كيف تُحَدِّدُ أهدافكَ وتسعى إلى تحقيقها بالشَّكل الأمثل؟

ما الذي يجمعُ بين كُلٍّ من ريتشارد برانسون وبيل غيتس وبراين تريسي وأرسطو أوناسيس؟ حسناً، الثَّراءُ الفاحش أولاً، وتحديد الأهداف ثانياً. بيد أنَّك لكي تصل إلى الحالة الأولى، لابُدَّ أن تقوم بالمهمة الثانية قبلاً. لذلك يَصِفُ أوناسيس تحديد الأهداف بأنَّه: "درسٌ بقيمة مليون دولار، لا يُعلمونك إيَّاه في كلية إدارة الأعمال". نعم، قد تجد بعض الأثرياء الذين حالفهم الحظ، أو كانوا مبدعين ببساطة. لكنَّ البقية منهم يستخدم نظاماً يتضمن القوة التي تمنحه إيَّاها عملية تدوين الأهداف. حيث أجمع معظم خُبراء التنمية البشرية الذين درسوا عدداً كبيراً من الناجحين في مجال الرياضة وريادة الأعمال والفن، على الشيء عينه: لا تستخفَّ أبداً بتحديد الأهداف. ولأنَّ لِكُلِّ مَهَمَّةٍ طريقةً صحيحةً، وأخرى خاطئةً لإنجازها؛ فسندلك في هذه المقالة على الصورة الأمثل للقيام بذلك. لذا تابع معنا عزيزي القارئ قراءة السطور الآتية.



1. ضع موعداً نهائيَّاً مُحدَّداً:

إنَّه لمن المهم جداً القيامُ بهذا؛ إذ سيدفع بك عدمُ وجودِ موعدٍ نهائيّ إلى المماطلة إلى أجلٍ غير مسمى. تحدث نابليون هيل عن هذا الأمر في كتابه "فكر، تُصبح غنياً"، حيث وصف المماطلة بأنَّها أحد أكثر أسباب الفشل شيوعاً، ونصح بوضعِ موعدٍ نهائيٍّ لتحقيق الأهداف، والعمل وفقاً للأدوات المتاحة.

يتفق معه في هذا الصدد كثيرٌ من الناجحين الذين طبقوا ذلك تطبيقاً صحيحاً، من أمثال: الملياردير بيل بارتمان والممثل جيم كاري وروبرت كيوساكي (الملياردير العقاري ومؤلف كتاب "الأب الغني والأب الفقير").

2. ضع أهدافاً محددة:

يتيح لكَ وضعُ أهدافٍ محددة وواضحة ودقيقة اتخاذَ إجراءاتٍ صغيرة تدفعكَ للمضيّ قدماً نحو تحقيق أهدافك.

وضَّح نابليون هيل ذلك بشكلٍ رائعٍ في الكتاب نفسه، حيث قال: "لا أملَ في نجاح شخصٍ لا يمتلك هدفاً رئيساً، أو غايةً محدَّدة يسعى إلى تحقيقها". ولخَّصَ ذلك بأنَّك إن وضعت هدفاً غامضاً مثل: "أريد أن أكون غنياً"، أو "أريد أن أكون رئيساً تنفيذياً"، فسيمنعك غموض هذا الهدف وشموليته من البدء بالعمل على تحقيقه؛ لأنَّك إذا رغبت بأن تُصبح "مديراً تنفيذياً"، فأنت لم تُحَدِّد لا الصناعة ولا الشركة ولا أيَّ غايةٍ أكبر. فالأمر شاملٌ جداً بالنِّسبة إلى أيّ إجراءٍ مرحليٍّ قد تقوم به.

لذا يكون من الأفضل أن تصيغَ هذا الهدف على الشكل الآتي: "أريد أن أصبح رئيساً تنفيذياً لشركة متوسطة الحجم في مجال الموضة"، على سبيل المثال لا الحصر. من شأن هذا أن يفتح عينيك على الفرص المتاحة، ويجعلك تبحث عن أشياء تقوم بها لكي تتطوّر على الصَّعيدين الشخصي، والمهني.

لكن ومع ذلك؛ يجب أن تكون مرناً بما يكفي للتركيز أو الانفتاح على الاحتمالات الأخرى. فقد تجد في رحلتك هذه شغفاً أو هدفاً آخر يُرضيك أكثر؛ مثل مُسمَّى وظيفي لم تفكر به من قبل، أو علاقة عملٍ مع شخصٍ يقودك إلى عالمٍ جديد تماماً.

