كيف تحافظ على ثقة العميل؟

وجد استطلاع أجرته شركة "تايلور نيلسون سوفريس" (Taylor Nelson Sofres) أنَّ العملاء يلغون ما يقارب 70% من مشترياتهم عبر الإنترنت بسبب انعدام الثقة، إذاً ما هي الطريقة المثلى للتعامل مع المتسوقين لضمان اكتساب ثقتهم حتى مع جهلهم بالبائع أو بنوعية المنتجات؟



عند التسوق في متجر على أرض الواقع، فيمكن للمشتري رؤية المنتج أمام عينيه، فلن يكون قلقاً من ملاءمته؛ وذلك لأنَّه ببساطة يستطيع تجربته، كما أنَّه لن يتساءل عن مقاسه وجودته؛ وذلك لأنَّه في إمكانه التحقق منه، ففي المتجر، يمكن معاينة المنتج؛ مما يمنح المشتري الثقة الكاملة بقراره، لكنَّ كسب ثقة المشتري عبر الإنترنت يُعَدُّ أمراً أكثر تعقيداً.

يحتاج المعنيون إلى تحديد العوامل التي يعتمد عليها العملاء لإصدار أحكامهم فيما يخص العلامات التجارية خلال رحلة الشراء الإلكتروني؛ وذلك لضمان نجاح العلامات التجارية في كسب ثقة العملاء؛ إذ تختلف العوامل التي تؤثر في بناء الثقة في المرة الأولى التي يدخل فيها العملاء لموقع إلكتروني عن العوامل التي تدفعهم إلى العودة وإعادة التجربة لاحقاً.

كيف تُقاس ثقة العملاء عبر الإنترنت؟

سيقول بعض الأشخاص إنَّ دليل ثقة العميل بعلامة تجارية هو من خلال تكرار عمليات التسوق، ولكنَّ الثقة أمرٌ نسبيٌّ وموضوعي، وقد حاولَت دراساتٌ أكاديمية لا حصر لها تفسير وتحديد المعايير الهامة لدى عملاء التسوق الإلكتروني، مثل دراسة بعنوان "كيف تؤثر السمعة في فرصة نجاح متاجر التجارة الإلكترونية؟" (How Reputation Impacts e-Commerce Stores Chance of Success) و"العوامل المؤثرة في ثقة العملاء عبر الإنترنت" (Factors Influencing Customer Trust Online)، للوصول إلى الجزء الأهم الذي يؤدي دوراً هاماً في ثقة العملاء عبر الإنترنت.

هناك الآلاف من العوامل التي تؤثر في ثقة العملاء عبر الإنترنت، بدءاً من تصميم موقع ويب احترافي ووصولاً إلى مراجعات العملاء وصور المنتجات، ويمكن لأي عميل التحقق من الإحصاءات من منصة "في دابليو أو" (VWO) لاختبار فاعلية المواقع ونشاطها؛ إذ يتناول الموقع تحليل ثقة العملاء بالموقع على شكل رسم بياني يصف الثقة الأولية التي تتشكل عندما يقوم العملاء بتقييم العلامة التجارية لأول مرة.

إقرأ أيضاً: 7 قواعد الكسب ثقة الزبائن وجعلهم زبائن دائمين

يُعَدُّ التقييم الأولي مرحلة هامة في بناء الثقة بطرائق متنوعة، ولكن ماذا يحدث خلال بقية رحلة الشراء؟

يقوم العملاء بعد عملية التقييم الأولي، بإجراء المزيد من الأحكام عن العلامة التجارية، التي تؤثر في قرارهم في الشراء من عدمه، فإذا ما كسب المنتِج الصفقة، فيكون بهذا قد ربح المزيد من الفرص لكسب الثقة على الأمد الطويل وتحويلهم من مشترين عاديين إلى زبائن مخلصين دائمين.

