنا هذه الأزمة درساً إنسانياً هاماً؟ إنَّها أزمة صحة وأمان أولاً، ومشكلة اقتصادية وتجارية ثانياً؛ إذ يبدو الأمر كما لو أنَّنا ندير شركة تعرَّضت للتو لانفجار هائل أدى إلى نسف نصف مبانيها، وفي هذه الحالة لا يمكننا الحديث فقط عن إصلاح المباني؛ وإنَّما علينا اتخاذ جميع التدابير التي تضمن سلامة وأمن الموظفين.

في حين أنَّ القيادة القائمة على التعاطف ليست مفهوماً جديداً، إلا أنَّها تحتاج إلى أن تكون في طليعة المحادثات بدلاً من أن تكون فكرة نلجأ إليها في النهاية، وللنهوض بالمؤسسات، يجب على الموارد البشرية والمديرين مراعاة مسألة التعاطف عند إجراء محادثات صعبة.

إقرأ أيضاً: أبرز 10 أخطاء إدارية يرتكبها أرباب العمل وكيفية تلافيها

كيفية مساعدة المديرين على إجراء محادثات صعبة في العمل:

هناك ثلاث مسائل من المحتمل أن يواجه فيها المديرون محادثات صعبة مع موظفيهم في أثناء الوباء: الأداء والتفاعل والسلامة العامة، إليك كيفية إجراء هذه المحادثات، إضافةً إلى دور موظفي الموارد البشرية في مساعدة المديرين على التعامل معها بطريقة تعاطفية:

1. الأداء:

يُعدُّ التعامل مع موضوع الأداء أمراً صعباً؛ إذ تُجرى أغلب المحادثات عادةً مع الموظفين ذوي الأداء الضعيف، لكنَّ الوباء أدى أيضاً إلى ظهور عقبات إضافية، مثل تجميد الترقيات وزيادة الرواتب، وكذلك إعادة تعريف معنى النجاح في عالم العمل الجديد اليوم. 

كيف يمكن للموارد البشرية مساعدة المديرين؟

  • توفير شفافية حول الأداء: من أجل إجراء محادثات مثمرة حول الأداء، يحتاج المديرون والموظفون إلى الوصول إلى المعلومات نفسها، وتستطيع فِرق الموارد البشرية المساعدة في ذلك من خلال تقديم نظام أساسي لمراجعة الأداء يُمكنه توفير بيانات حول أداء الموظف. فقد يؤدي بدء المحادثة استناداً إلى أساس مبني على حقائق موضوعية -بدلاً من التغذية الراجعة المُتحيِّزة- إلى تسهيل استيعاب الموظفين ذوي الأداء الضعيف لهذه المحادثات، كما قد تساعد هذه البيانات أيضاً المديرين في تحديد جانب واضح للموظفين للتركيز عليه لتحسين أدائهم وإظهار أنَّه لا يُتوقع منهم إدارة هذا الأمر بمفردهم.
  • إعادة تعيين التوقعات على مستوى المؤسسة: لقد غيَّر الوباء تجربة الموظف تماماً، بما في ذلك مفهوم النجاح في كل شركة، إذ لم يعد من المناسب، على سبيل المثال، أن تضع الشركة الأهداف نفسها في عام 2020 كما فعلت في العام الماضي. ومن هذا المنطلق، تقع على عاتق الموارد البشرية مسؤولية ضبط مسألة الأداء خلال هذه الأوقات المضطربة من خلال تشجيع المديرين على تعديل الأهداف مع فرقهم، وإعادة ترتيب أولويات ما هو هام للمؤسسة، ومراجعة الأهداف قصيرة الأمد باستمرار؛ وبهذه الطريقة تصبح المحادثات أسهل؛ وذلك لأنَّها تُظهِر للموظفين أنَّ مديريهم متعاطفون مع الظروف المتغيرة الحالية بدلاً من التظاهر بأنَّ الأمور تسير كالمعتاد.
  • تغيير تدريب المدراء: قد يكون هذا هو الوقت المناسب لإعادة النظر في أي موارد موجودة حول مراجعات الأداء، ونظراً لجميع التغييرات السريعة التي مررنا بها، فقد يكون من الضروري إجراء تعديلات على هذه الموارد للتأكد من أنَّها لا تزال متوافقة مع الوضع الحالي، على سبيل المثال، قد ترغب في إجراء تعديلات على تدريب المدراء تتعلق بكيفية تقديم تغذية راجعة حول الأداء لضمان توافقه مع بيئة العمل عن بُعد، أو قد تضطر إلى تحديث دليل الأداء ليتوافق مع أي تغييرات متعلقة بالوباء أجريتها على عملية التقييم.
إقرأ أيضاً: 10 مهارات إدارة أساسية يحتاجها كل مدير

2. التفاعل:

قد يكون تفاعل الموظف على رأس أولويات فريقك الآن، فربما يكون لديك موظفين منفصلين عن العمل أو محبطين؛ وذلك لأنَّ شركتك مرَّت مؤخراً بسلسلة من عمليات التسريح، وقد يساعد فَهْم سبب انخفاض مستويات التفاعل المديرين على التعامل مع هذه المحادثات بمزيد من التعاطف والتوصل إلى أفضل الحلول لفرقهم.