أبسط مثالٍ عن الشركات التي غيَّرت هدفها المهني بالكامل، هما شركتا سوني ونوكيا؛ فقد تطوّرت سوني من شركة تصنعُ "حُلَلَ طهي الأَرُزّ" إلى واحدةٍ من عمالقة الشركات التكنولوجية. كما تحولت شركة نوكيا من شركة صناعات مطاطية، إلى شركة لصناعة الكابلات، إلى أن وصلت إلى الهيئة التي نعرفها عليها كرائد في مجال تصنيع الهواتف الذكية في وقتها.

إقرأ أيضاً: الأهداف الذكية "SMART": اجعل أهدافك قابلة للتحقيق

3. دوِّن هذه الأهداف على الورق:

إنَّ صرفَ بعض الوقت في كتابة الأهداف على الورق، أو عدم القيام بذلك؛ هو ما يفصل النَّاجحين عن الخاسرين. لكن لماذا؟ أليست الكتابة من خلال لوحة المفاتيح أسرعَ من الكتابة بخطِّ اليد؟

حسناً، عندما تُدوِّن أهدافك باستخدام هاتفك أو جهاز الكمبيوتر خاصَّتك؛ فأنت لا تنتبه فعلياً إلى كل كلمة تكتبها، حيث يلعب خيارُ النَّسخ واللصق إضافةً إلى خيار الإكمال التلقائي، دوراً كبيراً في هذه العمليَّة.

بيد أنَّ الكتابة بخط اليد هي تجربة نفسية وموضوعيَّة تتطلب منك انتباهاً أكثرَ. وهو ما تدعمه بعض الدراسات العلمية. فقد قارنت إحدى الدراسات بين بعضِ من دونوا أهدافهم بخطِّ اليد، وآخرين قاموا بكتابة أهدافهم باستخدام لوحةِ مفاتيح؛ فوجدت زيادةً كبيرةً جداً في نسبة النجاح عند من قاموا بكتابتها يدوياً.

4. جِد حافزاً أفضل:

إن كان جُلَّ ما تريد هو أن تُصبح "رئيساً تنفيذياً"، فمن الواضح أنَّك مدفوعٌ بالمال أو المكانة الاجتماعيَّة والشهرة والحوافز التي تُرافق ذلك؛ وهو ما لا يُعدُّ دافعاً قوياً، وقد يدفعك للاستسلام. أنت بحاجةٍ إلى شيءٍ أعمق يجعلك تتخطَّى الأوقات العصيبة.

يحتاجُ كثيرٌ من النّاس إلى المساعدة في إبقاء أنفسهم مُتحفزين دائماً. حيث تكمن مشكلتهم غالباً في عدم امتلاكهم سبباً قويَّاً يدفعهم للاستمرار فيما يقومون به.

فالشخص الذي يمتلك شغفاً في برمجة الكمبيوتر مثلاً، سوف ينجحُ أكثر من الشخص الذي يقوم بذلك من أجل المال؛ إذ يُحَوِّلُ الشغف العمل الروتينيّ المملّ إلى أمرٍ ممتع، مما يُسَهِّلُ على هذا الشخص إمضاءَ وقتٍ أطولَ في التدريب على ما يقوم به.

5. تَعَلَّم من أحد النَّاجحين:

ابحث عن شخصٍ يقوم بما تريد القيام به، والتقِ به واحصل على معلوماتٍ منه، لكي تعرف كيف قام بذلك. يتطلّب الأمرُ مهاراتٍ اجتماعيّة جيّدة للقيام بذلك بصورةٍ صحيحة، لذا اعمل على تطوير مهاراتك في التواصل.

يُساعدك كتاب "كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس" للكاتب ديل كارنيجي على القيام بهذا الأمر.

شاهد بالفيديو: 8 أخطاء شائعة في تحديد الأهداف

6. ضع لنفسكَ أهدافاً يومية توصلك إلى هدفك النهائي:

إذا وضعت هدفاً يتطلّب إنجازه مدةً زمنيّةً معيّنةً، فلا تنسَ التركيز على أهدافك اليومية التي ستوصلك إليه.

فمثلاً؛ إذا كان هدفك العامُّ هو الحصول على وظيفةٍ في غضون 90 يوماً، سيكون هدفك المرحليُّ هو البدء في البحث عن وظائف والتقدم إلى عددٍ منها.