يُعَدُّ الاحتفاظ بالعملاء أمراً مربحاً للغاية؛ إذ ينفق العملاء الدائمون ما يقارب ثلاثة أضعاف ما ينفقه العملاء العاديون في المرة الواحدة، ومن المرجح أن يصبح الزبائن مروِّجين للعلامة التجارية؛ مما يمكِّنهم من استقطاب المزيد من العملاء، ولكن يجب بناء قاعدة من الثقة والقناعة الثابتة لدى العملاء الجدد لأخذ المبادرة والشراء للمرة الأولى من أجل تنمية قاعدة من المتسوقين العائدين للشراء منك.

المرحلة الأولى هي الانطباعات الأولى:

لنتأمل فيما يأتي: حوالي 60 - 80% من نسبة الزوَّار في المواقع التجارية الإلكترونية هم زوَّار لأول مرة، ووفقاً للباحثين في "جامعة ميسوري للعلوم والتكنولوجيا" (Missouri University of Science and Technology): "فإنَّ متوسط معدل تحويل هؤلاء الزوَّار إلى عملاء دائمين يقارب ما نسبته 2.5% فقط، كما يستغرق الزوَّار 2.6 ثانية فقط لتكوين رأي عام عن العلامة التجارية، وبمجرد أن يرحل هؤلاء الزوَّار بعد ذلك، فإنَّ فرص عودتهم ضئيلة، لهذا يجب إيلاء الاهتمام لما يراه العملاء على الموقع".

عندما يتعلق الأمر بالانطباعات الأولى، فهناك ثلاثة عوامل رئيسة: التصميم المحترف، وتجربة مستخدم جيدة، والتحميل السريع للموقع، ويمكن للعلامات التجارية تحسين ثقة العملاء على موقعها من خلال تحسين تصميم تجربة المستخدم وتحسين سرعة موقعها لتتوافق مع متصفحات الجوال.

يجب أن يتميز التصميم باستخدام الصور والخطوط والتخطيط العام للموقع بشكل احترافي، فضلا عن إيلاء الاهتمام لنظام الألوان والتنظيم، كما أنَّ إظهار المعرفة بتجربة المستخدم الجيدة يجعل تنقُّل العملاء في الموقع سهلاً؛ مما يبني الثقة في العلامة التجارية.

إنَّ أول ما يجذب انتباه الزوَّار في الموقع حين يدخلون إليه لأول مرة هو تصميمه؛ حيث تُظهِر دراسة أجرتها مجلة "يو إكس ماترز" (UX Matters) خارطة ترصد أماكن تحرُّك وتركيز عيون العملاء على المواقع التي توجد فيها إشارات الثقة.

مع الأخذ في الحسبان النطاق الزمني لظهور المقالات المعروفة وشارات الثقة المثبتة أعلى الصفحة وطرائق الدفع المألوفة، سيشعر العميل بالراحة عند التسوق الآمن، كما تُعَدُّ شارة "توثيق العلوم التجارية" (Commerce Sciences) من أهم شارات التوثيق والتي يؤثر الحصول عليها تأثيراً كبيراً في عدد الزوَّار.

تذكَّر أنَّ مرحلة التقييم الأولية هذه تدور حول الانطباعات الأولى؛ لذا فكِّر فيما يراه العملاء عندما يتخذون قرارات ثانية حول علامتك التجارية، فهل تبدو شخصاً يمكنهم الوثوق به؟

إقرأ أيضاً: التجارة الإلكترونية: أنواعها، ومزاياها، وسلبياتها، ومجالاتها

المرحلة الثانية هي الدليل الاجتماعي:

وهي أهم مرحلة في تقييم الثقة؛ حيث يمكن للكثير من المواقع تصميم واجهة مستخدِم رائعة وترك انطباعات أولى ممتازة، ولكنَّها قد لا تدفع العملاء إلى الخطوة اللاحقة في التقييم؟

في هذه المرحلة، تشير الأبحاث التي قام بها تطبيق "كريزي إيج" (Crazy Egg) إلى أنَّ التوصيات الخارجية هي أهم عامل ثقة، كما أنَّ حوالي 92% من الناس يثقون بتوصيات الأشخاص الذين يعرفونهم، و70% يثقون بآراء المستهلكين المنشورة على الإنترنت.

