كيف تحسن القراءة الجهرية لدى التلاميذ؟

القراءة الجهرية هي النافذة الأولى والأهم للتلميذ لدخول عالم العلم والأدب، وإنَّها اللحظة التي يفتح فيها الصغار كتبهم وتصبح الأوراق صديقهم المخلص الذي يروون له أحلامهم وآمالهم، فإنَّ تعليم التلاميذ كيفية ترجمة تلك الرموز الساحرة إلى صوت وكلمة هو تحدٍ هام ومسؤولية جليلة.



إنَّ القراءة الجهرية هي إحدى أهم المهارات اللغوية التي يجب أن يكتسبها التلاميذ في مراحل تعليمهم الأولى، لكن هل تساءلت يوماً كيف يمكنك مساعدة طفلك أو تلميذك على تحسين هذه المهارة التي تمثل أساساً لفهم النصوص وتطوير المفردات؟ وهل ترغب في معرفة الخطوات العملية لتحقيق تقدُّم ملموس في قدرة التلاميذ على القراءة الجهرية؟

أنت هنا في المكان المناسب، ففي هذا المقال سنناقش مفهوم القراءة الجهرية والتحديات التي تواجه التلاميذ في تعلُّمها، إضافة إلى تقديم النصائح التي تساعدك على تحسين القراءة الجهرية لدى تلاميذك.

أولاً: مفهوم القراءة الجهرية وأهدافها

تُستخدَم القراءة الجهرية في كافة المراحل التعليمية، ولكنَّ وقتها يكون أطول بالنسبة إلى التلاميذ الصغار في المراحل التعليمية الأولى، ومن ثمَّ يتناقص وقت تنفيذ هذه المهارة لصالح مهارة القراءة الصامتة كلما نما الطالب وانتقل إلى المراحل التعليمية الأعلى.

القراءة الجهرية هي أسلوب من أساليب النشاط الفكري، وكما عبَّر عنها "حسن شحاته" في كتابه (تطور مهارات القراءة الجهرية في مراحل التعليم العام في مصر) بأنَّها نطق الكلمات والجمل بصوت مسموع، بحيث تراعى سلامة النطق، وعدم الإبدال أو التكرار أو الحذف أو الإضافة، كما تراعى صحة الضبط النحوي والنطق الإملائي.

تهدف القراءة الجهرية إلى:

  1. قراءة التلميذ للكلمات قراءة صحيحة من حيث الناحيتين المعرفية واللغوية.
  2. إحداث التغيير المطلوب في نبرة الصوت بحسب المعنى سواء كان استفهاماً أم تعجباً أم طلباً.
  3. تحقيق السرعة القرائية المطلوبة في عمر التلميذ ومرحلته التعليمية دون المساس بفهم المحتوى.
  4. توسيع مفردات اللغة من خلال القراءة الجهرية، ويمكن مساعدة التلميذ على زيادة مفرداته وتعريفه بكلمات جديدة.
  5. تطوير مهارات النطق واللفظ، فقد تسهم القراءة الجهرية في تطوير مهارات النطق الصحيح واللفظ الدقيق للكلمات وفهم المقروء والاستماع له.
  6. تمرين التلاميذ على القراءة الجهرية من أجل تجنب التوقف دون سبب وعدم الجلجلة أو الاضطراب.
  7. حسن الترتيل ومراعاة أحكام التجويد إن كان النص المقروء من القرآن الكريم.
  8. تنبيه التلميذ إلى ما يتم وصله وما يتم فصله في أثناء القراءة.
  9. التمييز بين الأحرف المتشابهة في أثناء القراءة مثل (الذال والزاي).
  10. تعزيز ثقة التلميذ بنفسه وإبعاده عن الانطوائية.
  11. تعزيز التركيز والانتباه لدى التلميذ.
  12. تنمية مهارات الاستماع وفهم النصوص الصوتية.

ثانياً: كيف تحسِّن القراءة الجهرية لدى التلاميذ؟

1. طريقة منهج الفونيكي:

هو منهج تعليمي يركز على تعليم الأصوات الفردية والعلاقات بين الأصوات والحروف والكلمات، ويعتمد المنهج الفونيكي على فهم الأصوات وكيفية تشكيلها واستخدامها لبناء وفهم الكلمات، مثل:

  • الحروف والأصوات: تعلُّم كيف يتم تمثيل الأحرف وما هو الفرق بينها.
  • التدريب على تكوين الكلمات: استخدام الحروف الأبجدية لبناء كلمات مثل "كَتَب" من الحروف "ك - ت – ب".
  • شرح القواعد الصوتية: شرح قاعدة الحرف الصامت والحرف المتحرك؛ إذ يجب أن يتبع الحرف المتحرك الحرف الصامت.
  • التقطيع والتفكيك: مثال: تقسيم الكلمة "سَلام" إلى الأصوات الفردية /س/ - /ل/ - /ا/ - /م/، ثم دمجها معاً لتكوين الكلمة بالكامل.

