كيف تحدد وتحقق أهدافاً مدتها 90 يوماً؟

كم مرة وضعت هدفاً لنفسك، ونويت وتحمَّست لتحقيقه؟ وكم من تلك المرات خَمُدَت هذه الحماسة بسرعة؟ لا شكَّ في أنَّ ذلك حدث معك كثيراً، وتتساءل عن سبب صعوبة الاستمرار في التركيز وبذل الجهد من أجل أمر كنت مقتنعاً تماماً أنَّه يستحق العناء في الماضي، وللأسف، هذا ما تؤول إليه معظم الأهداف والقرارات.

يكمن الأمر في أنَّ الدافع يدوم لفترة محدودة فقط، قد يكون يوماً، أو أسبوعاً، وربما شهراً كاملاً؛ لكنَّ هذه الإثارة والتحفيز سرعان ما يتلاشيان في جميع المهام التي تملأ حياتنا اليومية؛ ولأنَّ الحياة مليئة بالمشاغل، فإنَّ تخصيص وقت إضافي لاكتساب عادة جديدة سيتطلب الكثير من الجهد أكثر مما يمكن أن يقدمه الدافع وحده؛ وهنا تكمن أهمية تحديد الأهداف، فعندما تُحدَّد الأهداف تحديداً صحيحاً، يمكن أن يساعدك ذلك على الاستمرار، حتى عندما يتلاشى الدافع وتظهر العقبات.

سيساعدك تحديد أهداف صغيرة ذات أهمية كبيرة بالنسبة إليك على المثابرة والاتِّساق، حتى تتمكن أخيراً من الوصول إلى تلك الأهداف وتحقيق النجاح، وسيوضِّح هذا المقال، سبب أهمية الأهداف التي مدتها 90 يوماً وكيف يمكنك استخدامها للحفاظ على دوافعك، والتقدُّم في تحقيقها، والأحلام الكبيرة على الأمد الطويل.

أهمية الأهداف المحددة والصعبة:

أظهر العلم الذي يدرس تحديد الأهداف العلاقة المباشرة بين تحديد أهداف واضحة وصعبة والحفاظ على مستوى عالٍ من الأداء؛ وبعبارة أخرى، عندما تُحدِّد أهدافاً واضحة جداً وصعبة، فمن الأرجح أن تتخذ إجراءات وتحقِّق تقدماً، الحل البديل هو تحديد أهداف سهلة، أو ببساطة محاولة "بذل قصارى جهدك".

تُعَدُّ قرارات العام الجديد مثالاً جيداً للأهداف التي غالباً ما تكون قصيرة الأمد وليست بالضرورة صعبة، أو تكون غامضة وليست محددة بما يكفي، مثال على الهدف الذي تبذل فيه قصارى جهدك هو عندما لا تستطيع صياغة هدف محدد في البداية، فتختار بدلاً عن هدف "إنقاص الوزن" هدفاً يتمثل في "محاولة تناول طعام صحي من الآن فصاعداً".

يجب أن تحدد أهدافاً تنتقل فيها من وضعك الحالي إلى مرحلة جديدة خلال وقت محدد، على سبيل المثال، تحديد هدف كالتالي: "سيكون وزني 79 كغ بدلاً من 81 كغ - أي سأفقد 2 كغ - خلال الشهرين المقبلين"، أنت تعرف بالضبط ما عليك القيام به لتحقيق النجاح، وفقدان 2 كغ، ويمكنك وضع خطة لتحقيق ذلك، ومع ذلك، مشكلة هذا الهدف هي أنَّه ليس صعباً جداً، فإذا كان كل ما عليك القيام به هو خسارة 2 كغ من وزنك، فيمكنك بسهولة إقناع نفسك بأنَّ لديك متسعاً من الوقت للقيام بذلك.