يبحث المتسوقون عن آراء عملاء حقيقية على مواقع مثل "يالب" (Yelp) و"فيسبوك" (Facebook)، أو يبحثون في الموقع لمعرفة ما يقوله المتسوقون الآخرون، كما أنَّهم يتفحصون الصور ومقاطع الفيديو التي ينشئها المستخدم لمعرفة ما إذا كان المنتج يطابق ما يتم الإعلان عنه؛ حيث أصبح الناس أقل موثوقية عند الإعلان عن العلامة التجارية، بينما تزداد الثقة بآراء المستهلكين الآخرين الشخصية.

المرحلة الثالثة هي تقييم المخاطر:

بعد أن يبدأ العميل بالاقتناع بأنَّ الموقع جدير بالثقة، تبدأ عملية تقييم المخاطر، وفي هذه المرحلة، أهم ما يؤثر في بناء الثقة هو مقدار أمان بيانات الشخصية ومصداقية الإجراءات المتبعة في عملية الشراء.

الخطوة الأولى هي طمأنة العملاء بأنَّ بياناتهم الشخصية محمية وتوفر عملية الشراء الآمن؛ وذلك لأنَّ الإحصاءات تشير إلى شعور 23% من المشاركين بتهديد المخترقين الإلكترونيين، و16% كانوا قلقين بشأن الأشخاص أو الشركات الذين يحصلون على معلوماتهم الشخصية؛ وذلك لأنَّهم قد يسيئون استخدامها.

هناك طريقة أخرى لبناء الثقة ضمن هذه المرحلة وهي من خلال تقديم معلومات تواصل شاملة وسهلة البحث، وآخر ما يريده العميل هو تسليم معلوماته الشخصية الحساسة وأمواله والرجوع بخفَّي حُنين؛ لذا قلل من مخاطر الشراء من خلال تضمين خيارات متعددة للتواصل وخدمة العملاء، مثل الدردشة المباشرة، ورقم الهاتف ويُفضَّل أن يكون مجانياً، وعنوان بريد إلكتروني، والأسئلة الشائعة، وسياسات العودة.

تأكَّد من أنَّك تُظهر بأنَّك تقبل طرائق الدفع المعروفة مثل بطاقات الائتمان الرئيسة "بي بال" (PayPal)، ويجب الاستمرار في عرض شهادات التوثيق وطرائق خدمة العملاء بينما يهم العميل بالخروج من الموقع من أجل تشجيعه على الثقة بك بما يكفي للشراء.

المرحلة الرابعة هي تحويل العميل إلى زبون دائم:

لم تنتهِ بعد رحلة الشراء بعد كسب ثقة العملاء ودفعهم للشراء منك، ففي هذه المرحلة يجب تحويل هذا العميل إلى شخص يمكنه مساعدتك على كسب متسوقين جدد.

سيكون المفتاح لإقناعه بالتسويق لعلامتك التجارية بالطبع توفير تجربة شراء أولى ممتازة؛ لذا تأكد من إعطاء العميل تجربة ممتازة مع عملاء الخدمة؛ مما سيدفعه للإشادة بخدمات الموقع والعودة من جديد.

شجِّع المتسوقين السابقين على ترك التعليقات وتقديم صورٍ لهم مع منتجاتهم، حتى تتمكن من إعادة استخدامها في التسويق لجذب متسوقين جدد، ويمكنك أيضاً تقديم كوبونات كحافز إضافي لهم لمشاركة هذه المراجعات والصور على الملأ، كما أنَّ تقديم قسيمة تسوُّق يعيدهم إلى متجرك؛ مما يزيد من فرصة شرائهم منك مرة أخرى.

كسب ثقة العملاء عبر الإنترنت ليس بالأمر السهل، ولكنَّ تضافر الجهود لبناء كل أشكال الثقة وحسن التعامل مع العملاء في رحلة الشراء، وتشجيعهم على المزيد من عمليات الشراء يجعلهم يستمرون في العودة إلى متجرك التجاري الإلكتروني.

المصدر




مقالات مرتبطة