2. القراءة التوجيهية:

هي إحدى الطرائق التعليمية الهامة التي تساهم إسهاماً كبيراً في تعليم القراءة الجهرية للتلاميذ؛ إذ تعتمد هذه الطريقة على توجيه الطلاب خلال عملية القراءة وتقديم التوجيه والدعم اللازمَين لهم، وتتم وفق الخطوات الآتية:

1. تحديد مستوى القراءة:

يساعد المعلم على تحديد مستوى قراءة كل طالب، ومن ثمَّ تشكيل مجموعات قراءة تتناسب مع مستوياتهم المختلفة، على سبيل المثال، إذا كان أحد التلاميذ يعاني من قراءة الأصوات الفردية، يتم وضعه في مجموعة تستهدف هذه المهارة خاصةً.

2. تقديم نصوص مناسبة:

يختار المعلم نصوصاً تتناسب مع مستوى كل مجموعة، على سبيل المثال، إذا كانت مجموعة مكونة من تلاميذ مبتدئين في تعلُّم القراءة، فسيختار المعلم نصوصاً قصيرة وبسيطة.

3. التركيز على القواعد الصوتية:

قد يركز المعلم خلال الجلسة التوجيهية على تعليم الأصوات الفردية والقواعد الصوتية الضرورية، مثلاً، يمكن تمرين التلاميذ على القراءة الصحيحة للحروف والمقاطع الصوتية.

4. التحفيز والتوجيه الفردي:

يقدِّم المعلم توجيهاً فردياً لكل طالب بناءً على احتياجاته الخاصة، على سبيل المثال، إذا واجه أحد الطلاب صعوبة في التعرف إلى بعض الكلمات، يمكن للمعلم توجيهه للتركيز على تلك الكلمات بشكل أكبر.

5. مراقبة التقدم:

يتيح للمعلم مراقبة تقدُّم كل طالب بشكل دقيق وتقديم التوجيه الإضافي حينما يكون ذلك ضرورياً، على سبيل المثال، إذا لاحظ المعلم تحسناً في أداء طالب معين في مهارة القراءة، يمكنه تحفيزه للمضي قدماً.

6. تطبيق المفردات والفهم:

يساعد التوجيه على تعزيز فهم النصوص وتطبيق المفردات المكتسبة، على سبيل المثال، بعد قراءة نص عن الحيوانات، يمكن للتلاميذ مناقشة مفردات تتعلق بالحيوانات واستخدامها في جمل أو نصوص قصيرة.

3.  طريقة القراءة الجماعية:

يتم فيها قراءة النصوص بصوت عالٍ من قِبل المعلم والأطفال معاً، وهذا يساعد على تحسين النطق واللفظ.

4. القصص والكتب المصمَّمة للأطفال:

تُستخدَم القصص والكتب المصمَّمة خصيصاً للأطفال لجذب اهتمامهم وتعزيز حب القراءة، فيمكن للمعلم استخدام هذا الأسلوب وفق الآتي:

  • اختيار الكتب المناسبة: يجب أن يختار المعلم كتباً تناسب مستوى الأطفال، وتحتوي على كلمات وجمل مناسبة لمرحلة تعلُّمهم.
  • القراءة بصوت عالٍ: يجب على المعلم أن يقرأ القصة أو الكتاب بصوت عالٍ وواضح، وهذا يسمح للأطفال بالاستماع للكلمات والجمل بشكل صحيح.
  • التفاعل والمناقشة: بعد قراءة كل صفحة أو جزء من القصة، يمكن للمعلم طرح أسئلة على الأطفال لضمان فهمهم للمضمون، على سبيل المثال، "ماذا حدث في هذه الصفحة؟" أو "ما الذي قاله الشخص الرئيس؟".
  • تكرار القراءة: يمكن للمعلم تكرار قراءة النص مرات عدة لتعزيز فهم الأطفال وتحسين مهاراتهم القرائية.
  • تحفيز السؤال: يجب أن يشجع المعلم الأطفال على طرح الأسئلة عن القصة وما يحدث فيها، وهذا يعزز تفكيرهم اللغوي والتفكير النقدي.
  • إنشاء قائمة بالكلمات: يمكن للمعلم إنشاء قائمة بالكلمات الجديدة التي تعلَّمها الأطفال في أثناء قراءة القصة، وهذا يمكِّنهم من الرجوع إليها ومراجعتها.
  • التمييز بين الأصوات والحروف: يمكن للمعلم تسليط الضوء على الأصوات والحروف الهامة والتركيز على كيفية نطقها.

