كيف تزيد قدراتك العقلية، وتعزِّز ذاكرتك لتصبح أكثر ذكاءً بعشرة أضعاف؟

هل سبق لك أن اعتمدت على ذاكرتك لتذكر قائمة مشترياتك، ثمَّ نسيتَ سلعةً أو اثنتين عند مغادرتك المتجر؟ أو هل راودتكَ فكرةٌ أو تصورٌ في طريقكَ إلى العمل، لكنَّك نسيتها عند وصولك لأنَّك لم تدوِّنها؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوّن "ليون هو" (Leon Ho)، والذي يحدثنا فيه عن تجربته الشخصية في زيادة القدرات العقلية وتعزيز الذاكرة.

تخذُلنا ذاكرتنا بين الحين والآخر، بغضِّ النظر عن عُمرنا؛ وسواءً كنت تستحضرُ شيئاً ما بسرعة، أم تتذكَّر أمراً ما على المدى الطويل، فستواجه زلَّاتٍ فيها.

عندما يتعين علينا استيعاب الكثير من المعلومات في بعض الأحيان، نمرُّ بما يُسمَّى "حِملَ الذاكرة الزائد"، ممَّا يتسبَّب بتفريغِ عقولنا (انمحاءِ ذاكرتنا)، ونُصبح غير قادرين على استيعابِ مزيدٍ من المعلومات؛ ولهذا السبب، ينصحُ المعلِّمون دوماً بعدمِ التحضير للامتحان في اللحظات الأخيرة.

كيف نزيدُ إذاً من قدراتنا العقلية، ونحسِّنُ ذاكرتنا لنصبحَ أكثر ذكاء؟ سنكشف سرَّ ذلك في هذا المقال.

الحقيقة القاسية عن الدماغ البشري:

إذا كنت تبحثُ عن طرائق لتدريب دماغك على تعزيز الذاكرة، فإليكَ شيئاً يجب عليك معرفته: "عقلنا البشري لم يُخلَق قطُّ ليحفظَ أو يخزِّنَ أو يتذكر كمَّاً كبيراً من المعلومات".

لقد صُمِّمَ دماغنا في أوائل العصر الحجري للتعامل مع البيئة المحيطة وتوقُّع الخطر من حولنا، وقد كان كلُّ شيءٍ يتعلَّقُ بالبقاءِ في ذلك الوقت ينحصر بالبحث عن الطعام، وإيجاد المأوى والأمان بعيداً عن الأذى والخطر؛ ولكن مع مرورِ الوقت، ونتيجةً للتطورات والاكتشافات، كان لزاماً على أدمِغتنا أن تتطور وتعتاد على ما يحيط بنا، حيث ازدادت المعلومات التي علينا استيعابها عبر العصور.

تعدُّ تكلفةُ الحصول على معلوماتٍ جديدةٍ في عصرنا اليوم منخفضة جداً، فهي مُتاحةٌ بنقرةِ زر؛ وقد سبَّبَ هذا "انفجاراً" في كمِّ المعلومات التي علينا معالجتها باستمرار؛ إذ يتعيَّنُ علينا مع تقدُّم التكنولوجيا أداء مهام أكثرَ تعقيداً، والتي تتطلَّبُ منَّا استرداد المعلومات بسرعةٍ من ذاكرتنا، مثل الكتابة، وتشغيل أداة مُعقدة نسبياً، والتعامل مع المعلومات طويلة الأمد، من تداول السلع وتوقيع العقود، وغيرها.

بمعنىً آخر: لم تعُد أدمغتنا تلكَ الأعضاء البسيطة التي تُساعدنا على البقاء، بل أصبحت أشبهَ بآلاتٍ للتعرُّف على الأنماط، ومعالجة كمياتٍ هائلةٍ من المعلومات، واتخاذ القرارات، وإيجاد روابط بين كمٍ هائلٍ من المعلومات.

إقرأ أيضاً: 22 حقيقة مذهلة عن دماغ الإنسان

تحدي الدماغ الجديد:

تظهرُ تحدياتٌ جديدةٌ لأدمغتنا بسبب قدرتها المحدودة على الاستيعاب ومواكبة التغيير الحاصل، إذ عادةً ما تمرُّ كمية المعلومات الهائلة التي تتدفق إلى أدمغتنا دون الاحتفاظِ بها في الذاكرة؛ ذلك لأنَّها معلوماتٌ زائدة، لا يمكن معرفة ما المفيد منها.

نحن نتعاملُ مع عددٍ لا يُحصَى من المعلومات يومياً، ممَّا يولِّدُ طاقةً ذهنيةً يجبُ توزيعُها على عدة أشياء مختلفةٍ في آنٍ واحد. وعندما يتعلَّقُ الأمرُ بالحفظ أو اتّخاذِ قرارٍ ما أو تعلُّم مهارةٍ جديدةٍ، فكر في أيِّها أكثر قيمةً بالنسبة إليك، وأي المهارات تُفضِّل تحسينها والتركيز عليها.

كيف تطور عقلك؟

سنساعدك هنا على تطوير عقلك، حيثُ سنوضِّح لك كيف يمكنك تعزيز قدراتكَ العقلية، ومساعدة دماغك على ترتيبِ المعلومات التي يتلقّاها يومياً دون عناء.

تُسمَّى هذه المساعدةُ الرائعةُ بـ "الدماغ الرقمي" (Digital Brain)، والتي تعني الاعتماد على التكنولوجيا لتخزين المعلومات واستعادتها بسرعةٍ دون الحاجة إلى حفظها.