7. لا تُصغِ إلى نصائح من لم يقوموا بما تُريد القيام به:

يُصغي الناس في العادةِ إلى نصيحة أهاليهم وأقاربهم، أو أصدقائهم الذين بالكاد ينجحون في تحقيق النَّجاح لأنفسهم. بينما يقع آخرون في فخٍّ أكثرَ خطورة؛ فهم يأخذون النصيحة من أشخاص ناجحين، لكن ليس في نفس المجال الذي يطمحون للنجاح فيه. فمن غير المنطقي أن تأخذ بنصيحة رجل أعمالٍ أو طبيب، إذا كُنت تُريدُ العمل في تصميم مواقع الإنترنت!

8. أَحِطْ نفسكَ بأشخاص تُريدُ أن تكون مثلهم:

لابد أنَّك قد سمعت بمقولة: "أنت متوسط أكثر 5 أشخاصٍ تخرج برفقتهم"، فقد أصبحت عبارةً مبتذلةً كثيراً، ومزعجة أيضاً. بيد أنَّها ما تزالُ مقولةً صحيحةً تماماً. لا يعني هذا أن تتخلّى عن أصدقائك الحاليين؛ وإنَّما أن تبحثَ عن أشخاص رائعين لإضافتهم إلى حياتك. ولأنَّه قد يَصعُبُ على كثيرٍ من النّاس العثور على هذه العلاقات وتطويرها، لذا نُقدِّم إليك بعض الإرشادات التي يمكنك أن تنظر فيها:

  • استخدم مواقع التواصل الاجتماعي مثل "لينكد إن"، للعثور على أشخاص يمتلكون نفس طموحك وطريقة تفكيرك.
  • اعمل في مهنةٍ جيّدةٍ، وابدأ تكوين صداقاتٍ مع زملائك في العمل.
  • تطوَّع في المشاركة ببعض النشاطات المجتمعية.
  • اطلب من أصدقائك المقرّبين بأن يعرّفوك على أشخاصٍ ناجحين، ووسع دائرة معارفك من خلالهم.
إقرأ أيضاً: كيف تتواصل مع الناجحين دون أن تتطفل عليهم؟

9. تعلم من أخطاء الآخرين لتوفير الوقت والجهد:

إنَّ هذه النصيحة هي أكثر النصائح المفيدة والمهمَّة التي يتم إغفالها أو التغاضي عنها. إذ يفكر غيرُ النَّاجحين من مبدأ: "لماذا عليَّ أن أتعلم من أخطاء الآخرين، إن كانَ بمقدوريَ التعلّم من أخطائي؟". كثيراً ما نجد هذا الأمر في عالم الأعمال؛ حيث يوجد الكثير من الكتب التي أنفق مؤلفوها -حرفياً- ملايين الدولارات وسنوات من وقتهم، لكي يقدموا إليك الدروس لكي تستفيدُ منها.

يُعدُّ راي كروك أحدَ أنجحِ الأمثلة عن الاستفادة من أخطاءِ الآخرين؛ حيث تعلّم الكثير من الدروس بعد أن رأى الكثير من رجال الأعمال يُخفقون عدة مرات في مجال العقارات والأعمال. ليؤسس في نهاية المطاف إحدى أنجح الشركات العقارية في العالم: ماكدونالدز (نعم، لا تتفاجأ. تعمل ماكدونالدز في قطاع العقارات. وهي تُبلِي فيه بلاءً حسناً أيضاً). كان بإمكانه توفير الكثير من السنوات على نفسه لو كان قد تعلّم هذه الدروس في وقتٍ مُبكّرٍ.

10. ساعد الآخرين:

يقول زيغ زيغلار: "بإمكانك أن تحصلَ على كل ما تريده في الحياة، إذا ساعدت ما يكفي من الناس في الحصولِ على ما يريدون الحصولَ عليه".

ستتمكن عبرَ مساعدة الآخرين من تكوين صلاتٍ معهم؛ وبالتالي سوف يساعدوك في المقابل، ويُعَرّفوك بأُناسٍ جدد يُثرُونَ حياتك. لذا ابحث عن أشخاصٍ تريد مساعدتهم في تحسين حياتهم، وشاركهم القيم والأفكار والخدمات التي يكون غيرك على استعدادٍ لدفع ثمنها.

مُلخص ما سبق:

  • ضع لنفسك أهدافاً صحيحة، واعثر على حافزٍ أفضل.
  • دَوّنْ أهدافك على الورق، مع تحديد موعدٍ نهائيٍّ لها.
  • قسِّم أهدافك العامة إلى أهداف مرحليّة (يومية وساعية).
  • أَحِط نفسك بالأشخاص المناسبين.
  • جِد أشخاصاً حققوا ما تطمح إليه، وتعلّم منهم.
  • ساعد الآخرين وتعلّم من أخطائهم.
  • تحلَّ بالإيجابية.

 

المصدر.




مقالات مرتبطة