فلماذا تكلِّف نفسك عناء تغيير عاداتك وروتينك؛ حيث يمكنك الانتظار لمدة شهر لتكون صارماً بشأن النظام الغذائي وممارسة الرياضة، بحلول الوقت الذي يمر فيه هذا الشهر، ربَّما لن تتذكر حتى هدفك، إذا كان هدفك بدلاً عن ذلك هو خسارة 10 كغ لأنَّك تستطيع أن تتخيل شعورك بتحسُّن صحتك، والشعور بالدهشة عندما يناسبك أخيراً البنطال الذي كان مرمياً في خزانتك، الآن لديك هدف محدد يتطلَّب الكثير من الجهد والمثابرة لتحقيقه، ولديك رؤية أوضح لكيفية تحسين حياتك بمجرد تحقيقها.

أهداف بعيدة الأمد:

من النتائج المثيرة للاهتمام لنظرية تحديد الأهداف أنَّه كلَّما ازداد التحدي، ازداد الأداء أيضاً؛ بمعنى أنَّه كلَّما كان الهدف أعظم وصعب المنال، زادت الجهود والعمل، وفي النهاية يزيد التقدم الذي تحرزه لتحقيقه، "اجعل طموحك يعانق عنان السماء؛ فإن لم تحقق مبتغاك، فستحقق ما هو أقل منه بقليل حتماً" - نورمان فنسنت بيل (Norman Vincent Peale).

الأمر الوحيد الذي سيوقف قدرتك على تحقيق النجاح هو التزامك بالهدف وأي قيود في المهارات والمعرفة اللازمة، ولحسن الحظ، يمكنك التغلُّب على هذا بسهولة؛ وذلك من خلال تحديد أهداف أبسط، قائمة على التعلُّم يمكنك تحقيقها على طول الرحلة إلى الهدف الأكبر "المستحيل" حالياً.

شاهد بالفديو: 20 مثالاً على الأهداف الشخصية الذكية لتحسين حياتك

كيف تقسِّم الأهداف طويلة الأمد إلى أهداف فرعية؟

الرؤى الكبيرة والأهداف طويلة الأمد هي علامات إرشادية هامة للمستقبل الذي ترغب في تحقيقه، إذا لم تكن متشوقاً للوصول إلى ما تبتغيه، فلن تجد طريقة لتحقيقه.

من خلال تقسيم هدف الرؤية الكبيرة إلى أهداف أصغر من أي وقت مضى، يمكنك الكشف عن العادات والمهام اليومية القابلة للتنفيذ والضرورية لتحقيقها؛ بحيث يمكن إدارتها للحفاظ على الحماسة والالتزام بالهدف الأكبر والمثابرة اللازمة لتحقيق تقدم مستمر.

من أين تبدأ:

أفضل مكان للبدء هو أن تتخيل بالضبط ما تريد أن تكون عليه حياتك، بعد 10 سنوات من اليوم؛ ما الذي ستحققه؟ كيف ستكون حياتك؟ أين ستعيش وأين ستعمل؟ كيف سيكون مستوى دخلك؟ كم سيكون لديك من المدخرات العامة ومدخرات التقاعد؟

أهداف 5 سنوات:

بمجرد أن يكون لديك هدف 10 سنوات، يمكنك تقسيم هذا الهدف إلى هدف 5 سنوات أصغر؛ هذا هو الهدف الذي تحتاج إلى تحقيقه في غضون 5 سنوات، لكي تكون على المسار الصحيح لتحقيق هدفك الأكبر على المدى الطويل.

أهداف السنة:

أهدافك التي تبلغ مدتها عام واحد هي الأهداف المحددة والصعبة التي تحتاج إلى التركيز عليها كل عام، مما يؤدي إلى تحقيق أهدافك متوسطة المدى التي تبلغ مدتها 5 سنوات؛ وهذه الأهداف قصيرة الأمد لا تزال أهدافاً كبيرة. سوف يستغرق الأمر العديد من الأهداف الفرعية الأصغر لتحقيق كل منها؛ لكنَّ الفارق الهام هو أنَّها كلها أهداف فرعية لأكبر 5 سنوات، و10 سنوات، وفي النهاية هدف الرؤية الكبيرة الخاص بك.