تعدُّ أجهزة الكمبيوتر رائعةً في تخزين المعلومات، على عكسِ أدمغةِ الإنسان، فهي موثوقةٌ بفضلِ الحوسبة السحابية، كما أنَّها دقيقةٌ ومفصَّلةٌ للغاية.

تتضمَّنُ الذاكرةُ -من منظور الحوسبة- ثلاثة عناصر رئيسة:

  • التسجيل: تخزينُ المعلومات.
  • التنظيم: أرشفتها بطريقةٍ منطقية.
  • الاستدعاء: استردادُ المعلومات مرةً أخرى عندما تحتاجُ إليها.

سيعملُ الدماغ الرقمي بنظامِ ذاكرة الحواسيب نفسه لإدارةِ طريقةِ تدفُّق المعلومات إلى الدماغ وخروجها منه، وإليك مثالاً عن ذلك:

عند إعدادِ حسابٍ جديدٍ على موقع ويب، تطلب منك العديد من المواقع وضعَ كلمات مرورٍ معقدة، وذات أحرفٍ خاصةٍ لا تستخدمها عادةً بسبب إعدادات الأمان الصارمة.

ونتيجةً لذلك، يجبُ عليك الآن حفظُ كلمة المرور الجديدة (تسجيلها)، وربطُها بكلماتِ المرور الأخرى المخزنة في دماغك (تنظيمها)، وإدخالُ كلمةِ المرور هذه في المرة التالية التي تسجل الدُّخول فيها إلى موقع الويب (استدعاؤها).

حتّى في هذا المثال البسيط، توجدُ عدةُ أجزاءٍ في العملية تسهِّلُ نسيان المعلومات؛ إذ قد نجدُ صعوبةً في التعرف على كلمة المرور الجديدة من خلال الأنماط المعتادة؛ وذلك لكونها فريدةٌ من نوعها، وأنَّنا إذا لم نستخدمها يومياً، فسيكون من السهل نسيانها بعد بضع أيام؛ وعندما نحاول تذكرها، سنُخطئ في إدخالها مراراً وتكراراً.

هل يبدو ذلك مألوفا؟ نعم، يعدُّ ذلك واحداً من أشيعِ الأمور التي تحدث، لا لأنَّ المعلومات معقدة، فكلمةُ المرور هي مجردُ مجموعةٍ من الأحرف والأرقام والرموز؛ بل لأنَّ أدمغتنا غير مصممةٍ لتتذكر.

لذلك، يُمكنكَ هنا الاتكالُ على الدماغ الرقمي للقيام بالمطلوب.

إقرأ أيضاً: 6 أساليب تُساعدك على تذكر المعلومات

إفساحُ المجال للتعلُّم والإبداع:

يخلطُ الكثير من الناس بين التخزين والتعلم في هذا العصر الرقمي، حيث يتطلَّبُ التعلم تكراراً متباعداً، وتطبيق نماذج تعلُّمٍ مختلفة، وتنفيذ هذه المهارات؛ في حين يعني التخزين وجودَ معلوماتٍ في "المكتبة" فقط.

عندما تذهبُ إلى المكتبة، تستعيرُ كتاباً للعثورِ على معلومةٍ مُحددة؛ وعندما تنتهي منه، تُعيده إلى مكانه؛ وهذا ما نقصدُه بالاعتمادَ على الدماغ الرقمي ليصبحَ مكتبتك الشخصية للمعرفة، إذ يمكنك التركيز على جوانب أكثرَ أهمية مع تحرير دماغك من تخزين المعلومات، مثل: التعلُّم، وصنع القرار، وحل المشكلات، وإدراك المعنى من كلِّ المعلومات المتدفقة إلى دماغك.

أليس ذلك أسهلَ بكثيرٍ عندما يتعلق الأمرُ بالأعمال اليومية؟ سواء كان النشاط بسيطاً مثل إحضار المشتريات، أم معقداً مثل التخطيط لمشروعٍ تُنجزه؛ سيُساعدك الدماغ الرقمي على تنظيم كلِّ ذلك بسهولة.

شاهد بالفيديو: 6عقبات تقف في طريق التفكير الإبداعي.

الدماغ الرقميُّ مُتاحٌ للجميع، بغضِّ النظر عن العمر:

سيتساءَل بعض الناس عمَّا إذا كان بإمكانهم الاعتمادُ على دماغٍ رقمي؛ إذ قد يكونون في الخمسينات أو الستينات من عمرهم، ولا يواكبُون مفهوم التكنولوجيا الرقمية.

حسناً، الخبرُ السارُ هو أنَّ الاستعانةَ بدماغٍ رقمي لا يقتصرُ على جيل الألفيَّة أو جيل الشباب، حيث أنَّ هناك مستويات عديدة للاستفادةِ من الدماغ الرقمي، ولعلَّ الشيء المثير للاهتمام أنَّه يمكن أن يُحسَّن باستمرارٍ وفقاً للتطورات الجديدةِ في مجال التكنولوجيا.

لذا، يمكنُكَ اختيارُ حجمِ اعتمادك على الدماغ الرقمي بناءً على نمطِ حياتك الحالية، إذ لا يجبُ أن يكون العمرُ عائقاً عندما يتعلَّقُ الأمرُ بتبنِّي فكرةِ الدماغ الرقمي والاعتماد عليه في حياتكَ اليومية.

 

المصدر




مقالات مرتبطة