كيف تتوقف عن تدمير الذات؟

لا يوجد شيء أكثر إحباطاً من الرغبة في الوصول إلى مكانةٍ ما في الحياة، ومشاهدة الآخرين وهم ينشرون عن نجاحاتهم، بينما أنت عالقٌ في دوامة الإحباط وعاجزٌ عن التحرر منها.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكوتش سيمون لوفيل (Simon Lovell)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته مع تدمير الذات.

لقد كان تدمير الذات شيئاً مارستُه بـ "حِرَفيَّة" لسنواتٍ عدة، وبينما ما زلت أعاني من ذلك إلى حد معين، إلا أنَّه لا يبقى طويلاً في هذه الأيام.

بصفتنا رواد أعمال، نتخذ جميعاً قرارات حاسمة، وقد حدث هذا لي في عام 2013 عندما قرَّرتُ أنَّني لم أعد أرغب في أن أصبح مدرباً شخصياً، فلقد استغنيت عن العمل مع العملاء وعرفت أنَّ لدي قدرة تفوق بكثير ما كنت أفعله كل يوم؛ حيث كنت أعمل مع شخص لم أعد أرغب في التعامل معه، وكنت على استعداد للتغيير، ولكن في ذلك الوقت، واجهت الكثير من التحديات الشخصية؛ حيث كنت أرغب في العيش في الولايات المتحدة.

من أجل القيام بذلك، كان عليَّ أن أخطو خطواتٍ واسعة على الصعيد المالي، ففي ذلك الوقت، كنت أكسب بضعة آلاف في الشهر، ولم يكن هناك طريقة لأتمكن من تحقيق أحلامي وأُحرِز تقدماً هائلاً، فكان هناك شيء بحاجة إلى التغيير.

إقرأ أيضاً: التكيف مع التغيير: ما أهميته؟ وكيف نطبقه؟

لقد كنت بحاجة إلى شخصٍ يقضي على سلوك تدمير الذات لدي، ففي ذلك الوقت، كنت مديناً بحوالي 50000 دولار، ولم أكن أملك أي شيءٍ أسدُّ ديني به، بالإضافة إلى تجاوز سبع من بطاقات ائتماني الحد الأقصى، فلم يكن لدي سوى بطاقة واحدة لم تكن كذلك، فكنت في مرحلة محورية، وقررت الاستعانة بشخصٍ ما لأعرف سبب عدم وجودي في المكان الذي أُريد أن أكون فيه.

لذلك، سلَّمت بطاقتي مقابل الحصول على دفعةٍ أولى قدرها 5 آلاف دولار من استثمارٍ قيمته 30 ألف دولار، دون أن أعرف كيف سأجني بقية الأموال، على عكس نصيحة بعض الأشخاص الذين اعتقدوا أنَّها خطوة "غبية" أو "محفوفة بالمخاطر"، ولكنَّ شيئاً ما بداخلي - على الرغم من أنَّني كنت خائفاً - وجَّهني، "إذا لم تفعل هذا، فلن تنجح"، وحتى هذه اللحظة، كنت قد استثمرت في دورات وأحداث منخفضة التكلفة، لكنَّني كنت بحاجة إلى شخص يقضي على سلوك تدمير الذات لدي.

بينما كنت بحاجة إلى بعض استراتيجيات العمل مثل التدريب على المبيعات، علمت بسرعة كبيرة أنَّ مشكلتي لم تكن استراتيجية على الإطلاق؛ بل كانت عدم إيماني بنفسي، وهو سلوكٌ دمرني ذاتيَّاً؛ وتجلى ذلك في الإفراط في التفكير والإدمان والتقليل من قيمة نفسي والقلق القهري والمقارنة، وكانت هذه المشكلات غيض من فيض.

إقرأ أيضاً: هل تعاني من تقدير منخفض لذاتك؟ إليك الأسباب والعلاج

كان افتقاري للثقة يمنعني من الوصول إلى مستوى أفضل من الناحية المالية، وأخيراً، من القدرة على عيش حياة حرة، ومن الخارج، قدَّمت نفسي على أنَّني شخصٌ متكامل، ولكنَّ الجلسات كشفت حقيقة صدمتني.