شاهد بالفيديو: 8 طرق لتشجيع الأطفال على القراءة

5. الاستخدام المكثف للصور:

تُستخدَم الصور والرسوم التوضيحية لتعليم الأطفال القراءة الجهرية من خلال الخطوات الآتية:

  • استخدام الصور مع الحروف والكلمات: قدِّم الحروف والكلمات بجانب صور تمثلها بشكل بصري، وهذا يساعد الأطفال على ربط الحروف بالأشكال والصوتيات.
  • تفسير الصوتيات باستخدام الصور: اربط كل صوت بصورة تمثله، على سبيل المثال، الحرف "ب" مع صورة لكلمة "بيت".
  • استخدام الصور في القصص القرائية: اختر كتباً تحتوي على صور تعزز من فهم النص.
  • التدريب على التمييز بين الأصوات: استخدم الصور للتمييز بين الأصوات المشابهة مثل "ت" و"ث".
  • إنشاء بطاقات تعليمية: قم بإعداد بطاقات تعليمية تحتوي على الصور والكلمات المقابلة لممارسة القراءة الجهرية.
  • استخدام الألوان: استخدم الألوان لتمييز الحروف والكلمات المختلفة ولتعزيز التمييز البصري.
إقرأ أيضاً: المعلم سافي SAVI (الحركي، السمعي، البصري، الفكري)

6. تكنولوجيا التعليم:

استخدام تكنولوجيا التعليم في تعليم التلاميذ القراءة الجهرية قد يكون طريقة فعالة وممتعة لتعزيز مهارات القراءة، وفيما يأتي بعض الطرائق التي يمكن للمعلم استخدامها:

1. تطبيقات وبرامج تعليمية:

توجد تطبيقات وبرامج تعليمية مصمَّمة خصيصاً لتعليم القراءة الجهرية مثل (iRead Arabic)، و"تعلَّم القراءة العربية مع ياسر"، و"قارئي".

2. المواقع الإلكترونية التعليمية:

توجد مواقع إلكترونية تعليمية تقدِّم مواد ونشاطات تعليمية لتعليم القراءة الجهرية مثل موقع "نور الشامل" الذي يوفر مصادر تعليمية للطلاب في المملكة العربية السعودية، وموقع "العربية للأطفال"؛ إذ يوفر هذا الموقع قصصاً وألعاباً تفاعلية تساهم في تعلُّم القراءة الجهرية للأطفال.

3. الفيديوهات التعليمية:

يمكن للمعلم استخدام مقاطع فيديو تعليمية تشرح مفاهيم القراءة الجهرية بطريقة بصرية.

7. المسابقات والألعاب التعليمية:

من أكثر الطرائق المحبَّبة لدى الأطفال التي يمكن استخدامها مع الأعمار المبكرة، فيمكن للمعلم استخدام مجموعة من الألعاب لتحقيق هذه الغاية مثل:

  • ألعاب البناء: استخدم ألعاب البناء مثل الألواح والقطع الصغيرة لتشجيع الأطفال على تكوين الحروف والكلمات بأيديهم.
  • ألعاب الورق والقرطاسية: قم بإعداد ألعاب تعليمية باستخدام الورق والأقلام، مثل الألعاب التي تتضمن تكملة الكلمات أو ترتيب الأحرف.
  • تأدية الأدوار: دع الأطفال يؤدون أدوراً مختلفة في اللعبة، مثل دور القارئ والكاتب لتعزيز مهارات القراءة والكتابة.
  • ألعاب الذاكرة: استخدم ألعاب الذاكرة التي تحتوي على صور وكلمات لتعزيز الاستدلال والتمييز بين الأشكال والأصوات.
  • ألعاب البطاقات التعليمية: قم بإعداد بطاقات تحتوي على الحروف أو الكلمات.
  • المسابقات اللغوية: نظِّم مسابقات لغوية بين الأطفال تشمل تكملة الجمل أو التعرف إلى الكلمات.
  • التحفيز والمكافآت: استخدم نظاماً للمكافآت لتحفيز الأطفال على المشاركة والتفاعل في الألعاب التعليمية.
إقرأ أيضاً: ما هو عسر القراءة؟ وكيف يمكن علاجه؟

في الختام:

تعليم القراءة الجهرية للأطفال من أهم الركائز التعليمية التي تؤثر تأثيراً كبيراً في مستقبلهم، فإنَّها مهارة أساسية تمكِّنهم من فهم العالم من حولهم والتفاعل معه؛ إذ تعزز القراءة الجهرية القدرات اللغوية والعقلية للأطفال، وتمنحهم القدرة على التفكير النقدي واكتساب المعرفة بشكل متواصل، ومن خلال تعليم الأطفال القراءة الجهرية، نساهم في بناء جيل مستقل وقادر على الاستمرار في التعلم والتطور.




مقالات مرتبطة