كيف يمكن للموارد البشرية مساعدة المديرين؟

  • تزويد المديرين ببيانات عن تفاعل الموظفين: قد تكون الموارد البشرية أكثر فائدة للمديرين من خلال تعزيز فَهمِهم لمستويات تفاعل فِرقهم وموظفيهم المباشرين، وواحدة من أكثر الطرائق فاعلية للقيام بذلك هي منح المديرين الوصول إلى البيانات التي تتعلق بمستوى تفاعل الموظفين، أو استطلاعات الرأي حتى يتمكنوا من إلقاء نظرة شاملة، سوف يساعدهم هذا في تحديد المجالات التي يقومون فيها بعمل جيد والمجالات التي توجد فيها فرصة للتحسين. 
  • دعم الخطوات التالية: بعد توفير الوصول إلى البيانات، تحتاج فِرق الموارد البشرية إلى اتخاذ خطوة إضافية؛ إذ يجب عليهم إشراك المديرين في اتخاذ إجراءات بناءً على نتائج الاستطلاع، وهذا يعني إجراء محادثات للتأكد من أنَّ المديرين يتفقون مع كيفية تفسير النتائج، وتحديد المجالات التي يجب معالجتها أولاً، وتوضيح أدوارهم فيما يتعلق باتخاذ القرارات.

إقرأ أيضاً: دور الموارد البشرية التحديات والرؤية المستقبلية

3. السلامة العامة:

سواء كان لديك أشخاص على وشك (أو يعانون فعلاً من) الإنهاك، أم يجدون صعوبة في التوفيق بين حياتهم الشخصية والمهنية، فإنَّ السلامة العامة لم تكن أبداً مشكلة سائدة كما هي الآن، فبالطبع يحتاج هذا الموضوع إلى التعامل معه بحذر ورحمة، وهناك طرائق عديدة يمكن من خلالها للموارد البشرية أن تُسهِّل على المديرين القيام بذلك.

كيف يمكن للموارد البشرية مساعدة المديرين؟

  • توفير أماكن لإجراء المحادثات: يجب أن تأخذ فِرق الموارد البشرية زمام المبادرة لإنشاء مساحات آمنة للمديرين لإجراء محادثات حول التحديات الفريدة التي يواجهها الموظفون بما يتجاوز الاجتماعات الفردية فقط؛ إذ يُمكن القيام بذلك من خلال التواصل عبر الإنترنت بحيث تُناقش موضوعات تتعلق بالسلامة العامة، أو إطلاق "مجموعات التعاطف" بين الموظفين لمناقشة معاناتهم في مجال الصحة العقلية، أو بدء مجموعة موارد الموظفين (Employee resourse group) التي تسمح لهم بالتحدث عن الموضوعات التي تُثير اهتمامهم. 
  • امتلاك توقعات واقعية: من الهام أيضاً أن تضع الموارد البشرية الحدود بوضوح عندما يتعلق الأمر بدور المدير في سلامة الموظف، وبلا شك يجب تدريب المديرين على تحديد الإنهاك وفَهْم كيفية التعامل مع هذه المحادثات بتعاطف، لكن ليس من العدل أن نتوقع منهم أن يلعبوا دور المعالج للموظفين؛ لذا تأكد من إيصال هذه التوقعات بوضوح إلى كل فرد في المؤسسة.  
  • مراعاة سلامة المديرين: إذا لم يهتم المديرون بسلامتهم، فلن يكونوا قادرين على إجراء محادثات صعبة حول سلامة موظفيهم؛ إذ يجب أن يُدرك قسم الموارد البشرية هذا الأمر ويتأكد من أنَّ المديرين قادرين على الاضطلاع بمتطلبات دورهم، خاصة في أثناء الوباء. إذا لم يكن الأمر كذلك، فيمكنك التفكير في نقل المديرين إلى أدوار المساهمين الفرديين إذا كانوا غير قادرين أو غير راغبين في التعامل مع مسؤوليات الإدارة، ليس بهدف تخفيض رتبتهم الوظيفية؛ وإنَّما لمنحهم الوقت والمساحة التي يحتاجون إليها للرعاية الذاتية. 

سيكون النجاح في إدارة المحادثات الصعبة دائماً جزءاً من دور المدير، خاصة خلال هذه الأوقات الصعبة، ولكن من خلال توفير النوع المناسب من الدعم - سواء كان في شكل أدوات أم تدريبات - تستطيع فرق الموارد البشرية جعل هذه المحادثات أكثر سهولة بالنسبة إلى المديرين والموظفين على حد سواء.

 

المصدر




مقالات مرتبطة