كنت دائماً أنظُرُ إلى أسوأ سيناريو، فكنت بأمسِّ الحاجة إلى شخصٍ مستعدٍّ لمصارحتي بالحقيقة المُرَّة حتى أتمكن من رؤية الرابط بين سلوكي وأفعالي، فبدون ذلك، كنت سأظل على المسار المُقيِّد نفسه الذي كان يغذيه خوفٌ عميق الجذور بسبب التنمر والمعاناة في طفولتي؛ حيث كنت دائماً أتخيل أسوأ السيناريوهات.

من الأمور الهامة الأخرى التي اكتشفتها فيما يتعلق بالكوتشز والمنتورز أنَّ الأمر كله يتعلق بالتفاعل المفعم بالطاقة بين شخصين، وما يجسدونه ويشعرون به ينتقل إلينا؛ لذلك من الهام للغاية اختيار موجهينا بحكمة، فإذا اخترنا خبيراً مغروراً لتقديم المشورة لنا، فيمكننا البدء بالتصرف بهذه الطريقة؛ وذلك لأنَّنا نعتقد أنَّه قدوةٌ حسنة.

فكان تحولي سريعاً إلى حد ما بمجرد أن بدأت ثقتي بالتحول، فقررت أن أسيطر على الموقف الذي دمرني ذاتيَّاً، وأن ألتزم ليس فقط بتنمية نفسي؛ بل وعملي أيضاً، مثل مبنيين يُبنيان جنباً إلى جنب، لقد خرجت من القوقعة التي كنت أختبئ فيها.

ولم يساعدني هذا التحول فحسب؛ بل سمح لي أيضاً بمساعدة عملائي، الذين ضموا بعد سنوات مشاهير وأبطالاً أولمبيين ومديرين تنفيذيين لشركات بملايين الدولارات، في الماضي، جعلني خوفي من ألا أكون جيداً بما يكفي أفقد عملاء محتملين كهؤلاء.

بصرف النظر عن سلوك تدمير الذات الذي قد يكون لديك، من الهام الوصول إلى جذر المشكلة:

يجب علينا أن نتحرك بشجاعة؛ للتخلص من هذه العادة وتبنِّي معتقدات جديدة، جاءني مثلاً بطلٌ أولمبي أراد أن يعرف الطريقة التي ينظر إليه الآخرون بها، وكان لديه الكثير من الغضب، وشعرَ بعدم الأمان على الرغم من اعتقاد الجميع أنَّه كان مسيطراً على كل شيء؛ حيث أثَّر هذا الشعور بالتشتت في علاقته بزوجته، ومن ثم أثَّر التوتر في قدرته على الشعور بالسعادة الحقيقية في عمله، فإذا لم نتمكن من فصل مشاعرنا عن حياتنا، فسوف تنتقل الضغوط الشخصية إلى العمل سواء أحببنا ذلك أم لا.

مثلما هو الحال معي، منعَتْه القصص التي عاشها في طفولته ونظرته إليها من التحدث بحرية وإظهار الصدق، كان مصدر تحوله تعامله مع عواطفه عن بُعد ومنحه الأدوات اللازمة للشعور بالاستقرار والتركيز على نفسه، وساعدته قدرته الجديدة على تلبية احتياجاته على التخلص من السلوكات القديمة التي كانت غارقة في الخوف والحكم على الذات، قد يكون هذا تحدياً، خاصة بالنسبة إلى أولئك المهووسين بتحليل الأمور، ولكنَّ التأثير يمكن أن يكون عميقاً بمجرد أن يتَّضِح كل شيء.

شاهد بالفيديو: 8 طرق بسيطة لاكتساب تقدير الذات

في الختام:

يتطلب التغلب على تدمير الذات أولاً أن تدرك طبيعة المشكلة الحقيقية، ونحتاج إلى شخص يطرح علينا أسئلة لتحقيق ذلك، وبعد إدراك ذلك، يجب أن نتصرف بشجاعة للتخلص هذه العادة وتبنِّي معتقدات جديدة تدعم الشخصية التي نريد اكتسابها، فنحن نخلق هوية جديدة ونجسد حياة جديدة عندما نبدأ العمل بثبات؛ لأنَّ ذلك يجعلنا نشعر بالأمان.

أخيراً، تذكر أنَّ كل شخص يدمِّر ذاته إلى حد ما، ولكن مع تطورنا، نصبح أكثر وعياً ونحيط أنفسنا بالأشخاص المناسبين، وتضيق فجوة المعاناة بينما نتخلى عن هذه العادات في اللحظة نفسها بدلاً من السماح لها بأن تستمر وتتكرر.

المصدر




مقالات مرتبطة