أما الخطوة الأخيرة فهي تقسيم الأهداف الكبيرة التي يصعب استكمالها في الوقت الحالي هي أهداف 90 يوماً.

أهمية أهداف 90 يوماً:

عام واحد هو وقت طويل للاستمرار في التركيز على هدف كبير وصعب. ومع ذلك، فإنَّ فترة شهر واحد أصغر من أن تحقق تقدماً ملموساً في هدف أكبر. الشيء الهام هو أن يكون لديك رؤية واضحة ومستمرة للهدف الكبير، ولكن حان الوقت لاتخاذ إجراءات يومية من أجل إحراز تقدم وعدم إغفال ما تتجه إليه.

تتغير الحياة باستمرار؛ وعلى غرار المثال المذكور أعلاه، إذا منحت نفسك شهرين لتفقد 2 كغ، فلن تظل متحمساً لأنّه لن يكون أمراً ملحاً جداً؛ وبمجرد إغفال الهدف النهائي، تفقد الدافع لمواصلة بذل الجهد.

لا يكفي شهر واحد لتحدٍ سريع للعمل والأداء؛ ومع ذلك، فإنَّ سنة واحدة أطول من أن تحافظ على التركيز. يكمن جمال هدف 90 يوماً في أن هذا هو الوقت المثالي للبقاء في مواجهة التحدي لإحراز تقدم، ولكن لا يزال بإمكانك الحفاظ على الرؤية لهدف عام واحد أكبر تسعى إليه.

مقاييس التأخير:

سبب آخر لأهمية أهداف 90 يوماً هو أنَّه غالباً ما يستغرق الأمر وقتاً لرؤية أي نتائج من مجهودك. مقاييس التأخير هي عندما تبذل جهداً باستمرار ولكن لا ترى النتائج على الفور. واستمراراً لمثال فقدان الوزن، يمكنك تناول طعام أفضل، وتسجيل كل السعرات الحرارية المستهلكة والبدء في ممارسة الرياضة بانتظام؛ ولكن قد يستغرق الأمر 3 أسابيع قبل أن ترى نتائج كل جهودك المستمرة.

من الهام أن يكون لديك هدف صعب تحافظ عليه، ولكن أيضاً وقتاً كافياً لبدء رؤية مقاييس التأخير وتتبع تقدم هدفك الإجمالي. وبالعودة إلى العلم وراء تحديد الأهداف، يعد تتبع التقدم مكوناً أساسياً لتحديد الهدف بنجاح. ولكن نظراً لأنَّ النتائج غالباً ما تتأخر عن الجهد المبذول، فمن المهم تتبع التقدم خلال فترة زمنية طويلة بما يكفي.

ملخص أهداف 90 يوماً:

أهداف ال 90 يوماً هي المكان الذي يجتمع فيه الطموح والتخطيط؛ فأنت بحاجة إلى قوة هدف محدد وصعب من أجل اتخاذ الإجراءات والحفاظ على الدافع، ولكنَّك تحتاج أيضاً إلى الحفاظ على التركيز الضروري لاتخاذ الإجراءات اليومية. العمل اليومي في مواجهة حياة مزدحمة وفوضوية أمر صعب بشكل خاص. نظراً لأن أهداف 90 يوماً هي أهداف فرعية تم إنشاؤها من أهدافك الكبيرة طويلة الأمد؛ إذ إنَّها تساعدك على مراقبة الجائزة النهائية، هدف الرؤيا الكبيرة.

أهداف 90 يوم:

• تسمح بالعمل اليومي وبناء عادات ومهارات جديدة ضرورية لتحقيق الهدف النهائي.
• تعطي الوقت الكافي لتحقيق الأهداف الفرعية، مما يبني الثقة والتحفيز لمواصلة العمل نحو الأهداف الأكبر.
• تساعدك في الحفاظ على التركيز على الهدف الأكبر طويل المدى.
• تمنح القدرة على تتبع التقدم ومعرفة مكانك في رحلتك لتحقيق أهدافك الأكبر.

المصدر