كيف تحافظ على صحتك وسعادتك عبر مساعدة الآخرين؟

علمتني حكمة الله أنَّني حين أساعد الآخرين، فأنا أساعد نفسي، وإذا نشرنا جميعنا القليل من النور، ومدَّ الجميع يد العون، فسوف نكون جميعنا أقرب قليلاً إلى الأرض الموعودة، أغنية "انثر قليلاً من نور الشمس" (Spread a Little Sunshine) تغنيها شخصية "فاسترادا" (Fastrada) في المسرحية الغنائية "بيبين" (Pippin)، من ألحان وكلمات "ستيفن شوارتز" (Stephen Schwartz).



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "كريستوفر بيرجلاند" (Christopher Bergland) والذي يُحدِّثنا فيه عن الصلة بين العافية والعلاقات المجتمعية.

الطموح لتكوين علاقات مجتمعية قائمة على رد الجميل يعزز العافية.

ما هو رد فعلك حين تقول فاسترادا أنَّها تساعد نفسها حين تساعد الآخرين؟ هل يبدو لك الطموح لمساعدة الآخرين في مجتمعك ليس أخلاقيَّاً أو تصرفاً ماكراً إذا كان الدافع الأساسي لمد يد العون هو في النهاية المصلحة الشخصية؟

في أثناء نشأتي في السبعينيات، ذهبت مع عائلتي لمشاهدة المسرحية الغنائية "بيبين" (Pippin) على مسرح "برودواي" (Broadway)، كما كان لدينا شريط للتسجيل الأصلي للمسرحية في سيارتنا، اعتدنا الاستماع له دائماً؛ حينها كنت شخصاً قوي الإيمان، يطمح إلى أن يكون "فاعل خير" صادق؛ لذا بدا لي سماع فاسترادا تغني عن "مساعدة الآخرين لمساعدة نفسها" أنانياً ولم يتفق مع مبادئي الأخلاقية، ولكن بعد سنوات عدة، أدى ترديدي لأغنية "انثر قليلاً من نور الشمس" (Spread a Little Sunshine) إلى إدراكي أنَّ الإيثار لا يعني بالضرورة ألَّا يكون الشخص أنانيَّاً.

الدافع خلف رغبتنا في مساعدة الآخرين هو، بدرجات متفاوتة، مصلحتنا الشخصية من دون شك، وأدرك الآن أنَّ تبنِّي مبدأ "أعطِ لتتلقى" في الإيثار لا يلغي الفوائد الاجتماعية المربحة للجميع من مساعدة الآخرين، ومع ذلك، لم أشعر مطلقاً بالراحة التامة في الاعتراف بأنَّ دافع تصرفاتي الإيثارية هو في الغالب المشاعر الإيجابية الدافئة التي أُحس بها بعد مساعدة الآخرين، فغالباً ما تكون التصرفات اللطيفة، مثل مساعدة جارك الودود، بادرات رمزية تبعث مشاعر إيجابية لدى كل من المانح والمتلقي.

شاهد بالفديو: كيف تعيش بسعادة وهناء إلى الأبد؟

وفقاً لخبرتي في الحياة، أعلم أنَّ مساعدة الآخرين ضمن مجتمعي يكون عادة بهدف خدمة المصلحة الذاتية إلى حد ما، ولا بأس في ذلك، على سبيل المثال، دافعي لترك البقشيش حين أزور المطاعم المحلية هو مساعدة العاملين الكادحين في المجتمع بالطبع، إضافة إلى المشاعر الإيجابية المتعددة التي استمتع بها بعد فعل ذلك.

الآن، بعد قراءة دراسة جديدة للباحثة "إيما برادشو" (Emma Bradshaw) من "الجامعة الكاثوليكية الأسترالية" (Australian Catholic University) وزملائها من "جامعة روتشستر" (University of Rochester) أُجريت عام 2020 ونُشرت في "مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي" (Journal of Personality and Social Psychology) التي تناولت صلة الطموح الاجتماعي لدى أفراد مختلفين بالعافية، أنا عازم على أن أكون أكثر عطاءً هذا العام، ولربما تلهمك قراءة المزيد عن هذه الدراسة لفعل الشيء نفسه، شملت هذه الدراسة ثلاثة أنماط شخصيَّةٍ مختلفة، ووجدت أنَّ الأشخاص الذين يرغبون في تكوين علاقات مجتمعية أكثر من العلاقات الشخصية "هم أكثر عافية بالتأكيد"، وأنماط الشخصية التي حددها الباحثون ودرسوها هي كالتالي:

  • غير مهتم بالعلاقات والصحة (النمط 1).
  • يطمح إلى العلاقات الشخصية أكثر من العلاقات المجتمعية (النمط 2).
  • يطمح إلى العلاقات المجتمعية أكثر من العلاقات الشخصية (النمط 3).
إقرأ أيضاً: 10 قواعد مهمة لبناء علاقات إجتماعيّة ناجحة

يقول الباحث "ريتشارد رايان" (Richard Ryan)، بروفيسور علم النفس الفخري في "جامعة روتشستر" (University of Rochester) و"معهد علم النفس الإيجابي والتعليم" (Institute for Positive Psychology and Education) في "الجامعة الكاثوليكية الأسترالية" (Australian Catholic University) في بيان صحفي: "إذا كنت ترغب في وضع أهداف ستُسعدك حقاً، ففكر في الطرائق التي يمكنك من خلالها المساهمة في العالم؛ حيث تُظهر الأبحاث أنَّ ذلك مفيد للآخرين ولك أيضاً"؛ وفقًا لريان، تُرضي الرغبة في مساعدة الآخرين المبادئ الأساسية الثلاثة لنظريته عن الدوافع الإنسانية والشخصية "نظرية حق تقرير المصير" (self-determination theory):

  1.  الاستقلالية.
  2.  الكفاءة.
  3.  الصلة.

ضمن إطار هذه النظرية، تعني 'الاستقلالية' المشاركة في نشاطات لها "قيمة شخصية" وتثير شعور "الإرادة الحقيقية"، وتشير 'الكفاءة' إلى "الشعور بالفاعلية والإنجاز"؛ وتعني 'الصلة' العمل مع الآخرين والشعور بالتواصل، ويقترح رايان قائلاً: "فكر كيف يمكنك أن تقدِّم العون، هناك الكثير من المشكلات في العالم، وإذا تمكَّنا من وضع أهداف لمساعدة الآخرين، فسوف تعزز هذه الأهداف من عافيتنا نحن أيضاً".

المصدر




مقالات مرتبطة