كيف تحمي فريقاً من المبدعين من الإرهاق؟

تزدهر الوكالات الإبداعية عندما يكون العاملون فيها في حالة ذهنية سليمة؛ إذ يُحب الأشخاص المبدعون الحرية، ولا يحبون أن يقيدهم أحد فنياً ومهنياً؛ ولهذا فإنَّ مصممي الجرافيك والرسوم المتحركة يُفضِّلون العمل الحر، باحثين بذلك عن الاستقلالية.



عندما يمتلك المرء وقته ومكانه، فإنَّ ذلك سيُمكِّنَه من تشكيل محيطه للسماح بأدنى حدٍّ من الإرهاق الإبداعي، ومع هذا، إن كنتَ تعمل ضمن فريق في مكان عمل، فسوف يكون هناك الكثير من المحفزات الخارجية التي تؤثر في أدائك، وغالباً ما تُضعِف معنويات الفريق ككل، وكذلك تؤدي بيئة المكتب المشحون والضغط المستمر لابتكار أفكار إبداعية إلى الإنهاك في العمل، وبصفتك رئيساً أو مدير توظيف أو قائد فريق إبداعي، فأنت تريد أن تمنح فريقك البيئة والموارد المناسبة ليظلوا منتجين باستمرار، لكنَّ القول أسهل من الفعل.

بما أنَّ الإبداع يأتي من الإلهام، فإنَّ محاولة الإتيان به بانتظام تزيد من احتمالية الإرهاق الإبداعي؛ حيث يصبح تحديد الإرهاق في الفِرق الإبداعية أمراً صعباً إذا لم يشعر الموظفون بالراحة في التعبير عن مخاوفهم؛ ولهذا السبب، يجب عليك بصفتك قائداً أن تبحث باستمرار عن مؤشرات الإرهاق الإبداعي.

وفيما يلي بعض الطرائق التي يمكنك من خلالها تحقيق إنتاجية إبداعية مستدامة وتجنُّب الإرهاق:

1. السؤال عن الجداول الزمنية لا المواعيد النهائية:

بصفتك رب عمل، فإنَّ إرضاء العميل هو شغلك الشاغل؛ لذلك، وفي أثناء تحديد الجداول الزمنية للمشروع، من الطبيعي محاولة تحقيق رغبة العميل ووضع توقعات غير واقعية، ولكن في كثير من الأحيان، يكون هذا على حساب فريقك الإبداعي وإنتاجيته، والمفتاح هنا هو أن تُدرِك أنَّه لإسعاد عملائك، عليك الاهتمام بموظفيك في المقام الأول؛ إذ لا يمكنك منحهم عبء عمل لا يطيقونه لفترات أطول، وتتوقع منهم العمل بكفاءة مُثلى طوال الوقت.

من الجيد مناقشة خصائص المشروع مع الفريق وسؤالهم عن الجداول الزمنية المناسبة لكل نقطة، وهذا يتطلب مستوى معيناً من الثقة في فريقك، وكذلك التفاوض بشأن الجداول الزمنية مع مراعاة احتياجات العميل كي تصل في النهاية إلى حل وسط يناسب كلاً من العميل والفريق، وسوف تجعلهم هذه الطرائق أكثر سيطرة على عملهم وتبعدهم عن الإرهاق الجماعي.

إقرأ أيضاً: لماذا يفوت أعضاء فريقك مواعيدهم النهائية؟

2. السماح بتبادل الأفكار بين أعضاء الفريق:

لنفترض أنَّك وظَّفتَ فريقاً من أفضل المبدعين؛ حيث إنَّهم متحمسون ويفهمون احتياجات العميل ويقدِّمون لك أفكاراً رائعة، لكن في الواقع، الإبداع هو عمل بالنسبة إليهم، ويمكن أن يؤدي الانغماس في العملية الإبداعية يوماً بعد يوم إلى استنزاف فريقك؛ حيث يعلقون في نمط رتيب، وتنفد أفكارهم.

عندما يواجه فريقك الإبداعي صعوبة في "التفكير خارج الصندوق"، اطلب أفكاراً من أعضاء الفِرق الأخرى، سيجعلهم ذلك يفكرون بعقول جديدة ومعنويات جيدة؛ وذلك لأنَّهم بحاجة ماسة إلى التحفيز الذهني، والاستراحة من وظائفهم المعتادة.

3. التشجيع على تعلُّم مهارات جديدة:

بالنسبة إلى المبدعين، فإنَّ الافتقار إلى التحفيز الذهني سرعان ما يبدأ بالظهور في نقص الإنتاجية، ومن ثم الإرهاق الإبداعي، وتعمل بشكل أفضل عندما تشعر بالتحدي، ولكي تحافظ على إبداع موظفيك، حثهم على ممارسة مهارات جديدة، وامنحهم الوقت والمساحة لاستكشاف جوانب جديدة من إبداعهم.

خصِّص نفقة لتدريب خاص لكل موظف يمكنه استخدامها في دورات تدريبية لتطوير مهاراته، وبهذه الطريقة، سيكون لديهم الفرصة لتجربة أشياء جديدة إذا بدؤوا الشعور بالخمول، ومن الهام أيضاً ملاحظة أعضاء الفريق المبدعين الذين فاقت كفاءتهم المسمى الوظيفي الأصلي، كما يمكنك دائماً مناقشة تعيين أدوار جديدة ومسؤوليات إضافية معهم.

4. تسخير قوة المهام الروتينية:

الخروج بأفكار إبداعية هو عمل متعب للعقل، فعندما يتجه المبدعون نحو الإرهاق، يمكن أن تكون المهام الروتينية أمراً مساعداً، فانظر إلى المهام الروتينية كطريقة لأخذ "فترات راحة مثمرة"، على سبيل المثال: يمكن أن يكون ترتيب المواد والمجلدات للأرشفة والبحث عن الصور للمشاريع وتنظيم مستودع الشركة وتنزيل الخطوط على أجهزة الكمبيوتر والمزيد مهام روتينية، كما تُعَدُّ المهام الروتينية أيضاً طريقة رائعة للاسترخاء؛ حيث يمكنك بسهولة تشغيل بعض الموسيقا في الخلفية.

إقرأ أيضاً: توزيع المهام على أعضاء الفريق

5. ممارسة الرياضة:

تُعَدُّ التمرينات طريقة رائعة لتجنُّب الإرهاق العقلي والجسدي، ويتطلب الحصول على الإبداع أن تتحرك، فشجِّع فريقك الإبداعي على أخذ فترات راحة منتظمة والتجول، وثبِّت طاولات قائمة في مساحة العمل الخاصة بك، أو ما عليك سوى اتِّباع روتين تمرينات المكتب السريعة.

إذا كانت مؤسستك قادرة على تحمُّل ذلك، فيمكنك وضع بعض أجهزة الجري أيضاً؛ حيث يمكن أن يؤدي التمرين السريع إلى زيادة مستويات الإندروفين وتحسين الحالة المزاجية بشكل فوري؛ مما يجعل الفريق أكثر سعادة وإنتاجية.

6. التعزيز الإيجابي:

المبدع هو أكبر ناقد لنفسه؛ حيث يتساءل باستمرار عن قيمته الفنية ويتساءل عما إذا كان في إمكانه القيام بعمل أفضل، وتقديم تغذية راجعة منتظمة حول عمله يُبعِد عنه عدم اليقين، ويمنحه فكرة واضحة عن كيفية تلقي عمله من قِبل الإدارة العليا والعملاء.

يؤثر التعزيز الإيجابي تأثيراً كبيراً في الحفاظ على تحفيز الفريق الإبداعي وإنتاجه، علاوة على ذلك، إذا كان فريقك الإبداعي يُخصِّص ساعات إضافية لضمان تسليم مشاريعك في الوقت المحدد، فاحرص على تعويضه مالياً، فلا يوجد شيء أكثر إحباطاً من أن يُعَدَّ أمراً مفروغاً منه؛ إذ إنَّ الإرهاق أمر حتمي إذا لم يتقاضَ الموظفون رواتبهم بشكل صحيح.

7. تقبُّل غياب الإبداع:

لا يمكن دائماً استدعاء الإبداع؛ إذ من الهام أن تتقبَّل فكرة أنَّ غياب الإبداع أمر طبيعي، وأن تلتمس العذر لفريقك عندما يُخفِق، فحاول الاستماع للموقف والتعامل معه بعقلية حل المشكلات، بدلاً من تحميلهم المسؤولية.

شاهد بالفديو: كيف تجعل من غفوتك أداة للإبداع والإنتاجية؟

8. استخدام الطاقة الإبداعية بشكل استراتيجي:

أصعب شيء في أثناء قيادة فريق إبداعي هو معرفة تضع حداً للعمل الإبداعي؛ إذ إنَّ بعض المشاريع لا تستحق الكثير من الوقت والطاقة، وغالباً ما يَترُك هذا المبدعين غير راضين عن نتيجة المشروع ويريدون إجراء تحسينات.

علاوة على ذلك، يصعب تنفيذ بعض الرؤى الإبداعية؛ وذلك لأنَّها تتجاوز نطاق المشروع، وهنا تحتاج إلى أخذ زمام المبادرة وجعلهم يفهمون أنَّه من الأفضل إنفاق طاقاتهم على مشاريع أخرى، فكل شيء إذا زاد نقص، وإذا كنتَ تتعامل مع مشاريع لا تحتاج إلى حد كبير من الإبداع، فأنت بحاجة إلى تخصيص الموارد العقلية والجسدية بشكل استراتيجي.

في الختام:

لحماية فريقك الإبداعي من الإرهاق، يجب عليك اتِّباع طرائق استباقية، فتوقَّع وحاول تجنُّب الإرهاق قبل حدوثه، وعند حدوثه، احترم العملية الإبداعية، وتعاطف مع فريقك وامضِ قدماً في نهج موجه نحو الحل.

المصدر




مقالات مرتبطة